جولة جديدة من النقاش الفكري والسياسي مع السيد سلامة كيله (2)

 

أ‌. د. كاظم حبيب

aliali81189@googlemail.com

يقول السيد كيله بأن د. حبيب "لا زال ينطلق كما كانت الحركة الشيوعية تنطلق منذ نهاية ثلاثينات القرن العشرين، من أن المرحلة تقتضي إقامة "العلاقات الإنتاجية الرأسمالية". ألم تتطور العلاقات طيلة هذه العقود الستين من العلاقات الإقطاعية أو شبه الإقطاعية إلى الرأسمالية لكي نستمر في طرح الموقف ذاته؟ وهل كان هذا الموقف صحيحاً حتى وقتذاك؟". (راجع مقال سلامة كيله. الحوار المتمدن - العدد: 2523 - 2009 / 1 / 11, الحلقة الأولى ).

الغريب في هذا الأمر أن السيد كيله يرى فهد مصيباً في كراسه حزب شيوعي لا اشتراكية  ديمقراطية الذي كتب في أوائل الأربعينيات من القرن الماضي، ولكنه يرى بأني لا أزال أنطلق من الثلاثينيات من القرن الماضي في بعض المسائل. ويقرن ذلك بالموقف من العلاقات الإنتاجية السائدة في ريف العراق. سوف لن أتحدث عن الأقطار العربية، إذ أن كلا منها يستوجب بحثاً وتحليلاً خاصاً به، بل أتحدث عن العراق.

لقد سادت العلاقات الإنتاجية شبه الإقطاعية في ريف العراق حتى سقوط النظام الملكي في العراق، وقد سمى الرفيق فهد النظام السياسي السائد في العراق بالنظام شبه الإقطاعي شبه الاستعماري، وكان مصيباً في هذه التسمية التي كانت تعبر عن طبيعة العلاقات السائدة في الاقتصاد والمجتمع العراقي وطبيعة التحالف السائد الحاكم حينذاك. ويمكن إثبات ذلك بتحليل واقع ملكية الأرض الزراعية في ريف العراق عموماً، ويمكن العودة في هذا الصدد إلى الكتاب القيم للراحل الأستاذ حنا بطاطو الموسوم "الطبقات الاجتماعية في العراق". وفي أعقاب ثورة تموز 1958 صدر قانون الإصلاح الزراعي رقم 30 لسنة 1958، ثم صدرت جملة من التعديلات عليه، وخاصة في أعقاب انقلاب شباط/فبرار 1963 ألبعثي-القومي الفاشي، وكذلك في أعوام 1984 و1965 التي أضعفت مضامينه ونزعت عنه طبيعته الاجتماعية ودوره السياسي. وكل تلك التعديلات كانت ضد مصالح الفلاحين ولصالح ملاك الأراضي الكبار السابقين. في العام 1970 صدر قانون الإصلاح الزراعي الثاني برقم 117، الذي كان من حيث المضمون أعمق من القانون الأول، ولكن تنفيذه كان سيئاً جداً وخاصة مع بدء الحرب العراقية-الإيرانية وما بعدها. وفي العام 1975 صدر القانون رقم 90 بشأن الإصلاح الزراعي في كُردستان العراق "منطقة الحكم الذاتي" بهدف كسب الفلاحين الكرد إلى جانب النظام بعد المساومة المخزية للنظام مع شاه إيران في اتفاقية الجزائر حيث تنازل العراق عن نصف شط العرب وعن جزء مهم من الأراضي العراقية الحدودية لصالح إيران بهدف ضرب الحركة الكردية المسلحة بقيادة  الملا مصطفى البارزاني. وكان هذا القانون من حيث المضمون أفضل من القوانين اسابقة بشأن المنطقة، ولكن هو الآخر واجه تخلفاً في التطبيق، إذ كان النظام بحاجة إلى  تأييد جمهرة الأغوات وليس الشعب الكردي.

من المفيد أن أشير إلى أني أتحدث عن معرفة مباشرة بالمسألة الزراعية وواقع الريف العراقي، رغم اختلافاته وتنوع العلاقات فيه، وعن طبيعة العلاقات الإنتاجية لأسباب ثلاثة: 1) إصداري لكتابين عن هذا الموضوع ومجموعة كبيرة من البحوث والمقالات المنشورة في السبعينات وما بعدها. وأحد هذين الكتابين صدر بالاشتراك مع الدكتور مكرم الطالباني؛ و2) تدريسي لمادة الإصلاح الزراعي والاقتصاد الزراعي في الجامعة المستنصرية لعدة  سنوات ؛ و3) كنت عضواً متفرغاً في المجلس الزراعي الأعلى منذ العام 1975 حتى العام 1978 حيث تم اعتقالي من قوى الأمن العراقية بقرار من صدام حسين وإحالتي على التقاعد من دون تقاعد، إضافة إلى  قيامي بزيارات ميدانية إلى الريف واللقاء بالفلاحين والجمعيات الفلاحية. وهناك الكثير من الكتب الصادرة عن كتاب ديمقراطيين وشيوعيين ويساريين حول نفس الموضوع التي تؤيد ما أذهب إليه في هذا الصدد، ومنها كتاب الدكتور الراحل طلعت الشيباني والأستاذ عزيز سباهي. ويمكن العودة في هذا الصدد إلى الحوارات الشيقة الي جرت بين صديقي العزيز والأستاذ الفاضل الدكتور سيار الجميل وبيني بشأن هذه الموضوعات، بما فيها المسألة الزراعية والعلاقات الإنتاجية في العراق.

خلال فترة الحرب العراقية – الإيرانية وحرب الخليج الثانية وفترة الحصار الاقتصادي تراجع النظام العراقي عن سياسة الإصلاح الزراعي كلية ليكسب ثقة شيوخ العشائر والاعتماد عليهم في السيطرة على الريف وكبح جماح الفلاحين وفي السيطرة عليهم والحصول على  مساعدة هؤلاء الشيوخ لتجنيدهم لحروب النظام. وهنا عادت العلاقات الأبوية والعلاقات العشائرية وعلاقات الإنتاج التي تعتمد على العلاقة الاستغلالية القديمة بين مالك الأرض أو المستحوذ عليها، وبين الفلاح الكادح والفقير، رغم قلة من تبقى منهم في الريف.

لا شك في أن العلاقات الإقطاعية والعلاقات شبه الإقطاعية على الصعيد العالمي قد انتهت حقاً ومنذ عقود كثيرة، ولكنها لم تنته في كل الدول النامية، رغم أن ليس لمثل هذه العلاقات من مستقبل، بل هي بالية وسائرة نحو الزوال كلية، ولكن لا يمكن نكران وجودها في دول غير قليلة من دول العالم الثالث ومؤثرة على مجمل الاقتصاد الوطني واتجاه تطوره فيها وعلى سياساتها العامة. فوجودها وعدم وجودها لا يخضع لمجرى التطور الدولي وحده، بل يخضع للواقع المحلي السائد في العراق بالأساس، ولهذا من غير الواقعي الحديث عن علاقات رأسمالية في ريف العراق، بل العلاقات السائدة هي ما قبل الرأسمالية وهي المؤثرة حتى على حياة المدينة التي تراجعت بقوة بعد إسقاط النظام ألبعثي ألصدامي عبر الحرب واحتلال العراق من قبل القوات الأمريكية والبريطانية بشكل خاص باسم التحالف الدولي وإصدار قرار بهذا الاحتلال في العام 2003 من جانب مجلس الأمن الدولي والذي رُفض من الغالبية العظمى من الشعب العراقي ومن قواه السياسية، بل حتى من تلك القوى التي أيدت الحرب الأمريكية ضد النظام. وخلال السنوات الست المنصرمة التي أعقبت سقوط النظام كتبت الكثير من البحوث والمقالات بهذا الصدد. كم هو ضروري أن يذهب السيد كيله إلى العراق وإلى المدن الهامشية التي أقيمت حول محيط بغداد وأصبحت تدريجاً جزءاً منها ليطلع على أوضاع الناس هناك مثل مدينة الثورة في بغدا ليدرك طبيعة العلاقات الاجتماعية و"دور المرجعية العشائرية والمرجعية الدينية الطائفية" فيها ليقتنع بصواب ما اقوله حول بقايا تلك العلاقات على الوضع السياسي والاجتماعي العراقي. النظرية والتطور الدولي شيء والواقع القائم في العراق شيء آخر. إن المرحلة الراهنة تشير إلى ازدهار العشائرية والانتماء العشائري على حساب المواطنة العراقية المتساوية ويسعى الكثير من المسئولين إلى تكريسها، بمن فيهم رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي. وهي إشكالية ستكون لها عواقب سلبية على اتجاهات تطور المجتمع المدني في المستقبل ما لم تتخذ إجراءات جدية لتغيير القاعدة الاقتصادية في العراق وعلاقات الإنتاج البالية.

والمهمة التي تواجه الشعب العراقي وقواه الديمقراطية تتلخص في كيفية التخلص من بقايا هذه العلاقات البالية من خلال الوعي بالواقع القائم في مناطق العراق المختلفة وبالقوانين الاقتصادية الموضوعية الفاعلة والمحركة لوجهة التطور في الاقتصا والمجتمع العراقي، لكي يمكن إدخال العلاقات الإنتاجية الرأسمالية إلى الريف العراقي أيضاً، كما يفترض السعي لإدخالها في الصناعة أو في عموم اقتصاد المدينة. ورغم أن العلاقات الرأسمالية ذات طبيعة استغلالية، إلا أنها أكثر تقدماً في سلم التطور من العلاقات الأبوية أو شبه الإقطاعية وفي ظل العشائرية السائدة في العراق في الريف وفي المدن الهامشية المحيطة بالمدن العراقية التي نشأت بفعل الهجرة الفلاحية غير المنظمة والعفوية إلى المدن العراقية خلال الخمسين سنة المنصرمة. لا أدري كيف يمكن الحديث عن الاشتراكية في ظل الأوضاع السائدة في العراق؟ 

إن إنجاز مهمات النضال ضد الوجود الأجنبي وتطبيق الإصلاح الزراعي والتصنيع والاستثمار العقلاني للنفط الخام والغاز ومواردهما المالية ورفع مستوى حياة ومعيشة العائلات العراقية ومكافحة الفساد والبطالة ... الخ كان وسيبقى ضمن المهمات الوطنية والديمقراطية ذات المضمون السياسي والاجتماعي التي تواجه العراق، وهي ليست مهمات اشتراكية، بل مهمات وطنية وديمقراطية. وهذه المهمات يمكن أن تتحقق جزئياً أو كلياً عبر فئات اجتماعية عديدة، رغم التباين المحتمل في عمق الطابع الاجتماعي والسياسي الديمقراطي عند التطبيق. إذ يمكن أن تحققها البرجوازية المتوسطة أو البرجوازية الصغيرة أو الطبقة العاملة لأنها مهمات عامة ومشتركة، رغم احتمال التباين في المصالح التي تتحقق لكل من هذه الفئات. أو بتعبير أدق يمكن ان تسعى هذه الفئات إلى تنفيذها من خلال الأحزاب البرجوازية المتوسطة والبرجوازية الصغيرة والأحزاب اليسارية، بضمنها الحزب الشيوعي العراقي مثلاً. والسؤال هو : هل سيكون في مقدور هذه الفئات الاجتماعية وأحزابها السياسية إنجاز تلك المهمات؟ هذه مسألة أخرى، إذ في حالة عدم التنفيذ أو التخلف فيه يفترض النضال الفكري والسياسي لإنجازها. لا شك أن القضية التي عولجت وطرحت في مقالاتي السابقة لم تبحث في من ينفذ تلك المهمات, بل كان الحديث يجري عن مهمات المرحلة والقوى ذات المصلحة في تحقيقها، بغض النظر عن مدى استعدادها أو عجزها عن ذلك. التياسر في طرح الشعارات، يعكس في الجوهر التيامن وليس غير ذلك باعتباره هروباً إلى أمام، إذ أنه يبعد القدرة على التعاون لتحقيق المهمات وإهمال فئات كثيرة  تضطر هي الأخرى إلى إهمال قوى اليسار أيضاً، ومثل هذا الإهمال المتبادل ليس في صالح التحالفات الاجتماعية والسياسية المرحلية المهمة لإنجاز المهمات، كما أنها ليست في صالح التحولات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية والبيئية الضرورية للعراق مثلاً.   

العلاقات الإنتاجية البالية التي لا تزال موجودة في ريف العراق ليست مسألة نظرية لا يمكن متابعة وجودها وتشخيصها على أرض الواقع، فهي موجود وتفقأ العين، وبالتالي رفض الاعتراف بها لا يغير من حقيقة وجودها ودورها في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، إضافة إلى الحياة السياسية، بل يضعف القدرة على النضال ضدها. صحيح جداً أن مرحلة العولمة الرأسمالية الراهنة والمنجزات العلمية والتقنية وثورة المعلومات والاتصالات يمكنها أن تساهم في دفع وتسريع عجلة التطور في البلدان النامية، إلا أن هذا يتطلب العمل من جانب شعب هذا البلد أو ذاك وقواه السياسية الديمقراطية لاستثمار الفرص المتاحة لتطوير حياتها الاقتصادية والاجتماعية وتقليص الآثار السلبية لسياسات العولمة التي تمارسها بإصرار الدول الرأسمالية الصناعية المتقدمة على اقتصاديات الدول النامية، ومنها العراق، والذي يتجلى في سياسات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة الدولية الحرة.

لم تكن مهمة التخلص من العلاقات شبه الإقطاعية لصالح العلاقات الإنتاجية الرأسمالية خطأ في نضال الشيوعيين والديمقراطيين العراقيين لأن ذلك كان يقع في إطار المهمات المرحلية، ولكن لا يشترط ولا يحدد هذا النضال بالضرورة من يفترض أن يكون في الحكم ليحقق تلك المهمات، رغم أن الأحزاب الشيوعية في دول الشرق الأوسط، ومنها الدول العربية والعراق، لم تكن قادرة على تسلم السلطة لكي تنفذ تلك المهمات. وحين حاولت حرق المراحل بالفكر والسياسة سقطت في مطب طريق التطور اللاراسمالي الذي جرَّ على العراق الكثير من المشكلات بما فيه التحالف مع البعث الذي مارس الجريمة البشعة في العام 1963، ثم مارسها مرة أخرى بعد عودته إلى السلطة ثانية في العام 1968. وطريق التطور اللاراسمالي هو من تصورات "الحزب الشيوعي السوفييتي وكادره العلمي السياسي!" الذي أخذت به الكثير من الأحزاب الشيوعية وبعض قوى اليسار ووأحبطت به.

لا أستطيع أن أحلق في فضاء التطور الاقتصادي الرأسمالي العالمي لأرى واقع العراق الاقتصادي، بل علي أن أنطلق من هذا الواقع لأحلق في فضاء العالم المعولم لأرى كيف يمكن الاستفادة منه لصالح تقدم العراق، دون أن أنسى العودة إلى أرض الواقع العراقي مثلاً.

يبدو لي أن السيد كيله لم يدرك حتى الآن ما فعله الدكتاتور صدام حسين ودكتاتورية البعث الدموية خلال سنوات حكم البعث الصدامي بالعراق وما خلفاه من تركة ثقيلة في الوضع النفسي والاجتماعي والاقتصادي والسياسي والثقافي والبيئي، هذه التركة التي كانت نتاج سياساته المناهضة لمصالح الشعب العراقي بكل مكوناته القومية، كما أنها نتيجة حروبه ضد إيران (حرب الخليج الأولى 1980-1988)، وغزو الكويت (1990), ثم حرب الخليج الثانية في العام 1991، وبعدها حرب الخليج الثالثة في العام 2003 والحصار الاقتصادي الدولي الظالم الذي فرضته كل من الولايات المتحدة وبريطانيا على العراق منذ العام 1990 واستمراره طيلة 13 عاماً، كل ذلك قد أعاد العراق إلى فترة ما قبل التصنيع، إلى سنوات العقدين الثالث والرابع من القرن العشرين، وإلى أبعد من ذلك بالنسبة للعلاقات العشائرية والهوية الطائفية المريعة. وإذا كان التراجع على الصعيد العالمي غير ممكن بسياقات قوانين التطور الاجتماعي، فأن التراجع ممكناً في مسيرة التطور في بلد أو أكثر (حركة زگزا گية صعوداً أو هبوطاً"، وهذا بالضبط هو الذي جرى ويجري في العراق خلال العقود الأخيرة.

 يتساءل السيد كيلة: ألم تتطور العلاقات طيلة هذه العقود الستين من العلاقات الإقطاعية أو شبه الإقطاعية إلى العلاقات الرأسمالية؟ السيد كيله لا يريد، أو لا يستطيع، بحكم الفكر القومي الذي يحمله ويتجلى في طروحاته، سواء أقر بذلك أم رفضه، أن يرى أن حركة التطور قد تخلفت وتراجعت عقوداً عدة. كما أنه لا يريد، أو لا يرغب، أن يرى الفجوة الكبيرة بين مستوى التطور وتقدم حضارة الغرب وبين مستوى التخلف في الدول العربية وكذا العراق، والتي تفاقمت في العراق بعد سياساته وحروب النظام المريرة. 

كم أتمنى أن لا يحلق القوميون العرب، اليساريون منهم واليمينيون، ومنهم السيد كيله، بغض النظر عن الرداء الفكري اليساري الذي يرتدونه حسب الموقف، إذ أن المحدد لسياساتهم ومواقفهم التحليق في الفضاء دون أن تمس أقدامهم أرض الواقع. كم أتمنى عليهم أن لا يعمدوا إلى رسم سياسات غير واقعية ثم محاولة فرضها على الشعب العراقي. والسؤال الذي يراودني هو: هل يعتقد السيد كيله حقاً، وفي ظل الأوضاع الراهنة  في عراق ما عبد الدكتاتور وسيادة الطائفية ووجود قوى أجنبية .. الخ، أن على الحزب الشيوعي العراقي، ومعه قوى اليسار الأخرى، رفع شعار أخذ السلطة وطرح شعار الاشتراكية بدلاً من الرأسمالية في وقت لا تزال كل القوى الديمقراطية العراقية مفتتة ومتناحرة أحياناً غير قليلة وبعضها يتنافس مع البعض الآخر للحصول على مقاعد مجالس المحافظات بدلاً من التوافق في ما بينها، وفي وقت لا يزال الشعب العراقي يعاني من عهد الدكتاتور الدموي (35 سنة) من نواحي الوعي السياسي والاجتماعي والغيبيات السائدة ودور المرجعيات المعروفة؟ أتمنى أن لا يكون كذلك!

علينا جميعاً أن نكون واقعيين، ولن ينفع اتهام اليسار العراق باللبرالية، فهم حين يدعون إلى تنشيط القطاع الخاص والقطاع المختلط أو القطاع الأجنبي إلى جانب قطاع الدولة فهذا لا يعني أنهم ليبراليون، وحين يناضلون في سبيل الخلاص من الطائفية السياسية والقومية الشوفينية عند بعض القوى العربية وضيق الأفق القومي عند بعض القوى الكردية أو التركمانية، لأنهم يدركون مدى مخاطر ذلك على المجتمع وعلى مستقبل العراق، وحين يناضلون ضد العلاقات الإقطاعية، فهذا لا يعني أنهم ليبراليون لأنهم يتحدثون عن العلاقات الرأسمالية وليس العلاقات الاشتراكية، وبالتالي لا بد لنا جميعاً أن ندرك بأن القوى اليسارية تريد أن تعيد ثقة الجماهير بها وتلعب دورها في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والبيئية المدمرة، إضافة إلى  الحياة الاقتصادية، ومن خلال ذلك تسعى إلى تحقيق المهمات، سواء أكانت مشاركة في السلطة أم خارجها، وكلما أمكن مشاركة اليسار العراقي في السلطة وفق قراراتها المستقلة، كلما أمكن جعل السياسات أكثر واقعية وأكثر عمقاً وأكثر ضماناً لمصالح الكادحين والمنتجين في العراق، شريطة أن تكون المشاركة في الحكم تخدم مصالح الشعب والتقدم وتكافح ضد الاحتلال والتسلط والدولة الدينية وضد الفساد والبطالة وبؤس الفئات الاجتماعية ..الخ.   

إن الطريق طويل، ولكن لا بد من خوض النضال وهو آت لا ريب فيه!

انتهت الحلقة الثانية وتليها الحلقة الثالثة 

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com