ماتت الشيوعية لكنّ عشيرتها ترفض الدفن .... !

 

 كاظم شلتاغ

al_shaker@maktoob.com

الافكار (تره) مثل الانسان ، له ولها ولادة وحياة وشباب وفتوّة ورجولة وكهولة وموت ...، وعندما يتصدى المجتمع للايمان بفكرة والانتماء لرؤية والدفاع عنها يعتبر مثل هذا الفعل الجماعي ولادة للفكرة ، اي ولادة للمشروع وتبني لرؤيته والالتفاف حول منطلقاته .....ألاّ ان مايميز ولادة الفكرة الحقيقية والمشروع والايدلوجية الواقعية عن الولادة المزيفة هو في نوعية الطبقات الاجتماعية والفئات العمرية منه التي تؤمن وتلتف وتدافع وتضحي من اجل الفكرة ، فإن رأيت ان شباب المجتمع وبذور مستقبلها الناهضة هي التي تدافع وتؤمن بالفكرة والرؤية والنظرّية ، فأعلم ان المشروع ولد والفكرة نزلت للحياة والمخطط تحرك في الواقع ، أمّا ان رأيت كهول المجتمع وبقايا حياة من انسانية متبنية للنظرية وتدعوا الى الفكرة وتؤمن بالايدلوجيا فادرك ان الفكرة ماتت او في محل الاحتضار ولكن عشيرتها ترفض حقيقة الموت والشروع بدفنها تحت الارض قبل ان تتفجر رائحتها الكريهة !.

الشيوعية ينطبق عليها ماذكرناه من نظرة في ولادة الفكرة وموتها ، فهي وإن استهلكت زمنها الافتراضي الايدلوجي في القرن الماضي ، ووصلت الى مرحلة التكلّس والجمود لتصبح رؤية رجعية بكل المقاييس الواقعية في وقتنا الحاضر ، ولم يعد المؤمنين بها الا حفنة من الشيوخ والكهول وتقريبا المنقرضين الذين يعيشون على اطلال الماضي ، ولكنّ مع ذالك هي لم تزل الفكرة التي ترفض عشيرتها او بقايا من العشيرة والمنتفعين منها ان يرحموها بدفنها بعد ان خرجت رائحتها للعلن واصابت بعض الناس ببكتيريا امراض الرائحة المتعفنة !.

فلماذا والحال هذه ترفض العشيرة الشيوعية دفن ميتها الايدلوجي ، لابل وتدعوا له وتجمّل من وجهه الميّت بالاساس بعد ان امتصت دمائه ومكيجت حواجبه ، قبل ان يتعقبها الناس باللعنة والعار ؟.

وهل للمصالح مدخلية في محاولة نفخ الروح في متوفى لم تعد الحياة تدّب في مفاصله !.

أم ان هناك شيئ آخر داخل بقايا الشيوعيين يحملهم على افعال الجاهلية عندما كان يؤخر صاحب الثار دفن مغدوره لاليشعل الغضب في قلوب انصاره لاستعادة طلب الثأر واحياء الذكرى ، ولكن لينشر الامراض والرائحة انتقاما من الاحياء والذين لم يزالوا في مقتبل العمر والطفولة؟.

الشيوعية اليوم كفكرة وكرؤية للحياة وكمشروع للادارة بعد ان هجرها حتى اقرب المقربين من مصاهرتها في السابق، وبعد ان فقدت مكاسبها السياسية ، وتحوّل نفس كوادرها الى معسكرات التسوّل في الحديقة الخلفية لليبرالية الراسمالية ، وبعد ان غدى المثقف الشيوعي بوق استعماري لرأس المال الديمقراطي الغربي اليوم كما كان يصفه الشيوعيون القدامى لم تزل عشيرتها من كهول القرون الماضية تعتقد باسطورية هذه الفكرة وانها من بقايا طائر العنقاء الذي لايموت ابدا في الاساطير البشرية ، وكذالك مع ان المزاج البشري العام والعراقي الخاص للدماء الجديدة الشابّة هي لاتتبنى المشروع الشيوعي ولاترحب به ولايشرفها الانتساب لايدلوجيته ، ومع ذالك هناك من يصرّ بشكل غريب ان الشيوعية فكرة المستقبل الاتي وبانية امجاد العصر القريب والبعيد !.

والحقيقة اننا عندما ندعوا لوجوب التخلص من جثة الرؤية الشيوعية للحياة ليس هذا منطلقا من دوافع سياسية او ايدلوجية او مصلحية ، بقدر ماهي دعوة نرى ان الواقع الانساني اولا يحتمها بعد ان فقدت هذه الايدلوجية عناصر الحياة فيها ، فليس هناك دماء جديدة تؤمن بهذه الفكرة ، وليس هناك افق تفكير لطبقات معينة بامكانها اعادة النظر من جديد للايمان بالفكرة الشيوعية ، فأذن مامبرر بعض المنتفعين الحالمين من فرض هذا المشروع على اسماع الناس والبشر ، اذا كان كل الناس قد طوو صفحة الشيوعية وقرأوا الفاتحة على روح الفقيد !.

ثانيا ينبغي على كهول الشيوعية وذارفي الدموع على حكاياتها القديمة ان يعلموا : ان الاحياء من اطفالنا في خطر من الروائح المنبعثة من جثة الفكرة والايدلوجيا والرؤية الشيوعية ، وحفاظا على صحة اطفالنا نرجوهم بكل كلمات التوسل والرجاء ان تدفن هذه الجثة تحت الارض لنكون نحن واطفالنا والمستقبل بصحة وعافية !.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com