دِماء ٌ عِراقيّة على رمَال ِ َنجْد

 

 

قاسم الكفائي/عراقي مقيم في كندا

Alkefaee@rocketmail.com

إذا كانَ صدامُ حُسَين حكمَ العراقَ ببشاعةِ ظلمهِ ثم انقضى عهدُه بإرثٍ كبير ٍ كان قد ترَكهُ عِبئا على العراقيين بفقدِ أحبةٍ، وتحَطيم ِ مَوارد على أرض ٍ مَحروقةٍ، فأنَّ الفكرَ التكفيري المُتمَثل بالمذهبِ الوهابي لو تسَلط على أمّةٍ سيقتلُ كلَّ الأحبةِ، ويُحطمُ كلَّ المَوارد، ويَحرقُ كلَّ الأرض، ويصنعُ في الأنسان ثقافة الدّم والتسقيط والتبعية . هذا المذهب في تأريخِهِ الأسوَد ترَك  بصَماتٍ مُنذ نَشأتهِ  ُتعبرُ عن جَهلهِ بالدين والحياة، وعنجهيتهِ بالبُعد عن العقلانية في الرؤى، وضراوتهِ بافتراس الضحيّة . هذا المذهبُ لا يعرفُ نمَطا مُعتدِلا في عَملهِ وتفسيرهِ للأشياء غيرَ التعطيل والأجتثاث، وتصنيع ِ الوشايةِ بالآخرين، وتصنيع عُلماء السوء والسلاطين من أمثال آل الشيخ  وآل سعود الأوباش . فأولُ مَن خذلَ العَرب في هذا العصر وساهمَ  بتأسيس دولة آل صهيون بديلا عن دولةِ  فلسطين،  وأول من ألهبَ فتيلَ الحَرب في لبنان في سبعينيات القرن الماضي، والحرب بين العراق وإيران، وفي أفغانستان هم آلُ سعود وعلمائهُم الوهابيين، وهم مصدرُ كلِّ شرٍّ يظهرُ على أرض المسلمين في مَشارقِهم  ومَغاربهم . أيضا أحداثُ - غزة - الدامية المُتصاعدة حتى هذه الساعة تفضحُ بلاط َ آل سعود وعلمائهُ لخذلانِهم أهلنا الفلسطينيين في حربهم مع الكيان الاسرائيلي بمواقف سياسية جبانة تمترست خلفها الحكومة، ومواقفٍ دينيةٍ مُشينة التزمت بها مؤسساتهُم الوهابية باصدار فتوى ضَلال ُتلزم فيها الوهابيين في السعودية والعالم بالأمتناع عن تقديم مساعداتٍ لأبناء غزة ولو اقتصرت على التظاهر في الشارع العام لأنها تلهي عن الصلاة ( كيف يستطيع الأنسان والحيوان أن يتعايش مع هكذا مِلة) . بينما شافيز رئيس دولة فانزويلا العِلمانية المسيحية وقف موقفا مشرفا لنصرة الشعب الفلسطيني المُستباح دمُه في غزّة، بالتظاهر في شوارع بلادِه، وطردِ السفير الصهيوني، وهو على استعدادٍ لمساعدتِهم بما يُمكن تقديمة . كذلك الموقف  المشرف للسيد أيوفو موراليس رئيس بوليفيا المحترم الذي يعد واحدا من ألمع رجالاتِ قارة أمريكا الجنوبية في مناهضته للعنصرية حيث أعلن إنتصاره لأهل غزة بمقاطعته أسرائيل معتبرا ما تقوم به القوات الأسرائيلية في غزة هو جرائم حرب ضد الأنسانية، وهي ممارسات تهدد الأمن والسلام العالمي  .

 في العراق ما بعدَ سقوط صدام ونظامِه مرّت  على الأنسان العراقي أحداث ٌ ومصائبٌ لا  ُتصَدّق ببشاعتِها من ذبح ٍ وتقطيع ِ أوصال ٍ واغتصابٍ  وتهجير ٍ وحرق ِ بيوتٍ وأجساد . كلُّ هذه المَصائب لو نريد أن نتعرفَ على حقيقةِ مصادرها نجد أن أوّلَ المُصَدرين لها والمتحمسين هم آلُ سعود ومؤسستهُم الدينية بدوافع الأنتقام بروح ٍ سياسيّة وطائفيّة مُتوحِشة، لا يريدون بها لهذا الشعب من باقية . بهذه الروح والعنجهية العمياء يتعامل القضاة الوهابيون وسلطة ُآل سعود بشأن كل القضايا التي تهم  مستقبل العراق وشعبه. ففي سجون المملكةِ السعوديةِ يقبعُ  الكثيرُ من أبنائِنا بسببٍ وآخر، فصارَ مصيرُ قرابة الستمئة سجين بيدِ هؤلاء ورقة ً سياسية ً للضغط على حكومتِنا لفتح ملفاتٍ عديدةٍ منها تسليمَهم كافة َ المُجرمين الأرهابيين السعوديين الذين هم في السجون العراقية بالمَجان . هذا الضغط السعودي الذي تتصَنعُه درايتهُم بأن العراق يعيشُ اليومَ مرحلة َ الضَعف وهو غيرُ قادر ٍ على إيجادِ البديل خارج دائرة الضغوطات ماعادَ ينفع أمام الكم الهائل من الفروقات ما بين سجين ٍعبرَ الحدودَ لأغراض العَيش والأسترزاق وبين سجين ٍعبرَ الحدودَ ليقتلَ الناسَ إيمانا منه بلقاء النبي الأكرم  على مأدبةِ غداء ٍ كبرى في الجَنة .

أمامَ هذا المِلف يجبُ أن تقفَ حكومُتنا الموقرة بحزم ٍ وجديّةٍ لأيجادِ أسهل وأسرع الحُلول للخروج منهُ حفاظا على دماءِ وأرواح أبنائِنا من نقمةِ السيف الوهابي الحاقدِ الجائر . على حكومتِنا ُ متابعة كل ما من شأنهِ تعطيل نوايا الحكومة السعودية بوسائل البأس والحكمة وليست وسائل الشفافية (التعبانه). في ذاتِ الوقت إرتابَ العراقيون من فعل حكومتِهم بعد تسليمِها زمرة ًمن الأرهابيين السعوديين، الذين اعتقلتهم قواتُ الجَيش والشرطة العراقية وهم مُتلبسين بالمُبرَز الجُرمي المَشهود، بارتكابهم أفضعَ وأبشعَ الجَرائم بحق أهلِنا . فالمسؤولُ المُباشرعن عملية التسليم هذه (على الطريقة الشفافية) يحتاجُ الى المَزيد من الفهم الثقافي والوطني، على أن لا يتكرر مثلُ هذا الفعل الذي يُذهِب ماءَ وجهِ  حكومتِنا، ويهددُ  أمنَ العراق . ومن غير اللائق أن يتسبب هذا المسؤولُ بأهانةِ سمعةِ الوطن والمواطن بتقديمهِ زمرة ًمن أخطر المُجرمين على أرض الله الى آل سعود هدية ً لطيفة وسخية . أمامَ حكومتِنا فرَصٌ للتعامل بواقع قضية أخوتِنا المُعتقلين في سجون آل سعود وهي إمكانية مبادلتهم بسجناء سعوديين إرهابيين مازالوا في معتقلات العراق . بحيث يتم تسليم مُعتقل سعودي واحد، ((ُيشترَط عدم تنفيذه لأية جريمة داخل العراق وهناك الكثير ممن تم اعتقالهم على الحدود ماقبل دخولهم ساحة الصراع)) مقابل إستلام خمسينَ مُعتقل ٍ عراقي (يختارهُم الجانبُ العراقي) في سجون المملكة . ليسَ هناك غبنٌ يقعُ على الجانب السعودي في عملية التبادل هذه بدليل ٍ واضح ٍ وعقلاني . فالفرق ليست بارتفاع وانخفاض قيمة الأنسان السعودي والعراقي أبدا، إنما الفرق  بالقيمة المعنوية والأهداف التي كان يحملها السَجين من هذا الطرف وذاك . فواحدٌ تسلل على الحدود العراقية قصدُه الأول والأخير تفجير نفسه في وسط حشودٍ من الناس الآمنين، وتخريب البنية التحتية للبلاد، وإحداث حالة الفوضى، وآخر يبحث عن لقمة عيشه وترتيب حياته نحو الأفضل بجهدٍ وعناء ٍ وحُبِ الآخرَين . فعملية التبادل تتم بهذا الفارق الذي يمثل فارق الشر والموت يقابله فارق الخير والحياة . وفي كلّ الأحوال هناكَ مؤشراتٌ لا توحي بالأمل المؤكد عرفناها من خلال البرود الذي تمتعت به  حكومتنا  أمام هذا الملف، ناهيك عن برودِ وعجز مؤسساتِ مجتمعِنا المَدني مما  ُينذر بدق ناقوس الخطر على أرواح أبنائِنا وأخوتِنا المعتقلين في سجون أقذر خلق الله . علينا جميعا أن نقفَ وقفة واحدة نحقق من خلالِها أهدافا لا يُراد لها أن تتحقق، وهي في واقعِها دفاعا عن الكرامةِ العِراقية . كفانا عَيبا أن نرّى عوائلَ السُجناء العراقيين الفقراء يستصرخون على أرصفةِ شوارع ِ مُدنِهم الضمائرَ الرسمية وغير الرسمية وما من مُجيب . هناك إجراءٌ سريعٌ آخرَ نحمي به حقوق سجنائِنا المغدورين بتشكيل لجان ٍ متخصّصةٍ بالقانون القضائي والجنائي وحقوق الأنسان لمتابعةِ هذا المِلف ورصدِ مستوى العُقوبات التي ُتصْدِرُها المؤسّساتُ القضائية ُالسعودية مقابل مستوى المُخالفة التي ارتكبها كلّ ُ سجين بالتعاون المتواصل دون انقطاع مع المؤسسات الدولية الأخرى ذات العلاقة . هذا المِلف أيضا يُعَدّ وسيلة اختبار إتبعتها الحكومة ُ السعودية وأسيادُها من الدول الكبرى لرصدِ القيمة الوطنية والسياسية التي تتمتع بها الحكومة العراقية .

أملُ المُعَذبين من أبنائَِنا في سجون آل سعود وآل الشيخ، وأملُ الأمهاتِ والزوجاتِ والأطفال، وأملُ كلِّ العراقيين أن ُتبذلَ الجُهودُ تلوَ الجُهود لأنقاذِهم حتى لا ينزفُ الدمُ العِراقيُّ البَريىء رخيصا على رمال ِ َنجدِ الرَمضاء  .

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com