أزمتنا السّــكنيّــة و"الصـهيونيّــة"!!

 

سهيل أحمد بهجت

sohel_writer72@yahoo.com

يجدر بنا كعراقيين أن ننظر في نمط البناء الذي نستخدمه عندنا، سواءٌ أكان فيما يتعلق بالمباني السكنية والأبنية الأخرى، ولأنني لست مهندسا فإني أود هنا أن أتحدث عن هنا فقط عن نمط الأبنية والتي يغلب عليها طابع الإسراف والتبذير ودون أن يكون هناك أي نوع من الجمالية ـ على الأقل ـ في هذا النمط، فأزمة السكن التي يعانيها العراقيون الآن ليست عائدة فقط إلى أن النظام السابق دمر البنية التحتية والبشرية فقط، ولكن هناك أسبابا تتعلق بالفساد والتعامل مع هذه الأزمة السكنية بالعقل القديم.

أبنيتنا ومنازلنا عموما يبنيها المواطنون في فوضى عارمة وبجهد شخصي يقع على عاتق رب العائلة نفسه والبناء لا يتم عن طريق المؤسسات والمنظمات الحكومية والأهلية مما يفقد البناء وعملية الإسكان أي نوع من التنظيم والتناسق مع البيئة وجمالية المدن ودون أي تنسيق مع الجهات القانونية وتخطيط المدن، كما أن التوسع على المستوى الأفقي والأبنية ذات الطابق والطابقين أهدرت مساعات واسعة كان من الممكن بناء عمارات سكنية فيها مضافا إليها الخدمات والمرافق الخدماتية والاجتماعية والمتنزهات وإلى جانب هذه التجمعات السكنية المنظمة كان يمكن ترشيد هذه المجمعات بحيث تشكل ثقلا تجاريا واقتصاديا، إلا أن عملية البناء بقيت إلى حد الآن منوطة بالمواطنين لا المؤسسات، ولحد الآن لا يبدوأن الحكومة جادة لمواجهة هذه الأزمة السكنية.

ولكي نستفيد من خبرات الآخرين في البناء وبمتابعة بسيطة لنمط الأبنية في بلدان الغرب كالولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا واليابان، نجد أن غالبية المساكن مكونة من مواد بسيطة ـ والمهندسون أدرى مني بهذا الشأن ـ وغالبية هذه المساكن مبنية من الخشب والآجر وبالتالي لا تستهلك الكثير من الطاقة من حيث التدفئة والتبريد، وعملية بناء المساكن ليست شأنا خاصا بالمواطنين، ونادرا ما نجد شخصا يبني بيتا حسب الرغبة، بالتالي تم القضاء على أزمة السكن في تلك البلدان الديمقراطية لأن المسألة تجاوزت كون السكن من "الكماليات" وتم التعامل مع مسألة السكن كـ"أي خدمة ضرورية" أخرى حالها حال الماء والكهرباء مع تنسيق كامل مع البلديات والإدارات المحلية في خلق مظهر جمالي منظم للمدن، فتجد الرؤساء الأمريكيين مثلا يعدون "كل مواطن" لا "كل عائلة"!! بأن يكون له مسكن خاص به.

أعتقد أننا لوقمنا بعد المبالغ المصروفة على الأبنية السكنية التي تبنى عندنا من "السمنت" و"الرخام" وغيرها من أنواع المواد المستخدمة في البناء، لوجدنا أن كلفتها تعادل بناء ملايين الدور السكنية الكفيلة بتجاوز أزمة السكن في بلاد الذهب الأسود، بالإضافة إلى أن كل منزل من هذه المنازل يحمل مظهرا قبيحا "أشبه بالقلاع الحربية" منه بالبيت والسكن إلى جانب العشوائية في تخطيط هذه المنازل فلا يتشابه بيتان، والمؤسف حقا أن هناك أحزابا من نمط "البعث القومي" لها يد في ارتفاع أجور المنازل وحتى الإيجارات السكنية، بل إن شركات كورية عرضت على السلطات المحلية بناء مجمعات سكنية وبأسعار مخفضة إلا أن الحزب "المناضل البطل"!! اشترط على الشركات أن تكون للحزب ملكية 55% من هذه الأبنية فما كان من الشركات إلا أن انسحبت، كما أن هذا "الحزب المناضل" ـ والذي سيسقط قريبا ـ ساهم وللأسف في أرتفاع جنوني لأسعار المنازل والعقارات بلغت حد أن يعتبر شخص أمريكي شراء "فيلا راقية" في أرقى أحياء "واشنطن العاصمة" أرخص من شراء عقار كهذا.

نحن في بناءنا نفتقر إلى الرخص والبساطة والسهولة في البناء وسوءا في التوزيع، حيث نجد شخصين يسكنان في قصر مكون من 25 غرفة (عدى المساحات الإضافية)، بينما تعيش ثلاث عوائل ـ قرابة 17 فردا ـ في بضعة غرف (مؤجرة)، إن هذه الطبقية تبقى على الدوام تهديدا حقيقيا لاستقرار المجتمع العراقي ولتذهب التيارات الدينية والقومية اللعينة إلى الجحيم، تلك التيارات التي تحتج على كل شركة تأتي لبناء الإنسان والوطن بحجة "أن الشركة إسرائيلية وأمريكية" وأقول لهم:

إذا كانت الشركة "الصهيونية ـ كما تسمونها" ستبني للعراقي بيتا وسوقا ومستشفى ومدرسة ومصنعا للعمل؟ فمرحبا وأهلا وسهلا بـ"الصهيونية".

عاش الإنسان العراقي وليذهب المتخلفون للجـحيم

 العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com