|
مجتمعنا العراقي... والمسكوت عنه!!
سهيل احمد بهجت قام رجال الدين والمفكرون الذين ينطلقون في تفسير الحياة من منطلق ديني مغلق بتفكيك العلاقة بين الحياة الجسدية في هذا العالم المادي وعالم الآخرة وكأن المادة واللذة والحياة نفسها شر وأن الخروج من عالم "الآلام" هوأحد أفضل الحلول، وهذه مصيبة حقيقية تسببت في جعل الشباب والناس عموما ينظرون إلى موضوع العلاقة الجنسية كنوع من الكبائر والمحظورات وقائمة الممنوعات التي تكبر يوما بعد يوم حتى أصبحت عالة حقيقية قتلت كوامن الإبداع في نفس كل مسلم وجعلته مهيأ لأن يصبح مشروع انتحار وتفخيخ. من الضروري لنا كعراقيين خرجنا من نظام ومجموعة نظم فرضت علينا العزلة لمدة طويلة، أن نبدأ في تنشأة أبنائنا وبناتنا بأسلوب جديد يناسب مرحلة الانفتاح والديمقراطية وتعدد مصادر المعرفة وكما قال الإمام علي (ع) : لا تربوا أولادكم على ما ربيتم عليه فقد خلقوا لزمان غير زمانكم" وهذه العبارة هي درس بحد ذاته، ومن ضمن المشاكل التي نعانيها الآن فعلا في مجتمعنا العراقي هوتفشي ظاهرة قد لا تظهر نتائجها الكارثية إلا على المدى الطويل، وهذه الظاهرة تكمن في زيادة عدد العانسات والعازفين عن الزواج من الشباب وجهل الشبان بالثقافة الجنسية، بل إن هناك من الشباب من يتعاطى الانحراف الجنسي بسبب المجتمع الذي يفرض حواجز الكبت الواحدة تلوالأخرى، ومن المؤسف أن لرجال الدين دور سلبي في استفحال الظاهرة. تعتبر المرأة على الدوام في مجتمعاتنا الإسلامية الشرقية (باستثناء المجتمع التركي والإندونيسي وإيران ما قبل الثورة) كائنا شريرا وأشبه بملك شخصي تنتظر المشترين ـ من يدفع مهرا أكبر ـ وكمثال فإن ظاهرة المهور الخيالية التي قد تكلف الخاطب حياته المستقبلية بأكملها أصبحت أمرا اعتياديا في، من هنا نجد أن الشباب الذين يملكون غريزة إنسانية ويبحثون على الدوام عن متنفس يقعون في النهاية إما ضحية ممارسات شاذة وفي مشاكل اجتماعية ومن ضمنها العنف وضعف الشخصية وفقدان الرغبة في الحياة. يقول الدكتور المرحوم على الوردي: "وإني لأعترف بما اعتراني من دهشة، أثناء تجوالي في بلاد الغرب المختلفة، على ما رأيت هنالك من عناية بأمر الطبيعة البشرية ومن مداراة لها، فهم يمنحون الإنسان حرية كافية يفصح فيها عن نفسه. فلا يشتدون في وعظه، ولا يمنعونه من إشباع شهوته وأنانيته ضمن حدود معترف بها. وتجد الطفل ينشأ هنالك وهومؤمن بأن له الحق في أن يلعب وأن يشتهي وأن ينافس وأن ينازع في حدود مصلحة الجماعة التي ينتمي إليها. فإذا بلغ الكبر أصبح ذا شخصية طبيعية لا تكلف فيها ولا نفاق. وقد قارنت هذا بما كان المعلم يلقننا به في أيام طفولتنا في الكتاتيب، حيث تكون عادة الوعظ على أشدها. وإذ ذاك ترى المعلم شاهرا في وجوهنا سوطه وهوينصحنا بالتزام الوقار والأدب والسكون. فنحن نكتم أمامه ما يجول في أنفسنا ونتظاهر له بما يريده منا من وقار مصطنع. حتى إذا خرجنا من عنده أقمنا الدنيا وأقعدناها بالعربدة والصخب والهياج. وقد عجبت حقا حين رأيت الجامعات الغربية تعني بالشهوة كل عناية، فلا تستحي ولا تعظ. فهي تخصص لطالباتها وطلابها أماكن للإختلاط والرقص.." ـ نهاية الاقتباس ـ وعاظ السلاطين ص 10 و11 إن الرجل بطبيعته ـ حسب تعبير علي الوردي ـ ميال للمرأة والمرأة ميالة للرجل، وما لم يجدا طريقا حلالا للوصول إلى بعضهما البعض تكون النتيجة مشاكل نفسية واجتماعية، ولربما كان الزواج المؤقت أحد الحلول لهذه المشكلة، كما أن الحرية الأخلاقية والحريات الفردية هي من أهم الوسائل التي تتيح للشباب التعرف على زوجة المستقبل وباختيار شخصي ودون تدخل من العائلة والعشيرة التي أصبحت الآن هي الطرف الذي يجمع بين عروسين وفي هكذا زيجات غالبا ما تكون النتيجة مزيدا من الأمراض الوراثية والنفسية وانهيار الزيجات، بينما الاختيار الشخصي الحر يتيح للرجل والمرأة بناء مستقبل مشترك مبني على الصراحة والإعداد الجيد، والحجاب يمثل الآن أحد أهم العوائق في تطور مجتمعنا العراقي، فالفتاة المحجبة وهي غالبا ما ترتدي الثياب ذات الألوان الكئيبة، تنتهي إلى العنوسة ـ خصوصا وأنها تضيف إلى الحجاب المزيد من التشبه بالرجال كونها لا تستعمل المكياج وأدوات التجميل ـ وإضافة إلى الحجاب نجد فتيات لا يمتلكن أي مزايا جمالية يرتدين الحجاب في حين أن هكذا فتاة يفترض بها أن تقنع شابا بأنها جميلة ومستعدة أيضا أن تبني أسرة. المشكلة الأخرى هي أن المجتمع لا ينظر إلى الزواج وأي علاقة بين رجل وامرأة إلا أنها تهدف إلى إنجاب أطفال دون النظر إلى جانب المتعة الذي يجب أن يميز أي علاقة زواج، فكثيرون لا يستطيعون الإنجاب وبالتالي ربما يستغرب مجتمعنا من رجل وامرأة لا تنجب رغبتهما في الزواج، إن القرآن صريح أكثر من أي كتاب آخر في أن التمتع واللذة هي أحد أهم أسس الزواج والحياة نفسها، ولكننا نصر على عقلية الانغلاق وتجاهل تراثنا الديني الصريح في المسائل الأخلاقية وبالتالي ينشأ الإنسان في بيئة مغلقة تحطم شخصيته وتجعله غير قادر على التفكير المنطقي الحر ويكون مهيأ لأن يتثقف بثقافة الممنوع.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |