بالشُكر تدوم نعمة الحرّية ياعراقيين!

 

حميد الشاكر

al_shaker@maktoob.com

لاريب ان الحرية من أعظم نعم الله سبحانه وتعالى على الانسانية جمعاء، لاسيما ان الحرّية هي الفيصل بين الانسان وغيره في هذا الوجود العالمي المتنوع للاشياء، فلمَ لاتكون وبالفعل هي من أعظم النعِم على الانسان إن كانت هي الفارق بين الانسان وغير الانسان !.

لكنّ موضوعنا اليوم هو ليس حول عظمة نعمة الحرّية، أو ان الحرّية هي مميز أصيل من مميزات الوجود البشري في هذا العالم، أو ان الحرّية لولاها لما صلُح الانسان أصلا ليكون خليفة لله سبحانه لعمارة هذه الدنيا ........ أو غير ذالك من محاور ومعاني أستقطبتها موضوعة الحرّية في الفكر الانساني في الماضي وحتى الحاضر !.

كما ان موضوعنا اليوم لايتناول الكيفية التي من خلالها يستحق شعبٌ ما ان يكون حرّا، أو انّه كيف ان الشعوب الحرّة بذلت الكثير من التضحيات وعانت العظيم من المعانات، وقاست الكبير من المآسي والويلات حتى نالت نعمة الحريّة وكرامة الانسان، كالذي حصل للشعب العراقي المظلوم في العصر الحديث وكيف انه من الشعوب التي أعطت انهارا من الدمّاء وبحورا من الدموع وشجونا من الفقد والآهات والأنّين .... حتى منَّ الله سبحانه وتعالى على هذه الامّة بنعمة الحرية وكرامة الانسان !.

بل ان موضوعنا اليوم ونحن على ابواب انتخابات مجالس المحافظات المحلية في العراق هو : ماهية شكر نعمة الحرية التي يتمتع بها الفرد العراقي اليوم ؟!.

وكيف على الحقيقة نتمكن كعراقيين من ادامة نعمة الحرية من خلال شكرها، لمقولة بالشكر تدوم النعم ؟.

يقال : ان شُكر نعمة العلم هو في بذله ونشره للجهّال من الناس الطالبين للمعرفة !.

وكذا ان شُكر نعمة المال هي في مساعدة الفقراء والمحتاجين لهذا المال، بالاضافة الى استثمار هذا المال في أعمار البلاد ومعائش العباد !.
وهكذا شكر نعمة الجاه بأن توظفه لخدمة الناس !.

وشكر نعمة الصحّة باستعمالها في العبادة لله والتقرب بالعمل الصالح له سبحانه ومعاونة الضعفاء والمساكين !.

وعلى هذا فلكل نعمة شكرها الخاص الذي من خلاله تدوم هذه النِعم وتستمر هذه المِنح الالهية الطيبة، والعكس ايضا صحيح في كفران النعمة وزوالها من على خارطة الوجود، فالجحود والكفران والتضييع وكذا اللامسؤولية واللامبالاة .... كل هذه أمراض خطيرة فتّاكة ان ُسلطت على اي نعمة في هذا الوجود الانساني فأنها ستدمّر النعمة بلا ادنى شك او ريب في النتيجة !.

والآن كيف نديم نعمة الحرية التي يتمتع بها عراقنا اليوم في انتخاباته المحلية والاخرى العراقية العامة ؟.

بمعنى آخر كيف نترجم عملية الشُكر عملياً لنحافظ على ادامة نعمة الحرّية التي منَّ الله سبحانه وتعالى بها على هذا الشعب الاصيل ؟.

لاريب ان هناك جوابا واحدا لاغير إن اردنا أنّ نتصوّر الكيفية التي من خلالها نُترجم عملية الشُكر لنعمة الحرّية في الانتخابات المحلّية، كحالة بالامكان اخراجها من النظرية الى التطبيق في الواقع وهي : إن نكونَ مسؤولين مسؤولية كاملة أمام الله سبحانه وتعالى وأمام الوطن والشعب العراقي وأنفُسنا ونحن ننتخب الأصلح والأصدق والاقوى والأءمن ....لادارة شؤوننا السياسية والاقتصادية والاجتماعية في هذا العراق، وبهذه الترجمة العملية نكون قد أدينا شُكر نعمة الحرية في هذه الحياة من منطلق الحرص والمسؤولية واليقظة والحذر والتعامل بجدّية مع النعم الالهية المعنويّة والمادية التي كما انها تأتي بالتضحيات فانها ربما تذهب بالغفلة والكفران وانتخاب الاسوأ وبيع الضمائر ...... وعدم المبالاة بأمور العراقيين، وبهذا نفهم ان دورنا في هذه الانتخابات المحلية وغيرها من الانتخابات البرلمانية لايختصر بأن ننتخب كيفما تمليه علينا مصالحنا الحزبية او ميولنا الطائفية او منافعنا الفئوية .... لنقول بأننا حافظنا وشكرنا نعمة الحريّة على اتمّ وجه واقوّم طريقة، بل علينا كناخبين وكأفراد وكشعب عراقي عانا الكثير الكثير من جحيم الدكتاتورية والقهر ان ندرك : ان جنّة الحرّية لاتدوم الابالشُكر لهذه النعمة، وان شكُر هذه النعمة اذا لم تُمارس بمسؤولية ووعي ويقظة، فالربما انقلب الشكر الى كفران وانقلب العمل الانتخابي الى اطاحة بنعمة الحرية ومردوداتها الايجابية، وعندئذٍ لات حين مندم عندما تعود العجلة بالدوران من جديد لنندب الحظ العاثر ونبكي سوء الطالع ونعض الاصابع على الخسران المبين، وننبش من جديد مقابرنا الجماعية للبحث عن جماجم اطفالنا وضحايا الدكتاتورية القادمة!.

نعم الحرية مسؤولية ونعمة بحاجة لادامتها من شُكر عظيم وعمل دؤوب للمحافظة عليها، وعين ساهرة وحراسة مشدّدة كي لاتسرق من قبل حزب او عصابة او فئة او طائفة او تيار ... ليقلبها الى اعواد مشانق تتدلى على رقاب النائمين والغافلين وهم يفاجئون على مقصلة التقصير وهي تنصب لهم بسوء فعالهم وخطيئة اختيارهم، وكفرانهم للنعم وعدم شكرهم لله حق شُكره!.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com