عراقي .. اما آن لي أن استريح؟!

 

سارة الطائي

مضى على تخرجي ثلاث سنوات وأنا بإنتظار أن تتحقق أمنيتي وأمنية كل المتخرجين من جميع الكليات والمعاهد الا وهي التعيين ثلاث سنوات وأنا منتظرة ان تظهر معجزة في حياتي تنتشلني من واقعي الى واقع جديد آخر يحلم به كل خريج أن يتعين وعليه سيبدأ بناء حياته ومستقبله.

علماً ان هناك الآلاف غيري مضى على تخرجهم أكثر من خمس أو سبع وحتى العشر سنوات وجميعهم مثلي بإنتظار ذات المعجزة علها تأتي في يوم من الايام.

 قد تكون مشكلتي بسيطة وأنا أجزم أنها بسيطة بحكم أني فتاة والفتاة في مجتمعنا الإسلامي عامة والعراقي خاصة تكون غير مسؤولة عن الجانب المادي من الحياة -الا فيما ندر- لكن المصيبة الأكبر والأعظم تقع على عاتق الرجل لكونه قوّام ومسؤول عن هذا الجانب المادي. عليه توفير إحتياجاته وإحتياجات من هو مسؤول عنهم. كيف يكون له هذا في وطني؟! ... كيف يكوّن اسرة؟!... كيف يبني عائلة؟!.... كيف تتحقق احلامه وآماله وطموحاته؟!... وألف كيف أخرى تنغص عليه صفو عيشه. فهل هناك من يجيبني أو يفكر حتى مجرد التفكير في الإجابة عن تساؤلاتي. 

ليضع المسؤول نفسه مكان من تعب وثابر وأكمل الدراسة مكان من نحت صخر الأرض بأنامله ليجد نفسه بائعا متجولاً أو مفترشاً أحد الأرصفة يبيع السكائر -هذا إن وجد مكاناً ليفترشه- ترى كيف يكون شعور هذا المسؤول؟!.

لو وضع هذا المسؤول نفسه مكان الأب أو الأم اللذان عانا ما عانا ليوصلا ابناءهما الى المعهد أو الكلية وهما يبنيان الآمال على تخرج ابنائهما: (سيتخرج ولدي... سيعينني في كِبَري... سأجني ماتعبت لأجله السنوات الماضية). وجاء وقت الحصاد وتخرج الولد وطرق باب التعيين ليجد نفسه أمام باب موصد لايفتح - طبعاً امام البعض مغلق ومفتوح أمام البعض الآخر. مفتوح أمام أصحاب الواسطة وأصحاب الهدية...!.

أما من واسطته الله والذي يعمل بقول رسوله: (لعن الله الراشي والمرتشي والساعي بينهما) سيجد أن هذا الباب موصودٌ!... موصودٌ!... موصودٌ!... في وجهه الى متى لانعلم طبعاً- لو وضع المسؤول نفسه مكان الأب وإبنه لوجد الحل لهذه المشكلة وبسرعة البرق.

 لو دخل هذا المسؤول أحد دوائر الدولة أو أحد مدارسها وتجول في أروقتها ونظر في وجوه العاملين فيها لرأى أن أكثر من 70% من العاملين في هذه الأماكن قد تجاوزت أعمارهم الستين سنة ومازال يمارس عمله حتى وان كان لا يؤديه بالشكل الصحيح حتى أنه لا يفكر في التقاعد ليفسح مجالاً لمن تخرجوا حديثاً ليبدئوا دورهم في إعادة إعمار العراق وما أشد حاجة العراق لجهود شبابه في هذه المرحلة. لو دخل المسؤول هذه الدوائر والمدارس لوجد الحل لهذه المشكلة.

 مافات فات دعونا نبدأ صفحة جديدة أناشد فيها كل المسؤولين وأصحاب القرار أن يحتضنوا شباب العراق.. أن يوفروا لهم فرص العمل.. أن يساعدوهم على أن يمارسوا دورهم الطبيعي في بناء العراق سواء بتوفير فرص التعيين وبصورة عادلة وللجميع دون التفرقة بين هذا وذاك أو بمساعدتهم على فتح مشاريع تخدم المجتمع وتقلل نسبة البطالة فيه بإعطائهم قروض أو منح دون التفريق بين الذكر والأنثى فالكل في خدمة العراق سواء.

أناشدهم أن يحددوا فترة زمنية معينة عند إنقضائها يحال الموظف الى التقاعد بغض النظر عن عمره أو إن كان قادراً على مواصلة العمل أم لا ليتمكن غيره من أداء دوره في خدمة العراق. والمواطن العراقي يستحق بعد الذي عاناه أن نفكر ولو قليلاً بمساعدته ليحيى حياة كريمة عادلة تنصفه وتعطيه حقوقه.

 أناشدك يا وطني... يا عراقي... يا أملي... وأستحلفك بالأجساد الطاهرة التي يحويها ثراك أما آن الأوان لأمانينا ان تتحقق؟!... أما آن الأوان لنا لنستريح؟!.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com