ديمقراطية توافقية ..ام دكتاتورية تنافقية؟!

 

محمود حمد

mehmood.hamd@gmail.com

خلال التنافس (الشريف) و(غير الشريف) الذي يتفاقم هذه الايام عشية الانتخابات المحلية، والآمال التي تعقد على نتائجها لتغيير الخارطة السياسية (ولو نسبيا) ..نود ان نثير بعض التساؤلات حول واقع العملية السياسية في العراق اليوم والافاق المحتملة لها!..

انطلاقا من طبيعة النظام المعلن دستوريا (النظام الديمقراطي)..فـ:

1.   الديمقراطية في مضمونها: تعايش السلطة الى جانب المعارضة (وحدة وصراع الاضداد).

2.   منهجياتها:التداول السلمي للسلطة..من أعلى قمة الهرم السياسي الى قاعدته .. وفي جميع المؤسسات والاحزاب والحركات والمنظمات السياسية والمهنية والاجتماعية.

3.   شخوصها:القادمون من صناديق الاقتراع..الى جميع المناصب الحزبية والسياسية والقيادية الادارية.

4.   ثقافتها:عدم الاستغناء عن الاخر..وليس قبوله فحسب.

5.   خطابها:الحوار والتسامح مع المختلفين في الراي.

6.   هدفها : التنمية الشاملة ..للانسان،والمجتمع،والاقتصاد،والبيئة،والثروات،والثقافة،والخ.

7.   محضوراتها:تخوين الاخر..الفساد الاداري والمالي..كشف ظهر الوطن لغير الوطن..

8.   معيار نجاحها:الرخاء الشامل، رفاهية الفرد، رقي المجتمع، وحدة ومكانة الوطن وسطوع المستقبل.

في اخر "بيعة " لصدام حسين اعلن عزت الدوري – رئيس اللجنة العليا للانتخابات - بان 12000000 (اثني عشر مليون) عراقي قالوا نعم للقائد و3000 ورقة بيضاء..وبين ان هؤلاء الـ 3000 هم من عملاء الفرس ..وكرس صدام خطابا عن الخونة الـ 3000 الذين لم يقولوا نعم للقائد وقسمهم الى فئتين من الخونة ( عملاء الاجنبي) و(المغرر بهم)..

واليوم تعود من جديد لغة التخوين في الخطاب السياسي العراقي من جديد الى الواجهة لترسم خطوط حمراء تتوعد بتفجير الوطن اذا لم ينصاع الجميع لارادتها..في مناخ انتخابي ملتبس ..وتجربة انتخابية هشة ..ووعي انتقائي متدني عند قطاعات واسعة من المجتمع..وصراع موضوعي بين الميل لـ(لدولة المدنية ) والميل لـ(لدولة الدينية) او(الدولة القومية)!..

ومن حقنا ان نؤشر ماآلت اليه "الديمقراطية المتبناة" المستوردة على ظهر الدبابات..ونحن نلمس ميلا ايجابيا نحو التخلص من الوجود العسكري في بلادنا..وتنامي قوى المجتمع المدني..وتشكيل نواتات لمؤسسات الدولة العسكرية والمدنية، واستقرار الوضع الامني النسبي،وانفضاح سوءات تجار الشعارات، والوعاظ، والمتشدقين بالماضي البعيد او القريب.

ونستعرض تلك الخصائص التي بدأنا حديثنا بها:

·      هل توجد معارضة مؤسسية حقيقية في سلطة بغداد او في سلطة اقليم كردستان!؟..ام اننا مازلنا في طور التخوين لمن يختلف معنا في الرأي او المنهج او الاهداف!؟

·      هل تحقق لنا ذلك التداول السلمي للسلطة على اساس الاختيار الطوعي والكفاءة !؟ ام ان الاشخاص فُرضوا في مواقعهم من قمة الهرم الى قاعدته وفق مبدأ المحاصصة البغيض!؟

·      هل جاء هؤلاء الاشخاص ممثلي الاحزاب والحركات والهيئات عبر انتخابات ديمقراطية حقيقية رشحتهم لتلك المناصب السيادية والسياسية والادارية!؟ ام انهم جاءوا نتيجة للمساومات والتنافقات غير الدستورية المرتكزة الى مبدأ تقسيم الغنائم بين الاقوياء!؟

·      هل ان الثقافة السائدة اليوم او التي يجري تشكيلها ..هي ثقافة التنوع (بكل اشكاله) الذي يثري مضمون الحياة وشكلها، ويعزز دوران حركة التقدم !؟..التنوع الذي يعني انتفاء الذات عند إقصاء الآخر..ام انها ثقافة التخندق الشوفيني للموروث المتخلف (دينيا، وطائفيا، وقوميا، وعقائديا، وحزبيا) على حساب مصالح الانسان العراقي، وأمنه، وحياته، وثقافته، ووجوده، وحريته، ومستقبله!؟

·      هل خطابنا السياسي اليوم بعد خمس سنوات من سقوط (ديمقراطية المقابر الجماعية) وغزو (ديمقراطية الفوضى الهدامة) خطاب حواري تسامحي !؟ ..ام ازيز رصاص يصلي وجوه الحاضرين وعقول الغائبين وقلوب المختبئين في قرارة الصمت اليائس!؟

·      هل هدف ديمقراطيتنا المتحقق بعد خمس سنوات ..غير اتفاق الجميع على الحقائق التالية (دون اغفال الكوارث التي خلفها النظام الدكتاتوري المُزال):

ü   الفساد الاداري والمالي في السلطة والدولة والمجتمع!؟

ü   تدني مستوى الخدمات العامة على اختلافها!؟

ü   تردي اداء المؤسسات الحكومية المدنية على اختلاف اختصاصاتها..!؟

ü   تخلف جميع القطاعات الاقتصادية الانتاجية والتسويقية والتداولية والسياحية والاستخراجية والتجارية..وغيرها!؟

ü   الخشية على ثرواتنا الوطنية !؟

ü   تلوث البيئة باكثر اشكال الدمار والابادة التي خلفتها الحروب والسياسات المجنونة والتخلف الاداري والاجتماعي!؟

ü   تراجع دور الثقافة والمثقفين في الحياة العامة ..لصالح ثقافة الدجل والخواء المعرفي!؟

ü   تهاوى هرم الحاجات الى سطح – الحاجة للبقاء- !؟

·      هل تراجعت الاتهامات بالخيانة عما كانت عليه في زمن الدكتاتورية!؟ ..ام ان ورثة السلطة الدكتاتورية _ معارضوها السابقون - مازالوا يتشبثون بإرثها الاستبدادي والتفردي بالسلطة !؟..ويتنابزون بالالقاب!!!

·      هل انخفض حجم وكم الفساد المالي والاداري عما كان عليه في زمن الدكتاتورية !؟ ..رغم تكاثر هيئات وادارت النزاهة التي لاتطال اباطرة المحاصصة وتابعيهم وذباب موائدهم ..وهل تصلَّب جلد الوطن بوجه المتدخلين الخارجيين !؟

·      هل تماسكت حدوده لمنع الغزاة والمتسللين !؟

·      هل تَنَقّى جوفه من المنتفعين على حساب وجوده وعافيته !؟

·      هل انتظم خفقان قلبه بعد وجيب من الخوف دام عقود!؟

·      هل هبت علينا اية نسمة من رياح الرخاء بعد عقود الضيم !؟..ومعيارها ..صحة الفرد وتعليمه وسكنه وحقه في العمل!؟

·      هل اصبح اسم العراق مبجلا في عيون الاخرين والعراقي مكرما في البلدان الاخرى!؟ ..

·      هل انقشع الغمام عن وجه مستقبل العراق !؟

ان الانتخابات القادمة ستفرز خارطة سياسية تعكس واقع الحراك السياسي والنمو الاجتماعي للقوى المشاركة في الانتخابات..

لكن القوى السياسية المشاركة على اختلاف اهدافها ومسمياتها..لم تفلح حتى اليوم في اهم مقومات الحملة الانتخابية وهي:

·      الافصاح عن برامج المرشحين الانتخابية.لمنح الناخبين فرصة الاختيار الواعي للمرشح المناسب.

·      مشاركة الناخبين في مناقشة تلك البرامج.لتطوير تلك البرامج وفق احتياجات الناخبين.

·      اختيار كفاءات محلية تنموية بديلا للاغطية السياسية التي ترفع في الساحات العامة.

·      الافصاح عن الفساد الاداري والمالي لبعض اعضاء المجلس الحالية كجزء من الثقافة الوقائية التي تساعد على تجنب اعادة انتخاب الفاسدين واختيار الافضل.



 

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com