حول مشروع إنشاء وزارة السلام في العراق

 

 مشرق السنجري

m.alsanjery@yahoo.com

 

 

 

الطريقُ إلى الحُسَينْ

 

قاسم محمد الكفائي

عراقي مقيم في كندا

canadaisummer@yahoo.com

َيقتضي علينا أخي القارىء ِ أن نكونَ بمستوى المَسؤولية لبلوغ الهدَفِ في هذهِ الوقفة القصيرة جدا والمُفيدة، بعيدا عن التشنج والتجَنّي . فالثقافة ُ في الطرح هي المِعيارُ الأمثلُ لكلِّ أمّةٍ تبحث  وتتطلعّ لأيجادِ النتائج الكفيلةَِ بتهذيبِ وتقويم كلَِّ توَجُهاتِها الدينيةِ والسياسيةِ  والأجتماعية، ناهيكَ عن مختلفِ العلوم الحَياتية الأخرى. على هذا السياق وفي مُستهَل شهرِ مُحرّم ِ الحَرام الذي فيه تتجدد ذكرى واقعة الطف واستشهاد إمامِنا الحُسين بن ِعلي بن ِ أبي طالب – ع -  لابدّ أن نكشفَ عن واقع ٍ مَضى على شيعة العراق وقد ملؤوهُ بالتمَنيّ والحَسَرات وكتبوهُ في أدبهم وكلِّ تراثِهم الثوري والعقائدي .مفادهُ !

 أننا لولا هذا الظلم والطرق على رؤوسِنا لجعلنا من قضيةِ الحُسين دروسا للحياة والأنسان والدَولة .

أربعة َعشرَ قرنا أو أقلّ بقليل مَضَت وشيعة ُالأمام الحسين ( ع ) يَبكون عليه دما، وَيلعنون مَن ظلمَهم - مِن بعد مقتل ِ إمامِهم - أيامَ  الحُكم ِ الأموي والعباسي، وما بعدَهم بقرون .  فكانَ أكثرُها فتكا ً ِبهم، وأكثرُها حرمانا وخوفا ورُعبا وانتهاكا هي مرحلة حكم الطاغية  صدام حسين التكريتي الذي لا ينتمي الى دين ٍ ولا مَذهب . هذا الأدعاء ُ لم تنفردْ به عائلة ٌ أو قبيلة ٌ شيعية، بل أعلنتهُ أمة  ٌ تعدادُها يقربُ على السبعةِ عشر مليون إنسان كلهُم من الشيعة في العراق . فكانت الأضرار التي وقعت عليهم لا تُعوّض، وكانت الفجيعة بثقلِها أكبر من رَواسي الأرض عندما أقدمَ هذا الطاغية على   قتلِهم و َهدم ِعتباتِهم المُقدسة بأسلحةِ عساكرهِ الخاصة، أو عندما أعدمَ علماَئهُم وأشراَفهُم، أو بذلَ أقصى الجهودِ لمسخ ِ هويتِهم . فالذي يبحث ُ ويتابعُ ويدقق ُ في كلِّ المظلوميات يستخلصُ منها أمرا واحدا لا تختلفُ عليه الأفكارُ والأقلامُ من أن الشيعة َ الأمامية الجعفرية هم ضحايا مواقفِهم الرافِضة للتسلط اللاشرعي للحاكمين، وتمَسُكِهم بها وليس للتمَذهِبِ المُتمَترِس ِ فيها من دَور . فمن أولوياتِ الفكر ِالشيعي هي رفضُ الظالم المتلبس بالباطل ومواجهتهُ . إن الطريقَ الذي يجبُ أن تسلِكهُ الشيعة ُ في هذه المرحلة هو طريقُ التصحيح ِ والأنفتاح ِ العقلاني بعد انتهاء مرحلة الدفاع عن النفس والفكر والمواقف، ومرحلة التشرذم المفروض . ولو عرَضنا مِجمَلَ أخطائِهم كحالة تشويهٍ اختلقتها الأزماتُ السياسة والثقافية فأنها لا تتعدى دائرَتهُم الفسيحة أو الضيقة، وليس على الآخَر منها حَرَج . هذا التفسير ُيوضِّح ويَفصِل مابين التشوهاتِ في الثقافة العامة وبين الفكر والمَذهب القويم الذي مصدره الكتاب والسنة وفكر أهل البيت – ع - . المراحلُ السوداءُ تِلك إنقضت وانقضت معها أعتى حقبة ٍ عرفها شيعةِ أهل البيتِ في التاسع من نيسان لعام 2003 . فمن الظلام ِ الضيّق إنتقلَ شيعة ُالعراق الى الفضاء الواسع، وصاروا أحرارا تفوق حريتُهم كلَّ الحُريّات التي يتمتع بها الغرب          ( حريات وهمية ) . على العموم  يجب أن لا يغفل الشيعة عن أداء مسؤوليتِهم في اتخاذ قرار تطهير تلك التراكمات . ويجبُ عليهم  تقنينَ كلّ المفاهيم الصحيحة التي توسمت بها معركة َالطفِّ التي هي مدرسة  الأنسان الذي لا يرغب بالعبودية ويحلم ببناء نفسه ووطنه وفكره . النواح وبأسرافٍ غيرِ مَحسوب مازال هو السائدُ وهو في مُقدِّمة وسائل التعرف على تأريخ وَأبعادِ هذه المعركة، أو هو المَركب الذي يُسارُ بهِ على طريق الولاء الى الحسين – ع – تحت مظلة الأبداع في العاطفة التي منها رسمنا صورة أدبية مشوهة كحالة تقييم  لمعركة الطف وطريقة استشهاد الأمام الحسين وأخيه العباس والأنصار ( ع ) . وإلا كيف يمكن للامام الحسين أن يصول على القوم الذين يقاتلونه فيقتل منهم عشرة آلاف فارس للصوله الواحدة  وكيف يمكن تصديق وصف بعض الشعراء الذين كتبوا شعرَهم بوصفِ قضية الحسين بطريقة درامية لا تتناسب وحقيقة الوصف الصادق والنقي بنقاوةِ مُهمّة الأمامةِ والرسالة !

 إذن متى تتجَّدد مراجعة هذا الكم الهائل جدا من النتاج الأدبي والشعري الحسيني، والعمل على تهذيبه بالتنسيق مع المفكرين من أهل الأختصاص، ورواد المنبر الحسيني والكتاب والشعراء ؟  كمثال آخر لوجَه ٍ ثقافيٍّ مشوَهٍ آخر نجدُ فيه    بعد خمسةِ  أعوام ٍ مَضت على امتلاكِ  بعضهم للفضائياتِ والحرية الأعلامية التي يعيشونهَا وبإسراف ليظهرعلى فضائية  ( الأنوار ) بين الحين والحين رجلٌ يدَّعي العلمَ والدين فيفسر القرآن باسلوب الشتم والفتنة الطائفية ( كنت وما زلت أكن له احترامي بحذر ) . في تفسيره يقول الى جَمهور الزائرين الغفيرة الذين يستمعونَ اليه بالصحن الحُسيني في كربلاء المقدسة ما معناه ( هل تعرفون من هو الذي أعد خطة ً لقتل النبي الكريم في ليلة ٍ ظلماء ومعه أصحابُه ؟ أعتقد أنكم عرفتموه يا أخوتي الحضور، نعم عرفتموه   لا يحتاج أخي المستمع للتوضيح، هو يعرف  ) . يريد هذا المُحاضر الجليل أن يقول ( فلانا ) وهو يؤكد على أن ( فلان ) حاول جاهدا قتل النبي، وأعقبَها بخبر عنهُ أنه كان يقول عن النبي وهو يحتضر ( .. إنه يهجر ) . بربك أخي الكريم هل يستحق هذا المُحاضر أن أصرفَ عليه  ولو دقيقة واحدة للأستماع الى حديثهِ، أم أنه يستحق الأستدعاء الى أقربِ مركزٍ للشرطة للتحقيق معه لغرض تحجيم هكذا نشاط يغث ولا يسمن في مرحلة بدأ فيها العراقُ والعراقيون من لملمةِ جراحاتِهم وهم يَأنونَ منها ؟  أو هو يحتاج الى بعض المُهدئات الثقافية والفكرية والوطنية حتى تستقيم بها عجلاتُ ثقافتهِ المُعطلة !  فالأستكبارُ العالمي والشرذمة ُ من أذنابهِ الحاكمين في دول الجوار، والوهابيين البدو هم السباقون لسرد مثل هكذا أخبار وتقولات لا تصنع غير الشر والبلاء على رؤوس سكان أهل ِ البلاد في الوقت الذي تسعى حكومتنا الوطنية، ويسعى المخلصون لتضميد تلك الجراحات واعطاء المسكنات، أو يسعى الجميعُ لتهديم ما بناه الأرهاب الوهابي وتشييدِ البناء الأمثل ِ في الثقافة والعمران على أنقاضهِ من أجل ازدهار الوطن والمواطن . فأيُّ طريق ٍ هذا الذي يمضي الى الأمام الحسين وفيه كلُّ الوان الأبتلاء الطائفي ؟ وهل يرضى أهلُ المذهب والأشراف والوطنيون بهكذا مُحاضرة ومحاضِر خصوصا في الصحن الحسيني الطاهر الذي هو أقدسُ مكان ٍ لترميم ِ ما تهدَّم أو لردم ما بناهُ الأستكبارُ العالمي والأرهابُ في بلدِنا ! نحن نعلم أن التشيّعَ يعني الأعتدال والأستقامة في المنهج، ونعلم أن الشيعة الأمامية هم حملة ُ هذا الفكر  وسالكوه . فما يبقى إلا أن نصحِحَ أخطائنَا العَرَضية بجعل المنبر الحسيني ملاذ َ فكر قبل أن نجعَله ملاذ َ نواح ولطم  بإسراف أوتكسير جماجم (وإني لأعجب من عين لا تدمع عليك سيدي يا أبا عبد الله). كذلك المشاة الى كربلاء أيام الأربعين الذين ينطلقون من البصرة والعمارة والناصرية والسماوة والكوت  ومدن ٍ أخرى يَمضون في رحلتِهم أكثرَ من اسبوعين باعدادِهِم المليونية، مما يعني أن طاقاتٍ هائلة   ُتصرَفُ في هذه الرحلة الطويلة فتخسر منشآة ُ البلاد إنتاجا هائلا بعد توقفِها، أو بسببِ النقص الحاد في كادرها خلال تلك الأيام . كما  تتعطل دوائرٌ كثيرة ٌ بينما الصحيح هو أن ُتبَرمَج هذه الشعيرة المقدسة بالوجه الذي يليق بتأديتها، ويليق أيضا بمسألة إعمار البلاد ونحن بأمس الحاجة الى الوقت وطاقة أبنائنا . الصحيح أيضا هو أن تكون مدينة النجف الأشرف محطة َتجَمّع وانطلاق  لمواكب المشاة القادمة من مدنِها بواسطة وسائل النقل . تتشرف هذه المواكب بزيارة قبر ِ إمامِها عليّ بن أبي طالب – ع -  لتواسيه وطأة مصاب قتل ولده الحسين . بعدها تقوم بزيارة مراجعِها العظام فتعلن البيعة والولاء والطاعة  الى المرجع الأكبر . تنطلق الجُموع بعد ذلك مشيا على الأقدام الى كربلاء المقدسة وزيارة قبر أبي الشهداء . ومن المُهم جدا أن يكون للمرجع الكبير حضورا  يؤديه من خلال خطابٍ  ُيلقيه على الناس ( أو من ينوب عنه )، على أن يتحرك الزائر ضمن برنامج رائع في الشكل والأداء لا تنقصه حتى توصيات ونصائح دوائر الدولة المختصة بالزام الزائر بالنظام والأنتظام، وكيفية المحافظة على نظافة أرض الحسين خلال مكوثه أيام الزيارة . فهذا الألتزام له أبعادٌ هامة ٌ جدا على مستوى الأرتباط بالارض والدولة  . بعدَها يعودُ الجميعُ الى أعمالِهم مُستبشرين بالأيمان والولاء الى وطنِهم  والمَرجعية، فلا يشعرُ الزائرُ  فيها بعناء ٍ وتفككٍ وانفلات . لقد انقضى عصُر التحدي (على غرار قصيدة – يحسين ابضمايرنه صحنه بيك آمنه) . اليومُ هو يومُ الحُسين ويوم الحريةِ  والأمن والأنتظام . صار فيه التحدي باتجاه بناء الأنسان والبلاد وترميم ثقافة المواطنة ليعرف الزائر الذي عاهد الحُسين والمرجعية على الولاء أن التهذيب والصدق في الأعمال هو مفتاح باب الولاء النقي، والوطنية الصادقة . كذلك أن يعرف الزائر المسلم أن  له أخوة في المواطنة والخلق من غير المسلمين، يُحِبُ لهم كما يُحِبُ لنفسِه . فالطريق ُ الى الحُسين يعني الطريق الى التمسك بأهدافِ الحُسين، والتنور بالوعي الثقافي الوطني المخلص والنزيه . فسلام عليك سيدي يا أبا عبد الله، وعلى الذين سقطوا شهداء بين يديك. طبتم وطابت الأرض ُالتي فيها دُفِنتم. 

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com