|
هواجـس انتـخـابـية
محمد الياسري أيام قليلة باتت تفصل العراقيين عن موعد انتخابات مجالس المحافظات وسط اشتداد حمى التنافس بين المرشحين من مختلف الاتجاهات الدينية والسياسية والعرقية ووووو. ولربما تكون تجربة الانتخابات لهذه السنة تحوي الكثير من الميزات كونها تجري والعراق يشهد استقرارا أمنيا كبيرا، إضافة إلى تنامي وعي المشاركة الجماهيرية الواسعة سواء كمرشحين ومقترعين، كذلك خلوهذه الانتخابات من المقاطعين لها والمشككين بها. ورغم مما يشهده المشهد الانتخابي من تنافس حامي الوطيس أخذ صوراً متعددة تبدأ بالرحلات المكوكية لزعماء الكتل ورؤساء القوائم الانتخابية وسفرهم واحدا تلوالآخر للمحافظات وخاصة الجنوبية منها، وصولا إلى تبادل الاتهامات بسوء الإدارة وعدم تحقيق طموحات الجماهير المغلوبة على أمرها، استمرارا باتخاذ الدين ومصيبة أهل البيت سلام الله عليهم غطاءً للبعض بهدف التأثير على الناخبين. لكن ما يحدث في الحملات الانتخابية العراقية امراً لا يخطر ببال أياً كان، حيث بدأ البعض ممن يريدون الوصول إلى كرسي الحكم باستخدام شتى الأساليب المعقولة وغير المعقولة لشراء الأصوات دون النظر بشيء من الاحترام لقيمة هذه الأصوات. ولكم ان تتخيلوا قيام بعض المرشحين بمنح بطانيات لا يتجاوز سعرها 25 ألف دينار في تجمعات انتخابية والطلب من الحضور التصويت لهم لأنهم أعطوا هذه البطانيات وكأن العراقيين يناموا في عز الشتاء من دون غطاء، فيما ذهب آخرون إلى التبرع ببدلات والبعض بملابس رياضية وقوائم تبرعت بمدافئ فيما عرض مرشحون مبلغا يبلغ خمسون ألف دينار لمن يصوت لهم. والعجب العجاب قيام البعض بجمع مستمسكات عدد من الناخبين بغية تعينهم بعد أن يفوز المرشح بالانتخابات شريطة أن يقسم هؤلاء المواطنين بانتخاب المرشح هذا بعينه دون سواه. ويتساءل بعض الناخبين أين كان المرشحون عنا لماذا البطانيات والمدافئ والنقود في هذا الوقت وليس قبل سنة وأشهر؟ استمرار الحملات الانتخابية والتباري بالمنجزات والمتحققات والخطابات الرنانة هنا وهناك، والعزف على اوتار دولة القانون وسيادة الدستور وتحقيق الأمن واستبابه والسعي لتحقيق الرفاهية الاقتصادية، علامات مميزة لواقع الانتخابات في العراق، فيما ذهب البعض الى اطلاق وعود تزويج من لم يتزوج وتعيين العاطلين عن العمل وبعضهم قرر تقديم الرواتب والمعونات للارامل والمطلقات والعديد من الوعود الحقيقية وغير الحقيقية. الغريب في كل هذا اين احترام المرشحين لصوت الناخبين وهم يعرضون الاموال والهدايا والوعود؟ لماذا لا يقدم الناخب نفسه كما هودون محاولة شراء الاصوات والتي حرمتها المراجع الدينية والقيم والاعراف؟ تخيلوا ما جواب المرشح اذا ما سأله احد الناخبين: اليوم تقدم رشى لشراء صوتي فماذا ستفعل غداً اذا فزت وتبؤت منصباً؟ من الحقائق المرة- ولربما حداثة التجربة الانتخابية في العراق قد افرزتها- ان النسبة العظمى من الداخلين للانتخابات لم يعدوا ويهيئوا برنامجا انتخابيا بمعناها الحديث وجلهم اعتمد على اطلاق الوعود ليس الا والتي يعتقد انها ستوصله الى الكرسي الموعود وحينها لكل حادث حديث.. لا ادري كيف يتوقع اي من المرشحين - وبعد هذه السنوات من المعاناة- أن بامكانه خداع العراقي مهما كانت بساطته ببطانية وخمسين الفا وبمدفئة في عز الشتاء، وان يقنع الناس بالوقوف خلفه دون أن يكون – لهذا المرشح زوادة تعينه على اكمال المسيرة؟ كيف يسمح لنفسه من كان يدير ناحية وقضاء ومحافظة على مدى سنوات مضت دون ان يقدم لاهلها شيء يذكر أن يعيد الكرة ويكذب على الناس ويقول لهم انا عملت كذا وكذا..؟ الكثير منا يبحث عن إجابات مقنعة عن أسئلة تدور في المخيلة منذ أن تم تحديد موعد انتخابات المجالس البلدية ولغاية الساعة.. هؤلاء المرشحين وهذه الكتل هي ذاتها التي منحناها أصواتنا في السابق ولم نحصد منهم شيئاً؟ أين هم من همنا اليومي ومن هواجسنا وتطلعاتنا ؟ لم لم نراهم قبل هذا اليوم وهم يتهافتون علينا ساعين لتحقيق كل ما نريده بالكلام لا بالافعال؟ المهم الايام القادمة حبلى بالمفاجآت وهي التي ستفرز الصالح من الطالح، وقرار الشعب هوالفيصل بين من جاء ليخدمه وبين من يريد ملء جيوبه والاثراء على حسابه وعلى الجميع الادراك ان وقت الخوف والضحك على الذقون قد ولى؟
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |