|
ارحلي لا أرجعك الله
غسان جان كير وأخيرا ها قد انتهى عام (2008) بكوابيسه اليومية، بل كان هو الكابوس الذي لازمنا، لا في أحلامنا فقط، وإنما إن خَطَرَ الغد ببالنا أيضا . تقول الأساطير أن الإنسان كان يحتفل برأس السنة الجديدة كي يتآزر مع مجمع الآلهة ويشكرها على تسييرها لأمور البشر والطبيعة، وتخصيب الزرع والضرع . والأمر الذي يبدو جلّيا أن استمرار هذه الاحتفالات إلى عصرنا الحالي، هو استمرار هذا المجمع بأعماله التي تتفق مع الطموحات الإنسانية . وان كنا نحتفل عادة، برأس السنة الجديدة، استبشارا وتفاؤلاً بما تُخبؤه من آمال تنتظر أن يسعى إليها الإنسان، و كان هذا حالنا ونحن نستقبل سنة (2008)، فأنها خذلتنا من جميع النواحي التي تُلازمنا في الحياة الطبيعية . فقد كان أولها حروبا، وآخرها حروب، وما بينهما أيضا . فان كانت الحكومة التركية تشعر بخيبة الأمل من التصرف الإجرامي الذي تقوم به الحكومة الإسرائيلية من حصار وقتل للفلسطينيين، في الأيام الأخيرة من هذه السنة المشؤمة، فأن الحكومة التركية ذاتها قد ابتدأت السنة بتقتيل الأكراد المتحصنين بجبال القنديل، وان كان ما يميز الهجومين، هو أن الهجوم التركي كان في بداية السنة، والإسرائيلي في آخرها، فان ما يجمع الهجومين قتل أرواح المقاومين والأبرياء معا، وبحجة ( مكافحة الإرهاب )، وما يجمعهما أيضا، الجبن، والخوف من مواجهة المقاومين ( رجل لرجل )، والاستقواء بالطائرات، والصواريخ الغبية بل اللئيمة في اصطياد البشر، ربما مثل هذه الحكومات، قد كانت الملائكة تقصدها حينما نصحت الله بالا تستخلفها في الأرض، بقولها : {قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها و يسفك الدماء} ليكون جواب ربي (الذي أنا قربانه) : {قال اني اعلم ما لا تعلمون} [ البقرة 30 ] كانت طيور الأبابيل، قد ارتبطت بمخيلتنا، بأنها طائرات ودودة، يُرسلها مجمع الآلهة لنصرة المستضعفين، فيرمون الغازي بوابل من سجيل، فما بالها متقاعسة عن نصرتنا، أم تُراها تعمل على قسائم المازوت النادرة وان كان أول سنة (الشؤم) قحطا، ووسطها محلا، وأزمة غذاء عالمية، وأزمة مالية، وآخرها أزمة اقتصادية عالمية، فقد صاحبنا هذه المراحل بدفعة واحدة،كصحبة زخارف الألفاظ، ومعسول الوعود لنا، ودون أن ننسى (حمد ربنا) {إن تسخروا منّا فإنا نسخر منكم كما تسخرون} [هود38 ] وان كانت سنة (الشؤم)، قد خططت أن يصاحبنا البؤس والشقاء، وان نترصد طوال أيامها بارقة أمل، دون أن يلوح في الأفق شيء يسر المواطنين، ويغيظ الذئاب المتربصة بنا، فإنها لم تخلو من أخبار سارة، قد تكون ومضات في غاية القصر، منها مثلا : أننا و زعنا المهرجانات على كامل الخريطة السورية (دون الاعتراف بمهرجان النوروز) فهذا مهرجان الربيع في حماة، وذاك مهرجان البادية في تدمر، ومهرجان الوادي،ولؤلؤة الفرات، والقطن،والعنب، والفستق، وووووو وقد احتفلنا باليوم العالمي لغسل اليدين، طبعا، أيدي الأطفال، وليس أيدي المرتشين . وافتتحنا دورة تدريبية، لضباط الشرطة، في مجال حقوق الإنسان، بالتعاون مع معهد جنيف لحقوق الإنسان، ليتمكن المواطن من التعبير عن رأيه دون خوف . ومن الأخبار المبهجة أيضا، أننا خفّضنا استهلاك (المازوط) بعد رفع سعره، وكأن استهلاك الطاقة ليس احد المقاييس للقوة الاقتصادية . وقد أطلقنا برنامج (رحلة سياحية ... لكل أسرة سورية)، خلي الشباب ينبسطوا . وقد حققنا في المجال العلمي الكثير الكثير، منها نجاح (المغتربان ) السوريان (سامي وفادي) باختراع روبوت متطور في دولة كندا، ونجاح الطالبة (تماضر) في الثانوية العامة، لتحصل على المرتبة الأولى في محافظة حلب، وهي التي كانت تدرس على ضوء الفانوس في القرن ال 21 . ونجاح الطبيب السوري (المغترب)، في ابتكار علاج لمرضى سرطان الدم عند الأطفال، في ولاية شيكاغو الأمريكية ومن الأخبار المبهجة على المستوى العالمي، فقد بدأت إحدى المدن البريطانية بتطبيق قوانين صارمة للحفاظ على حقوق الحمير، منها، ألا تتجاوز أيام عمله ستة أيام في الأسبوع، وان يبدأ عمله، من العاشرة صباحا، وحتى السابعة مساء تتخللها ساعة راحة، لتناول وجبة الغداء، وإلزام صاحبه بإجراء فحوصات طبية دورية له، أي للحمار . ومنع كل من يتجاوز وزنه (50 ) كغم، من ركوبه . والحمد لله، وكل عام ونحن ............
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |