|
على ضوء الانتخابات المحلية في العراق .. بزوغ فجر المساءلة .. وتفكك "دولة الطوائف"!؟
محمود حمد اظهرت العملية الانتخابية في العراق بمكوناتها الثلاث (الحملة الانتخابية) و(العملية الانتخابية) و(النتائج الاولية للانتخابات)، معطيات مهمة ينبغي اضاءتها وتأشيرها والتوقف مَلياً عندها. كان من ابرز مؤشرات الحملة الانتخابية: 1. تفكك الكتل الطائفية الكبيرة. 2. تنامي ثقة الناخب بقدرة صناديق الاقتراع على التغيير السياسي والخدمي. 3. اختباء الحركات الطائفية المتشنجة خلف وعود " وطنية " تضليلية غامضة. 4. تزايد ثقة المواطن ( الفرد ) بقدراته القيادية المستقلة على التغيير من خلال تزايد عدد المرشحيين المستقلين ( وجميعهم من الداعين للدولة المدنية ). 5. بدء انقشاع غمامة التخويف الطائفي من الآخر. 6. استفاقة قطاعات واسعة من السكان من وباء التضليل الطائفي الذي اقحمهم في الصراع الدموي. 7. فشل الغالبية العظمى من اعضاء المجالس المحلية نتيجة عدم الكفاءة او عدم النزاهة. 8. عدم ترشيح الغالبية العظمى من اعضاء المجالس السابقة لانفسهم في الدورة الانتخابية الحالية ،اقرارا منهم لفشلهم وهزيمة المشروع المحاصصي الذي جاء بهم الى ادارة المحافظات. 9. بروز دور العشائر كحاضنة سياسية للقوى الاجتماعية التي لم تحسم موقفها او تنتمي الى حركة سياسية ، نتيجة عجز الاحزاب السياسية المشاركة بالعملية السياسية في كسب تلك القوى الاجتماعية لتوجهاتها. 10. انبثاق وانتشار ( ثقافة وممارسة ) الرقابة الشعبية على الانتخابات كمؤشر على تنامي الوعي الديمقراطي المجتمعي والحرص على نزاهة التجربة الديمقراطية. 11. انفضاح ذرائع _ التنافقات _ بين المتحاصصين ، التي نخرت جسد المجتمع والدولة خلال السنوات الماضية. 12. تستر المتحاصصين بشعارات " لَعِنْ " المحاصصة ، رغم تشبثهم بمنافعها وغنائمها الرخيصة! 13. انكشاف القدرات الفردية المتدنية للمسؤولين المحليين ازاء المهام الرقابية والتنفيذية التي اقتضتها المرحلة السابقة. 14. التباين الفاضح بين الامكانيات المادية للمتنافسين خلال الحملة الانتخابية ، وغياب التشريع الذي يضبط مصادر الدعم المالي للحملات الانتخابية. 15. تنامي روح المسؤولية والانضباط الوطني لدى اجهزة الجيش والشرطة خلال حماية الحملات الانتخابية، واظهار موقفها ـ المحايد النسبي ـ بين المتنافسين. 16. مجاهرة الناس بإدانة اعضاء المجالس السابقين الفاسدين والتحذير من استبدالهم بفاسدين جدد ، وعجز الداعمين لاعضاء المجالس السابقة عن الدفاع عنهم وتبرير دورهم المتخلف في عملية التنمية الحضرية.! ان القوائم الفائزة ـ بالمرتبة الاولى ـ في الجنوب والوسط والشمال بإستثناء كردستان وكركوك ..على اختلاف عقائدها وطوائفها وعروقها وجذورها المعرفية فإ نها تتفق على: 1. رفض الفدرالية الطائفية. 2. ضرورة تعديل الدستور. 3. رفض المحاصصة الطائفية السياسية (في العلن على الاقل ). 4. ضرورة وضع مسافة واضحة بين الدولة العراقية الجديدة والتجربة الايرانية. 5. اهمية الاقتراب من المحيط العربي. 6. حتمية تنفيذ خطة انسحاب القوات الامريكية من العراق وفق متطلبات الواقع الميداني. 7. رفض اقامة القواعد العسكرية الاجنبية في العراق . 8. رفض مشروع الشرق الاوسط الكبير بكل تشعباته الهدامة. 9. الالتزام بتطبيق الدستور بشأن دور الحكومات المحلية وحكومة اقليم كردستان و الحكومة الاتحادية. وقد اظهرت الانتخابات الاخيرة تحولا جذريا وتأييدا واضحا، بالمقارنة مع انتخابات 2005 ـ على جميع الاصعدة الدولية والعربية والاقليمية والمحلية: · فقد شهدت مشاركة مباشرة وفعالة من الامم المتحدة ، وفي جميع مراحل الاعداد والتنفيذ والاشراف لاوالتدقيق والفرز ..واقرارا بنزاهتها وشرعيتها. · تأييدا ومشاركة ـ بالرقابة والمشورة ـ من المجموعة الاوربية ، ودعما لنتائجها. · دعما ومشاركة ـ في الرقابة ـ من الجامعة العربية ، واقرارا بنزاهتها. · انخفاضا لصوت التشكيك من قبل الدول ( الرافضة للاحتلال ) ، المعادية للعملية السياسية في العراق. · قبولا عاما من المتنافسين في الانتخابات على اختلافهم وقلة عدد المعترضين والمشككين ، وانخفاض مستوى الطعون. · نجاح هيئة الانتخابات المستقلة في الاعداد وتنظيم واجراء الانتخابات ، رغم الملاحظات الواردة بشأن حرمان عشرات الالاف من التصويت نتيجة اخطاء فنية يتحمل الناخب جزءا كبيرا منها. وسوف تؤدي نتائج الانتخابات وفق الارقام الاولية المعلنة الى جملة من التغييرات المتوقعة ، على المستويات السياسية والادارية والمجتمعية والمعرفية والتنظيمية والقانونية والهيكلية: 1. سنشهد انخفاض نبرة الخطاب الطائفي ، وتصاعد نبرة الخطاب القومي. 2. سنلمس انحسار ـ نسبي ـ للهيمنة الدينية على الأداء الحكومي. 3. ستتفكك التحالفات ـ على المستوى الوطني ـ التي بنيت وفق ـ التنافقات الطائفية ـ والعرقية لصالح تحالفات ـ سياسية مطلبية ـ جديدة. 4. سيتزايد تحرك دبلوماسية الشركات الاحتكارية الكبرى في اروقة الدولة العراقية. 5. سينفرط عقد الحلفاء لامريكا ـ الذي جاء مع الاحتلال ـ وتتصاعد نبرة التخلي عن مسؤولياتهم تجاه تداعيات الاحتلال والكوارث التي سببها. 6. سيتصاعد الخطاب الداعي للعفو عن ـ الارهابيين ـ باسم المصالحة الوطنية. 7. ستتصاعد الخلافات بين الحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم بعد فوز التيارات ( المعارضه ) للتيار القومي الكردي في جميع المحافظات الاربع عشرة التي جرت فيها الانتخابات. 8. سيتم ابعاد – او اضعاف دور - التحالف الكردستاني في ادارة محافظة نينوى ، بعد ان كان مهيمنا عليها في الدورة السابقة.نتيجة فوز الكتلة العربية المعارضة بقيادة السيد اسامة النجيفي ( وزير الصناعة السابق في حكومة الدكتور أياد علاوي وعضو البرلمان الحالي). 9. اضعاف قبضة الاحزاب الموالية لايران في ادارة البصرة لصالح ائتلاف السيد نوري المالكي وحلفائه. 10. تراجع تأثير حزب السيد الحكيم ـ ونهجه الطائفي ـ على محافظات الجنوب والوسط. 11. تراجع هيمنة جبهة التوافق ـ السنية ـ في محافظات نينوى والانبار وصلاح الدين وديالى. 12. بروز تحالفات جديدة بين تيارالسيد المالكي ( ائتلاف دولة القانون ) والتيارات الاخرى في محافظات الوسط والجنوب العشر بما فيها العاصمة بغداد وفق رؤية – حكومية - ، وإستمرار هيمنة القوى المنضوية تحت لواء الإئتلاف الشيعي على تلك الادارات المحلية. 13. انتهاء مرحلة سلطة حزب واحد على ادارة اية محافظة والحاجة الى التحالفات والتنازلات المتبادلة لصالح الميل الذي يحافظ على الناخبين حتى الانتخابات البرلمانية المقبلة ، مما سيفرض واقعا سياسيا متنوعا وفق حجم وطبيعة القوى الفائزة في كل محافظة. 14. تنامي الدور الشعبي الرقابي الذي يهدد القوى السياسية التي تنكث بوعودها الانتخابية باسقاطها في الجولة البرلمانية المقبلة بعد اقل من سنة. 15. اعادة خارطة التحالفات السياسية على المستوى الوطني لصالح نهج رئيس الحكومة . 16. بروز مظاهر جديدة لقوة الدولة وهيبتها، مما سيعزز الامن والاستقرار. 17. اجراء عمليات تغيير واسعة للقيادات التنفيذية ( المحافظين ورؤساء مجالس المحافظات والاداريين الاساسيين ) في المحافظات التي جاءت فيها تلك الادارات المحلية الى الادارات الحكومية وفق مبدأ المحاصصة البغيض. 18. ستتعقد عملية اختيار رئيس جديد لمجلس النواب نتيجة ظهور قوى فاعلة في المكون السني وفق مبدأ المحاصصة في الرئاسات الثلاث.( العشائر في الانبار، والسيد صالح المطلك ، والسيد اسامة النجيفي كمنافسين للحزب الاسلامي الذي سيخسر العديد من مواقعه المحلية ، ومن المتوقع ان يخسر مناصبه السيادية في الحكومة الاتحادية اذا بقي بنفس الاداء والمنهج والرؤية). 19. ستتفاقم رائحة الفساد الاداري والمالي من جثة المجالس السابقة ، وستظهر العديد من التهم الموجهة لاعضائها ومسؤوليها التنفيذيين. 20. سيتفاقم الخلاف في ديالى وسيستمر عدم الاستقرار الامني، نتيجة التباين في وجهات النظر بين المجموعات العربية والكردية ( الفائزة) من جهة ، وبسبب التعاطف السابق من قبل عدد من المرشحين الفائزين مع بعض الجماعات المسلحة. 21. ظهور تجربة جديدة ستكون قدوة للآخرين في حالة نجاحها في ادارة محافظة كربلاء ، متمثلة بفوز المرشح المستقل يوسف الحبوبي بالمرتبة الاولى في انتخابات محافظة كربلاء على اكبر الكتل الدينية الطائفية ، الذي حصل على اكثر من خمسين الف صوت بما يعادل سبعة مقاعد في المجلس ، رغم انه سيحصل على مقعد واحد لعدم وجود مرشحين آخرين على لائحته. 22. سيتزايد دور الجيش والشرطة كمؤسسات وطنية. ان انتخابات المحافظات على اهميتها وتأثيرها المتوقع على حياة الناس الخدمية ، الا انها تعد درسا متقدما في صيرورة الثقافة والممارسة الانتخابية ، وخطوة مجتمعية متقدمة صوب الانحياز الى صناديق الاقتراع كوسيلة للتداول والتغيير والتنمية السياسية والوطنية العامة.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |