اتساع رقعة نشاط طارق الهاشمي بين مؤيد ومعارض


احمد المهاجر

ahmedalmuhagir@yahoo.com

يعد نائب رئيس الجمهورية العراقية طارق الهاشمي أبرز من خاض التجربة السياسية في عراق ما بعد الاحتلال ويتمثل ذلك بما يأتي:

1- تعدد أوجه النشاط: حيث عمل على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والعسكرية والسياسة الداخلية والخارجية، والخدمات والأمن، والمصالحة الوطنية، كما نشط في ملف الدستور والقوانين والتشريعات، وغير ذلك كثير، كما كان اهتمامه بحقوق الإنسان والمعتقلين من القضايا الرئيسة التي لفتت أنظار المؤسسات الإنسانية والأوساط السياسية والرأي العام المحلي والإقليمي، كما أشاد الاتحاد الأوربي متمثلا برئيسه بجهود طارق الهاشمي الإنسانية في العراق، وبغض النظر عما يكون ما وراءها من دوافع فإنها بلا شك تحركات ناجحة بنسبة لافتة للانتباه.

2- سرعة التحركات: مما لا يخفى أن الوضع المعقد والمتضارب الذي مر به العراق بعد احتلال بغداد يتطلب من الساسة التحرك السريع باتجاه الملفات المختلفة نظرا لخطورة الموقف وحراجة الوقت حيث أن الموقف الصحيح إن لم يسرع به صاحبه فإن الفراغ حتماً سوف يُملأ من قبل الأجندات الخارجية والداخلية التخريبية التي تملأ (ما خلف الكواليس) نظرا لغياب الرقابة العامة والخاصة وانعدام سلطة القانون. وقد اتسمت تحركات طارق الهاشمي بالسرعة التي تساندها جرأة في اتخاذ القرار كما سيأتي شرح ذلك في نقطة أخرى، وكانت كثير من تلك التحركات التي يصاحبها اتخاذ قرارات تثير استغراب واحيانا استنكار جهات مقابلة وحتى صديقة، وهي ردات فعل طبيعية ونستطيع التأكد من كونها ردات فعل من حيث أن تلك المواقف لا تلبث أن تتغير وتنقلب على نفسها بعد مدة وجيزة.

3- المبادرة:كثير من القضايا المتعلقة بالمصالحة الوطنية والمسائل التي هي بحاجة الى الطارق أول كان الهاشمي أول من طرق بابها، وكمثال من أمثلة ذلك مبادرته بزيارة السيد علي السيستاني كجزء من إبداء حسن النية في مشروع المصالحة.

4- المطاولة: بدأ طارق الهاشمي نشاطه السياسي بخطوات عملية وتحركات ميدانية، ومن يتابع تلك النشاطات التي بدأ بها والمشاريع التي أطلقها، في بداية تسنمه لمنصبه ، ويتابعها اليوم يجد أن منها ما تم إنجازه ومنها ما هو قيد الإنجاز،ومنها ما هو معلق لأسباب مختلفة ولم يتعرض أي من تلك النشاطات للإهمال ولم يُظهر تجاه أي منها تكاسلا أو تراخيا وكأن ما يدفعه في تحركاته شيء أكبر من التسابق السياسي وتسجيل الإنجازات؟.

5- الجرأة: ونقصد بها هنا الجرأة في اتخاذ القرارات الصعبة وهذه الصفة تُدرس في إطار صفات القائد الناجح مع تركيز شديد عليها، وكان توقيع الهاشمي لما أُطلق عليه اتفاقية دوكان التي وُقعت بين الحزب الإسلامي العراقي والحزبين الكرديين مثالا واضحا على هذه الصفة وقد تعرض الهاشمي لانتقادات منها ما كان من المقربين له، ورغم أنه وقع نيابة عن الحزب الاسلامي وليس بصفته نائبا لرئيس الجمهورية الا أننا أثبتناها ضمن نشاطه السياسي كنائب كون المسألة تتعلق بالتحالفات السياسية والمناورات.

6- المناورة:وهو مصطلح حديث يطلق على التحركات التمويهية المشروعة التي لا يصاحبها خداع أو مكر، أو هي التحرك بشكل يوحي بشيء بينما المقصود منه شيء آخر وتكون المناورة إما لكسب الوقت، أو لكسب الرأي العام أو ما شابه، وعلى أية حال فقد استخدم الهاشمي هذه الطريقة بنسبة قليلة مقابلة بمناورات ساسة آخرين، ولعل الوضوح الذي يتسم به وعدم رغبته بهذا الأسلوب الا للضرورة حال دون استخدام المناورة بنسبة أعلى، وجاءت جولاته الخليجية التي أُعلن عنها كزيارات تنسيقية لاعادة العلاقات الطبيعية بين العراق ومحيطه العراق ذات أهداف أخرى منها توجيه رسالة الى بلدان أخرى أن العراق جزء من محيط أكبر وأنه ليس وحده ولا يمكن الاستفراد به.

7- المرونة: لعل أحد أهم الأسرار وراء نجاح طارق الهاشمي سياسيا هي المرونة في التعاطي مع الآخر إذ أن تصلب الطرفين أو الأطراف في آن واحد يؤدي الى تصادم المواقف وبالتالي انعكاسات سلبية أو كارثية في بلد مثل العراق يعاني من إرهاق وشلل في كثير من مفاصله.فالهاشمي الذي يبدو أنه توصل إلى طريقة صحيحة في قيادة المفاوضات وتخفيف الاحتقان نجده يقابل المواقف المتشنجة بتقديم حلول بديلة في محاولات للوصول إلى حلول وسطية ترضي الجميع.

8- التسامي على الطائفية:لعل هذه الصفة من الصفات الرئيسة المطلوبة في الشخصية القيادية العراقية وبعض الدول التي تعاني من مثل مشاكل عراق ما بعد الاحتلال، أما ما عدا ذلك فيمكن عدها من الصفات الثانوية أي أنها مطلوبة بدرجة متفاوتة، وتسامي الهاشمي على الطائفية يتضح جليا من خلال مشروع المصاهرة الوطنية التي أطلقه ومنح من خلاله المتزوجين من مذهبين مختلفين ضعف ما يمنحه مكتبه للمتزوجين داخل المذهب الواحد. وهي محاولة موفقة وذات أثر كبير على تحسن الأوضاع الأمنية والتناحر بين الجهلة من الأطراف المختلفة فيما بعد.

وما ذكرناه آنفا من أهم عوامل تصدر طارق الهاشمي للتجربة السياسية المعاصرة في العراق، وأجد أن شخصية ذات مواقف ونشاطات بهذا الحجم في مدة قياسية من أبرز سمات شخصيته.

وبناء على ذلك فإنه من الطبيعي أن يتعرض الهاشمي إلى أصوات معارضة، وتساندها أصوات مؤيدة في الوقت ذاته، وبين هذا وذاك فإن ذلك لا يخلو من فائدة إذ لا إنسان كامل ولا بد من تلك الأصوات المعارضة أن تحمل في طياتها شيئا من النصح في إطار الانتقاد البناء، كما أن الأصوات المؤيدة تشكل عامل تنشيط وتحفيز لبذل المزيد.

وملاحظة أخرى أود ذكرها أن هناك من المؤيدين من كتاب وسياسيين من يتطرف في التأييد حد التمجيد والتعظيم وهو بلا شك مما لا يُستساغ وربما مما لا يجوز في ظل بعض المقاييس ،وبالمقابل نجد من المنتقدين من ينتهج في انتقاده نهج السوقة من الناس ويستخدم ألفاظا مبتذلة جهلا بأساليب الانتقاد أو بسبب دوافع طائفية، ومن ذلك كثير في الطبقات المتخلفة الظاهر تخلفها أو الملمع تحت عناوين كاتب، ومحلل وما شابه. فيأخذون بالبحث في تفاصيل سابقة أو يألفونها استغلالا لجهل الناس بتفاصيل حياة رجل لم يظهر للعلن كشخصية بارزة نشطة الا مؤخرا، ويطرحون تساؤلات على غرار من هو فلان؟ ثم يبدؤون بالإجابة عليها وهم في ذلك لا يستندون إلى منهج معين في الانتقاد والاستدلال.

وقد غاب عن هؤلاء أن الإنسان كلمة ...والإنسان موقف ... يقول الشاعر:

ليس الفتى من قال كان أبي بل الفتى من قال ها أنا ذا

فمن يُظهر موقفا يسجل موقفه له أو عليه، ومن يفعل خيرا لأهله ووطنه يُذكر له ذلك ويُغض الطرف عن كثير من مساويه، وعلى هذا الأساس يجب أن نبني أفكارنا وندع تفاهات القول، فالمقياس الصحيح هو الإنجاز الحقيقي على أرض الواقع.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com