|
شعبنا الكلدوأشوري سرياني .. في قناة عشتار الفضائية
حميد الشاكر لسرٍ ما وكلما أردتُ أقناع نفسي بأن أحبتي الكلدانيين والاشوريين والسريان شعب مستقل عن العراقيين او ان لهم خصوصية ما تفرض كونهم مكوّن عراقي مميز يختلف عنّي انا ابن الجنوب او الوسط او الشمال، وجدتني أفشل بكل جدارة في تصديق ذاك الوهم الذي يميز العراقيين لطوائف وقوميات واثنيات واديان ومللٍ ونحل، مع انني لاأخفيكم سرّا اشعر بنوع من الاحترام لهذا التنوع وأقرّ بانه موجود وقائم !. ولسرٍ ما ايضا لاأعلم ماهو أشعر بالامتعاض والقهر وربما الحزن ... او شيئ أخر ينتاب روحي المجرّدة، ليعتصر وجودها ألما لخمر الحياة، عندما اسمع هذه الفضائية العراقية او تلك لها سياسات وخطابات قومية او تمييزية او طائفية أو اثنية تتميز بحدّة عن الخطاب العراقي العام الذي يصهر جميع الناس في شرعة العراق الموحدة !. وفي كثير من الاحيان ينشأ هذا الجدل الازلي بين الانسان ونفسه كحالة تعبير عن قهر من نوع آخر في وحدة الانسان وغربته، لأقول لذاتي العراقية التي مزقتها السياسة والدين والقومية كذبيحة كلٌّ يريد حصته للطبخ والشواء على مائدة العشاء الاخير، أقول : ياولد دعك من هذا وذاك، فكلٌ يغني على ليلاه، واينما تذهب المصالح والمنافع تجد القوميات والطوائف والسياسات كان لها الصوت الاعلى !. ولكنّ حتى في رحلة الذات مع الانّا هذه أجد نفسي مجددا أسير الوحدة العراقية التي لاتقبل الضرائر من قوميات وطوائف واثنيات ومصالح، لأعود من جديد في ابتكار الكآبة عندما تسمع الخطاب التمييزي العنصري هنا وهناك يلفظ انفاسه الخشنة وهو يقول ( شعبنا ) بصيغة الجمع ولكن ليس الجمع العراقي العام، وانما الجمع القومي الحصري الخاص !. الحقيقة انا من عشّاق متابعة برامج الفضائية العراقية عشتار مع انني لاامتلك فهم اللغة الاشورية، ولكن في فترات البثّ العربي تجدني وعائلتي بلا أعتراض نذهب لمتابعة ماتقدمه لنا فضائية عشتار العراقية الجميلة من اخبار ومن دراما ومن تقليعات، ونتمتع ايضا كثيرا انا وعائلتي بنوعية الملابس القومية الكلدواشورية السريانية وهي ترتدي الالوان الجميلة وريشة الطواويس والنسور ... وباقي الزي القومي لامتنا وشعبنا من الكلدواشوريين وسريان !. ولكن وفي لحظة من اللحظات وعلى حين غرّة وساعة صفى وانسجام عراقي يشوبه الانصهار بروح الماضي والحاضر، أفاجأ بكابوس اسود، وكارثة شيطانية تزحف كأفعى سوداء على شاشة الفضائية العشتارية العراقية وهي تكتب الاخبار في اسفل الشاشة بلغة :(( احتفل شعبنا الكلدواشوري السرياني .... اجتمع ابناء شعبنا من الكلدواشوريين والسريان .... خاطب الاب المار ابناء شعبنا من الكلدواشوريين والسريان ... طالبت الجمعية الفلانية بضرورة ان يكون لشعبنا الكلدواشوري السرياني حقوقه السياسية .... تعزي قناة عشتار الفضائية ابناء شعبنا الكلدواشوري السرياني اهالي المصابين والشهداء الذين وقعوا حصاد العمل الارهابي ....)) عندها وبلا شعور مفتعل منّي اتساءل : ما المقصود بمثل هذه الكليشات الاخبارية التي تظهر اسفل شاشة قناة عشتار الفضائية وهي تحمل جميع انواع التمييز العنصري الذي يفصل المشاهد الى نوعين، الاول من ابناء الشعب الكلدواشوري السرياني الذي تخاطبهم القناة بحميمية الشعب الواحد ؟!. والثاني : هو النوع الاخر الخارج عن الشعب الكلدواشوري السرياني، والغريب والزائر والضيف المشاهد لقناة عشتار الفضائية ؟!. وهل يعني هذا ان لقناة عشتار موازين محددة تحدد من نوعية الشعب الذي تعترف به، بغض النظر عن الشعب العراقي العام الذي لايدخل في حيّز الشعب الكلدواشوري السرياني صاحب حضوة الخطاب لقناة عشتار الفضائية ؟. واذا مافتحنا الباب واسعا لكل قومية او طائفة او اثنية في العراق لتخاطب شعبها بالخصوص، لنسمع مثلا : العرب يخاطبون ابناء جلدتهم في قناتهم الفضائية العربية ب : ابناء شعبنا العربي، والكرد يخاطبون ابناء قوميتهم ب : ابناء شعبنا الكردي، واليزيدي يخاطب اهله بخطاب : ابناء شعبنا الايزيدي، وكذا الصابئي، ولنعود مجددا للخطاب الطائفي لنجد ان فضائية ابناء السنة في العراق يخاطبون ابناء مذهبهم من خلال فضائياتهم ب : ابناء طائفتنا السُنية، وكذا اصحاب فضائية المذهب الشيعي يخاطبون ابناء طائفتهم بخطاب : ياابناء طائفتنا الشيعية، وهكذا المسيحيين عندما ترتأي فضائياتهم العالمية ان يكون خطابه ب : يا ابناء ديننا المسيحي ..... وهكذا، فالى اين نصل بعد ذالك ؟. واين العراق في كل هذه المعمة الخطابية المتلونة بحيث اننا لم نعد نسمع بخطاب : يا ابناء امتنا العراقية الواحدة ؟. هذا هو بالضبط ما عنيته عندما انتابني كابوس خطاب قناة عشتار الفضائية وهي تكتب وتقرأ اخبارها المحلية والعالمية بلغة :(( ابناء شعبنا )) و (( ابناء شعبكم )) !. انا ابن الجنوب العراقي لااشعر مطلقا ان هناك فاصلا قوميا او دينيا او زمنيا بأمكانه ان يقسم شعبنا العراقي الواحد، وهذا ليس لانني ملاك سماوي طاهر ومقدس من دنس الحياة، ولكنّ لأنني مؤمنٌ بحقيقة اننا شعب واحد وان اختلفت التسميات وتعددت القوميان وتطورت الاديان والمذاهب والاتجاهات !. نعم نحن شعب واحد باذهان وعقول متنوعة ومختلفة، وفي زمن من الازمان كنت اشوريا وكلدانيا وسريانيا، وكذا كنت سومريا، حتى اصبحت عربيا وكرديا واسلاميا ومسيحيا وصابئيا ويزيديا، وسنيا وشيعيا .. حسب تطورات الحياة وتغيرات الزمان، والفرق بيني وبين اي فرد من افراد الشعب العراقي المختلف عنّي قوميا او دينيا اليوم هو انه ولعدة عوامل اجتماعية وجغرافية وسياسية بقي اشوريا، واصبحت انا عربا شيعيا مسلما، وكلٌ منا اليوم مستقر وراضي بحاله وما آلت اليه حياته !. أبعد هذا كله هل استحق من قناة عشتار الفضائية ان تخاطبني كغريب على شعب عشتار وان كنتُ من المرتدين فكريا او المتحولين جنسيا ؟. هاكم ياقناة عشتار وريدي الجنوبي العربي الذي تشيّع للعدالة والحرية والكرامة فأقطعوه ولتأتوا باي وريد انسان اشوري او كلداني او سرياني، لتروا دمائنا هل هي مختلفة مهما اختلف الظاهر والجسد والبشرة والالوان من جرّاء عوامل الطبيعة والجغرافية ؟. واذا كانت الدماء هي هي عراقية فلماذا هذا الخطاب لشعبكم الكلدواشوري السرياني لأجد نفسي على قناتكم كلقيط رمته احد جواري نبوخذ نصر على معبد احد الدراويش الشيعة في زمن الكآبة والاستنبال الفكري، او كيتيم يحاول تأكيد نسبه للامبراطور السوبر، او ليجد نفسه كأحد العبيد الذي سباهم في يوم من الايام احد ملوك بابل ليخاطبهم فيما بعد بلغة لاترقى الى خطاب :(( ابناء شعبنا الكلداني الاشوري السرياني العتيد )) ؟. وألم يحن الوقت لتكون كل افراح واحزان شعبكم العراقي هي احزان وافراح لكم انتم قبل اي شخص اخر باعتبار انكم الاصالة وريحة التاريخ وقاعدة الامة ؟. ألم يأتي الزمان لاسمع او ارى حسين الشيعة عليه السلام حاضرا مع شعبكم الكلداني الاشوري السرياني بأحزانه كما رايت في المقابل مسيح الكلدواشوريين السريان حاضرا بقوّة في مأتم الشيعة الحسينيون في كربلاء هذه السنة ؟.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |