|
شهداء محرقة غزة لم يسقطوا .. إنما ارتفعوا
محسن جوامير ـ کاتب کوردستاني العدوان الإسرائیلي الغاشم علی قطاع غزة، والجريمة النکراء التي ارتکبتها علی حین غرة، ومازالت، بطائراتها التي جعلت المدينة تحت خط النار، وأضافت بذلک مظالم جديدة علی مجازرها السابقة في ديریاسين وقانا وصبرا وشاتیلا واخریات کثیرات، ناهیکم عن الحصار الظالم والمخزي المفروض علی شعب فلسطين.. تلکم الحماقات، ماهي إلا دلیل علی أن هذه الدولة تجاوزت کل الحدود الإنسانیة والأخلاقية، بعد أن استباحت أرض ودم وحرمات أبناء غزة الذين هم بحق يحملون العزة والکرامة لکل الشعب الفلسطيني ولعموم شعوب المنطقة وأحرار العالم، في رفضهم للإستسلام والإنبطاح وفي أن يصبحوا قطیعا مستسلما أمام أشرس قوة لا تزيد إلا دنايا. کم هو محزن أن لا تحرک الدول التي تدعي الديمقراطية، ساکنا، لوقف هذا الإنتهاک الصارخ والفاجعة، بحيث أن أول رد فعل يصدر من أي منها، يبدأ بداية بمطالبة الضحیة أولا بعدم التعرض للجلاد والمسبب لکل هذه المصائب النازلة علی المنطقة، وبالتالي الرضوخ لمطالب إسرائیل الأنانیة، من دون أي مقابل، إلا الذل والصغار، والرضا بالقدر الذي تختاره وتفرضه هذه الدولة القاسية القلب التي إعتبرت نفسها دائما وأبدا وفي کل العهود، فوق القانون. وهذا الموقف اللاإنساني والجبان هو الذي جعل إسرائیل تطغی وتتجبر وتقضي علی حياة مئات الأبرياء بین شهید وجريح ومعوق، خلال لحظات، في حال لم يسقط من طرف إسرائیل إلا عدة أنفار لغاية اليوم، وما عند الفلسطينيين من أسلحة؛ تکاد في تأثیرها وتداعياتها لا تتعدی قوة متفجرات ولعب الأطفال في لیلة رأس السنة، مقارنة بما لدی إسرائیل من ترسانة تدمیرية تقتل کل يوم کوکبا وتجرح کواکب فقدوا الآمال. والداعي إلی الأسی کذلک هو موقف الدول العربیة الهش، کحکومات، أمام العدوان الإسرائیلي، أو قل الموقف الداعم، من خلال السکوت وعدم دعم الشعب الفلسطیني، والذي لا يزيد إسرائیل إلا طغیانا وتجبرا، ولا يزيد بالتالي وضع الفلسطینیین إلا سوءا وعذابا وتدهورا.. وإن الإدانة التي نسمعها هذه الأوقات من هذه الدول، مهما اشتدت، لا تساوي في فائدتها علی أهلنا في غزة، فتح معبر رفح ليوم واحد علیهم، دع عنک ما يصرف لمؤتمرات رسمیة عقيمة ومتوقعة، من ملايين من الدولارات، لا تعدو کونها لقاءات ودية أو نزهة لیس إلا. نحن الکورد لسنا من دعاة الحرب، وکذلک نرفض أن يتعرض إخواننا للترکیع بعد عز، وهذا يجعلنا لا نسکت عن مجازر الإبادة التي تتکرر بین آونة واخری ضد أهلنا في فلسطین، وآخرها في غزة التي لا يخلو بیت مدمر فیها من شهید أو جريح أو معوق.. أجل، نحن الکورد الذين طالما اکتوينا بنار الظلم، قلوبنا تکتوي مع کل جسد فلسطیني نراه يحترق بفعل صواريخ الإسرائیلیین، ونستشيط غضبا مع صراخ کل برئ، وعيوننا تدمع دما مع مشاهدة کل ام جريح تحمل طفلا جريحا في حضنها، لا يعي ماذا جری له ولماذا.؟!. أشد ما يجعل المرء یفقد کل أمل بقيم وعدالة الدول التي نحسبها متقدمة وراعیة لحقوق الإنسان فی داخل دولها، هو هذا النفاق في التعامل الذي تمارسه مع قضايا الشعوب الحقة، خارجها.. والأسوأ هذه الأیام، هو حینما يسمع من مسؤولیها وهم ینصحون إسرائیل بعدم التعرض للمدنیین حين تقترف جريمة ضرب المدنیین وتصب علی رؤوسهم نیران صواريخها التي تجعلهم أجسادا مفحمة، وبالتالي تحول کل بقعة من هذه المدينة إلی محرقة مشينة. أنا علی يقين بأن امة غزة ستنتصر، لأنها صاحبة إرادة لا تنکسر، وقد أثبتت الأعوام تلکم الحقيقة بکل نصاعة ويسر.. والذي بقي أن أقوله وأنا أتابع مفردات الحملة الظالمة لحظة بلحظة علی أهلنا هناک، هو أننا ومن خلال منطلقاتنا الإيمانیة المشترکة التي نملکها، ککوردستانیین مع الفلسطینیین، والتي ورثناها کابرا عن کابر، قبل وأثناء وبعد الأيوبي الناصر صلاح الدين، والتي تختصر في : ( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا، بل أحياء عند ربهم يرزقون. فرحین بما آتاهم الله من فضله، ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم، ألا خوف علیهم ولا هم يحزنون ) .. نقول لقد أخطأ من قال أن شهداء غزة قد سقطوا، بل إنهم مثلما علا ذکرهم في الأرض، هكذا إرتفع قدرهم إلی آفاق السماء وارتقوا. والذين أجرموا، هم سقطوا في الحضيض لکونهم غدروا وضلوا وشقوا.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |