الرهان على إنهاء الانقسام ودحر الاحتلال

 

مصطفى إبراهيم

Mustafamm2001@yahoo.com

دخلت المعركة الانتخابية الإسرائيلية أيامها الأخيرة، والعدوان على قطاع غزة في قلب تلك المعركة التي تستغل من قبل حزبي "كاديما" و"العمل" لتحسين صورتهما، ووضعهما في الحصول على أكبر عدد من المقاعد في الكنيست القادمة، في مقابل حزب "ليكود" الذي تمنحه استطلاعات الرأي تفوقاً على الحزبين، اللذين تتراجع أسهمهما.

المعركة السياسية الإسرائيلية في ظل الحملة الانتخابية، وفيما بعد ظهور نتائج الانتخابات، تركز على مستقبل الدولة العبرية، والعملية السلمية المزعومة ورؤية الأحزاب الصهيونية الثلاثة الكبيرة "ليكود، كاديما، العمل" لها، من خلال إيديولوجية كل حزب ومنطلقاته، فحزب "ليكود" سيضع كل قوته في حال حصوله على أعلى الأصوات، وتشكيل الحكومة من خلال وجوده الكبير في الكنيست والتمسك برؤيته والحفاظ على طابع يهودية الدولة ومستقبلها، وطريقة التوصل إلى حل من خلال العملية السلمية مع الفلسطينيين، ورؤيته واضحة وعبر عنها زعيم الحزب "بنيامين نتنياهو"، أكثر من مرة.

 أما حزب "كاديما" ومعظم قادته والمؤثرين فيه هم أعضاء سابقين في حزب "ليكود"، ومحسوبين على يمين الوسط ولا يستطيع أحد أن يجد فروقاً كبيرة في الرؤية والمواقف بينه وبين  "كاديما"، باستثناء تصريحات زعيمة الحزب "تسيفي ليفني" الضبابية ومواقفها غير الواضحة من الحل مع الفلسطينيين.

 أما في خصوص حزب "العمل" الذي يقاس موقفه بموقف زعيمه "إيهود باراك" وليس موقف مؤسسا الحزب، والتباين في المواقف داخله ليس كبيراً، وباراك غير بعيد في موقفه عن موقف ليفني غير الواضح ويعتمد على التصريحات الضبابية في التوصل إلى حل مع الفلسطينيين.

فالخلافات في الرؤى بين الأحزاب الصهيونية هي خلافات نابعة من ايدولوجيا تلك الأحزاب ومن مصلحة دولة الاحتلال، وهي خلافات في البرامج السياسية التي تعتمد في التنافس على وضع  الشروط و الاملاءات، وليس من أجل التوصل إلى  اتفاق سلام  عادل وشامل مع الفلسطينيين يحصلون من خلاله على تقرير مصيرهم.

فوجهة النظر الإسرائيلية للحل مع الفلسطينيين لم ولن تتغير، والفروق غير كبيرة بين الأحزاب الصهيونية مجتمعة، وعلى رغم الادعاء بأن الرئيس محمود عباس شريك في العملية السياسية إلا أن الوقائع على الأرض مختلفة، ولا تدل على ذلك، ومع ذلك ينظر الإسرائيليون إلى الفلسطينيين من خلال واقع حال الانقسام، ويركزون على أنهم لا يستطيعون التوصل إلى سلام مع الفلسطينيين تذرعاً بعدم وجود شريك فلسطيني قوي يفرض الحل الذي قد يتم التوصل إليه مع دولة الاحتلال.

ويقارن بعض المحللين الإسرائيليين حال الفلسطينيين بحال الأحزاب الصهيونية عند إقامة دولة الاحتلال على رغم عدم وجود جسم ذي بنية تحتية سياسية يوحدهم  في ذلك الوقت، إلا أنهم اتفقوا فيما بينهم وأعلنوا إقامة دولتهم، وهذا ما لا يميز الفلسطينيين، خاصة الخلاف الدائر بين  حركتي "حماس" والجهاد الإسلامي من جهة، وحركة "فتح" من جهة أخرى، وبعض فصائل منظمة التحرير التي تعبر عن مواقف مختلفة.

الرؤية الصهيونية واضحة والأحزاب الصهيونية تعبر عنها من خلال مواقفها، سواء كان بعضها صريح والبعض الأخر تكتنفه الضبابية إلا أنها تتفق في النهاية على هدف واحد وهو الدفاع عن مستقبل الدولة العبرية وعدم التفريط بمبادئها إلا من خلال فرض الشروط والاملاءات والمصلحة الصهيونية.

وهم مستمرون ليس في الدفاع عن مستقبل دولتهم من خلال عدم التوصل إلى حل، تلبية لمصلحتهم،  بل في استمرار الاحتلال والاستيطان وفرض الحصار وفرض معازل في الضفة الغربية، وتهويد القدس والتضييق على عرب 48، وعدم التهاون في امن دولتهم على رغم التزام السلطة بخطة "خارطة الطريق" والتنسيق الأمني.

ومع ذلك يبقى الخلاف الفلسطيني سيد الموقف، والفلسطينيون مصرون على استمراره وتعميقه، بطرق مختلفة مرة بتحميل بعضهم المسؤولية عما جرى في القطاع، ومرة من خلال الدعوة إلى إيجاد مرجعية جديدة ستكون بديلاً لمنظمة التحرير التي يتفق الكل الفلسطيني على إعادة الاعتبار لمؤسساتها وإصلاحها، ومرة عن الطريق الاختلاف على إعادة إعمار غزة، والاهم الخلاف في وسائل مقاومة الاحتلال.

لكن سيبقى الرهان والمعركة الحقيقية لدى الفلسطينيين إنهاء حال الانقسام، والتوحد من اجل دحر الاحتلال والتصدي لمشاريعه، من خلال إستراتيجية وطنية ومن خلال الاتفاق على انضمام الحركتين الإسلاميتين إلى المنظمة الجديدة بعد إصلاحها وإعادة تأهيلها والاتفاق على برنامج سياسي مقاوم يحفظ الحقوق والثوابت ، كي تبقى المرجعية الوحيدة للشعب الفلسطيني، وليس إيجاد بدائل لها ستكلف الفلسطينيين غالياً.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com