محمود درويش .. إنها غزة..!

 

 

باقر الفضلي       

 bsa.2005@hotmail.com

"الذي ما له وطن ما له في الثرى ضريح"

محمود درويش  

 

كان يصارع مبضع الجَراح.. من أجل أن تكتمل البقية..

 كان يعلم الطريق.. يعلم أن الرسالة لم تكتمل..

  أن أرض الوطن تطلبه للقدوم..

 المشوار قد أزفت لحظته..  القادمون يحملون سلال الورد..

 جنته تحتفي بالقدوم.. كلماته تصدح بالوداع..

 تنبض بالحياة.. تحمل إسم درويش؛

 لافتات مطرزة.. موشومة بـأكف الأطفال..

 مسقية بدموع الأمهات..إنها تسلك نفس الطريق..

فمن له وطن،  له في "الثرى" ضريح..

هو الآن.. ينعم في الدفء حيث  الوطن..

 ***

 تلاقت نياطُ القلوبِ على موعدٍ،

لترسم للقادمين الطريق..

لتحكي لهم قصةَ الملتقى:

هو العشقُ؛ أولُه في الوداع،

وآخرُه في حَنايا الوطنْ.. 

 **

 وها هو يدخل كالفاتحين؛

تَمُدُ له أذرعةً من حنان،

وتركعُ ساجدةً في فسيحِ الجِنان..

تصلي له الركعتين؛

لقد عُدتَ يا أملي،

عُدتَ من غيبة الحالمين..

فقد كنتَ أقوى من الموت،

ومَنْ يحتضرْ كان ذاك الزَمنْ.. 

***

تعالَ فصدريْ،

أنيسُكَ بعد الغيابْ..

لتلْهُمني كيف يشدو العذابْ..

وكيف تصوغُ الدموعُ الشَجنْ..

***

لقد سرقوا كلَ حزني القديم..

ولمْ يبق لي،

غيرُ نبضِ الوَجعْ..

يُسائلني فيكَ، صوتُ الرجوعْ؛

أنيسُُ بحلمكَ أم مُرتَهنْ..؟

 ***

لقد ضاقَ دونيَّ صبرُ الرجالِ،

وليس الى العقدِ مِنْ عاقدٍ..

وصار شبيهَ المُحالِ،

نشيدُ المرؤةِ عندَ المِحَنْ..

 ***

تعالَ فنزْلُك بين الضلوعِ..

نجاذبُ من أمسِنا المُستباح،

بقايا شضاياً من خفايا الهجوعِ..

لنستل منها جِراحَ الوَطنْ..

 ***

تعالَ لنُشْرِكَ هَمْسَ القلوبِ؛

دواوينَ شعرٍ الى المُرتجى..

لننْسُج منها نشيدَ الحياة..

ليستكمل القادمون المَدى..

لتُبْعِدَ عنها العيونُ،

بقايا الوَسَنْ...

 ***

‏الاربعاء‏، 13‏ آب‏، 2008

***

 وها أنتَ...

 أَتيتَ وها أَنتَ بينَ الصفوفْ،

وبينَ الصفوفِ يَذوبُ النَدى..

فَهَلْ لكَ في غَزةٍ ما تَراه،

وهلْ لكَ في غَزةٍ ما بَدى..!؟

أجبْني، غنيُُ قَليلَ الكَلامِ،

وليسَ مُحالاً، رَنينُ الفِدى..

لقد غَصَ في خانِقَيَّ النَشيجُ،

فهل يَسمعُ الصَوتَ غيرُ الصَدى..

أراهِنُ أَنكَ أَنْتَ المُجيبُ،

وذاكَ الذي نِعْمَ مَنْ يُنْشَدا..

 ***

 لقَدْ دَفَنَ القَبرُ مِنا الألوف،

وأسْرَفَ في الدَفنِ حتى المَدى..

وضاقتْ بنا الأَرضُ في وسْعِها،

وفي جَوفِها، ضاقَ فينا الرَدى..

يَخرُ لنا كل لَحظٍ شَهيدُُ،

وفي كلِ لَحظٍ،

نَرى مَولِدا..

أناجيكَ يا سيدي فالجِراحُ

تَنادتْ، الى وَصلِها مَوْرِدا..

فلا هيَ لليومِ إذ تَبتَغيه،

ويأسى لها السَيْفُ إذْ يُغْمَدا..!؟

             ***

 تَمرُ علينا سَحابُ الدُخانِ،

فتَصْهَرُ مِنْ حَرثِنا مَوقِدا..

ومن فَوقِنا تَصْهلُ الصافناتُ،(*)

إذا أبْرَقَ العَصفُ أو أرْعَدا..

تَدِكُ لنا عالياتِ البروجِ،

وتَحْرِقُ في الأرضِ ما يُحْصَدا..

فتَنفرُ في المَهْدِ أطْفالُنا،

عَصافير مِنْ فَزعةٍ تُخْمَدا..

ومِنْ لَعنةِ الشَرِ حَقْدُ النُفوسِ

ونَحْرُ الطفولةِ في المَسْجِدا..

 *** 

"أخي جاوَزَ" الظُلمُ أَطْنابَهُ

وأشْقى على القَومِ جُرْمُ العِدا..

دروب المَنايا وبئسَ الدروبِ..

ودربُ الحَقيقةِ لَنْ يُوصَدا

فأنْطِقْ بصَمْتِك صَوتَ اليَقينِ

وأَنْهِِضْ بقَولِِكَ مَنْ أُرقِدا

بغزةَ طاشَتْ حلومُ الرِجالِ

وضاعَتْ هَباءً وأَمْسَتْ صَدى

تَمادتْ بها ماحِقاتُ الحتوفِ

وأدمى لها الليلُ ما وُحِّدا

 ***

 وزاغَتْ بَعيداً عُيونُ الرِجالِ

فَعْنَّ لها الزَوغُ أَنْ تَرْمَدا

ودَقْتْ لَهمْ شانئاتُ الزَمانِ

عُروقاً مِنَ البُغْضِ والمُعتدى

ليسْلَمَ كلُُُُ ُ الى ما انتهى

وكلُُ ُ نَوى حَيثُ لَنْ يَسْجُدا

أَضاعوا عِناداً مَنارَ الطَريقِ

فهبوا فلولاً بلا مُحْتَدَى

أيا حَسْرةً أَنْ يَطولَ الفِراقُ

وينأى عنْ العينِ مَنْ يَعْضُدا

***

 فَمَنْ كان يَبْغي سَبيلَ النَجاةِ

فَخيرُ المُروءةِ ما يُقتَدى

ومَنْ تَصْطَفيهِ قُيودُ الحياةِ

نبياً بها كانَ أو مُرْشِدا

فنِعْمَ الحَياةُ على شَظْفِها

 وبِئسَ الحَياةُ على مَرْغدا

فنادي الى السلمِ في غَزةٍ

فَعْهدُ الأخوةِ ما يُحْمَدا

وأكْشِفْ عن القَلْبِ طَياتهِ

نَقاءَ الطفولةِ والسؤدَدا

 ***

 وبارِكْ أخاً لكَ في مقلَتَيك

فَنارُ الطَريقِ وشَمْسُ الهُدى

فإن وَسْوَسَ النَفْسَ شَيطانُها

فَموتُ النُفوسِ هوَ المُبتَدى

وأَََرْخي عِنانَكَ من شَدِّهِ

فجَمعُ الأُخوةِ لَنْ يُفْرِدا

وطاوِعْ أخاً لكَ في قُرْبِهِ

عَضيداً إذا شِئتَ أو مُرفِدا

فلا عُمْرُها دامتْ الشائِناتُ

ولا عُمْرُها قَرَبَتْ مُبْعِدا

 *** 

تَدورُ علينا صُروفُ الزَمانِ،

ويَندى لنا الأَمْسُ والمُغْتَدى..

مِنَ الطِيبِ يَزهو لنا قادِمُُ،

بزهرِ المَحَبةِ ما يُسْعِدا..

ويَملأُ فينا رَبيعُ الحَياةِ،

أَساريرَ نَفْسٍٍ أَبَتْ مَقْعَدا..

قناديلُنا لمْ تَزلْ مُسْرَجاتُُُ ُ،

مَصابيح للظُلمِ إذ تُوقَدا..

نَهَلْنا مِنَ الأَمْسِ طَعْمَ الشَقاءِ،

وآنَ لنا اليومَ أنْ نَصْمُدا..

تَحارُ لنا غفلةُُ ُ في الطريقِ

فتدْنو المَسافاتُ أو تَبْعُدا

تَضيعُ علينا عيونُ المُرادِ

فتغدو سَراباً ونغدو سُدى    

***

18/1/2009 وقف إطلاق النار في غزة..!

مهداة الى شعب غزة الصابر

__________________________________________________

(*) الصافنات : الخيل؛ تشبيهاً للقاذفات

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com