|
البث الفضائي الخاص في العالم العربي نجاح ام فشل؟
دراسة للكاتب الدكتور محسن الصفار arabicbloggersunion@googlegroups.com كثرت الانتقادات هذه الايام في جميع وسائل الاعلام للمسلسل التركي نور وتنوعت التحليلات حول تاثير هذا المسلسل ومثيلاته في العقلية العربية وتركيبة المجتمع وكثرت الاخبار حول الطلاق والمشاكل التي سببها هذا المسلسل وبعض النظر عن كون هذه الاخبار حقيقة ام مبالغات فلا ينكر أن لوسائل الاعلام المرئي (التلفزيون) دوراً كبيراً في عالم اليوم تتفاوت شدته حسب المجتمعات ومدى إنتشار الاعلام المرئي فيها واصبحت هذه الوسائل تدخل في كل جوانب الحياة من أدب وثقافة وسياسة ورياضة ودين حتى أن مثل هذه الوسائل أصبحت العامل الرئيسي الذي يحدد مصير الانتخابات في بعض دول العالم مثل الولايات المتحدة حيث يعتمد المرشحون على التلفزة بالدرجة الأولى لكسب الناخبين وأصبح التلفاز ساحة للمعارك الحربية حيث أصبح له دور كبير في تغيير نتائج المعارك والقتال خصوصاً في حرب غزو العراق عام 2003 حيث حسمت نتيجة المعركة على الشاشات قبل حسمها على الأرض. كما إن دخول الاعلام العربي عالم الفضاء وانتشار القنوات الخاصة كان له اثر كبير في اثراء الثقافة وتواصل الشعوب وازدياد الوعي ولكن هذا الهجوم الكبير للإعلام المرئي على العالم العربي الذي كان وحتى سنوات قليلة مضت مغلقاً تماماً ما عدا قناة أو إثنتين تديرها الحكومة في كل بلد والذي تبدل فجأة بحيث أصبح في كل بيت مئات من القنوات العربية والأجنبية تبث من كل مكان وتستهدف المشاهد العربي في جميع المجالات وجميع الأعمار والأجناس والقوميات والطوائف والمهن حتى أصبح التلفزيون أهم صحن في كل مائدة هو من يجمع أفراد العائلة حوله وهو من يفرقهم. ولابد لحضور بهذا الحجم والثقل من أن يكون له تأثيره في كل جوانب الحياة للإنسان والعائلة العربية ومنها الثقافة والغذاء والدين والعلاقات الاجتماعية والتي تعد عاملاً مهماً في سلامة الانسان العقلية والجسدية والنفسية وتؤثر تأثيراً مباشراً على قدرته على الانتاج والابداع والعيش الكريم. فما هي تأثيرات هذه الوسائل على الانسان العربي وحياته ؟ساحاول ان اتطرق لبعض هذه التاثيرات بشكل مختصر بحسب تصنيف نوع الوسيلة الاعلامية
محطات التلفزة الاخبارية تعتمد هذه القنوات في جميع أنحاء العالم على عامل الإثارة الخبرية وتصوير الأحداث وأحياناً كثيرة المبالغة فيها لجذب المشاهدين وكلما كان الخبر أكثر تشويقاً كلما زاد عدد من يتابعون هذه القنوات. ولتحقيق هذا الغرض تحاول القنوات الإخبارية تسليط الضوء على كل حدث وخصوصاً الحروب والكوارث الطبيعية والمشاكل السياسية ثم تضيف من عندها
الكثير من عوامل الإثارة الصوتية وإدخال التحاليل السياسية التي غالبا ماتكون مبرمجة مسبقا لإيصال وجهة النظر التي ترغب بها الى المشاهد وبسبب هذا التركيز على الجوانب السلبية في الحياة فإن الأبحاث التي أجراها علماء النفس أثبتت بما لا يقبل الشك بأن متابعي قنوات الأخبار الذين يصل الحال ببعضهم درجة الإدمان عليها يعانون من الكآبة بسبب المناظر المروعة والأخبار المحزنة التي تجعل الشخص يصل الى قناعة بأن الحياة سوداء وليس فيها أمل وليس فيها ما يستحق العيش لأجله ولقد انتشرت القنوات الاخبارية الناطقة بالعربية وانظمت اليها عشرات القنوات الاخبارية الاجنبية التي افتتحت قسما خاصا يبث باللغة العربية وكل واحدة تروج لافكار الدول التي تتبعها والتي في احيان كثيرة تتعارض مع مصالح العرب وافكارهم فمن الدول التي اطلقت قنوات اخبارية ناطقة بالعربية اذكر لا على سبيل الحصر الولايات المتحدة وفرنسا وروسيا وايران وبريطانيا . إن متابعة بسيطة للقنوات الاخبارية تجعل أي إنسان عربي يشعر بالإحباط من وطنه وقوميته وإقتصاده وكل شيء آخر في حياتنا اليومية فلا حديث لهم سوى عن الارهاب والقتل والدمار والاغتصاب والتعذيب والسجون . أنا لست هنا في صدد مدح أو ذم هذه القنوات ولكن عملها وطريقة تغطيتها للحدث تصيب المشاهد العربي بالكآبة التي ليس بحاجة إليها طوال الوقت فنحن على الرغم من كل المشاكل التي تعانيها أوطاننا لسنا أمة بلا أمل ويمكننا أن ننهض من واقعنا المزري لنأخذ دورنا بين الأمم وذلك عن طريق التشجيع وليس الإحباط والتركيز غير المبرر على سلبيات الحياة . ناهيك عن الدور الرهيب الذي لعبته وتلعبه بعض هذه القنوات في نشر الفتنة الطائفية عبر اذاعة الاخبار بشكل مبرمج حيث يتم التركيز على طائفة القاتل او اوالقتيل لاثارة الاحقاد والاضغان وهو ماحصل خصوصا في تغطية اخبار العراق حيث لعبت بعض هذه القنوات دورا كبيرا في تاليب الطائفتين السنية والشيعية على بعضهما في العراق . كمثال أقول من يرى الأخبار عن الصراع السياسي في لبنان يتصور أن اللبنانيين كلهم قابعين خلف المتاريس وكل واحد يمشي ومعه كلاشينكوف ولكن الواقع أن لبنان على رغم كل المشاكل بلد حي يمارس فيه الناس حياتهم العادية يعملون ويدرسون ويتزوجون وكل شيء. ان الحرية الاعلامية شيئ وتحريك الراي العام المحلي والعربي بميشئة القنوات الاخبارية وتشكيك الشعوب بحكامها والاستهزاء وتخوين الرموز الوطنية والقيادات وايجاد حالة الفراق والريبة بين الدولة والمواطن والتقليل من شان جميع الانجازات لاي حكومة وتصويرها بالطريقة التي تريدها ادارة القناة والجهة التي تتبعها امر مدمر وخطير ينذر بالعدد من المشاكل السياسية والاجتماعية التي نحن بغنى عنها وبالعكس فاننا بحاجة الى ايجاد الوفاق والوصول الى مجتمعات اكثر ازدهارا عبر تكاتف كل الجهود وليس القاء التهم يمينا ويسارا .
القنوات الترفيهية (المنوعات) هذه القنوات التي تعتمد على الرقص والغناء كمادة أساسية لبثها وطبعاً مع تطعيمه بكثير من الإيحاءات الجنسية عبر الحركات والثياب ظهرت الى الوجود مع ظهور تقنية الرسائل القصيرة وإمكانية جميع المداخيل منها وبسبب كثرتها فإنها أصبحت بحاجة الى كم هائل من الكليبات لإستمرار بثها مهما أدى بها الى ادخال كل من هب ودب الى عالم الغناء وأصبحت عارضات الأزياء والممثلات وغيرهن يدفعن حدود 50000 دولار أمريكي لدور الانتاج ويحصلن على فيديو كليب تكون مادته الأصلية جسد المؤدية وليس صوتها والتي تحصل بعد ذلك على المال الذي استثمرته إضعافا مضاعفة . ولأن المجتمع العربي مجتمع محافظ بطبعه خصوصاً من ناحية ثياب المرأة وحركاتها فإن مجيء مثل هذه العارضات/ المطربات اللواتي قام معظمهن بالعديد من العمليات الجراحية التجميلية للحصول على مميزات جسدية نادراً ما تتوفر لدى المرأة بشكل طبيعي ناهيك عما تضيفه المؤثرات الضوئية والمكياج الى شكل الفنانة فقد جعل منهن أيقونات جمالية يحلم بها كل شاب ورجل عربي مسببة ما يسمى بالإحباط الجنسي تجاه زوجاتهم حيث أن الرجل عندما يقارن بين أي إمرأة عادية وهؤلاء الفنانات فإن المرأة العادية تفقد جاذبيتها وأنوثتها وهو ما سبب الكثير من حالات الطلاق في العديد من الدول العربية وخصوصاً ذات الطبيعة الأكثر محافظة مثل السعودية ودول الخليج وادى الى انتشار ظاهرة رهيبة هي اقبال الشباب العربي على الزواج من فتيات اجنبيات خصوصا من اوروبا الشرقية لمجرد مظهرن الجذاب ناسين او متناسين الفرق الشاسع بين ثقافتنا وثقافة تلك الشعوب والتي تجعل مثل هذا النوع من الزواج كارثة اجتماعية ونفسية بكل معنى الكلمة . كما ان الكثير من الفتيات العاديات أصبح لديهن شعور بالنقص عندما لايجدن في انفسهن تلك الميزات التي تتمتع بها العارضات والمطربات وهو ما يولد نوع من عقدة الاحتقار للنفس وعدم الثقة والسعي المداوم لتحسين المظهر عبر العمليات الجراحية التجميلية التي ارتفعت نسبتها بشكل خيالي في جميع الدول العربية حتى ان احد البنوك اعلن انه يمنح قروضا للعمليات التجميلية . كل هذا وفي ظل غياب أي برامج ارشادية تربوية تساهم في زيادة الوعي لدى الجنسين حول المعنى الواقعي للحياة والزواج وعن نسبية الجمال وارتباطه الوثيق بالمشاعر اصبح يهدد مجتمعاتنا بخطر كبير وهو العنوسة حيث بلغت نسبة العنوسة في العالم العربي مستويات قياسية في الأعوام الأخيرة ان هذه القنوات وبتحالفها مع شركات الاتصال التي تؤمن لها الارقام اللازمة لمثل هذه المحاورات تحقق ارباحا خيالية على حساب قيمنا واخلاقنا فلابد من وقفة حازمة تجاهها من قبل العائلة ومنع ابنائها من مشاهدة هذه الكليبات اللا اخلاقية .
القنوات الدينية شهد عصر البث الفضائي ظهور العشرات من القنوات ذات الطابع الديني حيث كانت القنوات التبشيرية المسيحية التي تبث من قبرص هي السباقة في هذا المضمار ثم بدأت القنوات الإسلامية بالظهور تباعاً. إن وجود قنوات فضائية دينية ترشد الإنسان الى أمور دينية سواء كان مسيحياً أو مسلماً هو أمر مثبت وضروري ولا خلاف في أن التلفاز بحكم كونه وسيلة الإعلام الأولى في عالمنا اليوم له تأثير في كل مجريات حياة الإنسان ومنها بطبيعة الحال ثقافته الدينية. ولأن الدين مسألة حساسة جداً وتمس الإنسان في عمق إعتقاداته وإيمانه فإن التطرق إليها بشكل خاطئ قد يكون أمراً بالغ الخطورة على سلامة المجتمع وأمنه، فالقنوات التبشيرية دأبت على تشكيك المسلمين بكل ثوابت دينهم مستخدمة عدداً من الذين تركوا الإسلام الى المسيحية كشهود. لا يخفى على أحد ان ترك شخص واحد أو عشرة أو مئة أو ألف حتى لأي دين لا ينقص منه شيئاً ولا إنضمامهم الى ذلك الدين يضيف إليه أي شيء ولكن هذه القنوات بإهانتها لمعتقدات الطرف الآخر فهي تولد حالة من الحقد والكره لدى المسلمين تجاه الدين المسيحي وهو أمر يهدد سلامة وأمن المجتمع حيث يعيش المسيحيون والمسلمون العرب جنباً الى جنب وهو ما ينطبق على بعض القنوات الاسلامية التي تمعن في إهانة معتقدات المسيحيين وإستفزازهم بشتى الطرق. كما أن بعض هذه القنوات الممعنة في التطرف تسهم في خلق جو عدم التسامح الديني لا بل وتشجع الارهاب عبر التكفير لكل من يخالف معتقداتهم وآرائهم المتطرفة. وقد ساهمت هذه القنوات في تأمين جيل كامل من المقاتلين لتنظيم القاعدة في أفغانستان والعراق والمغرب العربي وحتى الشيشان وهي مسؤولة عن أرواح الآلاف من الذين قتلوا في التفجيرات الانتحارية في هذه البلدان. إن نشر روح التطرف وعدم التسامح مع الآخر لدرجة قتله هو أكبر مرض نفسي وإجتماعي يمكن أن يصاب به المجتمع الذي يقوم على التعددية وإحترام الآراء وصولاً الى الأفضل للإنسان العربي. يضاف الى ذلك فوضى الفتاوى الدينية حيث أصبح لكل فضائية مفتي خاص بها يفتي يميناً وشمالاً ويحرم ويحلل على مزاجه مسبباً حالى من الإرتباك الديني بين المشاهدين ولكي يزيد الطين بلة ظهرت حوالي 10 قنوات بمذاهب أخرى من العراق ولبنان وإيران والخليج لكي تصل حالة الإرباك الى أقصاها عند المشاهد المسلم. هذا ناهيك عن أن بعض القنوات الدينية تجمع تبرعات مالية من مشاهديها عن طريق الSMS أو الإيداع في الحسابات دون وجه حق ودون رقابة مالية لمعرفة مصير هذه الأموال وقد كانت هناك ضجة حول قناة دينية كان صاحبها يجمع التبرعات ثم يصرفها على قناة أخرى يملكها تعني بالفندقة والسياحة أي أن الدّين التلفزيوني أصبح وسيلة للنصب والاحتيال الذي يضعف ثقة المشاهد بكل المتدينين لدى إكتشافه نصبهم وإحتيالهم كما أن هناك ضرر آخر وهو الأشكال المرعبة لبعض الشيوخ الذين يظهرون على الشاشة باشكالهم القاسية الرهيبة ونظراتهم المفزعة وصوتهم الملئ بالصراخ مما يرعب الأطفال ويخيفهم من كل شيء له علاقة بالدين والإسلام فالإسلام دين سمح ودين حب وإخاء فلم يجب أن يكون بعض هؤلاء على هذه الهيئة المخيفة؟ مع احترامي وتقديري لكل العلماء الاجلاء . ان القنوات الدينية يجب ان تكون تحت اشراف من اعلى المرجعيات الدينية في العالم الاسلامي او ان يتم تشكيل مجلس من كبار علماء المسلمين لمراقبة هذه القنوات ومضمونها منعا للتلاعب باعتقادات الناس ومشاعرهم وكذلك منعها من بث الخطاب التحريضي التفريقي . انني وفي هذه المقالة لاانكر دور بعض القنوات الجادة في نشر التوعية الاسلامية والتسامح الديني التي نتمنى ان يزيد عددها وتصل كلمتها الى اقاصي الارض لا باللغة العربية فحسب بل بكل اللغات الحية لكي نوصل رسالة ديننا الحبيب الى كل البشرية قنوات وبرامج تلفزيون الواقع ظهرت موجة برامج تلفزيون الواقع في أمريكا في أواخر التسعينات عبر برنامج إسمه الأخ الكبير تقوم فكرته على حصر مجموعة من الرجال والنساء في بيت كبير واحد لمدة زمنية طويلة ومراقبتهم عبر عشرات الكاميرات ليلاً ونهاراً حتى في الحمام أو غرف النوم ، ويتم طرد واحد كل أسبوع عبر التصويت وبعد ذلك ظهرت عشرات البرامج القائمة على نفس المبدأ في انحاء اوروبا وامريكا وتعتبر من اكثر البرامج مشاهدة . إنتقلت فكرة تلفزيون الواقع الى التلفزيونات العربية وحاولت قناة ام بي سي تنفيذ فكرة (الأخ الكبير) عربياً في البحرين ولكنها أضطرت الى إلغاء المشروع بعد الإحتجاجات التي واجهتها. وبعد ذلك قامت قناة ال بي سي اللبنانية بتبني النسخة العربية من برنامج فرنسي يسمى ستار أكاديمي تقوم فكرته على مجموعة من الشباب والبنات من مختلف الدول العربية يقيمون معاً في بيت واحد مدة 5 أشهر ويتم التصويت كل أسبوع خلال حفلة لطرد واحد منهم حتى يفوز أحدهم بلقب الستار. على الرغم من أن برنامج ستار أكاديمي يفصل الشباب والبنات ليلاً وأثناء النوم إلا أن مبدأ أن يعيش الشباب والبنات في مكان واحد يأكلون ويلعبون ويغنون ويسبحون ويمارسون الرياضة وطبعاً ما يرافق ذلك من علاقات غرامية علنية على الهواء مباشرة وما خفي كان أعظم ( لأن المشاركين يوقعون على تعهد لدى دخولهم الأكاديمية بعدم التحدث عن أي شيء حصل فيها لمدة 5 سنوات) هو مبدأ غريب عن العادات والتقاليد العربية والشرقية وليس بالأمر المستساغ أن تشاهد الأسرة العربية وخصوصاً المراهقين والمراهقات مثل هذا البرنامج الذي يسقط كل الأعراف الإجتماعية. أنا شخصياً لست من دعاة الفصل التام بين الجنسين وتخويف البنات من الشباب والعكس ولكن في نفس الوقت لست مع تشجيع المراهقين والمراهقات وتحريك الرغبة الجنسية لديهم عبر مشاهدة مثل هذه البرامج على شاشات التلفزيون العربية حيث أن الحركات والأقوال والأفعال والحب والغرام كلها عوامل تحرك الغرائز لدى الشباب والمراهقين بما لا يحمد عقباه. كما ان متابعة هذه البرامج التي تبث 24 ساعة يومياً يستهلك أعصاب وطاقة هؤلاء الشباب ويرهقهم ناهيك عن إستنزاف أموالهم عبر التصويت المستمر وكل أسبوع وكذلك الدردشة كما أنه يجعل المشاركة في مثل هذه البرامج حلماً لكل مراهق يجعله يتصور أن المشاركة والفوز في مثل برنامج ستار أكاديمي هو السبيل الأمثل لتحقيق الأحلام والأماني. لقد إتخذت المملكة العربية السعودية خطوة جيدة عبر منع التصويت من داخل المملكة لهذا البرنامج نأمل أن تتبعها خطوات مماثلة من باقي الدول حفاظاً على ما تبقى من عاداتنا وتقاليدنا.
الدعايات والاعلانات التلفزيونية من المعروف أن الإعلانات والدعايات التلفزيونية هي مصدر الدخل الرئيسي للقنوات الفضائية وهي بذلك تتبارى لجذب أكبر عدد من المعلنين لتأمين مدخول أكبر، وعلى الرغم من ان القوانين في الدول المتقدمة تفرض رقابة شديدة على الإعلانات لضمان عدم خداع المستهلك وتفرض عقوبات على اي إعلان لمنتج يتضمن صفات وخواص ليست موجودة فيه حتى أن بعض الدول تمنع منعاً باتاً الإعلانات التي تتضمن كلمات مثل اقوى او اسرع او افضل حفاظاً على موضوعية الإعلان وعدم تبديله الى شرك لخداع المستهلك. إلا أن الإعلانات في القنوات العربية ومع شديد الأسف لا تخضع للرقابة إلا ما ندر ويقوم كل معلن بالترويج لسلعته بالشكل الذي يعجبه فذلك الذي يروج لشامبو يجعل الصلع من أمثالي أصحاب شعرخلال أيام وذلك الذي يروج لسيارته وكأنها دبابة لا يوقفها شيء وآخر يروج لحليب أطفال يجعل كل من يشربه سوبرمان وشركة تروج كريمات تجعل العجوز صبية بعد إستعماله والعشرات من الأمثلة على الضحك على ذهن المستهلك العربي وإبتزاز ماله في منتجات لا تحمل ولو 10% من الصفات التي يروج لها. كما أن الإيحاءات الجنسية في الكثير من الإعلانات أصبحت ومع الأسف أمراً طبيعياً في غالبية القنوات الفضائية العربية فمشاهدة إمرأة تمسح رجلها حتى أعلى الساق بالكريم الفلاني أو أخرى بظهر عاري تحت الدش أو ثالثة نائمة في حوض الاستحمام على العديد من القنوات العربية لم يعد أمراً مستغرباً. كما أن دخول المطربات والممثلات عالم الإعلانات جعل هذا الميدان حلبة لمنافسة بينهن من نوع آخر تكمل المنافسة في الغناء الهابط والفن المتدني وإفساد ما تبقى من الذوق العربي ناهيك عن أن الإعلانات قد أصبحت لها مافيا تتحكم بها وتقرر أي القنوات تبث عليها وأي القنوات يجب أن تفرض عليها حصاراً إعلانياً لحذفها من السوق بحيث أصبحت شركات الإعلان لها القدرة على معاقبة أي قناة تتخطى حدودها وتتبنى سياسات معادية لبعض الدول الكبرى عبر حرمانها من المدخول الإعلاني و تركيعها مادياً. إن الإعلانات يجب أن تكون تحت رقابة شديدة حمايةً للمستهلك العربي من التضليل والخداع والغش كما أن شركات الإعلان هي الأخرى يجب أن تخضع لقوانين منع الإحتكار لحماية القنوات الجادة والهادفة من القمع على أيدي هذه الشركات.
قنوات وبرامج المسابقات من بدع التلفزيون هي برامج إختصت بمسابقات بعضها ذهنية وأغلبها وهمية يوعد المشاهد فيها بربح الملايين والآلاف من الدولارات لمجرد الإجابة على سؤال ( أغلب الأحيان تافه ويشبه حزازير الأطفال ) عبر الإتصال التلفوني أو إرسال رسالة نصية قصيرة . حتى إن إحدى القنوات العربية الشهيرة تروج لمسابقة قائمة على إرسال رسالة نصية بدعوى تأمين مستقبل طفلك إذا فزت ، لو راجعنا قائمة الأشخاص المشاركين في المسابقة والفائزين فيها لرأينا أن الفائزين يقربون من الصفر وإن كل هذه الأموال تذهب الى جيب شركات الإتصال والقنوات ولا يحصل المشاهد تعيس الحظ الذي شارك في المسابقة سوى على فاتورة تلفون ثقيلة تكسر الظهر. إن مجرد وجود مثل هذه المسابقات وهي طبعاً بديل إحتيالي عن أوراق اليانصيب هو مسبب للمرض الاجتماعي والنفسي إذ أن إيهام الناس بإمكانية الثراء السريع دون جهد أو عناء هو مسبب للخمول والعيش في الوهم والأحلام الوردية والإحباط في المرحلة التي تليها بالإضافة الى خسارة المال والوقت والجهد. لابد للدول من الرقابة على هذه القنوات والبرامج وعدم السماح بطرح مثل هذه المسابقات مالم تستحصل على رخصة من وزارة المالية وأن يكون السحب تحت إشراف حكومي منعاً للغش والتلاعب بأموال الناس ومشاعرهم وان تعامل هذه المسابقات كمثل اليانصيب حيث ان لها نفس الحكم القانوني والشرعي والله اعلم . قنوات الدردشة أو الشات لو لاحظنا أسفل الشاشة في الكثير من القنوات الفضائية لوجدنا شريطاً يمر وبه رسائل أرسلها المشاهدون عبر الرسائل القصيرة وهي في الغالب رسائل من مراهقين شباب وبنات ومضمونها يكون عادةً الرغبة في العثور على صديقة أو زوجة. إن هذه الرسائل والتي تعبر عن الكبت الموجود في بعض المجتمعات العربية هي وسيلة مربحة جداً لشركات الإتصال وللقنوات التلفزيونية حيث أن كلفة الرسالة الواحدة تصل الى 5, 1 دولار أمريكي والانكى من ذلك هو التلاعب الذي يحصل من قبل القائمين على هذه الدردشة حيث أن مسؤول الكونترول يرسل رسائل من عنده على أنه فتاة جميلة تبحث عن صديق مما يشجع الشباب الموجودين على إرسال عشرات الرسائل بقصد التعارف وطبعاً لا تعارف ولا من يحزنون لأن هذه الفتاة ليست سوى رجل يجلس خلف الكمبيوتر ويرسل الرسائل. إن هذا الأسلوب الرخيص في الابتزاز ودفع الشباب العربي الى صرف أموال طائلة على الرسائل القصيرة ناهيك عن الوقت الثمين الذي يقضونه أمام شاشة التلفزيون بإنتظار ظهور رسالتهم ورد الحبيبة (الوهمية) عليها حتى أن بعضهم لا ينام الليل ويظل صاحياً حتى الصباح يدردش ويمضي النهار نائماً ويصبح في المحصلة إنسان تافه لا عمل له ولا مصلحة كالخفاش ينام في النهار ويصحوا في الليل لهو جريمة في حق المجتمع . إن قنوات الدردشة هي عامل مخرب إجتماعي ونفسي يجب وضع ضوابط وتقنين لها تمنع التلاعب بها من قبل القنوات التلفزيونية ناهيك عن الكثير من العبارات الخادشة للحياء التي تظهر في بعض هذه المنتديات. قنوات السحر والشعوذة: هذه القنوات مصيبة المصائب فهي من ناحية تمثل قمة الدجل المفضوح والعلني وفي نفس الوقت تبين مدى تفشي الجهل في مجتمعاتنا العربية والدليل أن هذه القنوات خلال عمرها القصير نسبياً بعد أن تدخلت بعض وزارات الإعلام وقامت بإغلاقها جنت ارباحا خيالية تفوق كل تصور . لا يخفى على أحد أن الانسان بطبيعته تواق لمعرفة المجهول وظل الحلم يراوده في أن يتمكن من معرفة المستقبل وخفاياه وإستغل الدجالون هذه الرغبة منذ قديم الزمان فكان هناك العرافون والسحرة والمنجمون والمشعوذون ومحضري الأرواح إلخ من المدعين للقدرة على معرفة الغيب وتغيير مسار القدر وجلب الرزق وتدمير العدو حتى ان الكثير من الناس كانوا ومازالوا لايتخذون خطوة مالم يستشيوا العراف الخاص بهم . وقد دأبت بعض القنوات العربية على إستضافة هؤلاء المنجمين تحت مسميات عالم فلكي او خبير الابراج وغيره لإضفاء الصبغة العلمية عليهم وهي ظاهرة إمتدت لتتحول الى قنوات خاصة بها يمارس فيها المشعوذ السحر وفك الطلاسم والتنبؤ بالمستقبل. إن خطورة هذه الظاهرة عدا عن خسارة المشاهدين المتصلين لأموالهم تكمن في الإدمان على هذه التنبؤات بحيث يبرمج الشخص حياته على أساسها ولا يفعل أي شيء ما لم يكن قد وافق عليه العرافون وبالتالي لا يبذل أي جهد لتحسين حياته معتمداً فقط على التعويذات والطلاسم التي يصفها له هذا المشعوذ أو ذاك. لقد أغلقت الكثير من قنوات السحر ولكن المنجمين لا يزالون موجودين على العديد من القنوات التلفزيونية ينصبون على عباد الله. فلابد من وقفة حازمة تجاه هذه البرامج ومنع التنجيم وكذب المنجمون ولو صدقوا وما علم الغيب إلا عند الله الواحد القهار. برامج طب الأعشاب طب الأعشاب والعلاج بها متعارفة منذ قديم الزمان وكان العطارون بمثابة الصيادلة في الزمن القديم يصفون من الأعشاب ما يساعد على علاج أمراض مثل الصداع والإسهال وفقدان الشهية وغير ذلك من الأمراض التي يسهل تشخيصها على العطار وغالبية هؤلاء العطارون في يومنا هذا هم أشخاص ورثوا هذه المهنة عن آبائهم وأجدادهم وأغلبهم أمي أو ذو تعليم بسيط. ولكن قبل عدة سنوات برزت ظاهرة غريبة وهي ما يسمى العلاج بالأعشاب وأصبح العطارون بقدرة قادر أطباء وصيادلة يصفون من أعشابهم علاجاً لجميع الأمراض من الزكام وحتى السرطان وأصبح لهم برامج تلفزيونية خاصة بهم على العديد من القنوات الفضائية يمارسون فيها النصب والدجل على عباد الله عبر وصفات عشبية ما أنزل الله بها من سلطان مشجعين الناس على عدم مراجعة الأطباء ومراجعتهم هم لأخذ عشب يشفي جميع الأمراض المعروفة والأمراض التي لم تعرف بعد حتى. لقد تمكن هؤلاء الدجالين وأغلبيتهم من لبنان من جني أموال طائلة حتى أن أحدهم أصبح من أثرياء لبنان والجميع ينادونه دكتور وهو أمي لا يعرف القراءة أوالكتابة وله برامج تعرض على أكثر من فضائية تروج لسلعته المدمرة لصحة الناس وجيوبهم ولديه فروع في جميع الدول العربية . إن ممارسة أي مهنة ذات علاقة بالطب دون رخصة من وزارة الصحة والمؤسسات التابعة لها يعتبر من الجرائم الجنائية التي يعاقب عليها القانون بشدة في جميع أنحاء العالم فكيف نسمح لهؤلاء بأن يتلاعبوا بمصائر الناس وصحتهم وحياتهم دون أي حسيب أو رقيب ؟ اذ يمارس هؤلاء أبشع أنواع الدجل عبر بيع الوهم لأشخاص ذوى أمراض مستعصية فقدوا الأمل من كل أنواع العلاج التقليدي فإستغل هؤلاء حاجتهم وضعفهم وكون الغريق يتعلق بالقشة لإبتزاز أموالهم وأموال ذويهم . أين دور الرقابة الصحية على مثل هذه البرامج؟ وأين دور الرقابة الإعلامية؟ هل سيسمح لهم بالإستمرار بهذا الدجل؟ الله أعلم. قنوات الافلام والمسلسلات مع البث الفضائي بدات القنوات الخاصة بالافلام سواء العربية او الاجنبية بالظهور حيث تقوم بعرض افلام ومسلسلات بعضها قديم وبعضها جديد ومع ازدياد حدة التنافس بين هذه القنوات بدات المعايير بالانخفاظ وبدات قائمة المسموحات تتفوق على قائمة الممنوعات لدرجة ان بعض هذه القنوات يفخر بكونه يعرض الافلام والمسلسلات دون ان يمسها مقص الرقيب !! ليس سرا ان الانتاج التلفزيوني والسينمائي الغربي يقوم على ترويج مبادئ وثقافات تختلف عن مبادئنا وتقبح كل ماهو جميل لدينا من قيم الشرف والرجولة والعفة وتمجد الرذائل من تسيب جنسي واباحية وخيانة زوجية . كمثال اذكر احد الافلام الذي اشتهر وعرض ومايزال يعرض على العديد من القنوات العربية الخاصة بالافلام هو فيلم المراة الجميلة لجوليا روبرتس والذي يصور بطريقة خيالية لاتدخل عقل اي انسان كيف ان ميليارديرا يلتقط امراة من الشارع ثم يحبها ويتزوجها اليس هذا ترويجا للانحلال الخلقي اليس هذا ايهاما للفتيات انهن وان سرن في طريق الرذيلة فهناك امل في ان يصبحن سيدات مجتمع ؟كيف يمكن ان نسمح ببث مثل هذا الفيلم في مجتمعاتنا ؟ والانكى من ذلك بعض الافلام والمسلسلات التي تمس عقائدنا الدينية في الصميم واذكر مثالا هنا مسلسل الاخوات الساحرات الثلاث والذي تفتخر احدى القنوات العربية ببث احدث مواسمه وهو مسلسل يروج لفكرة ثلاث ساحرات يحاربن الشياطين بامر من الالهة والعياذ بالله وبمساعدة ملاك يتزوج احداهن فاذا لم يكن هذا المسلسل هو الكفر بعينه فلا ادري كيف يكون الكفر ؟ عندما نروج لفكرة تقوم على الالحاد وتعدد الالهة والشرك ونفي وجود الله والاستهزاء بالملائكة فماذا نسمي ذلك ؟تسلية؟ صدقوني من انتج المسلسل كانت التسلية اخر همه بل هو فكر منهجي يهدف الى زعزعة ايمان الجيل الشاب بكل معتقداته الدينية واستبدالها بخرافات مثل الساحرات ومصاص الدماء اينجل اللذي يوصف دوما بانه المختار او المنتظر !!! مرورا بافلام مثل ماتريكس الذي يقوم على عقيدة المسيح الدجال الذي تروج له الصهيونية على انه المخلص الموعود .او افلام الخيال العلمي التي تجعل كلها مصير البشرية بيد رجال الفضاء وكان لا اله لهذا الكون وان خلاصنا ونجاتنا هي بيد سوبرمان ورفاقه!! ان من واجب كل اسرة ان تجالس اطفالها ومراهقيها اثناء مشاهدة هذه المسلسلات لان منعهم من ذلك اصبح امرا عسيرا وتوجيههم وتفهيمهم بالحقائق وان هذه الافلام ليست سوى خيال الكاتب ولا مكان لها على ارض الواقع . لقد حاول اجتماع السادة وزراء الاعلام العرب الاخير وضع ضوابط واليات مراقبة للقنوات تمنعها من البث دون حسيب او رقيب ولكن ومع الاسف فان التركيز كان فقط على الجانب السياسي والاخباري ولم يتطرق بشكل واضح الى بقية القنوات وكذلك لم يوجد الية مناسبة لايجاد نوع من الرقابة على البث الفضائي الخاص بجميع اشكاله واود هنا وبحكم خبرتي كاعلامي ان اقترح النقاط االتالية : 1- ايجاد اتحاد عربي للقنوات الفضائية تحت مظلة الجامعة العربية تلزم جميع القنوات بعضويته وبخلاف ذلك لايحق لها او لمراسليها العمل في اي بلد عربي كما تمنع الشركات الاهلية والحكومية من بث اي اعلان على اي قناة خارج الاتحاد المذكور ويقوم هذا الاتحاد بوضع الضوابط التقنية والاخلاقية لجميع القنوات العاملة في الوطن العربي سواء كانت محلية ام اجنبية . 2- الزام المؤسسات التي توفر خدمات البث الفضائي بالتنسيق مع الاتحاد وعدم توفير حزمة فضائية لاي قناة خارج الاتحاد المذكور . 3- يقوم الاتحاد بالتنسيق مع الهيئات الدينية المعترف بها عالميا لوضع ضوابط للقنوات الدينية ومنع فوضى الفتاوى . 4- الزام جميع القنوات بان يكون لديها خطة عمل واضحة مدعومة بميزانية واقعية مدفوعة بالكامل لمنع انهيار هذه القنوات بعد فترة قصيرة من بدء تشغيلها 5- الزام القنوات بان يكون مدرائها من الاعلاميين ذوي الخبرة وان لايكون مدراء القنوات ممن لايملكون اي معرفة او خبرة بالعمل الاعلامي . 6- الزام القنوات بالشفافية المالية ومصادر التمويل والدعم منعا لاستغلالها في جرائم تبييض الاموال كما يحصل في الكثير من دول العالم . 7- الزام القنوات المتخصصة بالتنسيق مع الوزارات المعنية بعملها مثل وزارة الصحة للقنوات الطبية وما الى ذلك . 8- الزام القنوات بان تكون جميع مسابقاتها والسحب على الجوائز تحت اشراف هيئات حكومية معتبرة منعا للتلاعب والغش . اتمنى ان تطبق هذه المقترحات يوما لكي نامن على اجيالنا من خطر الهجمة الاعلامية الشرسة لبعض الفضائيات .علما ان مقالي هذا لايعني نفي الدور الايجابي الذي تقوم به العديد من القنوات الفضائية في اثراء واغناء الثقافة والادب والعلم ونشر المحبة والتسامح والوعي الديني والوطني على امتداد عالمنا العربي الكبير .
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |