|
زيارة رفسنجاني للعراق .. زيارة تأريخية
رياض البغدادي يقول خبراء السياسة ان زيارات المسؤلين السياسيين تنتقسم الى عدة انواع منها على سبيل المثال: زيارات عمل وزيارات بروتوكولية وزيارات مساندة ودعم وزيارة ازمات واذا اردنا تصنيف الزيارة التي قام بها الشيخ رفسنجاني الى العراق فقطعا هي ليست زيارة عمل، والدليل ان الوفد المرافق له لم يكن يحمل حقائب اعمال او عقود، وايضا لم تكن زيارته زيارة بروتوكولية لان العراق غير مرتبط ب بروتكول زيارات مع جمهورية ايران الاسلامية وكذلك لم تكن زيارة ازمات والحمد لله فالعراق احسن حالا مما مضى وهو افضل ربما من كثير من البلدان العربية في هذا الوقت من الاستقرار النسبي على مختلف الصعد . فلم يبقى لنا الا تصنيف الزيارة على انها زيارة مساندة ودعم، وهي كذلك، لحاجة العراق الى اثبات قضية الاستقرار الذي يتمتع به، بعد مرحلة التوتر والانفلات الامني الذي مر به البلد على مدى اكثر من اربعة سنوات . وعند تقييم هذه الزيارة التأريخية فلابد من ان نتعرض الى مناقشة عدة امور منها : اولا : هل العراق بحاجة الى دعم واسناد ايراني ؟ ثانيا : هل ايران قادرة على توفير دعم واسناد للعراق ؟ ثالثا : هل شخصية الزائر توحي بقوة الدعم والاسناد على مستوى المنصب ؟ رابعا : لماذا هذه الشخصية بالذات ؟ وللاجابة على هذه التساءلات نقول نعم العراق بحاجة الى دعم سياسي وبالذات من جمهورية ايران الاسلامية، وان كانت ايران لم تبخل علينا بهذا الدعم، بل انها الدولة الاولى التي اعترفت بمجلس الحكم الذي تشكل لأدارة البلد في المرحلة الانتقالية، بالرغم من العداء الذي تمارسه امريكا على ايران على مدى اكثر من ثلاثة عقود من السنين، وايضا نحن بحاجة الى دعم ايران في الوقت الذي بدأ الدعم العربي يتحرك، واشير هنا الى الزيارات المتكررة للمسؤلين الاردنيين والكويتين والبحارنه والسوريين وغيرهم لذا فحضور ايراني في هذا الوقت يدل دلالة واضحة على ان العراق لم يعد بلدا عدائيا مما يوفر ارضية صلبة لتقارب عراقي – كويتي وعراقي – سوري وعراقي – تركي . وللاجابة على السؤال الثاني فنقول ان ايران بلد قوي على كل الصعد وبأعتراف اقوى دولة في العالم واعني امريكا حيث انها رضخت بعد طول سنين من التوتر السياسي واقرت بوجوب الدخول مع ايران في حوارات لحل كل القضايا العالقة وبضمنها قضية المفاعلات النووية الايرانية، ونظرة سريعة على المواقف الايرانية وطريقة ادارتها للازمات السياسية التي دخلت فيها مع بريطانيا على سبيل المثال بسبب الفتوى الشهيرة بالمرتد سلمان رشدي فالفتوى لازالت قائمة بل وتجدد الدعوى لتنفيذها كل عام وعلى لسان كبار المسؤلين الايرانيين وبالمقابل نرى كبريات الشركات البريطانية تعمل في ايران وعادت كل البعثات الدبلماسية الاوربية الى طهران بعد ان تركتها احتجاجا على هذه الفتوى، اذن ايران بلد قوى على المستوى السياسي، والايراني محاور جيد ويخرج بمكاسب سياسية في كل الحوارات والمفاوضات التي يدخل فيها وتوجد امثلة كثيرا تؤكد هذه الحقيقة ولاتغيب عن القارئ الكريم علاقة ايران مع الامارات العربية المتحدة وادارتها لأزمة الجزر التي لازالت تحت السيطرة الايرانية . واما النقطة الثالثة والخاصة بمنصب الزائر، فلا يخفى ان منصب الشيخ الرفسنجاني منصبا مهما فهو رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام، وهذا المجلس له صلاحيات واسعة في رفض اي قانون او اتفاقية وله القدرة في تقديم اقتراح الى الولي الفقيه في عزل رئيس الجمهورية اوحل مجلس الشورى وله القدرة في رفع توصيات بشأن اعلان الحرب والسلم وكذلك المجلس يقود البلاد في غياب الولي الفقيه لاي سبب كان . واما رابعا، فلا ينكر ان شخصية الشيخ الرفسنجاني شخصية مهمة جدا في ايران ولها تأريخ جيد في التعامل مع القضايا العربية، ففي عهد رئاسته تعمقت العلاقات الايرانية السعودية بعد التوتر الكبير الذي مرت به لعقد من الزمن، وايضا بعهده كرئيس للجمهورية عادت العلاقات الايرانية بدول مجلس التعاون الخليجي، وهو رائد الداعين الى وقف الحرب العراقية الايرانية ولا ننسى ان الحرب وقفت بعد شهرمن تنصيب الشيخ رفسنجاني قائدا عاما للقوات المسلحة في ايران . كما انه لم يسجل له اي تصريح ضد الشعب العراقي حتى في اشد الايام التي كان فيها العراقي المغلوب على امره يوجه بندقية الحقد والعداء الصدامي البعثي الى صدر الايراني، فهو القائل : " لازال العراقي تقع على كاهله اشد الظلامات في التأريخ وهو يتحمل ويصبر ولايتراجع عن متبنياته الحضارية والانسانية، لانه رائد لها وسيبقى يحمل مشعل الانسانية وما صدام الا حشرة ستسحقة جحافل الحرية في العراق " جزء من خطاب رفسنجاني في مؤتمر القدس في طهران عام 1986 . بعد هذا العرض السريع لزيارة الشيخ رفسنجاني الى العراق تتبين لنا اسباب الهجوم الاعلامي الذي تقودة قناة الشرقية على هذه الزيارة التأريخية، لايهمنا نحن العراقيين المواقف التي تتبناها قناة الشرقية لانها قناة نبذت من الوسط العراقي وقذف بها الى خارج الحدود فهو مكانها الصحيح، لكن الذي يؤسفنا هي تلك المواقف الركيكة التي تصدر متأثرة بالاعلام المسموم والتي سرعان مايتراجع عنها اصحابها، الا انها تبقى نقاط مخجلة في سجل اولئك السياسيين، نتمنى ان لايقعوا في مثل هكذا اخطاء لانها قطعا ستكون سببا لفشلهم وتراجعهم .
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |