|
الحسين مشروع حضاري -1-
هلال آل فخرالدين (1) في رحاب التظاهرات المليونية مشروع حضاري للتتغير ....!!!! هل يمكن صياغة مشروع تحرري انساني شامل لنهضة سيد الشهداء الامام الحسين (ع)...وتحويل حمم الطاقات الهادرة وصرخات الضمير المدوية ليوم عالمي للثورة على الظلم والظالمين .. وجعلها ترنيمة مقدسة تنبض بها القلوب وتحيا فيها النفوس قبل ترديدها على الشفاه وهتاف الحناجر بها؟!!
منذ فترة وانا في حيرة وذهول لضخامة استعدادات البذل والانفاق وهول ما يشاهده المرء في بلد منكوب كالعراق من الافواج المتلاطمة والحشود المليونية الغفيرة باضعاف قوافل الحجيج الى بيت الله الحرام والزاحفة من كل فج عميق تعج بهم الفجاج ولاتسعهم الارض بمارحبت بااصطفاف مكونات الشعب كافة في لوحة فسيفساء رائعة فريدة سيرا على الاقدام قصدا لزيارة سبط الرسول وسيد شباب اهل الجنة وخامس اصحاب الكساء سيد الشهداء الامام الحسين بن علي رغم قساوة الاجواء وعدم استقرارالاوضاع وشدة الازمات وندرة الخدمات وقلت ذات يد الجماهير والملفت للانتباه عدم فزعهم من خفافيش الظلام ..لكن ليصل الجود بهم لبذل الارواح مرخصين للمهج غير مبالين بشىء سوى تلبية نداء (هل من ناصر ينصرنا) في اعلان البيعة لابي الاحرار بمواصلة نهج مقارعة الطغاة ومقاومة الاستبداد ومناهضة المفسدين وكل المتبرقعين بلبوس الدين حتى الشهادة ... ان استمرار وبقاء واتساع هذه الزحوف الهادرة التي تغطي وجه البسيطة ليست امرا سهلا اوهينا كما قد يتصور البعض وان هذا لايعدوا عن سر الهي مكنون (في بيوت اذن الله ان ترفع ويذكر فيها اسمه) فكم جهد الجبابرة وفراعنة مدرسة السقيفة سابقا ولاحقا لاطفاء هذه الجذوة الالهية واخماد هذه الشعلة المحمدية والنهضة الحسينية بمختلف الاساليب الشيطانية ومارسوا كل انواع الارهاب والرعب فخابوا وذهبت جهودهم ادراج الرياح واندحروا وذهبوا الى مزابل التاريخ وبقيت صرخة ابي الضيم الامام الحسين مجلجلة تدوي في الافاق لانها صرخة الله وصرخة الرسالات وصرخة الاسلام وصرخة الضمير الانساني في وجه العتاة الظالمين والتصدي للمفسدين لتثبيت شرع السماء و لتحقيق الاصلاح والعدالة تحرير الانسان من عبوديات البشر ونشر قيم المحبة والسلام والتسامح ... فالتاريخ يخبرنا بان طغاة بني العباس عامة وبالخصوص شقيهم (المتوكل) جند كل موارد الدولة وجيوشها وزبانيتها في التصدي لمنع هذه الشعيرة وقطع دابرها حتى انهم عمدوا الى اخفاء قبر الحسين وحرثه فما ازداد الا رفعة وسموا ومعرفة ..حتى عمدوا الى احداث قضية قتل (عبد الله بن الزبير ) في مقابل قضية سيد الشهداء ودعموها رسميا وسلطويا في المساجد والجوامع وحثوا الناس على ندب ابن الزبير والتفجع عليه وتابعه في ذلك اجهزتهم الدينية (مرتزقة المعممين) في قص قصص مأساة مقتل ابن الزبير من على المنابر وفي خطب الجمعة وامروا الشعراء بندبه وقول الشعر فيه فاجزلوا لهم العطايا وووو والتاكيد عليها في الاجهزة الرسمية وتعميمها على كافة الامصار بوجوب احياء قضية ابن زبير واماتة نهضة الحسين وذكر الحسين ...انظر تاريخ الطبري والكامل لابن الاثير لكن لم تكن لله في تلك لمسة فذهبت كل تلك الافاعيل ادراج الرياح فاما الزبد فيذهب جفاء وبقى ذكر سيد الشهداء سامقا لايدانا ويتسع ويمتد لا يجارى (يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكفرون) الصف:8 ولاحقا سار على ذلك المنهج الاجرامي الاهوج الوغد صدام وزبانيته بمافعلوه من الافاعيل المنكرة المسودة للتاريخ في سنين عجاف طالت الابرياء وحتى الاطفال والنساء المحيين للسنة ولشعائر الله في اقامة مأتم الحسين مما يعجز الانسان من وصفها وان تعدوا جرائم صدام لاتحصى ولايمكن تصورها لهول فجائعها لاجل ايقاف زحوف الولاء والفداء للحسين لان الحسين اصبح كابوس يقض مظاجع كل الفراعنة وسلاطين الجور المتاجرين بالدين لمنافع دنيوية ومناصب سياسية واعوانهم شياطين المعممين (الدين لعق على اسنتهم يديرونه مادرت معائشهم) لكن بطولات وتضحيات الشعب العراقي افشل كل مؤامرات ومكائد اعداء الله والبشرية ولم تثنهم المجازر البشعة من مواصلة المسيرة وحمل راية الاباء (هيهات منا الذلة) والحفاظ على الهوية وعلى مر العصور مما يثير الاعجاب ويبعث على الفخر والاعتزاز وبقاء هذه الشعائر ندية متبرعمة تعطي اكلها كل حين ونؤكد 1-ان صرخة (الا هل من ناصر ينصرنا ) هو في الواقع صرخة رسالية كما يؤكدها الصحابي الشهيد (انس الكاهلي) -الذي استشهد مع الامام الحسين في طفوف كربلاء وكان اكبر اصحاب الحسين سنا وقد جاوز المائة عام وقد ابكى سيد الشهداء لما صمم لمبارزة جحافل العدوان والبغي والذب عن ال الرسول الذي جعل الاجر في مودتهم –يذكر انس :ان النبي (ص) استصرخ ثلة من اصحابه بنصرة الحسين وكنت احدهم فلبيت السنة النبوية ..اخرجه ابن الاثير الجزري في اسد الغابة في معرفة الصحابة 2- انها صرخة انسانية لاتخص امة دون امة ولا جماعة دون اخرى ولا فئة دون اخرى انها نداء لكل الناس ولكل الامم انها استنهاض لكل الشعوب ولكل الاقوام ولكافة البشر لافرق بين اسودهم وابيضهم عربيهم واعجمهم 3- انها صرخة حضارية مدوية لايحدها زمان ولا مكان في رفض الظلم والظالمين ومقارعة الطغاة ومجالدة المحتلين ومنازلة المستعمرين انها صرخة العدالة وكل المباديء الانسانية السامية في الاصلاح وقيادة الصالحين و محاربة الفساد والمسدين وزبانيتهم وفي تلك النهضة المجلجلة يقول المفكر الاسلامي العقاد :وقف الامام الحسن ساعة وباقية الى قيام يوم الساعة 4- انها صرخة الضمير الواعي في حركيته المتفاعلة مع مفاهيم التحرر والانعتاق من التبعية متمثلة بالصراع بين قوى الخير والشر والحق والباطل والفضيلة والرذيلة وكل معاني السموا ومشاعل النور وبين كل معاني الانحطاط وقوى الظلام والتحجر والتطرف وفي هذا الصدد يؤكد الفيلسوف الالماني غوته :ان مأساة الحسين هي مأساة للضمير الانساني كله وان الحسين جسد الضمير الانساني بدفاعه عن القيم والمثل الانسانية الرفيعة ويؤصل الكاتب المسيحي في كتابه القيم (الحسين في الفكر المسيحي) بان الحسين مذكور في الكتاب (المقدس) وكذلك نهضته العملاقة ويستشهد بثلة من الاصحاحات بشهادته (ع)ومصارع اهل بيته واصحابة في كربلاء ويؤكد لوان المسيح (ع)كان حاضرا لنصره لانها نصرة لملكوت الله ونصرة لمسارالانبياء ونصرة للحق...
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |