بنت الرافدين

اشرف واوربا

صافي الياسري

صحيح ان مدينة اشرف تقبع في صحراء العظيم العراقية الداكنة على بعد ما يقرب من سبعين كيلومتراً من الحدود الايرانية العراقية والقنوات الحضارية المدينية من حولها فهي تبعد عن قضاء الخالص اكثر من ثلاثين كيلومتراً، الا ان لها صوتاً مدوياً في جنبات واركان القارة الاوربية، لا يمكن للبعض تخيله او يغيب عن باله اعتباره، وكم قدمت الى اشرف من وفود سياسية واجتماعية وثقافية وشخصيات اوربية بارزة ومرموقة، اما زيارات الوفود البرلمانية والمنظمات الانسانية غير الحكومية فحدث ولا حرج، وان اذكر منها الان، اذكر زيارة الوفد البرلماني الرباعي الاوربي برئاسة الدكتور ايلخو فيدال كوادراس نائب رئيس برلمان الاتحاد الاوربي، رئيس اللجنة الاوربية للبحث عن العدالة وثلاثة برلمانيين آخرين من رؤساء اللجان المختلفة في البرلمان الاوربي في اوكتوبر من العام الماضي، ويومها القى الدكتور كوادراس خطابا في تجمع حاشد لسكان مدينة اشرف، اكد فيه ان ممثلي شعوب اوربا القادمين الى اشرف، يبدون دعمهم بلا تحفظ لسكان المدينة وحقوقهم الشرعية ناقلين ارادة شعوبهم في ضرورة توفير حماية حقيقية لهؤلاء السكان كما تقتضيه القوانين الدولية التي تحكم حالتهم، وذكر بالنص معاهدة جنيف الرابعة - البند السابع– وحث الحكومة الاميركية على عدم تسليم الملف الامني للمدينة للقوات العراقية في حينها، وعدها مسؤولة عما يمكن ان يتعرض له سكان المدينة من اذى – نص خطابه في 8 اوكتوبر 2008 – في اشرف، وكذلك فعل مرافقوه البرلمانيون الاوربيون الذين عقدوا اجتماعات عديدة مع زعماء وعشائر ووجهاء المنطقة مما حول المدينة ومن مدن عراقية اخرى وبخاصة من الجنوب واستمزجوا واستقرأوا آراءهم ومواقفهم بشان الوضع الاصح لحماية مدينة اشرف ودعم سكانها وخرجوا بنتيجة مفادها ان البيئة السكانية العراقية حول مدينة اشرف ايجابية وفي نطاق جغرافي واسع يمتد من طوزخورماتو حتى الخالص شمالاً وجنوباً وعمقاً حتى الحدود العراقية الايرانية شرقاً وحتى المناطق الغربية في الانبار والفلوجة غرباً، بفضل اخلاقيات وسلوكيات سكان المدينة وحكمة قيادتها في التعامل مع الواقع الاجتماعي والثقافي السائد حولها، وزار بعد ذلك وفد ايطالي مدينة اشرف برئاسة عمدة مدينة كوئنوه الايطالية وهي مدينة المقاومة الايطالية المعروفة التي اعطت خمسة عشر الف شهيد في الحرب ضد الفاشية ابان الحرب العالمية الثانية وتمت توأمت المدينتين، وفي 28 اب من العام الماضي اعربت منظمة العفو الدولية عن مخاوفها من نقل حماية مدينة اشرف الى القوات العراقية في بيان لها صدر بهذا الشأن وكذلك حمل الروح ذاتها القرار الصادر في الرابع من ايلول للبرلمان الاوربي والقرار الصادر في 8 ايلول عن الاتحاد العام لحقوق الانسان والجمعية البرلمانية الاوربية وقرارها الصادر في 2 تشرين الاول 2008، وكل هذه القرارات والبيانات تتحدث عن اخطار مؤكدة محدقة بحياة اللاجئين في اشرف في حال تسليم الملف الامني من الاميركان الى القوات العراقية، وضرورة مراعاة الاعراف الدولية والقوانين المرعية بهذا الصدد وبخاصة مبدأ ( نان رفولمان) او تحريم الاخراج او النقل القسري، ومعاهدة منع التعذيب التي وقعها العراق مؤخراً والتي يخشى المجتمع الاوربي بكل مكوناته من امكانية تعرض سكان مدينة اشرف الى التعذيب في حال اعادتهم قسراً الى ايران وتنقل الصحف الاوربية انباءا يومية عن اعتقال عشرات العوائل الايرانية التي قامت بزيارة ذويها في اشرف دون علم السلطات الايرانية التي تبغي من وراء ذلك استغلالهم مخابراتياً، وبعد صدور القرار الاخير للقضاء الاوربي قبل ايام بشطب اسم منظمة مجاهدي خلق من لوائح المنظمات الارهابية اوربياً، تجمع في بروكسل اكثر من خمسة عشر الف مواطن ايراني من جميع اوربا من انصار المنظمة للاحتفال بهذا القرار واعلان دعمهم لها، وضم الحشد حقوقيين ومثقفين وبرلمانيين اوربيين دعوا علناً الاتحاد الاوربي الى الاعتراف بشرعية المقاومة الايرانية الممثلة بمنظمة مجاهدي خلق، وقد تم الغاء هذه التهمة في الحقيقة بعد نشاط المقاومة الايرانية الدائب وكما ذكرت السيدة مريم رجوي زعيمة المعارضة الايرانية بالارقام، طيلة سبع سنين من التقاضي وقيام اكثر من50 تظاهرة جماهيرية كبيرة في مختلف عواصم اوربا و800 تجمع حاشد كبير وصياغة 21 نظرية قانونية من قبل ابرز خبراء القانون الاوربي والدولي.

وكما قالت السيدة رجوي فان عملية التغيير الديمقراطي بدأت تدور بسرعة مضاعفة اعتبارًا من اليوم اي بعد صدور قرار شطب اسم منظمة مجاهدي خلق من لائحة المنظمات الارهابية في كل اوربا وبريطانيا، واضافت ان القرارات السبعة الصادرة عن المحاكم الاوربية وكذلك الغاء اسم المنظمة من لائحة الارهاب في اوربا يجعلان بقاء اسم المنظمة في قائمة وزارة الخارجية الاميركية عديمة الشرعية وغير مبررة تماماً، وان على اميركا الرئيس الجديد نبذ سياسة استرضاء ايران، وكان من المشاركين في هذا الاحتفال ايضا الدكتور ايلخو فيدال كوادراس نائب رئيس الاتحاد الاوربي واسترون ستيفنسون نائب رئيس المجموعة الديموقراطية المسيحية في البرلمان الاوربي والرئيس المشترك للجنة ايران حره واللورد ارتشر المدعي العام السابق في بريطانيا، وهايدي هوتللا رئيس اللجنة القضائية في البرلمان الفنلندي والليدي اوسلين اوهولي زوجة اللورد اوسلين القاضي السابق في محكمة العدل الاوربية والبروفيسور هانك دهان الرئيس السابق للجنة العلاقات الخارجية في البرلمان الهولندي واسماء اوربية اخرى لامعة نعجز عن احصائها في هذه العجالة وفي كلمة في التظاهرة القاها نائب رئيس برلمان الاتحاد الاوربي الدكتور ايلخو فيدال كوادراس كرر سابق ما قاله في زيارته السابقة الى اشرف قائلا (انني اريد الاعلان اليوم اننا سنقوم بنصرتكم لنصرة مدينة اشرف، وبعد ازالة تهمة الارهاب عن منظمة مجاهدي خلق الايرانية فان اي خرق لحقوق المواطنين في مدينة اشرف يعد امراً غير مقبول واننا نرفضه بشدة واضاف ان خرق حقوق سكان اشرف يعد خرقا للديمقراطية وانتهاكاً لحقوق اللجوء والحقوق الدولية والقيم الانسانية واننا سنقف بوجه اي خرق يمس سكان اشرف وعلى هذا فقد حان الوقت لتعترف الحكومة العراقية بالموقع القانوني لسكان مدينة اشرف وان ترفع القيود الجائرة المفروضة عليهم).

اما اللجنة الفرنسية من اجل ايران ديمقراطية، فقد اكدت ضرورة حماية اللاجئين في اشرف وقد اصدرت بياناً بهذا الشأن اعلنت فيه سرورها لقرار وزراء خارجية الاتحاد الاوربي لاقرار شطب اسم منظمة مجاهدي خلق من لائحة المنظمات الارهابية ولفتت الانظار الى ضرورة حماية اللاجئين في اشرف، وانها ستتابع وتراقب المواقف والاجراءات التي ابدتها اطراف محددة في فرنسا والتي وصفتها اللجنة بانها قريبة من الدكتاتورية الايرانية.

من خلال كل ما تقدم ندرك القيمة الحقيقية لمدينة اشرف لدى الاوربيين وعلو صوت هذه المدينة في اوساطهم وفي ارجاء اوربا، ما يحتم التحسب لهذه الميزة عراقياً رسمياً وشعبياً حتى، من اجل سمعة العراق في اوربا وبخاصة ان العراق اليوم يبحث عمن يمد له يد العون لبناء كيانه الحضاري الانساني الديمقراطي ويعمر سمعته في المجتمع الدولي.

العودة الى الصفحة الرئيسية