|
مطلوب من الأمم المتحدة تشكيل لجنة تحقيق دولية
مصطفى إبراهيم مع مرور الأيام الأولى للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ووضوح صورة وحجم الدمار الهائل والبشع، والجرائم الخطيرة التي ارتكبتها قوات الاحتلال، والعدد الكبير للشهداء والجرحى في صفوف المدنيين الفلسطينيين، تسابق عدد من مؤسسات حقوق الإنسان الدولية والعربية والمحلية، ومحامين وناشطي حقوق إنسان لإطلاق تصريحات صحافية تحض على تحضير ملفات قانونية من أجل محاكمة قادة دولة الاحتلال كمجرمي حرب. العدوان الإسرائيلي الهمجي على القطاع، وإن اختلف هذه المرة في حجمه وشراسته وقوة النيران والدمار الذي خلفه، ونوع الأسلحة التدميرية المختلفة والمحرمة دولياً كالفسفور الأبيض واستخدامه ضد المدنيين، عزز من قناعة مؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية بالتعاون والتنسيق مع مؤسسات دولية للإسراع في تحضير ملفات قانونية من خلال عملها الذي لم يتوقف في يوم من الأيام من أجل رصد وتوثيق الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان الفلسطيني، والجرائم الخطيرة التي ارتكبتها قوات الاحتلال. ومع الاحترام والتقدير إلى كل هؤلاء، الا أن هذا الحماس والاستعداد يضفي ظلالاً من الشك وعدم الثقة في المؤسسات الدولية، خاصة الأمم المتحدة، في ظل الاتهام الموجه إليها من الفلسطينيين بالانحياز للدولة العبرية وبالذات من قبل مجلس الأمن الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة، وبعض الدول الأوربية. ويدل الفلسطينيون على ذلك بالقرار الأخير غير الملزم رقم1860، الذي صدر عن المجلس المتعلق بوقف إطلاق النار، الذي حاولت بعض الدول تأجيله وتعطيله، وغيره مئات القرارات الأممية التي لم تطبق حتى الآن ولم تنصف الفلسطينيين على الإطلاق. وعلى رغم جدية بعض المؤسسات الحقوقية، والاستعداد الكبير لديها في العمل من أجل إعداد ملفات قانونية ضد قادة دولة الاحتلال ومحاكمتهم كمجرمي حرب، خاصة أن بعضاً منها حقق بعض النجاح في ملاحقة عدد من قادة دولة الاحتلال من خلال بعض المحاكم الوطنية في دول أوروبية، وأستراليا، إلا أن ذلك يحتاج إلى جهد كبير وغير عادي وتجميع كل الجهود والطاقات، وعدم تبديدها لإعداد ملفات لا تدع مجالا لاختراقها وعدم القدرة على تقديم كل الأدلة اللازمة. ويرى ناشطون فلسطينيون في مجال حقوق الإنسان في ذلك عملية معقدة ومركبة وليست سهلة وتحتاج إلى وقت طويل من الزمن، خاصة في ظل عدم وجود بعض الأدلة والإثباتات ما يقلل من إمكان نجاحها، ما يعتبر ضرباً من الخيال في ظل الظروف الدولية الحالية والمؤيدة للدولة العبرية، وسيطرة الولايات المتحدة على مجلس الأمن. إن قرارا لامين العام للأمم المتحدة بتشكيل لجنة تحقيق خاصة بقصف وتدمير المقرات التابعة لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين " أونروا" عل أهميته وضرورته، الا أنه غير كاف . ليس المطلوب من بان كي مون، الذي اكتفى أثناء زيارته إلى القطاع بعد يومين على وقف النار بزيارة المقر الرئيس لـ" أونروا"، أن يقول عندما شاهد الدمار في غزة، أنه يشعر بالحزن والصدمة. فالأمين العام للأمم المتحدة يمتلك صلاحية تشكيل لجان تحقق في كل ما وقع من جرائم، وليس تشكيل لجنة خاصة فقط بالتحقيق في قصف مقرات "أونروا"، وتدميرها، على أهمية ذلك، فهذا لا يمنع تشكيل لجان تحقيق في مجمل الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل في الحرب على قطاع غزة، خاصة وان الوقائع والدلائل على الأرض توضح نوع الجرائم والأسلحة المحرمة دولياً، واعتراف الجيش الإسرائيلي من خلال تحقيق أجراه بعد وقف إطلاق النار أن عدداً من البيوت تم تدميرها من دون مبرر. إن مؤسسات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الإنسان مطالبة بممارسة الضغط على الأمين العام للأمم للاضطلاع بمهامه، وتشكيل تلك اللجان والضغط على إسرائيل للسماح للمقررين الخاصين بالعمل وتمكينهم من الوصول إلى قطاع غزة، وجمع الأدلة والبراهين من خلال مقابلة الضحايا ومؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية العاملة في قطاع غزة التي تمتلك من الخبرة والفرق العاملة التي بدأت بتوثيق الجرائم وتجهيز الملفات. لكن المطلوب أيضا من مؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية التنسيق فيما بينها والعمل معاً،والتعاون مع جهات محلية وعربية ودولية أخرى لتغليب مصلحة الضحايا، لعل وعسى يجدون من ينصفهم ويقتص لهم من القتلة المجرمين.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |