قصّة إبليس مع محكمة العدل الالهية...!

 

حميد الشاكر

al_shaker@maktoob.com 

جلس القاضي على منصته وهو مرتدّيا وشاح العدالة وفي يمينه ملف القضية الكبرى في قصة الانسان والشيطان،وبعد أن أخذ كل عنوان مكانه طرق صاحب المحكمة منضدة الاستماع ليبدأ الجلسة .

القاضي : افتتح الجلسة بالاستماع لشكوى المدعى عليه بالجرم ابليس ابن الخطيئة بالقضية المعنونة ( عدم طاعة أمر المولى سبحانه وتعالى بالسجود لآدم ) بعد ان قدّم مظلمة يدعّي فيها عدم الانصاف بقرار المحكمة القاضي بطرده من دولة العدل الالهية من جهة،وعدم العدالة في المعاملة بينه وبين خصمه في الدعوة الانسان آدم ابن الطين والتوبة من جهة أخرى،ولهذا قررت المحكمة أعادة الاستماع لاصحاب الشأن لمعرفة ملابسات وحيثيات شكوى الحكم !.

اولا : يتقدم صاحب الشكوى بطرح ظلامته( إبليس ابن الخطيئة )  أمام المحكمة على ان يلتزم الاختصار والدخول في مضمون الشكوى بلا مقدمات !.

إبليس : سيدي القاضي كما تعلمون ان ماهية القضية التي بموجبها كان حكم المحكمة ضدي بالطرد والنفي وعدم السماح بالعودة الى الوطن والمسمى بلد العدالة والرحمة،كان هو بسبب :( عدم سجودي لآدم ) الا اني بعدما قبلت مكرها بالخضوع للحكم تبادرت الى روحي النارية عدّت أسألة واستفهامات فكرية أحببت ان اعود بها الى محكمتكم الموقرة لاطرحها بين يدي العدالة والانصاف ليكون جرمي واضحا امامي،وليكون حكمكم غير ظالم لي،ولأشعر اخيرا ان العدالة قد طبقت على الكلّ بلا تمييز او ميلا الى جهة على جهة،فأن سمحت لي محكمتكم الموقرة بطرح اسألتي حول ماهية احكامكم الصادرة ضدي اكون لها من العارفين ؟.

القاضي : المحكمة عُقدت من أجل الاستماع والانصات والانصاف فادلي بدلوك .

إبليس : اولا سيدي القاضي لماذا اعتبرتم ان عدم سجودي لادم جرمٌ عظيم مع أنّني لم ارفض مطلقا السجود لله سبحانه وتعالى ؟.

وثانيا : لماذا كان حكمي على آدم الطيني في قوانينكم القضائية بالدونّية على اساس انه حكم تكبّر وتمرد،مع انه انا لم اذكر الا الخيرية الواقعية بين النار والطين ؟.

وثالثا : على اي أساس فرّقت المحكمة بين حكمي على آدم ب :(( انا خير منه ..)) لتعتبره المحمكة ذنبٌ لايغتفر،بينما هو لم يفِرق كثيرا عن حكم الملائكة نفسها على آدم عندما قالوا :(( أتجعل فيها من يفسد ويسفك الدماء ونحن نسبّح بحمدك ونقدّس لك )) فلماذا كان اعتراضي ذنبّا،بينما رأت المحكمة أعتراض الملائكة حسنات ؟.

رابعا : ثمّ لماذا عندما أخطأت بمعصيتي لعدم السجود لآدم كانت خطيئتي لاتغتفر،بينما عندما عصى آدم ربه فغوى كان جزاءه أن غفرت له المحكمة وأرجعته بتوبته الى منزلة الابرار الصديقين ؟.

أرجو من عدالة المحكمة الاجابة على اسألتي هذه عسى أن تكون المعرفة ليّ حجة على نفسي ومواساة لكربتي وكارثتي في الدنيا والاخرى !.

القاضي : نعم المحكمة جاهزة ومستعدة لشرح الملابسات وصدرها يتسع لأكثر من ذالك فاسمع وانتبه :

اولا : ياإبليس أعلم ان المحكمة الالهية ترى إن كل ذنبّ او جُرم يعمله مخلوق من المخلوقات هو وليد طبيعي لنقص في العقيدة الصحيحة لمعرفة الله سبحانه وتعالى،ولهذا قال علي بن ابي طالب أحد ابناء آدم ووصي آخر نبي ورسول للامة المرحومة محمد بن عبدالله ص :(( أول الدين معرفته )) ومن هنا كانت عقيدة المخلوق مقدمة على عمله،وهي الفيصل في صلاح العمل الخلقي من فساده،فأن كان المخلوق يحمل عقيدة صحيحة ورؤية حقّة تجاه الله سبحانه وتعالى،واُضيف الى هذا عملا صالحا كان المخلوق يمشي على رجليه،وأن كان المخلوق يحمل عقيدة فاسدة ويأتي بعمل صالح كان المخلوق يجمع هواء في شبك ويزرع شوكاً على أمل حصاد العنب،إمّا ان كان المخلوق يعتقد عقيدة صالحة الاّ انه يعمل عملا غير صالح فهو مذنب معترف بذنبه،والرابع المخلوق الذي يحمَل عقيدة فاسدة ويعمل عمل الاشرار والمجرمين فهذا مخلوق يمشي بين ظلمات أربع مُكّباً على وجهه !.

ولهذا ياإبليس قد صنّفت المحكمة جرمك وذنبك الخطير في خانة فساد العقيدة الذي جمعت ايضا فساد العمل فأستحققت على هذا الاعدام الاخير ...!.

إبليس : لكنّ ياسيدي القاضي لم تشرح ليّ محكمتكم الموقرة كيفية عقيدتي الفاسدة وماهية جرم عملي الرديئ،فأذا كان الذنب منشأه نقص وفساد في العقيدة،فهذا آدم عصى وغوى ولم تدينوه بالنفي ولم تحكموا عليه باللعن الوبيل كما حصل لمثلي ؟.

القاضي : ياإبليس الفرق بينك وبين آدم كبير،فآدم عصى ربه وغوى بعمله مع صلاح عقيدته في الله سبحانه وتعالى،بينما أنت عصيت ربك وأجرمتَ مع فساد في العقيدة ورؤية ناقصة في الخيال،فقولك :(( أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين )) بعدما أمر الله سبحانه وتعالى بالتّحية والسجود لآدم كان ولم يزل ينمُّ عن :

اولا : إن الآمر بالسجود الذي هو الله سبحانه وتعالى كأنما هو لايدرك من هو خير ممن هو شرٌّ،ثم أتيت أنت ياإبليس لتعدّل على الله حكمه فقلت :(لكنّ انا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين ؟.) فهل كنت أعلم من الله سبحانه وتعالى عندما قلت مقولتك هذه بمن هو الخير ومن هو مادون ذالك  ؟.

أم ان الله سبحانه وتعالى قد غفل عن خيرية النور على الطين فاحتاج الى من ينبهه لذالك فكنت انت من يعترض وينبه الخالق سبحانه وتعالى ؟.

ان هذا جانب واحد مما يتعلق بفساد عقيدتك ياإبليس،وهو فساد يرى في الخالق العظيم العالم القيوّم انه لايدرك من هو الخير ممن هو غير ذالك ولهذا حسب ماتعتقد  أمر بسجود النار للطين  !.

ولو كنتَ تعتقد ان الله سبحانه الآمر الناهي هو عالم وحكيم وعادل لأدركت ان اعتراضك هذا هو جرم وذنب عظيم،وإلا قل لي بربك كيف تفسر لي اعتراضك على الامر المولوي بالقول :( أنا خير منه ) فهل غفلت عن حقيقة ان الله يعلم الخير من غير الخير ويدرك حقيقة سجود الادنى للاعلى  ؟.

أم انك تعتقد ان الله سبحانه يغفل وينسى ويسهو ... ولذالك تطوّعت بالتنبيه للخيرية النارية هذه  ؟.

ثانيا : ثم أنك ياإبليس مضافا لما تقدم : ألا تعلم بأن أمام الله سبحانه وتعالى تتساوى الخليقة في الوجود وليس هناك تفاضل الا بما فضل الله سبحانه المخلوقات بعضهم على بعض،فمن أين لك قصة الخيرية التي رأيتها لنفسك مع ان النّار والطين بالنسبة للخالق سبحانه لاتفاضل في العناصر الجوهرية فيما بينها والبين الاخر،وكما ان النار مخلوق جوهري فكذا الطين مخلوق الهي،فمن اين هذا التفضيل العنصريالقومّي الذي كنت تعتقده ومن الذي علمّك التفضيل بين النار والطين ؟.

ألم تعلم ان لاتعليم في المفاضلة الا من قبل الله سبحانه بين مخلوقاته ،فكيف ايها المسكين تجتهد لتستحسن النار كعنصر خيري وتحتقر الطين كمخلوق الهي ؟.

ألم تدرك ايها البائس إبليس ان الله حكم بين مخلوقاته بأن الفضل للعمل بعد العقيدة الصالحة،فكيف فاضلت بين عناصر جوهرية بدون ان ترى للعمل وجودا يذكر ؟.

والآن اليس قولك واعتراضك ب:( أنا خير منه ..) ينمُّ عن نقص وفساد في العقيدة مضافا اليه فسادا في العمل ؟.

ثالثا : قد قارنت بين معصيتك ومعصية آدم الانسان،وأعترضتَ بالقول : لماذا لم يدن آدم الانسان ويطرد ويلعن عندما أكل من الشجرة وعصى الأمر الالهي العظيم،بينما أنا طردتَ ولعنت الى يوم يبعثون على معصية لنفس هذا الامر الالهي العظيم ؟.

المحكمة الآن تسألك لتجيب انت نفسك عن جُرمك ولتقول لك: ياإبليس عندما سألك ربُنا رب العزّة والجلال والعدل عن :(( قال مامنعك ألاّ تسجد إذ أمرتك ؟.)) فماذا أجبت صاحب العظمة والكبرياء ؟.

إبليس : أجبته ب :(( أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين ))!.

القاضي : وعندما سأل صاحب العظمة والعلم والكبرياء والعدالة ... الله سبحانه وتعالى آدم الانسان ب :(( ألم أنهكما عن تلكما الشجرة ....)) فماذا أجاب آدم وأهله ؟.

إبليس : قد أجابوا ب :(( ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكوننّ منالخاسرين )) !.

القاضي : وهل هناك فرق ياإبليس بين صيغتك في الاجابة وصيغة الانسان آدم عندما أجاب ربه ؟.

إبليس : ياسيدي القاضي لو كنت أعلم الفرق لما كنتُ من الملعونين !.

القاضي : وهذا صحيح !.

نعم الفرق بين جوابك وجواب آدم هو أن جوابك كان تمردا واستكبارا أكبر من معصيتك للأمر الالهي بالسجود،فجمعت بين فساد عقيدتك مضافا اليها غباءك وجهلك وفي الوقت نفسه تكبرك وعدم تواضعك أمام الله سبحانه وتعالى !.

بينما آدم الانسان وبمجرد انه شعر ان الله سبحانه قد أمره بأمر ونسيه،ونهاه نهي سبحانه فغفل عنه،ثم زينّت انت له عمل ذالك واغويته بالخُلد والمُلك الذي لايبلى ودفعته لارتكاب المعصية ....، عندما التفت لكل ذالك لم يرجع لله سبحانه ليبرّر عمله العاصي وفعله الخاطئ كما فعلت انت ياإبليس !.

ولم يقل  لله سبحانه وتعالى حتى  : ان ابليس غواني وليس ليّ ذنب على الحقيقة ؟.

وأنما انتفض آدم بمجرد سماعه للانكار والسؤال الالهي ليقع ساجدا تائبا لله سبحانه وتعالى مئة سنة،معترفا بخطيئته مسترِحما مستعِطفا لرحمة الله التي وسعت كل شيئ !.

ولهذا كانت صفات آدم وأهله بعد العصيان هي التواضع والاعتراف وطلب العفو والرحمة من الله سبحانه وتعالى كجواب لسؤوال الله سبحانه الاستنكاري ب :(( الم انهكما عن تلكما الشجرة؟.))

الآن ياإبليس : هل تذكر ردّة فعلك على سؤال الله العالم بكل شيئ سبحانه لك ؟.

هل كنت كآدم عندما شعر بخطيئته لم يلتفت الى الى رحمة الله وطلب مغفرته ؟.

ياإبليس : لماذا عندما سألك ربك عن عدم سجودك لم تطلب العفو منه والرحمة وتجاوز الخطيئة بل استكبرت وتجبرت وعلوت لتعترض مرّة اخر على سؤال الجبّار الحكيم سبحانه بقولك : أنا خير منه،لتضيف الى جُرمك جرم أعظم ؟.

ولماذا ياإبليس عندما سألك المولى سبحانه وتعالى عن عدم خضوعك للامر الالهي ب :(( مامنعك ان تسجد ..)) تجاهلت سؤال الرحمن الرحيم الله الكريم العادل لتجيب على هواك عن ليس السبب بعدم السجود،بل بسبب انت تراه كافيا لعدم السجود الا وهو : انا خير منه !.

ايها الاحمق ابليس : لوكنت امام فرعون من فراعنة الدنيا الزائلين وسألك لماذا لم تطبّق امري وتخضع لما طلبت ؟. لكنت الى الاعتذار أقرب منك الى المناكفة والتكبر،فكيف سوّلت لك نفسك ان تعصي أمر الاله العظيم وتتجبر على حكمته وتغفل عن ادراك مضمون خطابه فتجيب بجواب لغير سوال واستنكار الملك الجبّار ؟.

هذا هو الفرق بين معصيتك ياإبليس التي اعقبتك الخزي والحرمان في الدنيا والاخرى،وبين معصية الانسان آدم !.

ان ادم مخطئ الا انه معترف متواضع طالب للعفو والرحمة من قبل الله سبحانه،مدرك ان الله يغفر الذنوب جميعا وهو ارحم الراحمين،بينما انت ياإبليس مخطئ متكبر غبي غير مدرك لرحمة الله الواسعة ولذالك كان الاصرار منك عبادة،بينما كانت الغفلة والسهو والنسيان من آدم عادة !.

شيئ آخير هو مايميز الفرق بينك وبين آدم الانسان ياإبليس لتكتمل الحجة لله على عباده وهو : اذا كانت ذنوب ومعاصي ابن آدم الانسان أتت من وسوستك ودفعك واغرائك وخداعك له ولذريته،فياترى من الذي دفعك أنت ووسوس لك وخدعك عن أمر ربك ؟.

أن ذنب آدم من خارجه بينما ذنبك من ذاتك !.

إن آدم طينته لينه وخيريته في تكامله بعد الخطيئة،لكن كارثتك النقص وعزتك بأثمك،فمازال هو في تقدم وتكامل وارتفاع،ومازلت في تناقص وانهدام وانحدار،فعاد هو الى الرحمة وطردت انت من الجنان فهل وعيت قولي ؟!.

رابعا : نعم يجب عليك ياإبليس ان تفرّق بين شيئين جوهريين في ماهية فعلك الاجرامي وذنبك الخطير :

الاول : هو هل انك عندما رفضت السجود لآدم فأنت رفضت أطاعة الامر الالهي كيفما كان ؟.

أم إنك لم ترفض الامر الالهي بل رفضت مضمون الامر الالهي فحسب ؟.

ياإبليس أعلم انه حتى وان كان الله سبحانه وتعالى يأمر بسجود الاعلى الناري لما هو أدنى منه الطيني ،فانه سبحانه لايفعل ذالك عن غفلة او سهو او جهل سبحانه وتعالى عن ذالك علواً كبيرا،وانما يأمر بذالك ليمتحن الاعلى بالادنى ويختبر الادنى بالاعلى كيف هو فاعل،فيرى الله سبحانه من خلال هذا الامتحان تواضع الاعلى لامر الله سبحانه بخضوعه وسجوده للادنى،ويرى فعل الادنى في تواضعه وعدم تكبره عندما اسجد له الاعلى للادنى فهل تفقه المعنى ياإبليس ؟.

إبليس : ياسيدي لم أزل بحاجة الى توضيح وتنقية !.

القاضي : ياإبليس انها لاتعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور،وعلى اي حال فاعلم : انه حتى وان كنت محقاً ياإبليس بدعوى : ان النارية العنصرية خير من الطينية الادمية،فان هذه الحجة ايضا لاتبرر لك عصيان الامر الالهي العظيم القائم على الامتحان والخبرة،فالله سبحانه يمتحن ويختبر خلقه بطاعة أمره،وليس بكثرة خيرهم وشدّة عبادتهم وقدم خدمتهم له سبحانه وتعالى،ولهذا ربما تصادف آدما طينيا يسجد لحجر أصم ويقبل حجرا حالك السواد والغرابة مع ان الانسان الادمي مكرّم على الصخر الحجري،وربما صادفت ملك نورانيا خالصا لايستنكف من السجود لآدم الظلماني الطيني وهو لايشعر بالذل والمهانة !.

وهذا هو الفرق بين طاعة آدم والملائكة لله سبحانه وبين معصيتك وتكبرك على الامر الالهي،فالاول الملائكي صحيح انه تساءل كما ذكرت في مقدمة مرافعتك في المحكمة حول الامر الالهي :(( قالوا اتجعل فيها من يفسد ويسفك الدماء ..)) ولكن سؤالهم لم يكن كأعتراضك المستكبر،بل كان سؤال معرفة وتفقه بينما كان اعتراضك ب (( انا خير منه ..)) اعتراض جهل وتعسف،بدليل ان الملائكة عقّبت على سؤالها ب :(( ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك )) ليخبروا الملئ الاعلى ان هذا هو سوال استفهام ومعرفة ليزدادوا قربا لله سبحانه من خلال معرفة حكمة خلقه المتعالية،بينما كان إستنكارك ياابليس استنكار نقمة وتمرد فلم نسمع كلمة تنزيه ولاتسبيح ولاطلب مغفرة ورحمة ولااي شيئ،فنجح الملائكة في الامتحان بينما انكسرت وخذلت في بادئ الطريق !.

ياإبليس هل انت نورا متألقا خيريا لاغير ؟.

أم ان الملائكة ايضا خلقا من نور أصفى وأعلى منك جوهرية ؟.

إبليس : هذا سؤال سهل الاجابة بالنسبة لي،نعم ان الملائكة اشدّ نورا من ناريتي الخلقية،فهم الطف نورا واعظم منزله الاهية من منزلتي الابليسية !.

القاضي : أذن لماذا سجد الملائكة كلهم اجمعون لادم وطاعة لامر الله سبحانه وتعالى،بينما انت الادنى منزلة منهم استكبرت ولم تكن من الساجدين ؟.

فالملائكة ايضا خلقوا من نور ومع ذالك لم يقولوا :(( نحن خير منه خلقتنا من نار وخلقته من طين )) بل قالوا ( أتجعل ) بصيغة الاستفهام،ثم قالوا :( ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك ) ثم سجدوا طائعين !.

ألم يكن لك ياإبليس في الملائكة أسوة حسنة لتكون من الساجدين ؟.

أما أنك كنت من العالين ؟.

نعم ياابليس انك اطعت الله بعبادتك وسجودك لله طيلة الاف السنين،ولكنّ وفي اول منعطف على الطريق عندما أمرك الله سبحانه بالسجود لغيره استكبرت وكنت من الجاهلين ؟.

ياإبليس ليس المهم ان تعبد الله بما ترغب انت،ولكن الاعظم بأن تعبد الله سبحانه بمايرغب هو سبحانه وتعالى،وفرق كبير بين ان تكون ذاتك الناقصة ساحة معركة وبين ان تكون ذات الله سبحانه وتعالى هي المعركة نفسها !.

وما اكثر اتباع رسل وانبياء ياابليس سوف يكونون من جندك كانوا شديدي العبادة لله عندما كانوا يتعبدون الله بما يحبون،ولكنهم عندما أمرهم الله بان يطيعوا دينا آخر استكبروا وعتوا على أمر الله سبحانه بحجة واخرى،وقالوا كما قلت انت :(( انا خير منه )) !. 

على اي حال قد اجبنا على اسألتك كلها ياابليس التي ذكرتها حول معصيتك ومقارنة نفسك واعتراضك باعتراض الملائكة وتطلعك وحقدك على الانسان آدم،وكشفنا لك ان جُرمك كان من ذاتك وحدك،وان غباءك وجهلك ونقصك وتكبرك وعدم تواضعك ... كان هو مكمن لعنك وطردك من العالمين فهل بعد الحق الا الضلال المبين !.

ومع ذالك ياابليس،وبعد ان فعلت مافعلت سألت الله سبحانه النظرة الى يوم يبعث ابناء ادم يوم الدين،والله سبحانه جواد كريم لايمنع ساءل مسألته الاخيرة فاعطاك ما اردت  لالتبكي على خطيئتك ولالتستغفر ربك،ولا لتفكر فيما هو مآلك ......... لا ليس كل ذالك ايها المسكين بل سألت النظرة لتنتقم من آدم الانسان الضعيف الذي ليس له جرم معك الا ان الله خلقه على هذه الهيئة ،فقلت :((أنظرني الى يوم يبعثون )) فاعتقدت ان سبب شقائك هو آدم ولم تلتفت الى ان سبب بلائك هو نفسك التي بين جنبيك،وبدلا من الالتفات لاصلاح نفسك وعارها ذهبت لشحذ همم الحقد على خلق الله لترديهم بمصيبتك وتدخلهم حيثما دخلت،فهل رايت مخلوقا يحمل دين الكراهية كالذي تحمل ؟.

وهل سمعت بخسران في هذه الدنيا كذاتك ؟.

وهل علمت ان أحدا من العالمين نالته الخيبة كالتي نالتك ؟.

ان حكم الله العادل بفنائك وطردك ولعنك بسبب انك اثبتّ بالادلة التي لاتقبل الشك والطعن انك لابد ان تنتهي كخلقة من مخلوقات الله سقطت في الامتحان،وابدى وجودها الكلي انها لاتصلح للبقاء !.

رفعت الجلسة .

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com