إلى الوزير خضير الخزاعــي .. هل أنت غافل عن مناهج
سهيل احمد بهجت
sohel_writer72@yahoo.com
إلى الوزير خضير الخزاعي .. هل أنت غافل عن مناهج البعث؟ سهيل أحمد بهجت سقط البعث وأزيح بالقوة في 2003 ولكن هل تخلصنا بالفعل من مخلفات هذا الحزب المتخلف والإرهابي الإجرامي؟ لقد أدرك البعثيون كما أدرك النازيون من قبلهم، أهمية الجانب التربوي وتنشئة الأجيال على عقلية ومنهج الحزب الأوحد وحروبه المصيرية، فكان طلاب المدارس ـ بل وحتى رياض الأطفال ـ ومرورا بكافة المستويات التعليمية وانتهاءا بأعلى الشهادات، يلقنون تعليمات الحزب وأفكاره وجوهره "عبادة الدكتاتور".
لكن يا ترى هل قام السيد خضير الخزاعي (وزير التربية) وهوذلك المنتمي إلى حزب الدعوة المعروف بتضحياته الضخمة والجسيمة في مواجهة دكتاتورية البعث؟. هل قام فعلا بكا يكفي لإزالة ترسبات وبقايا التربية البعثية، خصوصا في مجال المناهج التعليمية؟ الحقيقة أن من يتابع قناة العراقية التعليمية سيدرك بما لا يقبل الشّك بأن مناهجنا الدراسية لم تكن تحت طائلة الإهمال وحسب، بل تركت ملوثة (ويهمني هنا مادة التاريخ) بجراثيم البعث العربي وصراعاته مع ما يسمونه "الصهيونية" و"الإمبريالية الأمريكية" و"الاستعمار" و"قضية فلسطين"، كل هذا الإهمال يصيبنا بالغثيان حينما نقارنه بمحاولات البعث في تشويه العقل العراقي، بينما الوزير خضير الخزاعي لم يحاول ولا حتى إنشاء "لجنة" و"هيئة" ذات خبرة لتنقية المناهج الدراسية وتطويرها بحيث نكف عن عقلية "الصراع" ونتحد ضد الإرهاب والكراهية ونقوم باحترام الإنسان بغظ النظر عن قوميته ودينه وأفكاره.
إن هذا يدفعني إلى أن أشك في أن السيد الخزاعي إما هو"متنكـَ" وما يريد يسمع حسب التعبير العراقي الدارج، وأنه يتبنى أفكار البعث وأن العملية هنا فقط (تغيير اسم) الحزب المناضل والقائد، إن احتمالات عودة الدكتاتورية تتسع في ظل بقاء المنهج التربوي القديم واستمرار عقلية التخلف التي تعتبر الطلبة "مجموعة أغبياء" وأن علينا أن نلقنهم الأفكار حتى لوتم ذلك بواسطة الضرب والإهانة ومنع الطالبات من الدراسة وهن "سافرات" وكأننا في مملكة آل الإرهاب آل سعود وفي ولاية السفيه ووعاظه.
على وزارة التربية أن تخلق مناخ الحرية منذ دخول الطفل إلى الروضة ومرورا بالابتدائية والمتوسطة وحتى التخرج من الكلية، فالحرية مفهوم عام ـ رفعه البعثيون وكانوا يعنون حرية الدكتاتور في التصرف في رقاب الناس ـ وأحزابنا الحالية ترفع شعار الحرية وتتشدق بهذه الكلمة، ولكنها وضعت من الاستثناءات ما يهدد الحرية بحق، فأنت حر بما لا يتناقض مع الإسلام ورموزه أئمته "السنية والشيعية" والمناضلين والمجاهدين و...إلخ وهكذا أصبح كل شيء ممنوعا بحجة الاستثناء، والحقيقة أن الحرية نفسها تخدم الدين وذلك لأن الدين الحقيقي ـ وليس التدين النفاقي الريائي ـ ينتعش في ظل التفكير الحر وإتاحة التفكير بلا قيد تخدم الدين، ولكن للأسف يُصرّ هؤلاء على إشعارنا أن "ديننا" هزيل إلى حد أنه سينتهي في ظل الحرية، ونحن نريد تخليص أبناءنا من مناهج البعث العبثي لا لننتقل من تقليد إلى آخر ولكن لننتقل من التقليد إلى الإبداع.
كانت هناك مادة في التاريخ اسمها "ثورة الحسين" كانت تزعج البعث ومنظريه "الفكريين"!! فحولوها إلى "حركة الحسين" ولم تسمح لي الظروف لأرى هل تم تحويلها إلى "تمرد الحسين"؟، المسألة التي أود أن أثيرها هنا هي أن التربية هي أساس الدولة، فنحن متعددون في العراق الآن في كل شيء وإلى حدّ "فدراليات الفوضى" إلا أننا متحدون في الإبقاء على "مناهج العبث"، وأخشى أن تنتهي بنا المحاصصة القبيحة إلى تقاسم العلم نفسه، فيصبح "صلاح الدين الإيوبي" ـ الذي ذبح المسيحيين والشيعة على حد سواء ـ بطل الحروب الصليبية "فقط" وإسدال الستار على باقي التاريخ البشع.
إن العقلية الدكتاتورية لا تقتصر على العرب وحدهم ولا على المذهب السني والشيعي، فكل من يحاول صبغ المناهج التربوية بلونه الخاص هو"دكتاتور"، والأولى بنا كعراقيين أن نستفيد من "التجربة التركية" التي قضت على الطائفية ـ رغم وجود الطوائف المختلفة هناك ـ عبر العلمانية الرشيدة التي أساسها الفرد وهي الآن في سبيل حل مشاكلها القومية أيضا.
أرجوأن لا يكون السيد وزير التربية من ذلك النمط الذي لا يهتم بما يقال لأن الوزير الناجح هوذلك المبدع لا الذي يقبض الراتب ويوزع الابتسامات والمديح على الإعلام.
العودة الى الصفحة الرئيسية