|
العراق يهزم الارهاب وثقافة الموت
ابراهيم علاء الدين احر التهاني للشعب العراقي العظيم عرسه الديمقراطي حين برهن قدرته على الانتصار على ثقافة التخلف وثقافة الموت وثقافة الاجساد المتفجرة والاشلاء المتطايرة، والسيارات المفخخة، التي زرعت العراق رعبا وقتلا ودماء واشلاء. فبغض النظر عمن فاز ومن لم يفز، وبغض النظر عما رافق الانتخابات المحلية من مشاكل ونقائص وتجاوزات وقصور في التنظيم والسجلات، فان العراق هو الفائز عندما يؤمن شعبه العظيم بلغة الحوار، ويؤمن بالتعددية السياسية، ويؤمن بصندوق الانتخاب كأحد معالم الديمقراطية، ووسيلة الوصول للمواقع السيادية، واختيار الحاكم. هنيئا للعراق هزيمته المشروع الظلامي للقاعدة ولكل التيارات الظلامية الاسلاموية والقومجية، التي مزقت العراق الى طوائف وجماعات وملل ونحل، ونثرت اشلاء اعضائها المجرمين على ابواب الجامعات والاسواق واماكن العبادة والجسور وبين الامنين من العراقيين البسطاء، واشاعت القتل على الهوية، واباحت الموت في الطرقات. هنيئا للعراق وشعبه العظيم الذي تمكن بفضل صموده وصبره ونضاله الدؤوب من سحق دعاة "قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار"، وهزمت مشاريع الخرافة الاسلاموية سنية وشيعية، واثبت للعالم ان شعنا تمتد جذوره الى الاف السنين، يمكنه ان يكون قدوة للعالمين كما كان على مر تاريخه صانعا وبانيا للحضارة منذ اخترع الحرف، الى اختراعه الاله، الى سنه القوانين الى اعمار الارض بالعجائب لتستمر الاف السنين. هذا هو العراق الذي انتصر امس، عندما شارك شعبه العظيم في الانتخابات في طول البلاد وعرضها (الا من جزء منها) دون ان تقع جريمة واحدة او يعكر صفو امنها مجرم واحد، هذا هو العراق الذي قطعت بعض نسائه عدة كيلو مترات سيرا على الاقدام لتدلي بصوتها في صندوق الاقتراع، وليغضب بعض اهله عندما حالت السجلات دون مشاركته في الانتخابات. هذا هو العراق الذي تنافس في انتخاباته نحو 100 كيان سياسي من جميع الاتجاهات من اقصى اليمين الى اقصى اليسار، وكان اغلبها ذو برامج علمانية ليبرالية وطنية، وخرج معظمها من عباءة الدين والطائفة. هذا هو العراق الذي انتصر بالامس، بعد نحو ست سنوات من الظلام الاسود، وبشاعة الاحتلال ووحشية الارهاب، وغياب الرؤية وفقدان الامل ، والتهجير القسري داخل الوطن وخارجه، وشيوع الفقر والبطالة. ها هو العراق ينهض من جديد مشافى معافى ليحتل موقعه في صدارة ومقدمة المعركة الحضارية التي تخوضها شعوب المنطقة ضد التخلف والفقر ومشاريع التقسيم والتجزئة، والامارات الطائفية، وسطوة الظلاميين القتلة الارهابيين. وقد ياتي البعض ليقول انك ترسم صورة وردية لعراق ما زال تحت الاحتلال، وما زال النفوذ الفارسي متغلغل في بعض ثنايا الوطن، وان الحاقدون لم يلقوا سلاحهم بعد، فارد عليهم بما قالته معلمتي نادية المصرية المناضلة الشيوعية عندما كنت يانعا في بداية الطريق حين قالت " يا ابراهيم لا تقارن بين الواقع وبين ما ترغب ان تكون عليه، وما تامل ان تحققه من اقصى الطموحات، بل قارن بين ما كنت عليه بالامس، وما انت عليه اليوم" لان المقارنة الاولى تؤدي الى اليأس والاحباط، فيما الثانية تؤدي الى التوثب والتحفز والتفاؤل والانجاز. نعم ايها الاخوة والاخوات العراقيين لا تقارنوا بين ما انتم عليه الان وبين طموحاتكم التي تصبون اليها لعراقكم العظيم، بل قارنوا بين ما كنتم عليه قبل 3 سنوات، وبين الان حين كان الموت يختطف احبائكم في الطرقات والاسواق والجامعات وبيوت العبادة، وحين كانت جثث احبائكم تلقى في نهر دجلة، وحين تمكن الظلاميون من اعلان امارتهم الاسلامية في بعض الاجزاء الغربية من الوطن، وحين كان الملالي يتحكمون بالهواء والامن وبابسط مقدرات الحياة، حين نشط دعاتهم المتخلفون ينشرون الوهم والتضليل في كل الارجاء، حين سيطرت العصابات المتسترة بالدين على مقدرات الوطن. وبين ما انتم عليه الان. قارن ايها الشعب العظيم بين ما كان عليه العراق في ظل الديكتاتورية الوحشية، عندما كان مجرد الاعتراض على سرعة سيارة في الشارع يقودها احد اتباعه المهووسين كفيل برمي المواطن في غياهب السجون، وربما الاعدام ، واذا رفض مواطن اعلان الخضوع كل يوم صباح ومساء ويقيم الصلوات ويكثر من الدعاء للقائد الضرورة، يكون ذلك سببا لاختفاء الانسان ، ومعاقبة اهله وعشيرته وقبيلته قريته او ناحيته كلها. قارنوا بين ما كان عليه العراق قبل سنوات مسروقا مسلوبا منهوبا من شلة القائد الضرورة ، والذي تبدو مظاهره جلية في الاردن وفي العديد من دول اوروبا وامريكا، حيث اقام الهاربون من انصار واتباع وشيعة وقبيلة واقرباء الديكتاتور الاف المشاريع بمليارات الدولارات، بينما كان الشعب باسره يتضور جوعا يحيا على البطاقة التموينية تحت الحصار الظالم. وبين ما انتم عليه الان..؟ يتطلع كل مستثمروا العالم للمساهمة في بناء اقتصاد الدولة الي تمتلك ثاني اعلى احتاط نفطي في العالم. هكذا يجب ان تجري المقارنة، ويجب عدم الانصات للخطاب اللفظي الثوري او الرجعي، القومجي او الديني ، عن المقاومة والثورة والتحرير، فيما قادتهم يرتعون باحضان اسيادهم في دمشق او طهران ، او يعيشون بنعيم لندن وباريس ولوس انجلوس والعواصم الاوروبية. ان المقاومة الحقيقة ايها العراقيون انما تكون بتعزيز الثقافة الديمقراطية، الثقافة التي ترفض الموت، الثقافة التي تعشق الحياة، الثقافة التي تؤمن بالبناء وليس التدمير، الثقافة التي تؤمن بالانسان، وبعظمته وقدرته. الثقافة التي تؤمن بالحب، سبيلا للعلاقة بين البشر، الثقافة التي تؤمن بالسلام والتعايش ونبذ الطائفية والعصبية القبلية والعشائرية. الثقافة التي علمها العراق للبشرية كلها وزرع بذورها منذ الاف السنين في بلاد الرافدين ومنها الى كل الدنيا. صحيح ايها الاخوة والاخوات انه ما زالت هناك امراض كثيرة، وما زالت المفاهيم والقيم القبلية والطائفية شائعة، وما زال لها ركائز قوية في المجتمع، ومن المؤكد ان هذه الامراض لا بد وانها القت بظلالها على الانتخابات المحلية، ولكن كما تمكن شعب العراق من هزيمة الارهاب وهزيمة ثقافة الموت والاشلاء المتطايرة، فانه سيتمكن من هزيمة الموروث البائس والثقافة البائسة التي تعيد انتاج الارهاب والموت والطائفية والعصبية القبلية. وكما يبرهن العراقيون في كل مكان يحلوا فيه في هذا العالم على تفوقهم وبراعتهم ونجاحهم فانهم سوف يتمكنوا من بناء عراق الغد، عراق المجد، عراق الحرية والنور، عراق الديمقراطية والتعددية السياسية، عراق العلم والحضارة. مرة اخرى هنيئا لكل عراقي وعراقية يساهمون في بناء الوطن الجديد.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |