المخبر

 

ناجي السراي

 أنا ما تشاء أنا الحقير

صبّاغ أحذية الغزاة و بائع الدم و الضمير

للظالمين أنا الغراب

يقتات من جثث الفراخ أنا الدمار أنا الخراب

 بدر شاكر السياب : من قصيدة المخبر

والتي نشرت في ديوان انشودة المطر 

هكذا هي البداية اذن (انا ما تشاء انا الحقير) ذاك هو المخبر .ففي حوار وترقب يصف السياب في قصيدته شخصية المخبر التي باعت القيم والمبادىء كلها ونذالة ذاك الشخص والمأساة المتكررة  في كل عصر فيه ظلم وبيع للضمير لقاء ثمن بخس، فالاعتقالات العشوائية والتعسفية كلها يقف خلفها دائما ذاك الحقير فهي غالبا ما تستند على أقوال المخبرين السريين .

حوار مليء بالتعدي على حقوق الآخرين والحقد على الانسانية . فبعد ان عرف المخبر بشخصيته الحاقدة يكمل بكل ما في العنجهية حقده على البشرية فيقول:

 نهض الحقير 

وسأقتفيه فما يفرّ سأقتفيه إلى السعير

أنا ما تشاء أنا اللئيم أنا الغبيّ أنا الحقود

لكنّما أنا ما أريد أنا القويّ أنا القدير

أنا حامل الأغلال في نفسي أقيد من أشاء

بمثلهنّ من الحديد و أستبيح من الخدود

ومن الجباه أعزهن أنا المصير....

 هكذا هي نفوس هولاء المخبرين وذلهم المهين ، فبالرغم من ان الحرية حق في الدستور ولا  ينبغي التعدي عليها لا تزال رهينة اخباريات مشبوهة او مخبر سري . ففي الحبس ابرياء باقون بسبب ذاك الحقير .فكلما رفعت قضية اجلت إلى اجل غير مسمى لعدم حضور ذاك الغراب. فالكثير من المعتقلين وعوائل الابرياء ينتظرون قدوم ذاك الحقير  ليتم اطلاق سراح ابنائهم ويعودوا الى ديارهم وعوائلهم في حين يلهو ويسكر المخبر بدماء المساكين من غير ان يرف له جفن . والمصيبة هي ان الحكومة قد اعطت لهولاء أذن تصغي بحجة وجود عناصر مشبوهة والظرف الامني الذي مر ورغم تحسن الوضع الامني فهي ماتزال تأخذ بشهادة هولاء المرتزقة الذين يملؤون بطونهم بلحوم الابرياء والفقراء .

دعاة العفو العام والمطالبين بأنهاء هذه المأساة كثيرون وكان السبق دائما لجهة لطالما كان همها الاول هو المعتقلين . ان سلطة الحكومة واجهزتها الامنية اليوم هي مسؤولة عن رضاها بابقاء هولاء الاذلاء الضالين المضلين وهي اقرب ما تكون الى من سبقتها من تلك الانظمة التي دائما ما نعتتها بصفات كثيرة لظلمها وممارساتها ضد ابناء الشعب العراقي الذي صبر ودعم كل الحكومات التي جاءت بعد الاحتلال ووقف في صفها ليجد انها تعاقبه وتجعله رهينة المخبرين السريين .

واذا ما بقيت سياسة الحكومة بهذا الشكل فلن يكون شكلها اجمل من شكل ذاك الحقير الذي يعود السياب فيسأله عن الضمير فيجيبه ايما جواب قائلا :

في البدء كان يطيف بي شبح يقال له الضمير

أنا منه مثل اللص يسمع وقع أقدام الخفير

شبح تنفّس ثمّ مات

واللص عاد هو الخفير

 فهل للحكومة ضمير حي ؟

وهل هي بريئة من شخصية ذاك المخبر ؟

لتثبت لنا اذن انها ليست ذاك الحقير ......

 

 العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com