أوقفوا بناء السدود وحفر الآبار الإرتوازية
 

جهاد علاونه
jehad_alawneh@yahoo.com

هل تعلموا أن بناء السدود المائية أدى في الحضارات القديمة إلى هجرات سكانية وتلاشت بذلك حضارات كانت مزدهرة قبل بناء السدود المائية ؟

لقد كانت جمهورية مصر تنتجُ سنوياً أكثر من 8000آلاف طن من سمك السردين، وكانت هذه الأسماك تعتمدُ في غذائها على (الغرين) الذي يجلبه نهر النيل إلى البحر المتوسط قبل بناء سد (أسوان), وما زال المصريون الذين يسكنون على حافة نهر النيل يتعرضون أيضاً سنوياً للقارص والبعوض والذباب بكافة فصائله والحشرات السامة، التي تراكمت على حواف نهر النيل بسبب عدم فيضانه .

إنها لفكرة مؤثرة تلك المنبعثة من أفواه السلاطين الذين أناروا(أضاؤا) الصحراء، ولكنهم لم يكونوا يدرون أنهم خلقوا صحارى أكثر مما خلقوا جنات وعيون، وأن الفكرة الأكثر مقتاً تلك التي تعدُ الإنسان بمزيد من الغذاء، والتي على مايبدوا وعدته بمزيدٍ من الجوع والتعب، وبدل أن تجد السدود أراض خضراء أو جدت صحارى قاحلة .

لقد منع سد أسوان من فيضان نهر النيل، وكانت النتيجة غياب الوعي السياسي والثقافي المصري، وبدل أن يطالبوا عبد الناصر بالإستقالة كانوا يلوحون له بقلوبهم وبأيديهم ويناشدونه أن يبقى حاكماً لهم، رغم أن السد العالي قد جوع الملايين من المصريين .

تحت منزلي تقريباً ب 7كيلو متر، هنالك سدٌ مائيٌ ضخم أقامته الحكومة الأردنية، وأذكرُ قبل السد أننا كنا نذهبُ لهناك ونلعبُ بين أشجار الموز ونشربُ من الينابيع، وكان موقعاً سياحياً ضخماً ومركزاً ومصدراً لكثير من الفلاحين المزارعين الذين يسقون مزارعهم ووحداتهم من تلك الينابيع، وخصوصاً تلك المياه التي كانت تتدفقُ مع مياه الأمطار .

ولكن ماذا حدث ؟

بنت الحكومة سداً, وتراكمت الثروة بيد قلة من المزارعين وروى السد كثيراً من الأراضي التي لم تكن تصلها المياه، بنفس الوقت الذي حرمت من هذه المياه كثيرٌ من الأراضي الزراعية.

إنه لا أحد يستطيع أن يقول علمياً أن الأراضي التي تستفيدُ من بناء السدود، أكثرُ منن الأراضي التي تحرم من خيرات السدود المائية .

وأينما تم بناء سد لا بدَّ أن يتبعه نقصٌ عام في مستوى مياه الأبحر .

حتى أن حفر الأبار الإرتوازية أيضاً ساعد على نقص عام في مياه البحور، نظراً للتشققات التي تحدثُ في باطن الأرض والسماح لملايين الأطنان من المياه البحرية لتحل محلها .

وكانت نسبة الزراعة أكثر ُ من نسبتها قبل بناء السدود، ولقد قلت نسبة الزراعة إلى ال 50خمسين % منها عن سابق عهدها .

ويستغلُ القادة العسكريون مشاريع بناء السدود، في حملات دعائية كاذبة عن الإنجازات العملاقة التي تحدث أو التي حدثت في زمنهم .

ولكل دكتاتور عربي سد مائي كبير يفتخرُ ببناءه، وبإنجازه كعلامة على النهضة العمرانية والخيرات التي عمت أو تعُمُ في عصر كل حاكم .

حتى في الولايات المتحدة وفي الدول المتقدمة علمياً لم تعد مسألة بناء السدود علامة على الرقي بل هي عملية إخفاء الأخطاء بقتل الناس، أو بقتل وتصحير جزء كبير من الأراضي الغير مالحة .

إن الأطباء عموماً يخفون أخطاأهم الطبية بقتل مرضاهم، وكذلك السياسيون يخفون أخطاأهم ببناء السدود .

وإن السد العالي والذي بناه حاكم عادل ومستبد مثل جمال عبد الناصر، كان من المفترض أن يقوم بإطعام الملايين من الجوعى، غير أنه على العكس لم يفلح في ذلك، وهذا أمرٌ أدى بخلفه السادات أن يرفع الأسعار عام 1974م, وهذا يعني أن السد لم ينهي المشكلة .

وكان النيل الذي يفيضُ كل عام يقضي فيضانه على الملايين المنتشرة من الحشرات،وكذلك (التغرين) وأدى بناء السد العالي في مصر إلى إختفاء تجارة الأسماك وإلى نقص عام في مياه الأبحر، وكذلك إلى التملح على ضفاف الأبحر .

إن الكلمة الأخيرة هنا للطبيعة وليس للإنسان، صحيح أن الإنسان إستطاع بثوراته العلمية أن يسيطر على الطبيعة ولكن أمنا هذه لها اليوم الكلمة الأخيرة، إنها ترفض إستغلالها بهذا الشكل، ويقول العالم : جورج بورجرستروم في هذا الموضوع :

" من المحتمل أن المساحة الصحراوية التي خلفها الإنسان خلف ظهره، هي أضعاف الأضعاف من الأراضي الزراعية المروية، التي خلفها الإنسان خلال 100عام من ثورته العلمية "

إن إنجازات العسكريين المستبدين ..لا تغري عقول العلماء،بل هي فقط من أجل تحقيق مصالح في مجتمعات متخلفة لا تعرف شيئأ عن الأضرار التي تسببها السدود المائية .

لقد عمل الإنسان على ري بعض الأراضي الزراعية، القليلة المياه, ولكنه بنفس الوقت ترك خلفه آلاف الهكتارات من الأراضي التي كانت أصلاً زراعية، وكذلك لا توجد أي دولة في العالم تستطيع أن تكافح الحشرات التي تنتشرُ على حواف الأنهر، وهذه الحشرات لا يقتلها أو لا يقضي عليها شيء كما يقضي عليها الفيضانات المنظمة للأنهر .

يجب أن يتوقف الإنسان عن بناء السدود، كدعاية مضللة لقدرته على الإنتاج، ولقدرته على التحكم بالقوى الطبيعية .

 العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com