السيد عامر الحسني

Iraq4Iraqis@googlegroups.com

ذكرت بعض كتب النوادر بان الشاعر أبو نؤاس كان يسير في أحد أزقة بغداد حاملاً زجاجة نبيذ أحمر، وصادف أن مر موكب هارون العباسي الذي لقبوه بـ (الرشيد), فخاف وحاول أن يخفي الزجاجة خلف ظهره، فشاهده هارون وقال له ما بيدك يا أبا نؤاس، فقال أبو نؤاس إنها زجاجة لبن يا مولاي، فأمره هارون بإخراجها من خلف ظهره، فاخرج أبو نؤاس الزجاجة خائفاً فإذا هي خمر، إلا إن أبو نؤاس حاول أن يغير نبرة الكلام إلى سفاهة ليكسب رضا هارون، فقال يا مولاي لقد استحى اللبن عندما رآك وتورد من الخجل فانقلب لونه أحمر .

إن ما يريد أن يقوله أصحاب محمد بن عبد الوهاب ومن تعاطف معهم من مبغضي الشيعة هو كحال أبو نؤاس، فهم يخفون الخمر ويدعون بأنه لبن، فلقد بني مذهبهم على حرف الحقائق، والمؤسف بان الجميع قد صدقوهم، لكنهم ( يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ).

في محنة غزة، وفي غمرة السحق الإسرائيلي لها الذي خلف دماراً هائلاً وصفه أحدهم بأنه زلزال بقوة تسع درجات، وفي يوم الخميس 18 محرم 1430هـ  14 كانون الثاني / يناير 2009 ظهر على قناة الأقصى التابعة لحركة حماس أحد شيوخ الوهابية، رجل مغمور أسمه بدر بن نادر المشاري تهجم فيه على الشيعة وحزب الله الذي نعته بحزب الشيطان والسيد حسن نصر الله الذي سماه بحسن نصر الشيطان .

فما الذي دعا هذا الشيخ إلى التحامل على الشيعة ؟، ولقد أصدرت حركة حماس بياناً اعتذرت فيه عن الإساءة التي صدرت عن هذا الشيخ من على قناتها، ولم تذكر أسم الذي تعتذر منه ولا الجهة التي تريد الاعتذار منها، ولا أسم من تمت الإساءة إليه، وهو حل ذكي !

ونحن لا نريد أن نتجنى على أحد، وقبل أن نقول من نحن، لنقرأ هذه الأسطر عن مؤسس الدين الوهابي، حتى نكون من المنصفين .

ولد محمد بن عبد الوهاب مؤسس المذهب الوهابي في عام  1703  في مدينة العينية من نجد من شبه الجزيرة العربية، ويلقب بـ ( الوهيبي ) نسبة إلى جده وهيب جد الوهبية، والوهبية يجتمعون في محمد بن علوي بن وهيب، و هم بطن كبير من حنظلة .

وتم طرده من العيينة عام 1747 وتوجه إلى الدرعية مقر آل سعود. وهناك التقى بأمير الدرعية محمد بن سعود، وعرض محمد بن عبد الوهاب دعوته على محمد بن سعود فقبلها، وتعاهدا على نشر الحركة الوهابية في جميع أرجاء شبه الجزيرة العربية وتمكنوا من بسط نفوذهم على مكة والمدينة وقرروا نشر دعوتهم بقوة السيف .

فدخل أتباع عبد الوهاب مكة، وهدموا الكثير من القباب الأثرية في مكة، كقبة السيدة خديجة عليها السلام، وقبة كانت على المكان الذي ولد فيه النبي صلى الله عليه وآله وقبور أئمة أهل البيت عليهم السلام في البقيع .

وفي إحدى رحلات بن عبد الوهاب إلى العراق، كان بصحبته المستشرق الفرنسي (سيرويا بوازار Poizar Serouya) الذي رافقه إلى البصرة عام 1728 ولم يدر في خلد بوازار آنذاك بان رفيق سفره بن عبد الوهاب سوف يكن له شأن في التاريخ الإسلامي، حيث لاحظ في حينها علامات غريبة على ذلك الشاب وهم في الطريق إلى البصرة حيث كان يقوم بحركات أنثوية أثارت استغرابه .

فقد ورد في كتاب "حاضر العالم الإسلامي" للمؤلف الأمريكي "لوثروب ستودارد" Lothrop Stoddard ص60  نقلاً عن (بوازار) الذي يصف فيه حال بن عبد الوهاب أثناء السفر : كان الشاب كثير النظر إلى صدره، وينظر لي بنظرات حميمة، وعندما نصل إلى مكان فيه ماء، يطيل النظر إلى وجهه في صفحة الماء، ولم أشك حينها بشئ، حتى وصلنا إلى البصرة في منطقة تسمى الزبير، ... استقر هناك فترة من الزمن ... وعرفت أشياء كثيرة.... عنه ."

لقد أطال (بوازار) الحديث عن بن عبد الوهاب، وقال الكثير إلا أننا أحجمنا عن ذكر ما قاله لكي لا نخدش الحياء العام .

هذه المقدمة أوردناها للإشارة إلى حركة ظهرت في شبه الجزيرة العربية ومن خلال تحالف قبلي همجي وخطير ما بين بن عبد الوهاب ومحمد بن سعود تمكنوا من خلاله أن يؤسسوا كيان غاصب في شبه الجزيرة العربية يسمى اليوم بـ ( المملكة العربية السعودية ) أستطاع حكامه وبمساعدة الدول الغربية التي ارتبطت معه بمصالح اقتصادية أن يفرضوا حكماً مستبداً استمر أكثر من سبعة عقود، كان المتضرر الأول منه وضحاياه هم الشيعة من أتباع أهل البيت عليهم السلام .

وأسس الكيان السعودي مجلساً لرجال الدين من الوهابيين عرف باسم مجلس اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء . ومن شخصيات هذه اللجنة (ناصر بن سليمان بن محمد العمر) المشرف العام على موقع المسلم والذي هو الآخر أراد أن يقول بان الذي لدينا لبناً وليس خمراً.

لقد تجنى هذا الرجل أيضاً على شيعة أهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام، وهذا الشيخ هو الآخر قد حامت حوله شبهات كثيرة، كما انه يقوم بحركات واضحة تماثل حركات صاحبه بن عبد الوهاب في رحلته مع المستشرق الفرنسي، ومن يدقق في الفلم المرفق مع هذا الخبر سيكتشفها حتماً .

قال الصادق (ع) : إنّ الرجل ليحبّكم وما يدري ما تقولون فيُدخله الله الجنّة، وإنّ الرجل ليبغضكم وما يدري ما تقولون فيُدخله الله النار، وإنّ الرجل منكم ليُملأ صحيفته من غير عمل، قيل له : وكيف يكون ذاك ؟.. قال : يمرّ بالقوم ينالون منا فإذا رأوه قال بعضهم لبعض : إنّ هذا الرجل من شيعتهم، ويمرّ بهم الرجل من شيعتنا فينهرونه ويقولون فيه، فيكتب الله عزّ وجلّ بذلك حسنات حتى يملأ صحيفته من غير عمل .(المصدر: بحار الأنوار العلامة المجلسي ج 69 )

وروي في كتاب مجالس المفيد ص 145 مسنداً عن أبا المعتمر قال : دخلت على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) وهو في الرحبة متّكئ، فقلت : السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته !..كيف أصبحت ؟.. فرفع رأسه وردّ عليّ وقال :

أصبحت محبّا لمحبّنا، مُبغضا لمن يبغضنا، إنّ محبّنا ينتظر الروح والفرج في كلّ يومٍ وليلة، وإنّ مبغضنا بنى بناءً فأسس بنيانه على شفا جرفٍ هارٍ، فكان بنيانه هارٍ فانهار به في نار جهنم ..

يا أبا المعتمر !.. إنّ محبّنا لا يستطيع أن يبغضنا، قال : ومبغضنا لا يستطيع أن يحبّنا، إنّ الله تبارك وتعالى جبل قلوب العباد على حبّنا وخذل مَن يبغضنا، فلن يستطيع محبّنا يبغضنا، ولن يستطيع مبغضنا يحبّنا، ولن يجتمع حبّنا وحبّ عدونا في قلب أحدٍ :

{ ما جعل الله لرجلٍ من قلبين في جوفه }، يحبّ بهذا قوماً ويحبّ بالآخر أعداءهم .

وليس بالغريب لشخص نصب العداء لأهل البيت عليهم السلام أن تجد فيه هذه الصفات، لا بل من المؤكد إن تكون فيه، وهي تصديق لحديث الإمام علي عليه السلام حيث قال :

((لا يحبني ثلاثة: ولد الزنا، ومنافق، ورجل حملت به امه في بعض حيضها)).

لقد تحامل هذا الرجل على شيعة أهل البيت عليهم السلام لا لشئ سوى كونهم من شيعة علي عليه السلام، ففي الوقت الذي تضرب فيه غزة بجميع الأسلحة المحرمة وغير المحرمة ولا من مدافع ولا من ناصر من أهلهم، صمت الجميع، حتى الملوك والعلماء، واسقط ما في أيديهم، وصبوا جام غضبهم على الشيعة، في موقف غريب جداً،لا يوجد له تفسير

لقد غاب الكثير عن مسلمي العالم ما قاله لهم نبيهم صلى الله عليه وآله عن شيعة علي عليه السلام، فلو أنهم عرفوا لأسفوا حقاً عما بدر منهم بحق الرافضة، ولكن اعتذارهم كان من النوع (الحماسي)، كما هو فعلهم في ساحات القتال . فاسمعوا ما يقوله الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله عن الشيعة والذي ينقل الحديث هو أحد علمائهم, وهو ابن عساكر، علي بن الحسن ابن هبة بن عبد الشافعي، حيث جاء في كتابه تاريخ مدينة دمشق، الجزء الثاني والأربعون، دار الفكر، الطبعة الأولى 1996، ص64 _ ص 65، (ترجمة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ) حديث رقم 8410  قال :

عن عبيد بن مهران العطار, عن يحيى بن عبد بن الحسن، عن أبيه, عن جعفر بن محمد عن أبيهما عن جدهما قالا : قال رسول (صلى الله عليه وآله ) : إن في الفردوس لعيناً ماؤها أحلى من الشهد وألين من الزبد وأبرد من الثلج وأطيب من المسك، فيها طينة طيبة خلقنا الله منها، وخلق شيعتنا من فضلتها، فمن لم يكن من تلك الطينة فليس منا ولا من شيعتنا، وهي الميثاق الذي أخذ الله - تعالى ذكره - عليه ولاية علي وأهل بيته عليهم السلام.

قال عبيد بن مهران : فذكرت لمحمد بن حسين هذا الحديث، فقال : صدقك يحيى بن عبد، هكذا أخبرني أبي عن جدي عن النبي صلى الله عليه وآله .

فهنيئاً لشيعة أهل البيت عليهم السلام على هذه البشارة، فهم حزب الله كما سماهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) حينما قال لعلي عليه السلام: (يا علي، لكَ كنزٌ في الجنة، وأنت ذو قرنيها، شِيعتُكَ تُعرَف بحِزبِ الله) .

وهذا الختام رواية طويلة ولكنها كبيرة، وهي كنز وهبه الله تعالى لنا وسلمه لنا الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله، فلا تبتئسوا يا شيعة علي عليه السلام .

جاء في كتاب الكافي الجزء الثامن ص 51 عن محمد بن سليمان عن أبيه كنت عند أبي عبد الله (ع) إذ دخل عليه أبو بصير وقد حفزه النفس، فلمّا أخذ مجلسه قال له أبو عبد الله (ع): يا أبا محمد !.. ما هذا النفَس العالي؟.. فقال:

جُعلت فداك يا بن رسول الله !.. كَبُرت سنّي ودقّ عظمي واقترب أجلي مع أنّني لست أدري ما أرِد عليه من أمر آخرتي ؟..

فقال أبو عبد الله (ع) : يا أبا محمد !..وإنّك لتقول هذا؟.. قال: جُعلت فداك!.. فكيف لا أقول ؟.. فقال : يا أبا محمّد!.. أما علمت أنّ الله تعالى يُكرم الشباب منكم ويستحي من الكهول؟.. قلت:

جُعلت فداك !.. فكيف يُكرم الشباب ويستحيي من الكهول؟..

فقال : يُكرم الشباب أن يعّذبهم، ويستحي من الكهول أن يحاسبهم .. قلت : جُعلت فداك !.. هذا لنا خاصّة أم لأهل التوحيد ؟.. فقال (ع) :

لا والله إلاّ لكم خاصّةً دون العالم، قلت : جُعلت فداك !..فإنّا نُبزنا نبزاً انكسرت له ظهورنا، وماتت له أفئدتنا، واستحلّت له الولاة دماءنا في حديث رواه لهم فقهاؤهم .. فقال أبو عبد الله (ع) : الرافضة ؟..

قلت : نعم، قال : لا والله ما هم سمّوكم، ولكنّ الله سمّاكم به .

أمَا علمت يا أبا محمد!.. أنّ سبعين رجلاً من بني إسرائيل رفضوا فرعون وقومه لمّا استبان لهم ضلالهم، فلحقوا بموسى (ص) لمّا استبان لهم هداه، فسُمّوا في عسكر موسى الرافضة لأنّهم رفضوا فرعون، وكانوا أشدّ أهل ذلك العسكر عبادةً، وأشدّهم حبّاً لموسى وهارون وذرّيتهما (ع) .. فأوحى الله عزّ وجلّ إلى موسى أن : أثبت لهم هذا الاسم في التوراة !.. فإنّي قد سمّيتهم به ونحلتهم إيّاه، فأثبت موسى صلى الله عليه الاسم لهم، ثمّ ذخر الله عزّ وجلّ لكم هذا الاسم حتى نحِلكموه .

يا أبا محمّد !.. رفضوا الخير ورفضتم الشرّ، افترق الناس كلّ فرقة، وتشعّبوا كلّ شعبة، فانشعبتم مع أهل بيت نبيّكم (ص) وذهبتم حيث ذهبوا، واخترتم مَن اختار الله لكم، وأردتم مَن أراد الله، فأبشروا ثمّ أبشروا فأنتم والله المرحومون، المتقبَّل من محسنكم، والمتجاوَز عن مسيئكم، مَن لم يأت الله عزّ وجلّ بما أنتم عليه يوم القيامة لم يتقبّل منه حسنة، ولم يتجاوز له عن سيئة، يا أبا محمد فهل سررتك ؟!.. قلت : جُعلت فداك !..زدني .

فقال: يا أبا محمّد !.. إنّ لله عزّ وجلّ ملائكة يُسقطون الذنوب عن ظهور شيعتنا، كما يُسقط الريح الورق في أوان سقوطه، وذلك قوله عزّ وجلّ: {الذين يحملون العرش ومن حوله يسبّحون بحمد ربّهم ويستغفرون للذين آمنوا}، استغفارهم والله لكم دون هذا الخلق، يا أبا محمّد !.. فهل سررتك؟!.. قلت : جُعلت فداك !..زدني .

قال : يا أبا محمّد !..لقد ذكركم الله في كتابه، فقال: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم مَن قضى نحبه ومنهم مَن ينتظر وما بدّلوا تبديلاً }، إنّكم وفيتم بما أخذ الله عليه ميثاقكم من ولايتنا، وإ%

--

اللّهُمّ صَلّ عَلى مُحَمّدٍ وَآلِ مُحَمّدٍ الفُلْكِ الجَارِيَةِ فِي اللُّجَجِ الغَامِرَةِ يَأمَنُ مَن رَكِبَهَا وَيَغْرَقُ مَن تَرَكَهَا المُـتقـَدِمُ لَهُمْ مَارِقٌ وَالمُتَأخِرُ عَنـْهُم زَاهِقٌ واللاّزِمُ لَهُمْ لاحِقٌ

اَللّهُمَّ الْعَنْ اَوَّلَ ظالِم ظَلَمَ حَقَّ مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد وَآخِرَ تابِع لَهُ عَلى ذلِكَ

قال علي (ع ) نْسُبَنَّ الاْسْلاَمَ نِسْبَةً لَمْ يَنسُبْهَا أَحَدٌ قَبْلِي:

الاْسْلاَمُ هُوَ التَّسْلِيمُ، وَالتَّسْلِيمُ هُوَ الْيَقِينُ، وَالْيَقِينُ هُوَ التَّصْدِيقُ، وَالتَّصْدِيقُ هُوَ الاْقْرَارُ، وَالاْقْرَارُ هُوَ الاْدَاءُ، وَالاْدَاءُ هَوَ الْعَمَلُ

ان أمرنا صعب مستصعب, لايحمله الا عبد مؤمن امتحن الله قلبه للايمان, ولايعي حديثنا الا صدور أمينة وأحلام رزينة