|
عن الانتخابات .. ليس الحديث متأخرا
عماد خليل بِله يمكن الكتابة كثيرا عن دور ومسؤولية السياسات والاجراءات الامريكية في صناعة الدمار في العراق -الشعب والوطن- لكن بنفس الوقت لايمكن الا الاقرار بانجازين باهرين غيرا مجرى التأريخ العراقي وفتحا طريق بناء المجتمع المدني ، ودفع الخطى في الطريق الصحيح للحاق بركب الحضارة ، الا وهما اولا القضاء على الديكتاتورية وانهاء طغمة وفكر الحكم الشمولي ومؤسساته القمعية ، وقد افرح هذا الانجاز غالبية العراقيين اذ هم ضحايا اضطهاد ذلك النظام ، ويفرح بقية العراقيين وهم الذين اعتقدوا وعلى غير حق بانهم خسروا السلطة بزوال الدكتاتورية عندما يترسخ الانجاز الثاني المتمثل بتاسيس النظام الديمقراطي الانتخابي، حيث يستطيع جميع العراقيون ايصال من يرونه يمثل مصالحهم وطموحاتهم الى مواقع السلطة بارادة اختيارهم وليس عبر انقلاب يفرض ازلامه. لقد خاض العراقيون الانتخابات المحلية السابقة وهم في حالة من التخدير الانفعالي الطائفي والقومي المغلق، والذي ادخل البلاد في نفق من الارهاب و الفساد المالي والاداري لعدم استعداد القوى المسيطرة لتحمل المسؤولية كقيادة دولة وافتقارها لبرنامج بناء وطني، وضعف وانية مفاهيمها في الحكم والادارة ، فاستحبت الفوضى حيث الفقاعات تصعد نحو السطح لتغطي الخلل فيها، و اكتفى بعضها بالميل اين ما تميل الريح، و انشغل الاخر في عمليات تخريب متعمدة منفعلا بوهم وراثة غير شرعية للنظام السابق. وقد اظهرت الانتخابات الاخيرة ان الاحزاب التي لعبت بساحة السياسة العراقية خلال السنوات المنصرمة منذ التحرير تجهل بعمق وتأصل بحث العراقيين عن الافضل . فعند امعان النظر بنتائج الانتخابات حيث الاحزاب صاحبة الحظ الاوفر في الكراسي حصلت على ( 3,5 ) مليون صوت من مجموع اصوات ال( 7,5 ) مليون مقترع ، فهي لم تحقق الغالبية لكن نظام الانتخاب مصمم بحيث يسمح لها ان تشفط الاربعة (4) مليون صوت التي ذهبت الى العدد الكبير من الاحزاب الصغيرة والحديثة التكوين التي ضيعت الفرصة باحداث تغيير حاسم ، فهذه الاحزاب رغم تشابه اهدافها وامكانية اجتماعها على برنامج مشترك اثرت التشتت بفعل المناطقية والزعامة. اذن فازت احزاب الاسلام السياسي الممثلة للائتلاف الموحد وضمنت الاستمرار في السلطة المحلية لاربعة اعوام قادمة ، فهل تعي دروس التجربة لتعالج اسباب ابتعاد الناس عنها بهذا القدر الكبير من الاحتجاج؟ احتجاج تمثل بفوزها بنسبة اقل من ربع عدد الذين يحق لهم التصويت، أم سنجد (نفس الطاسة ونفس الحمام) بعد ان تهدأ هوسات الدعاية والاعلان ويأتي زمن العمل الفعلي، هل ستتمكن بل ،هل ستعمل القيادات القديمة الجديدة والجديدة (لنكَ) من تحويل دولة الشوارع والحدائق والجزرات الوسطية الى دولة تخطو في الطريق الصحيح لبناء صناعة وزراعة وخدمات حديثة. من المؤكد ان اربعة سنوات كافية لانجاز مشاريع ناجزة في مختلف الاتجاهات، واذ يحاول البعض ان يجد مبررا للتقصير بادعاء انخفاض او عدم وجود موارد مالية كافية ، ان اعادة جدولة الاولويات ، واستخدام علمي وعقلاني لما يتوفر من موارد ، واعادة توزيع الميزانية المحلية لكل محافظة، واسترجاع الاموال المسروقة من اللصوص المعروفين، واعادة تقييم كلفة ما انجز من مشاريع على الواقع وعلى الورق واستعادة المبالغ المدفوعة دون وجه حق ، كلها تشكل موارد جيدة ان استخدمت بالوسيلة الصحيحة لتحققت انجازات هي كبيرة مقارنة بما تم خلال الفترة السابقة. من المفهوم العام ان الحرامي لن يتحول بين ليلة وضحاها الى تقي شريف ، فمن قام بعمليات الغش والسرقة والفساد والتغطية على الممارسة اللاشرعية لا يتوقع منه ان يقود عملية بناء جاد وحقيقي في الفترة القادمة ، وفقط الساذج تساوره هكذا قناعة ، يقول المثل العراقي ( ذيل الجلب حطوه بالكصبة اربعين يوم ورادوه ينعدل ما انعدل) ، اربعة سنين لن تكون كافية لتحول المسؤولين الحرامية الى موظفين نزيهين، فهؤلاء مثل جهنم ينادون هل من مزيد. وهذه النتيجة تطلب من الاحزاب التي تتحكم بالمجالس القادمة ان تمتص الصدمة وتستوعب اسبابها ، والقوائم الفائزة عليها ان لا تركن الى الغرور ، فالجميع يعلم ان التصويت ما كان بناءا على برنامج انتخابي وانما تقييم مرحلي ، وان تقييما اخر سيجري بناءا على مستجدات الاحداث والمتطلبات. من المعتاد انه ليس بالضرورة ان يكون كل وحتى بعض اعضاء المجالس من ذوي التخصصات والخبرات الخاصة فمواقعهم السلطوية هي سياسية اولا واخيرا في ظل الظروف القائمة وهنا يبرز اهمية ان يكون الكادر التنفيذي الذي يضع ويدرس وينفذ مشاريع الخطة السنوية وخطة الاربع سنوات مكون ممن هو وهي اهلا بالمهمة، وهذا الاهلا بالمهمة يُلزم به وبها ان يكون من اصحاب معرفة وخبرة كافيتان ، ووطنية واضحة المعالم ونزاهة مشهودة، اذ لا يكفي توفر المعرفة النظرية والخبرة فقط ، لان انعدام الوطنية والنزاهة قاد الى مشاركة فاعلة في حالة الخراب والهدر واللصوصية بتضامن صارخ مع الفاشلين وعديمي الكفاءة، وحتى لا تطول مقالتنا وتغدو مملة ، يكفي القاريء اللبيب ان يتوجه صوب اية وزارة او مؤسسة او هيئة ليرى المأساة. نتوقع ان تكون النتائج افضل نسبيا مستقبلا ، خاصة للاشهر الباقية على الانتخابات النيابية فهي زمن مباراة للحصول على الكأس، الا اذا اصر الفائزون بانتخابات مجالس المحافظات على الانتحار. يقول بعض المتشائمين من النتائج ان ( الزمال نفس الزمال بس الجلال مبدل) ، ويخشى ان تكون الفهلوة واستغفال عواطف العراقيين قد قلبت المثل الشعبي وتكون النتيجة على قدر الخيبة واكثر عندما تبين الوقائع ان الصورة انعكست وصار ( الجلال نفس الجلال بس الزمال مبدل). يكمن الخوف لان اجراءات حاسمة بحاجة الى روح وخطوات ثورية.........!
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |