|
المال العام بين الهدر والضياع
سعيد نعمه لا يخفى على الجميع والمتتبع مدى حجم الفساد المالي والإداري الذي وصل في العراق وهذا واضح بتقارير منظمة الشفافية. جميعنا ينتظر متى يتم محاربة هذا الفساد والقضاء عليه ومتى يتم محاسبة من تسبب في هدر المال العام، والذي هومن واجبات المحكمة الجنائية العليا. ومتى يمكننا المحافظة على المال العام من الهدر والضياع . لحد الآن لا شيء، الفساد والهدر مستمران وأمام أعين الجميع وتحت ذرائع وحجج شتى . تهدر الأموال في قلع الأرصفة الكونكرتية وإعادة بناءها دون حسيب ورقيب وكأنما العراق ليس فيه إلا الأرصفة. وان هذه الظاهرة أصبحت منتشرة بدلا من إنفاق هذه الأموال على إعادة أعمار البنية التحتية الاقتصادية والخدمية وتطويرها. حتى وصلت هذه الظاهرة إلى شركات وزارة الصناعة والمعادن . بدلا من أن تنفق الأموال على تأهيل أماكن العمل وصيانتها وتأهيل المكائن والمعدات وخطوط الإنتاج وتطويرها وتحديثها باعتماد التكنولوجيا الحديثة التي حرمنا منها عقود من الزمن وعشنا حالة العزلة عن العالم وتطوره . قام المعنيين بإنفاق الأموال على قلع الارصفة وإعادة بناءها وإنفاقها على زراعة مداخل الشركة وإعادة ديكور مكتب المدير العام . تاركين معاناة المنتسبين داخل المعامل والأقسام الإنتاجية خلف ظهورهم. حيث أنهم ومن شدة البرد استخدموا الحطب للتدفئة داخل المعامل متجاوزين تعليمات السلامة الصناعية وما يحدث من مخاطر وكأنما نحن في القرون الوسطى . أما في فصل الصيف حدث ولا حرج . لماذا ؟ لكون اجهزة التكييف ( التدفئة والتبريد) عاطلة عن العمل لقدمها حيث تم نصبها وتشغيلها منذ تأسيس الشركة. إضافة لعطل مفرغات الهواء و تحطيم الزجاج . أما المغاسل والصحيات لا تصلح للاستخدام نهائيا . عدم وجود إنارة مناسبة داخل قاعات العمل . وحصل في الصيف الماضي أن توفيت عاملة في معمل خياطة النجف نتيجة لهذه الظروف . هذا ليس من باب المبالغة بل موجود في الشركة العامة للصناعات الميكانيكية في الإسكندرية . نحن ليس ضد جمالية الشركة ولكن هناك أولويات بالعمل مهم وأهم ويجب أن نبدأ بالأهم ثم المهم . كان من الأولى أن تنفق هذه الأموال على تهيئة وتحسين أماكن العمل والاهتمام بها. وعلى تأهيل وصيانة المكائن وتحديث خطوط الإنتاج وتوفير العدد والمستلزمات اللازمة للعمل . طالب الاتحاد العام للمجالس والنقابات العمالية في العراق الوزارة بكتابه المرقم 815 في 22/12/ 2008الاهتمام بمطالب منتسبي الشركة ومعوقات عملهم ورفع المعاناة عنهم وأن يرسل مكتب السيد المفتش العام في وزارة الصناعة لجنة لتلتقي بالمنتسبين في مواقع العمل وتقف عند معاناتهم ومعوقات العمل والاستماع إلى مقترحاتهم . لكن هذا لم يحصل والإدارة مستمرة بقلع الأرصفة وأسيجة الحدائق وكأنما تجارب المجالس البلدية تنقل إلى هذه الشركة . ولوأجرينا تحقيقا بسيطا لتمكنا من الوصول ومعرفة من المستفيد من هذه العملية ومن هذا الهدر الكبير للمال العام . إن مكتب المدير العام كان يضاهي مكاتب السادة الوزراء وإن الإدارة العامة تم ترميمها بعد 2003 ولم يبقى إلا الطابق الثاني الذي هوبحاجة للتأهيل والترميم . جميع المعامل والأقسام الإنتاجية والطبابة بحاجة للتأهيل والتطوير . لا يوجد مطعم على الإطلاق .يوجد معملين جديدين تم إنشائهما قبل الاحتلال وتوقف العمل بهما وهما معمل الطرق الحار ومعمل السباكة الجديد لوكانت هذه الإدارة جادة بعملها لأكملت هذين المعملين وأنجزتهما. إن مكائنها قد أصابها الاندثار من جراء تركها هذه الفترة . ولأستوعب هذين المعملين عدد ليس بقليل من العمال للعمل فيهما بدلا من ادعاء الإدارة بوجود فائض بالمنتسبين وتطالب الوزارة التخلص منهم . إن جميع المنتسبين هم فائضين بسبب سوء سياسة الإدارة وعدم جديتها بالعمل واهتمامها لإيجاد عقود عمل لمعرفتها المسبقة أنها لا تستطيع أن تنفذ أي عقد عمل للأسباب المشار لها أعلاه . وإن حصلت على عقد يحال للمقاول للتنفيذ وهذا ما حصل في عقد الكرفانات التي تصنع لصالح شركة الاستكشافات النفطية . إذن على الرقابة المالية في الوزارة ومفوضية النزاهة ومكتب المفتش العام ومكتب الشفافية أن يأخذوا دورهم الحقيقي خصوصا بعدما استقر الوضعي الأمني وتخلصنا من الإرهاب بهمة وشجاعة أبناء العراق . إن الفساد المالي والإداري يدمر المجتمع وبنيته التحتية . علينا كإعلاميين ومنظمات مجتمع مدني وتنظيمات مهنية وعمالية, أن نفضح مثل هذا النشاط وهذه الظاهرة التي أصبحت منتشرة والتي تمس حياة العاملين في الدولة ومنها وزارة الصناعة والمعادن. ونتصدى لها بكل ما أوتينا من قوة لأنها مسؤوليتنا جميعا ومسؤولية كل التحرريين والناشطين العماليين، علينا أن نأخذ دورنا في بناء المجتمع وتطويره وبث روح التعاون والعمل وفق المعايير الإنسانية والاجتماعية مجسدين المبادئ الأساسية للإعلان الدولي لحقوق الإنسان ومعايير العمل النقابي وفق اتفاقيات منظمة العمل الدولية، من اجل تحقيق الرفاه الاجتماعي لأبناء الطبقة العاملة، والدفاع عن حقوقها ورعاية مصالحها . كلا منا يجب أن يؤدي دوره الطبيعي والرقابي حتى نحمي ممتلكاتنا وثرواتنا من الهدر والضياع وننقذ الجماهير من هذه المأساة والمعاناة التي استمرت لعقود من الزمن وازدادت بعد 9/4/2003 نتيجة الظروف التي مر بها بلدنا العزيز، من انفلات امني وصراع سياسي وفتنة طائفية وأعمال عنف وعمليات إرهابية مجرمة .
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |