|
الازمات الداخليه والنفط
مصطفى احمد محمد ـ باحث كيميائي في مجال النفط والبيئه ـ المانيا اصبح بامكان مختلف الاوساط التعرف على خفايا الصناعه النفطيه في الرقعه الجغرافيه المحدده بأرض العراق بعد ان كانت حصراً على شريحه ضيقه من منتسبي القطاع النفطي ايام حكم صدام . بيد ان الخارطه النفطيه لهذه الرقعه وضعت اصلا منذ قرن من قبل الحكومه البريطانيه صاحبة الامتياز لما كان العراق غارقاً في نومه إذبان الحكم العثماني. اما اليوم فهذه الخارطه اصبحت مباحه بعد ظهور الانترنيت الذي اغنى الجميع بتداول هذه المعلومات في جميع انحاء العالم .. أرض العراق تحتضن احتياطي نفطي هائل وقد بلغت سمعته اعلاميا بكونه ثاني اكبر احتياطي في العالم وامتزجت عملية احتلال العراق بمستقبل الشرق الاوسط وسط تناقضات عديده بسبب هذا الاحتياطي . الجهاز النفيذي الذي تضمن الخبرات والقوى العـامله لهذه الصناعه الاستراتيجيه قبل الاحتـلال كان من موروث مجموعه والتي تم تهيئة معظمها في انكلترا . BPC وشركة نفط البصره IPC من الشركات العملاقه مثل شركة نفط العراق انتقلت تدريجيا تلك الخبرات الى الكوادر العراقيه التي تمكنت ادارة اعقد العمليات في مجالات الاستكشاف والحفر والانتاج والتصفيه والتسويق . ومن البديهي كان صدام يتبع سياسه معروفه ومكشوفه بابعاد العناصر الكورديه عن هذه المجالات كليا الا ما ندر من البعض كواجهه وبذلك افتقرت المنطقه الكورديه برمتها وحرمت تماما من مختلف اصناف الكوادر في هذه الصناعه ولا يبدو اليوم في اقليم كوردستان والذي يخوض غمار هذه الصناعه اعداد انظمه دقيقه لسد هذه الفجوه الكبيره . صدام قام بابعاد جميع الكوادر النفطيه الكورديه من مدينة كركوك ونقلها الى مختلف مؤسسات الدوله في وسط وجنوب العراق واحالة معظمهم على التقاعد ضمن حملة التطهير العرقي للمدينة التي يختلف الكثيرون حول مصيرها ، كما وان منطقة خانقين النفطيه هي الاخرى لم يكن مصير سكانها الكورد اقل معاناة من اهل كركوك وقد تبين اليوم وبجلاء كون عمليات التطهير العرقي لهاتين المدينتين من قبل صدام قد نالت رضى الاداره الحاليه في العراق بمختلف مراكزها والا فان اعادة الاستقرار اليهما لا تحتاج الى هذه التعقيدات التي تتميز بالسفسطه والهرطقه بينما السكان اليوم بواقعهم بعد زوال صدام ربما يقتنعون بالمعايشه والتآلف بعيدا عن تدخلات رجالات الحكم ومن يقف خلفهم ، الا ان هذا حلم بعيد المنال اقليم كوردستان يحتوي 22,5% من نفط العراق ، باعتبار مدينة كركوك ضمن الخارطه الحقيقيه للاقليم والعمليات الاستكشافيه التي قامت بها الشركات النفطيه الاجنبيه قديماً لم تشمل معظم اراضي الاقليم وقد قتصرت على مناطق شرقي نهر دجله والتي توقفت بعد عام 1960. وبعد ما قام صدام بزوبعة تأميم عمليات تلك الشركات عام 1972 فقد تم مسح الاقليم زلزاليا ، والحقول التي اصبحت قيد الاستثمار اليوم تم استكشافها بفرق زلزاليه عراقيه ، اما ما يعلن للبعض منها فقد النرويجيه وهناك تصريحات سابقه أن الاقليم حدد استكشاف 6 حقول نفطيه باحتياطيDNO تم استكشافها من قبل شركة 45 بليون برميل وحقلين للغاز باحتياطي 100 تريليون قدم مكعب والتي انيطت عملياتها بنفس الشركه النرويجيه وبذلك دخل الاقليم في ازمات مع وزارة النفط في بغداد والعديد من الاوساط بعدم شرعية العقود مع تلك الشركات التي تعمل بصيغة تقاسم الانتاج . التناقضات ترتسم على تصريحات مراكز عديده بين كل من حكومتي بغداد والاقليم . المؤتمر الاخير بين الشهرستاني ورئيس وزراء الاقليم ، ففي اربيل صرح رئيس وزراء الاقليم وامام الشهرستاني بامكانية تصدير 100 الف برميل نفط خام يوميا عن طريق ميناء جيهان التركي وصب العوائد في الخزينه المركزيه التي لا وجود لها ، وعندما عاد الشهرستاني الى بغداد اعلن فور وصوله ان تلك العقود غير مشروعه لتشب ازمه جديده في الوسط القابل للاشتعال في اي وقت يتطلبه الوضع ويلاحظ بان العقود التي يوقعها الاقليم لا تشمل شركات نفط معروفه بسبب تخوف تلك الشركات الاوضاع العراقيه عموماً ولكن شركة نفط نرويجيه او تركيه او كوريه صغيره تطمع بتحقيق ارباح مضاعفه بسبب تلك الاوضاع بالاضافه الى اكتساب الخبره . الاقليم يثير بغداد بتصريحاته بامكانية تصدير مليون برميل يوميا افتراضاً عام 2012 ، تضاف الى تلك تصريحات اخرى للمسؤولين عموما والتي تصب في بعثرة الجهود المتواضعه والفقيره للقطاع النفطي حديث العهد في الاقليم . غرباً هناك حقول عملاقه للنفط في المناطق الخاضعه للحكومه المركزيه في بغداد ، ففي كركوك بلغ الانتاج ذروته عام 1979 قرابة مليونين برميل يوميا ، الاقليم يتفائل اكثر مما متوقع في الوقت الذي معظم الحقول التي نوه عنها فيه ليست سوى حقول متواضعه لا يمكن مقارنتها بحقول منطقة كركوك . التحدي الذي يجابه اقليم كوردستان هو الافتقار للبنيه التحتيه الاجتماعيه والاقتصاديه والسياسيه بالاضافه الى انعدام الخبرات والقوى العامله والتكنولوجيا ، ففي حصيلة عقدين من الزمان لم يتم إنجاز بناء ولو مصفى متواضع او اعادة الروح الى مصفى الوند في خانقين في حين بقايا القوى العامله النفطيه العراقيه في بغداد وبعد تشتت خبراتها العظيمه اليوم قادره على بناء مصافي بجداره كما جرى في كل من النجف والديوانيه والسماوه بالرغم من تواضع مواصفاتها بالاضافه الى اداء اعمال الصيانة والادامة لمصافي الشعيبه والدوره وبيجي والحقول النفطيه العملاقه شمالا وجنوبا .. التحدي الآني للاقليم هو إثارة استحصال نتيجه ايجابيه من مسرحية الاستفتاء المزمع عقده على مدينة كركوك المتباينة الاعراق وسيناريو اطماع الكورد في نفطها والذي يتعلق بضمان عدم الانجرار لان يكونوا سبباً لنشوب خلافات غير حميده النتائج ولكن الدلائل لا تشير الى تهدئه لهذه الاوضاع الساخنه بل العكس .. موروث صدام كان الاساس لازمات حاضر العراق . هذا هو جزء من سيناريو الاستثمارات والصناعه النفطيه بين الاقليم والحكومه المركزيه في ظل الاحتلال .
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |