يعترفون بالمجزرة ويعاقبون ضحاياها..!؟

 

باقر الفضلي

 bsa.2005@hotmail.com

في الوقت الذي تستعر فيه نار المجزرة العدوانية الإسرائيلية المستمرة، التي يرتكبها ثالوث (باراك – ليفني – أولمرت)، بحق أبناء الشعب الفلسطيني في غزة ومنذ ثمانية أيام، وفي الوقت الذي يتصاعد فيه منحنى الشهداء والجرحى، من الأطفال والنساء والشيوخ ليسجل أرقاما فلكية، وفي الوقت الذي تُدَكُ فيه البيوتُ والأبراجُ على رؤوس ساكنيها من العوائل ، وفي الوقت الذي تَحرث فيه مجنزرات الدبابات وقذائف الطائرات، حقول مدينة غزة البطلة وبساتينها.. وفي الوقت الذي تُستباحُ فيه حرمةُ المشافي والمستشفيات ودورُ العبادة وتتحول الى أهداف عسكرية لحمم الطائرات النفاثة والمروحيات.. وفي الوقت الذي يصبح فيه الموت الزعاف الملجأ الوحيد أمام الفارين من الموت الذي يطاردهم في كل زاوية أو ركن من بيت أو حجر أو حفرة من الأرض.. في هذا الوقت الذي حرمت فيه عيون الأطفال من طعم النوم ليلاً أو نهارا، وجفت فيه عيون الأمهات الثكلى، وعم الرعب والفزع الجميع..(*)

وفي مثل هذه الحال؛ يستغرق البعض من الناظرين الى المشهد التراجيدي الذي يحاكي بمأساويته مجازر هيروشيما وناكازاكي اليابانيتين /1945، في الجدل للتفتيش عن المسبب والمسؤول عن المجزرة الإسرائيلية بحق شعب غزة، وخارج دائرة الفاعل الحقيقي، ليحملوه وزر ما يحدث، وليقتصوا منه قصاص إسرائيل لهذا الشعب العظيم في مدار عجلتها الجهنمية، التي لن تتوقف عن الدوران حتى اللحظة، ولتحصد ما وسعها حصده من أرواح الضحايا من أبناء هذا الشعب..!؟؟(**)

 فكأنهم ولا يضيرهم ما يدور من موت وتقتيل وعذاب وخراب وحرق وتدمير في غزة، أو لا تستوقفهم صور عذابات الأطفال ومشاهد موتهم، وبرك الدماء وقتل الأبرياء بالجملة، أو لا تستنهضهم دمعة طفلة مفزوعة، أو لا يهز مشاعرهم نزف شيخ مقعد، أولا يستصرخهم صوت إستغاثة أمرأة تنوء تحت ثقل الأنقاض.!؟؟

فإذا بهم، يرددون بحسرة وتعاطف بائسين، بكائية (ليفني – باراك – بوش - أولمرت) المهوسسة بالحرب والمزيد من القتل والعدوان، مبررين لإسرائيل فعلتها الهمجية ضد شعبٍ أعزلٍ محاصرٍ في عقر داره، يطالبونه بالهدوء والسكينة، مستكثرين عليه رده ومقاومته العدوان والدفاع عن نفسه، متناسين أنه؛ حتى القطط تدافع بمخالبها عن أبنائها إذا ما تعرضت للعدوان، فكيف بشعب تُسفكُ دماؤه ليل نهار، وتُستباح أرضه وسمائه ومياهه دون وازع من ضمير أو شرع وقانون..!؟ إنه الشعب الفلسطيني من تسفك دماه، وتحرق أرضه، وترتكب بحقه جريمة نكراء ضد الإنسانية..!!؟

شعب غزة ليس فتحاً أو حماساً، أيها السادة؛ إنه قطعة من فلذة الكبد الفلسطيني قبل أن يكون فتحاً أو حماساً او سواهما، وهم جميعاً من مكونات هذا الشعب السياسية ومن أبنائه؛ فإن كنتم لا تطيقون نصرته أو معاضدته أو شجب العدوان الغاشم عليه، حتى ولو بأضعف الإيمان، وأنتم أحرار في كل ذلك، فليس الآن وقت شماتة، ولا وقت حساب، ولا زمن مقاضاة، ولا حتى وقت تحليل ومضاهاة. فإن كان هناك من أخطأ بحق هذا الشعب من أحد أبنائه، فلنقومه بالنصيحة وسداد الرأي، ولندعوه لجمع الكلمة ووحدة الصف، وإن طولبتم بنصرة أخاكم ظالماً أو مظلوماً، كما ترون، فأنصروه بالحكمة والعقل، إن كان مخطئاً كما تظنون، وإن كنتم قد إعترفتم بوجود المجزرة، وخشيتي يوماً أن " تنكروها "، فأدينوا، على أقل تقدير، فاعلها المباشر إسرائيل، وفي هذا أضعف الإيمان..!؟

شجب العدوان الإسرائيلي على شعب غزة الصامد وإدانته ، والمطالبة بوقفه فوراً، والدعوة لوحدة الصف الوطني الفلسطيني والمطالبة بإنهاء الإحتلال لا ذرف دموع "ليفني وبارك وبوش وأولمرت" وأكاذيبهم، يقف في المقدمة، وهو أقل ما يمكن أن يقدمه المرء الذي هزته المجزرة، أيها السادة من الباحثين عن مسببيها ، والراغبين في قول "الحقيقة"..!!!؟

فالحقيقة يدركها أهلها من الفلسطينيين قبل الآخرين، وإنهم يعيشونها ويتعايشون معها كل لحظة، منذ أن وطأت أرض فلسطين فلول المهاجرين الأوائل، ومنذ أن عاثت فساداً في الأرض عصابات الهاكانا، ومنذ أن أوفى بوعده بلفور؛ والفلسطينيون الصامدون اليوم في غزة، أحوج الى وقف المجزرة، منهم الى البحث عن المسؤول عنها، فقد جاءت المجزرة على النسل والحرث، والزرع والضرع، والحريق في كل مكان، وما عاد في القوس من منزع، وها هي بدايات الإجتياح البري بالدبابات الغازية تخترق حدود غزة الصامدة من الشمال والشرق والغرب وتحت ستار الطيران وقصف مدفعية البوارج البحرية، والشهداء يتساقطون في جميع الإتجاهات، و"أولمرت" يعلن مبتهجاً لتأييد واشنطن لمواصلته العملية العسكرية في البر، فما عسى المرء أن يفعل وما عساكم فاعلون؛ هل نصفق لأومرت لإنتصاره على "حماس الإيرانية"، أم نقف الى جانب شعب غزة الذي تطحنه جنازير الدبابات الإسرائيلية، وتدكه حمم القاذفات الصاروخية، وتعيق أمريكا أي قرار من مجلس الأمن لوقف المجزرة..؟؟!! (***)

______________________________________________________

(*)  http://www.alhares.org/site/modules/news/article.php?storyid=4211

(**)  http://www.alhares.org/site/modules/news/article.php?storyid=4208

(***)    http://www.alhares.org/site/modules/news/article.php?storyid=4213

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com