العراقيون و... ما وراء السفارة
 

سهيل أحمد بهجت

sohel_writer72@yahoo.com

قد يحسب كثيرون أن "العلمانية" و"اللبرالية" تعني أن يتحول الإنسان إلى شيء محايد إلى حد أن يصبح بلا "طعم" ولا "لون" ولا "رائحة"، فلا يمتلك شيئا اسمه مقياس "الخير والشر"، والحقيقة أن هكذا شخص لا هوعلماني ولا هولبرالي، بل هوإلى المتدين الجبان المطيع للدكتاتور أقرب، صحيح أن العلماني اللبرالي يمتلك هامشا واسعا من الحيادية والإيمان بالنسبية في الحكم على الأمور، لكن على العلماني اللبرالي أن يكون حديا في جملة أمور، (الديمقراطية) و(ثقافة السلام) و(الإنسانية) و(التسامح الديني) ونقيضها (الدكتاتورية) و(الإرهاب) و(العنصرية) و(التعصب الديني).

فهناك كثيرون ممن يرفعون شعارات العلمانية واللبرالية وتنشر لهم الصحف والمواقع الإلكترونية ويحظون بمقابلات مع الفضائيات، ولكن هؤلاء يسقطون في شرك الإغراء الذي يقدمه لهم أول دكتاتور وطاغية أُثري على حساب الشعب، ونحن العراقيون وكوننا عانينا أكثر من أي شعب آخر ـ على الأقل في منطقتنا ـ فعلينا أن نمتلك روحا من التعاطف مع الشعوب المضطهدة والمظلومة كقضية الشعب السوداني (وأرفض حصرها في قضية دارفور فقط) وقضية الشعب الليبي الذي يعاني من طغيان (القذافي) المهووس بالسلطة واستعباد الشعب، وأنا أرفض أن أتعاطف مع قضايا يرفع فيها شعار "المقاومة ضد الاحتلال"!! فغالبية هذه القضايا تنطلق نحوالمفاضلة بين "الاستقلال في ظل الدكتاتور" و"الاحتلال من قبل دولة ديمقراطية"، ونتناسى التجربة الفرنسية التي صنفت "الاحتلال الألماني النازي" كاحتلال مرفوض لأنه تم من قبل دولة "دكتاتورية عنصرية"، بينما رحب الفرنسيون بقوات الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا كونها قوات "لأمم ديمقراطية" تحترم شعبها وأفرادها وتدعم كرامة الإنسان.

علينا أن نتعاطف مع المؤمنين بالحرية والديمقراطية في العالم الإسلامي وغير الإسلامي، فكل أمة تميل إلى الأمم التي تشابهها في القيم والنظم السياسية والاجتماعية، ولكن هل يحق لنا أن نتعاطف مع ما يُسمى "حركة المقاومة الإسلامية حماس"!! و"حزب الله" و"نظام تشافيز"؟؟ الحقيقة أن هذه الحركات ومثيلاتها ـ لا تنسوا كاستروفي كوبا ـ قد تستطيع انتزاع الأرض والتراب والحجر والشجر من الآخرين، لكنها لا تهدف إلى تحرير الإنسان، بل يتحول الإنسان حالا، وبمجرد أن تهيمن هذه الجهات على الأرض، إلى عبد لا قيمة له، وتتحول الأرض "المحررة"!! إلى سجن يُضطهد فيه الفرد وجماعته بسبب الرأي والموقف والعقيدة وأحيانا "العرق"، من هنا نجد أن كل ما يسمى بحركات التحرر في منطقتنا العربية والإسلامية لا تحمل أي برنامج ديمقراطي إنساني ولبناء إنسان حر.

هذه الحركات غالبا ما تنظر إلى العنف وما يسمى "مقاومة" كغاية وهدف بحد ذاته، وليس العكس، أي أن يكون العنف هوالوسيلة النهائية الأخيرة وهذه الوسيلة أيضا مقيدة بشروط تكاد تكون تعجيزية، بينما أصبحت هذه الحركات تستخدم العنف لأتفه التبريرات، إن العلمانية واللبرالية هي شعار يدور في فلك فكرة واحدة وهي ـ تحرير الفرد والمجتمع ـ فبدون أن يجعل الفرد والمجتمع الحرية كهدف نهائي للكفاح ورفض الدكتاتورية والكبت والقهر، بدون ذلك لا معنى لدخل الفرد وللرفاهية والعقل القانوني، لأن الدولة مهما كانت منظمة ومقننة وحتى "معقلنة"، فإن الدكتاتورية كفيلة بتحطيم المجتمع، ونحن كعراقيين أحوج ما نكون إلى هذه الثقافة الحرة ولكن للأسف نجد "الملحق الثقافي العراقي في السويد"!! وهو((بروفيسور))!! يحمل عقلية دينية "ضحلة" فكيف بذلك الذي لا يملك أي ثقافة؟ ولماذا ابتليت الثقافة العراقية بالإرهابيين، حتى أن أحدهم "أسعد الهاشمي" مطلوب للعدالة لجرائم قتل، ولماذا لا يكون شخص مثل نبيل ياسين وجمعة عبدالله مطلق وغيرهم كثير، في منصب الملحق الثقافي؟ بدلا من تلك الشخصيات الهزيلة التي تعطيك من طرف اللسان ثقافة ويروغ منك كما يروغ الإرهابي!!

إن الإنسان لا يمكن أن يكون حرا ـ حتى وإن زعم أنه كذلك وأنه علماني ولبرالي ـ ما دام لا يحلم بالحرية لنفسه ولشعبه ولكل إنسان، فكم من ملحد لا يؤمن بأي إله ذهب إلى صلاة الجمعة "ليصلي وراء الملا منافق أبومرتزق" فقط لأن مواعظ هذا المنافق تتناسب ومصالح "حزب الأب الخالد والزعيم المناضل"، وربما يكون شخص متدين "يؤمن بالحرية" أنسب للنظام العلماني من ذلك "المتاجر بالعلمانية واللبرالية".

 العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com