|
حقيقة الغزل بين الضاري والمالكي
عبدالحسين الموسوي نشهد هذه الأيام جدلاً واسعا من خلال المنابر الصحفية، وكذلك الفضائيات والمواقع الالكترونية بين هيئة علماء المسلمين ممثلة بالشيخ حارث الضاري وبين الجهاز الإعلامي لمكتب رئيس الوزراء نوري المالكي. ففي يوم الثلاثاء 3/2/2009 أصدر مكتب المالكي تصريحا صحفيا نفى فيه أن يكون قد طلب اللقاء بالضاري ... وهو ما كشفه الضاري خلال مقابلة أجرتها معه قناة البغدادية الفضائية في 2/2/2009. الغريب أن طرفي هذه القضية كانا يتكتمان بشدة على تلك الاتصالات حتى ذلك التاريخ وطالما أنها لم تكن قد تسربت إلى وسائل الصحافة والإعلام... ولكنهما وفور انفضاح أمر هذه الاتصالات تصرفا وكأنهما يمسكان بالجمر فانطلقت التصريحات النارية لتفضح مرامي الطرفين ... إن المتتبع لتطورات الوضع السياسي العراقي قد يتفاجأ عندما يجد أن هناك الكثير من القواسم المشتركة بين الضاري والمالكي على الرغم من اختلافهما في قضايا أساسية وخطيرة أخرى. ومن ابرز القواسم بينهما على الجانب الشخصي نزعتهما الدكتاتورية واحتقار الآخرين وحتى من الحلفاء. ويمكننا القول انه بعيدا عن كون احدهما يقف على قمة هرم السلطة، في حين يسعى الآخر لتسويق نفسه كرمز للمعارضة له ... إلا أن قواسمهما المشتركة قد تكون هي التي دفعتهما لفتح قنوات الاتصال سواء تلك التي كُشف عنها أو التي لم يُكشف عنها. ومن ابرز هذه القواسم المشتركة بعد نزعتهما الدكتاتورية هي عداءهما السافر لثلاثة من القوى السياسية الفاعلة في الساحة العراقية حالياً، وهي المجلس الأعلى الإسلامي، الحزب الإسلامي العراقي، والتحالف الكردستاني ... وإذا كان الضاري قد انتقد هذه الأطراف الثلاثة في سياق هجومه المتواصل على العملية السياسية والأطراف الممثلة فيها فان المالكي بالمقابل قد استخدم كل ما يملكه من إمكانيات السلطة وأساليب المناورة لإضعاف تلك الأطراف سواء كانت على صعيد النظام السياسي أو على صعيد وجودها على الأرض... ومن المعلوم أن المالكي قد دأب على الإيحاء للضاري بإمكانية أن يحل محل القيادات العربية السنية المشاركة في العملية السياسية في الوقت نفسه الذي عمل هو ـ أي المالكي ـ في إضعاف القوى المشاركة في العملية السياسية جميعاً... إننا في المجلس الأعلى الإسلامي ـ وربما يوافقنا الرأي أوساط عديدة في التيار الصدري والتحالف الكردستاني، وكذلك العرب السنة لاسيما في الحزب الإسلامي ـ ومن خلال تجربتنا مع المالكي طيلة السنوات الخمسة الماضية يمكننا أن نقول للضاري بأن المالكي لن يعطيك شيئا، وسيستخدمك لأغراض تكتيكية ليضرب بك القوى الأخرى قبل أن يضربكم ويشوه سمعتكم وتأريخكم، وستكتشف بعد فوات الأوان انك كنت تطارد خيط دخان!!. فقد استغل المالكي كل إمكانات الدولة لضرب جميع حلفائه وخصومه على حد سواء بدءاً بالعمليات المسلحة في البصرة في آذار 2008 وما تلتها من عمليات شملت بقية المحافظات، وانتهاءا بإنشاء ما يسمى بـ (مجالس الإسناد) لشراء ذمم العشائر. ولم يعد المالكي يجد أي حرج من إظهار دكتاتوريته وسعيه في تهميش الآخرين، بل انه استخدم كل الوسائل المتوفرة لإضفاء صفة الشرعية على تلك الدكتاتورية. إننا من خلال تجربنا المريرة القريبة ننصح الضاري وغيره بأن لا يضعوا أنفسهم بمثابة مخلب قط يستخدمه المالكي لضرب القوى الوطنية الأخرى ... يكفيكم أن تنظروا إلى ما فعل المالكي بحلفائه المقربين ... !! يكفيكم النظر إلى وزراء حكومته الذين جردهم من أي صلاحيات لتعلموا حقيقة إنكم أمام دكتاتور جديد صنعه الاحتلال...!!. وأخيراً أقول للضاري ولغيره أن هناك طريق واحد للتغيير في العراق، وهو أن تعملوا اولاً على ترتيب أوضاعكم مع القوى السياسية المعارضة لجبهة المالكي لتضعوه أمام أمر واقع جديد ومن ثم تنتزعون منه ما تريدون.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |