العراق يعتزم طرد منظمة مجاهدي خلق الإيرانية من أراضيه

 

مازن الياسري

alyasery_site@yahoo.com

بعد مدة طويلة قضتها منظمة مجاهدي خلق الإيرانية في العراق ومنذ 22 عامًا  وهي تتخذ من معسكر اشرف الذي يبعد حوالي (100 كم) من بغداد و(80 كم) من الحدود الإيرانية، بكونها معارضة لإيران جارة العراق المعادية في عهد نظام صدام حسين، والمقربة من نظام العراق الحاكم اليوم .. منظمة مجاهدي خلق التي تعتبرها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منظمة إرهابية، تأسست في العام 1965 وكانت تهدف أولاً إلى الإطاحة بنظام شاه إيران ثم بالنظام الإسلامي لاحقاً، طردت من إيران في الثمانينات، وبعد أن سمح لها صدام بالبقاء بالعراق ووفر لها الدعم الكبير، أصبحت هذه المنظمة لاعباً أساسياً على الساحة العراقية، ومتغيراً مؤثراً في ملف البلاد ألامني .. أما فقد اليوم فقد أصبح خروجها وشيكاً من الأراضي العراقية .

الربيعي خلال بضعة أشهر سيرمى مخيم اشرف في ذاكرة النسيان ..

شهدت زيارة مستشار الأمن القومي العراقي (موفق الربيعي) إلى طهران الأسبوع المنصرم الكشف عن عزم الحكومة العراقية بعد توصلها إلى قرار جدي بطرد الـ 3500 عضوفي منظمة (مجاهدي خلق) الإيرانية المعارضة الباقين في معسكر أشرف (شرق العراق)، وقال الربيعي إن عضواً في المنظمة انقلب على المجموعة قد أخبر الحكومة العراقية أن تعليمات أصدرها إليه زعماء المنظمة لتنفيذ تفجيرات في مقر القوات الأمنية العراقية. وطبقاً لبيان بهذا الخصوص فإن هدف الهجوم الذي أبلغ عنه إحراج الحكومة العراقية. وقد صرح (نيل فشر) الناطق باسم القيادة الأميركية إن جنودها الموجودين في معسكر أشرف شككوا بوجود ما أسمته الحكومة العراقية مؤامرة .. الولايات المتحدة سلمت الحكومة العراقية السيطرات الأمنية على الحافات الخارجية للمعسكر في الأول من كانون الثاني الجاري، تاريخ سريان تنفيذ الاتفاقية الأمنية المعقودة بين البلدين، لكن المسئولين الأميركيين يقولون إنهم ينوون إبقاء فريق عسكري في معسكر أشرف لمساعدة الحكومة العراقية على احترام التزاماتها في معالجة قضية أعضاء هذه المنظمة بشكل إنساني. كما أن الجيش الأميركي توصل إلى اتفاقية مع المجموعة الإيرانية تمنح الحماية لأعضائها مقابل نزع سلاحهم .

وأعلن موفق الربيعي في مؤتمر صحافي مشترك مع مستشار أمين المجلس الأعلى في الأمن القومي الإيراني (سعيد جليلي) إن (بين أعضاء المجموعة من ارتكبوا جرائم بحق عراقيين أبرياء سنسلمهم للقضاء العراقي وبعضهم من ارتكبوا جرائم بحق إيرانيين سنسلمهم للقضاء الإيراني)، وفي معرض رده عن آلية طرد المنظمة، أشار إلى ترك الخيار لأعضاء المنظمة إن كانوا يرغبون بالعودة لإيران استثماراً للعفوالذي تقدمه إيران لهم واللجوء لدولة أخرى، موضحاً عزم بلاده التفاوض مع بعض الدول الأوربية لنقلهم لها .. مؤكداً إن العراق لن يرضى ببقاء منظمة إرهابية على أرضه تساهم في تعكير أمنه والإساءة لعلاقته بجيرانه .

تصريحات الربيعي .. لاقت نقداً شديداً من بعض من اعتبر إن طرد مجاهدي خلق جاء ارضاءاً لإيران فقط .. بالإشارة للعلاقة التاريخية التي تربط النظام العراقي الحاكم اليوم مع نظام الجمهورية الإسلامية في إيران .. وخاصة وان أول قرار عراقي بطرد المنظمة صدر عن مجلس الحكم العراقي في آب , أغسطس 2003 كان بمرحلة الرئاسة الدورية للسيد (عبد العزيز الحكيم) زعيم المجلس الأعلى الإسلامي العراقي المقرب من إيران .

وكانت الحكومة العراقية وبعيد تطبيق الاتفاقية مع الولايات المتحدة في الأول من العام الجاري، أرسلت وفدًا رفيعًا برئاسة مستشار الأمن القومي موفق الربيعي وممثلي كل من وزارات الداخلية والدفاع والهجرة والمهجرين، والعدل وحقوق الإنسان وجهاز المخابرات العراقي زاروا معسكر اشرف في محافظة ديالى، حيث جرى خلال الزيارة التأكيد على موقف الحكومة تجاه منظمة (مجاهدين خلق) المتعلق بإنهاء وجودها على الأراضي العراقية , كما أن الوفد أبلغ سكان المعسكر إن الحكومة العراقية هي المسئولة عن أمنهم وإنها ماضية في تنفيذ خططها الخاصة بإغلاق المعسكر وترحيل سكانه لبلدهم وإلى بلد ثالث بصورة غير قسرية وأن البقاء ببغداد ليس خيارا بالنسبة لهم، وأكد الوفد لسكان معسكر أشرف أن عملية تسليم المعسكر من قوات التحالف إلى قوات الأمن العراقية قد بدأت وان قوات وزارتي الدفاع والداخلية هي المسئولة عن امن المعسكر, مشددًا على أن ممارسة اي نشاط سياسي وإعلامي وثقافي وديني واجتماعي في العراق مع الكتل والشخصيات السياسية والعشائرية العراقية وغير العراقية وأي عمل غير قانوني بما في ذلك اي نشاط إعلامي وسياسي وغير ذلك موجه ضد اي بلد جار من قبل ساكني المعسكر امر محظور وانهم سيتعرضون إلى المساءلة القضائية.

متحدث بأسم منظمة مجاهدي خلق صرح بأن الجانب الأميركي لم يبلغ المنظمة شيئا عن قرار ترحيلها من العراق، وقال إن (أعضاء المنظمة لن يعودوا الى إيران تحت اي ضغط وان الأميركيين وعدوا بإيجاد مخرج ملائم لقضية لجوئهم في العراق) .

تباين المواقف ...

النائب البرلماني (علي الأديب) المقرب من رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، نفى عزم بغداد تسليم أعضاء في منظمة مجاهدي خلق إلى إيران .. قائلاً (ان الحكومة العراقية ليست في صدد تسليم من هومطلوب للقضاء الإيراني إلى الحكومة الإيرانية، وإنما يخير هذ الشخص، إما أن يقبل العفوالصادر من الحكومة الإيرانية ويدخل إلى إيران وهومطمأن من عدم الملاحقة القانونية، وأن يلجأ إلى أية دولة من واسطة الصليب الأحمر .

اما عضومجلس النواب العراقي عن القائمة (العراقية الوطنية) السيد إياد جمال الدين، عبر عن استغرابه لقرار اخراج مجاهدي خلق من دون إدخال هذا الملف ضمن ملفات العلاقات بين العراق وإيران .. موضحاً ان البلدين يرتبطان بعدة ملفات عالقة، كما ان إيران متهمة بالتدخل بالشأن الداخلي العراقي .. بالتالي فوجود معارضة إيرانية على الأرض العراقية يفتح باب التفاوض والمساومات بين البلدين على مصراعيه .. إما إخراج منظمة خلق دون مساومة إيران سيعني منفعة إيرانية خالصة دون إفادة لصالح العراق، مؤكدا إن ملفات المساومات السياسية هي جزء من السياسة الخارجية لأي دولة برجماتية .. جمال الدين استطرد قائلاً انه لا يدافع عن مجاهدي خلق بل يدافع عن مصالح بلاده، ويرى ان ملف هذه المنظمة ممكن ان يستغل كورقة ضغط ضد إيران لصالح العراق .

الخيار الأوربي ...

لعل الحكومة العراقية غمزت من إمكانية انتقال أعضاء المنظمة إلى أوربا، كبديل عن وجودهم بالعراق، وخاصة بعد ان ألغت محكمة العدل الأوروبية، قرار الاتحاد الأوروبي بتجميد أموال منظمة مجاهدين خلق في وقت سابق .. فمجاهدي خلق، كان لها جناح عسكري في سنواتها الأولى ولكنها تدعي إنها نبذت العنف في يونيو2001 .. وقد نقضت المحكمة الأوروبية، مرارا منذ 2006، إدراج المنظمة على اللائحة الأوروبية للمنظمات الإرهابية التي وضعت عام 2002.

وجود قيادات كبرى لمجاهدي خلق في فرنسا، عزز من إمكانية انتقال الجماعة الى فرنسا .. مما دفع حكومة باريس الى تقديم استئنافا أمام محكمة العدل الأوروبية من أجل الحفاظ على منظمة مجاهدي خلق على لائحة المنظمات الإرهابية في الاتحاد الأوروبي وصرح المتحدث المساعد باسم الخارجية الفرنسية (فريديريك ديزانيو) في مؤتمر صحفي أن بلاده أرسلت طلب الاستئناف، احتجاجا على قرار محكمة العدل رفع المنظمة الإيرانية المعارضة عن لائحة المنظمات الإرهابية، فيما كانت الرئاسة التشيكية الحالية للإتحاد الأوروبي، أعلنت أن وزراء خارجية الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي قد يتخذون قراراً خلال اجتماعهم المقبل، بشطب اسم منظمة مجاهدي خلق من لائحة الإرهاب تنفيذا لقرار المحكمة في 4 من ديسمبر الماضي .. ومن الجدير بالذكر ان باريس شهدت في الأسابيع الأخيرة مظاهرات لمؤيدي مجاهدي خلق تطالب فرنسا بـ"احترام" قرار محكمة العدل الأوروبية الذي ألغى قرارا سابقا يقضي بتجميد ودائع المنظمة في أوروبا، مما أنعش الآمال منذ ذلك الوقت بإمكانية رفعها من لائحة الإرهاب .

خلق بين الحكومين وديالى ...

مدينة ديالى شرق العراق، التي يقع بها معسكر اشرف، تعد التحدي الامني الوحيد لحكومة العراق بعد حسم ملف الرمادي .. فديالى الواقعة شرق العراق بالحدود مع ايران تضم خليطا سكانياً بين الشيعة والكرد والسنة، كما تعد بعض ضواحيها معقلاً هاماً لتنظيم القاعدة خاصة وان الارهابي الخطير (ابومصعب الزرقاوي) لقى حتفه قي احدى ضواحي هذه المدينة .. معسكر اشرف (مقر منظمة مجاهدي خلق) في العراق يقع شمال هذه المدينة، وللمنظمة دور محوري خطير في تداعي ملفات هذه المدينة .. مجاهدي خلق نشطوا بالتأثير المادي على الكثير من ساسة وزعماء عشائر ديالى من الشيعة والسنة، مما ساهم بتردي الوضع في ديالى .. كما عملوا على استضافة بعض اعضاء مجلس النواب العراقي لمعسكر اشرف ولمؤتمراتهم في اوربا، ولعل (صالح المطلك) رئيس قائمة الحوار الوطني العراقي السنية هواشهر المعاطين الايجابيين والمتعاونين مع منظمة خلق .. الالية التي استخدمها مجاهدوخلق في جذب الساسة حولهم اعتمدت على (العداء لنظام ايران الحاكم) وتهديد الشخصيات التي يلتقوها من خطر ايران على العراق .. وربط ملف الخطر الايراني بملف استقرار العراق وامن ديالى ..

وعلى الرغم من ان (خلق) تعد الجهة المعارضة الاكثر اهمية ونشاط للنظام الاسلامي في ايران .. وعلى الرغم من دورهم الداخلي والخارجي السلبي على نظام طهران، الا ان الايرانيون، حرصوا على عدم ادراج المنظمة ضمن ملف العلاقات الدولية مع العراق مستندين لدعم مجموعة كبيرة من قادة العراق الجديد الذين يرتبطون بعلاقات ايجابية مع حكومة طهران، ايران حذرت من محاولة الولايات المتحدة لجعل ملف خلق ملفاً ضاغطاً عليها بالاشارة لحجم الدور الامريكي في الداخل العراقي على مشارف ايران، كما ان المفاوضات الايرانية – الامريكية التي جرت في بغداد وبأشراف عراقي، لم تشهد طرح الايرانين لملف مجاهدي خلق وبمحاولة واضحة للغاضي عنه خوفاً من تحوله لورقة ضغط سياسية ضد ايران .. تاركين الباب مشرعاً امام حلفائهم العراقين في انهاء ملف المنظمة المؤرق لنظام الجمهورية الاسلامية في ايران .

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com