|
اهمال وزارة الزراعة لتربية الدواجن وأضرارها على العراق والعراقيين
طعمة السعدي / لندن ليس هنالك بلد في العالم قفز قفزات واسعة في التقدم العلمي والتقني والصناعي والرفاه الأجتماعي الا استنادا" الى قاعدة قطاع خاص قوي وشركات وطنية تسندهها مصارف أهلية أو حكومية تمويلا" بفوائد تنافسية أو معدومة وعلى أسس علمية وبيانات موثوقة ودراسات جدوى اقتصادية رصينة تؤمن نجاح مشروع القطاع الخاص. وهذا هو أساس العمل في الدول الرأسمالية التي قفزت و تقفز قفزات واسعة في التقدم والأزدهار (كما نقفز نحن قفزات واسعة في هوة التخلف والأنحطاط السحيقة) رغم ما يصيبها من أزمات متكررة تتناوب كل عقدين من الزمان أو أكثر لتخرج منها معافاة كما يتعافى المرء من الزكام. ويستثنى من ذلك الصين بفضل الكم الهائل من الأيدي العاملة الرخيصة والتي بلغت سن الرشد (الصين) بدورها وصارت تشجع القطاع الخاص مما حقق لها نموا اقتصاديا يشبه المعجزة في زمن قياسي بالنسبة الى زمن بناء الدول والحضارات. نحن في العراق ينطبق علينا المثل الشعبي المعبر (لا حظت برجيلها ولا خذت سيد علي)، لأننا نتخبط وأضعنا السبيلين (المشيتين)، فلا الحكومة قادرة على تحقيق تقدم يذكر بسبب الفساد المستشري من القمة الى أبسط الموظفين حتى أصبح الفساد هو القاعدة والنزاهة هي الأستثناء النادر . فمن لا يسرق هو تقوم زوجته البطلة بذلك عن طريق شركاتها العديدة ونفوذ زوجها الذي يزداد كرشه كبرا"، أو أولاده أو شركات مسجلة بأسم غيره. وللشياطين طرقا" وأساليب لا تعد ولا تحصى. والقطاع الخاص يفتقد الى نظام مصرفي يسنده بفوائد معقولة بحدود 3% ولا تتجاوز ال 5% في كل الأحوال وليس بنسب صاروخية تدمر الأقتصاد والبلاد تبلغ 15 الى 20% كما هو حاصل في العراق الذي يجب أن تخفض نسبة الفوائد المصرفية فيه للمشاريع الصناعية أو مشاريع الأعمار وغيرها الى اقل من 3% أو الى الصفر مع محفزات وجوائز للشركات والمؤسسات المتميزة للنهوض ببلدنا من الأنقاض التي خلفها حكم صدام وزاد الطين بلة الأرهاب والمقاومة الشريفة جدا" والفساد المستشري ، حتى أن أحد آيات الله فرض نسبة 10% على المشاريع التي تنفذ في مناطق نفوذه تذهب اليه ورهطه الفاسد بأسم الدين والدين منهم براء. وموضوعنا اليوم هو اهمال وزارة الزراعة لقطاع الدواجن الذي كان يستفيد منه ويعتاش من وراءه ما لا يقل عن مليوني نسمة (حسب تقديري المتواضع) واذا أضفنا أصحاب المطاعم والدجاج المشوي ربما بلغ الرقم 3 ملايين مستفيد في كافة أنحاء العراق، وخصوصا" محيط بغداد الحيوي من الناحية ألأمنية من بعقوبة والخالص وسامراء وتكريت شمالا" والفلوجة والرمادي غربا" والى حدود كربلاء والحلة والكوت جنوبا" ومناطق شرق بغداد الى الحدود الأيرانية. كانت هذه المناطق ملآى بحقول الدواجن التي كانت تمتص نسبة كبيرة جدا" من ألأيدي العاملة التي سقط بعضها في شباك ألأرهابيين الذين كانوا يدفعون لهم بين 300 الى 500 دولار شهريا" لتدمير البلاد وقتل الأبرياء وخصوصا" في مثلث الموت والمدائن والطارمية وسبع البور والتاجي والمدائن والرضوانية وأبو غريب وغيرها، فساهموا في الخراب والدمار بدلا" من البناء والأعمار ، قبل أن يصحوا أخيرا" والحمد لله ، ونرجوا أن تكون صحوتهم دائمة وحقيقية. قام الأرهابيون في عام 2005 بأختطاف وقتل العمال الذين كانوا يجلبون انتاج الحقول الى منطقة الشعب (سوق الدواجن) أو الى المجازر المنتشرة في بغداد كجزء أساسي من مقاومتهم الشريفة جدا" للأحتلال الأمريكي. وهؤلاء المختطفون الذين ذبحوا من الوريد الى الوريد عمال فقراء يعملون ليلا" أو نهارا" لتوفير لقمة العيش لعائلاتهم مما سبب عزوف أصحاب المجازر وتجار الجملة عن ارسال شاحناتهم لنقل انتاج الحقول الى بغداد ، كما منعت المقاومة الشريفة وألأرهابيون الآخرون من أتباع القاعدة وأتباع الشيطان بمسميات اسلامية أصيلة ، بمنع أصحاب الحقول من ايصال انتاجهم الى مراكز التسويق في بغداد أو المجازر ألأهلية مما أدى الى توقف الحقول عن الأنتاج مما سبب لأصحاب الحقول خسائر طائلة ، والله يعوض. وبما أن انتاج الحقول يعتمد على شراء الصيصان (أفراخ الدجاج بعمر يوم واحد) من المفاقس الأهلية المنتشرة في بغداد، وبسبب توقف الحقول عن العمل توقف عمل المفاقس الأهلية كنتيجة منطقية مما سرح قطاعا" آخر الى البطالة وفاقم أزمتها ووفر جنودا" ضعاف النفوس (يريدون العيش بأي ثمن) للأرهابيين وساهم في انتشار ألأرهاب وعدم الأستقرار في البلد. كانت المفاقس الأهلية تعتمد على البيض الملقح الذي تنتجه أمهات الدجاج التي يتم تربيتها مع الديكة من أجل تلقيحها، لأن البيضة الغير ملقحة لا تفقس. ونتيجة لتوقف المفاقس تلاشت ثم اندثرت حقول انتاج البيض الخاص بالمفاقس، وسرح عددا" آخر من العاملين وفي الحالات الثلاث المذكورة أصيب أصحاب الحقول والمفاقس بخسائر فادحة كما تضرر الأقتصاد الوطني ضررا" بليغا" بسبب توقف الأنتاج والأعتماد على ألأستيراد من دول الجوار وغيرها ، علما" بأن كثيرا" من الدجاج المستورد منتهي الصلاحية ، أي أن دول الجوار ترسل للعراقيين نفاياتها وتقبل ذلك شرعا"، لأن حج مكة يغسل الذنوب ويعود الحاج الى بيته خالي الذنوب كما ولدته أمه كما يعتقد هؤلاء المغفلون أدعياء الأسلام. من ناحية أخرى ، كانت هنالك حقول متخصصة بتربية أمهات الدجاج البياض ومن نوعيات معروفة عالميا"، وهو الدجاج الذي تتم تربيته من أجل انتاج البيض للأستهلاك اليومي ، وتستغرق فترة تربيته حتى يبدأ الأنتاج نحو خمسة أشهر ويستمر في الأنتاج المجزي اقتصاديا حتى عمر 24 شهر تقريبا" يصبح الأحتفاظ به بعدها غير مجد اقتصاديا" فيتم بيعه الى المجازر لينتهي الى سيخان (جمع سيخ) الشاورمة (ﺍﻟﮔص ، كما نسميه في العراق)، أو الى طناجر – قدور- تطول مدة طبخه فيها ساعات لتصلب لحم هذا النوع من الدجاج ، بخلاف النوع الذي يربى من أجل الأستهلاك (دجاج اللحم) الذي تتم تربيته وبيعه في مدة تتراوح بين ستة الى ثمانية أسابيع فقط. توقفت هذه الحقول أيضا" كنتيجة طبيعية للأسباب المذكورة أعلاه. شهد العراق استقرارا" أمنيا" بفضل حكومة السيد المالكي وسياستها الرشيدة في مكافحة الأرهاب وتجنيد المغرر بهم ، ولازالت وزارة الزراعة نائمة متجاهلة هذا القطاع الحيوي جدا" والذي أدى انهياره الى أضرار شديدة للأقتصاد الوطني فتضاعف عدة مرات أستيراد ألدجاج والبيض الفاسد من سوريا وايران والهند والبرازيل وبلغاريا وكل دولة لديها دجاج أو بيض منتهي الصلاحية. نحن نشتري البيض في بريطانيا وهو انتاج بريطاني وتلتزم ألأسواق الكبيرة (سوبر ماركت) بكتابة مدة عرضه في أسواقها المكيفة صيفا" وشتاء" (ولا تنقطع عنها الكهرباء كما يفعل كريم وحيد في العراق) وهي بحدود اسبوع ثم تنصح المستهلك بأستهلاكه خلال اسبوعين، فأرجو مقارنة ذلك بالبيض المستورد المعروض في الأسواق العراقية وفي الدكاكين المحرومة من الكهرباء في أشهر الصيف ، وكم مر عليه من يوم انتاجه حتى وصوله دكاكين جميلة أو مدينة الثورة أو الجبايش أو التنومة. لا شك أن مدة انتاجه الى وصوله للمستهلك قد تستغرق خمسة أسابيع أو أكثر على أقل تقدير بسبب التعقيدات بكافة أنواعها . ولنا أن نتخيل اذا كان هذا البيض المستورد منتهي الصلاحية أصلا" فماذا تكون النتيجة؟ وأنصح العراقيين بشراء الأنتاج المحلي العراقي أو عدم شراء البيض المستورد حفاظا" على صحتهم وصحة أطفالهم وعوائلهم. ومن النتائج الخطيرة في استيراد الدجاج من الخارج وبعضه منتهي الصلاحية ولا يصلح للأستهلاك البشري كما أسلفنا سواء من دول الجوار أو بقية أنحاء العالم، قيام بعض أصحاب المجازر ومنهم حيتان كبيرة وغنية جدا" بمصالحها داخل العراق وخارجه بتذويب الدجاج وتبديل أكياسه البلاستيكية الأصلية التي تبين اسم المنتج وبلد الأنتاج، ثم تغليفه بأكياس بلاستيكية تحمل اسم مجازر الدواجن العراقية، ويباع للمستهلك العراقي المغلوب على أمره على أنه انتاج عراقي . ومعلوم أن اذابة اللحوم واعادة تجميدها ربما تنتج عنه نتائج خطيرة. وبناء على ما تقدم أطلب من وزارة الزراعة والسيد رئيس الوزراء شخصيا" تدارك هذه المشكلة وايجاد الحلول السريعة لها ومنها اعادة تشغيل الحقول بكافة أصنافها والمفاقس الأهلية وتشديد الرقابة الحقيقية على أستيراد المواد الغذائية كافة وغيرها، واللحوم بكافة أشكالها بشكل خاص . ومن المعلوم والمفهوم لدى التجار العراقيين وغيرهم أن أية حاوية يمكن أن تمر من كافة نقاط الحدود العراقية مقابل ورقتين أو ثلاث ورقات (مائتين أو ثلاثمائة دولار أمريكي أصلي) لمسؤول الكمارك وعصابته، وبعد ذلك كل شيء يهون ويتم تزوير شهادة صلاحية المادة من الناحية الصحية وكل شيء آخر. وأذكر لكبار مسؤولي ألدولة وبضمنهم السيد رئيس الوزراء أن بأمكاني ارشادهم الى طريقة سيطرة ألكترونية في كافة نقاط الحدود يتم عن طريقها كشف ما بداخل الحاويات والشاحنات والسيارات الأهلية وحتى ما يحمله الأفراد في حقائبهم أو جيوبهم أو بمحيط أجسامهم، وبضمنها المتفجرات بالطبع وتصوير عمل نقاط الحدود وبثها حية وقت عملها مباشرة على شاشات الحاسوب في الوزارات المعنية ، أو رئاسة مجلس الوزراء مقابل أجور زهيدة يدفعها أصحاب البضائع و الداخلون الى العراق جميعا" ، أي أن الحكومة لن تتحمل نفقات اقامة مثل هذه الأنظمة . ولا قضاء على الفساد والمفسدين في الحدود الا بهذه الوسيلة لأن الناس ضعفاء أمام المغريات واذا كان الكبار يسرقون الملايين والمليارات، فمن السهل أن يقوم مدير الكمارك أو مدير النقطة الحدودية بفرض أتاوة 200 أو 300 دولار على كل شاحنة للسماح لها بالمرور حتى لو كانت تحمل سموما" ومتفجرات لقتل اخواني واحبابي العراقيين الشرفاء.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |