وقفة مع المرأة العراقية في حاضرها

 

سناء صالح /هولندا

sanaelgerawy@hotmail.com

( بمناسبة الثامن من مارس عيد المرأة العالمي لايكتفى بالوقوف عند حد الاستذكار )

المنظمات النسوية في مختلف أنحاء العالم تبدو كخلايا نحل تعد العدة لهذا اليوم الثامن من مارس المضيء في تاريخ النساء , تضع برامجها الاحتفالية وفق منطلقاتها وأهدافها المرسومة التي قد تبتعد وتختلف ولكنها في المحصلة النهائية تلتقي عند هدف واحد أن تجد لها مكانا في المجتمع ودورا إيجابيا تلعبه. 

كثيرة هي المحن التي عاشتها المرأة العراقية فأحنت ظهرها وصرفتها عن طموحاتها وآمالها وجعلتها تدور في حلقة مفرغة أساسها البحث عن الأمان وأبسط  الحقوق, تركت نفسها للهموم وانسدت الأبواب بوجهها فالريح كانت عاتية غيبت الولد, الأخ والأب والحبيب وقفت بوجه كل ذلك عزلاء تحاول أن تلملم شتات أسرتها, وفي عتمة الدكتاتورية نفخت  (بضم النون )الروح في قوانين مذلة كان المجتمع العراقي على وشك نسيانها , فأين هي من شعارات المساواة والحقوق الاجتماعية والسياسية وقوانين العمل التي نادت بها رائدات كان لهن قصب السبق كما كان لهن حسن الحظ في فسحة الأمل .فقد أصبحت تعتبرها بطرا فأولوياتها محدودة بأسرة يبتعد عنها شبح الجوع والموت وغائلة المرض .

في عراق اليوم الذي تغلب عليه التناقضات فإلى إلى جانب العمامة والعقال اللذان أصبحا الزى التقليدي للساسة العراقيين وما تحمله تلك الأزياء في دواخلها من مفاهيم متخلفة عن المرأة في اعتبارها( الضلع الأعوج لآدم )( وتكرم حرمتي)  تعطى المرأة نسبة في الوظائف والمجالس المحلية والبرلمان (الكوتا ) ويبدأ التطبيل والتزمير بأن المرأة العراقية قد وصلت الى مستوى وحقوق لاترقى إليها النساء في البلدان الأخرى بما فيها أكثر البلدان تطورا  والدليل نسبة الخمسة وعشرين بالمائة التي تزين الوزارات والمؤسسات ومجالس المحافظات ومجلس النواب كزهور صناعية بلا حياة فقط لأنهن أصوات مضمونة لمن رشحهن وتكملة عدد .فلا تكاد تجد في الوفود الى الخارج أو الحوارات المهمة ولقاءات الأحزاب ومسؤولي الدولة عن قضايا مصيرية امرأة ,لذا فوجودها في مراكز عليا إنما هو مفتعل لاينم عن ثقة بها و بقدرتها وإنما دورها مرسوم في إطار محدد لايجوز تخطيه وصورة مزيفة لديمقراطية شوهاء.

ومن خلال متابعتي لنتائج الانتخابات لمجالس المحافظات كانت النسب الضئيلة التي حصلت عليها المرشحات في بلد تشكل النساء نسبة عالية فيه مؤشرا على الوعي المتدني ووجهة النظر العامة بإمكانيات المرأة في الانخراط بالعمل السياسي ولعل التجربة السيئة التي عكستها سلبية البرلمانيات  والموظفات في المناصب العليا وضعف مساهماتهن وتأثيرهن والاكتفاء بدور التابع قد عمق الشعور لدى الناخبين بما فيهم النساء من عدم جدوى مساهمة المرأة في العمل السياسي. ودهشت للتهاني والتبريكات التي قدمتها بعض المنظمات النسائية العريقة لمن أسمتهن بالفائزات وهن بالحقيقة موجودات حسب الكوتا ولسن أكثر من ديكورات وواجهات وإعلانات تتاجر باسم حقوق المرأة .

وكما قلت قبل قليل بأن المسألة تبدو مفتعلة لأن الهوة واسعة وعميقة  بين الشعار والممارسة  , فكيف نقنع من يعتبر المرأة عورة !! ووعاء وأداة تفريخ وناقصة عقل بامرأة تحكمه .

أما النساء فأما أغلبية أرهقها الجهل والفقر والمرض فلم تع ماحولها ولم تهتم بما يدور حولها بل أن كل همها البحث عن رزق يومها, أو يممت وجهها صوب الغيبيات فأخذت تقطع المسافات لكسب رضا أولياء الله الصالحين مشيا على الأقدام تذرع وسط وجنوب العراق جيئة وذهابا في مناسبات الميلاد والوفاة . وأخرى غيبها بريق الذهب والحياة الناعمة فآثرت أن تنصرف عن كل مايفسد دعتها وتكتفي بدور الجارية وتلغي عقلها و قلة تسير ضد التيار تصارع أمواج العقليات المتخلفة لذا لاتجد لها تأثير وقدرة على التغيير.

 أما المنظمات التي تعنى بالمرأة ومنها المنظمات النسوية التي تغص بها الساحة العراقية فلم تستطع كسر الطوق والتغلغل الى قاع المجتمع لانتشاله من العلل التي لحقت به وبقيت أدوارها هامشية فوقية غير قادرة على  تقدير عمق الجروح والأذى الذي لحق بالمرأة العراقية بسبب قسوة الظروف, ولعل السبب في فشل المنظمات في احتواء النساء العراقيات المحتاجات للتوعية والدعم النفسي عدم وجود مناخ ديمقراطي حقيقي على مدى سنين طوال يجعل هذه المنظمات قوية متمرسة مستقلة عن التأثيرات الحزبية الضيقة .

بلا شك ونحن قريبون جدا من هذا اليوم المجيد  سيستعد السادة المسؤولون والأحزاب فيهيئوا مطولات وخطبا عما أنجز للمرأة وما وصلت إليه من مواقع رفيعة ويتصببون عرقا من شدة التحمس لقضيتها . ويعدونها بالخير كوعد عرقوب

المرأة العراقية الصابرة تجيبكم ببلاغة:

 أقصروا  !!

إن ماأحتاجه اليوم سقف يظللني وحياة طبيعية وبيئة نظيفة وعمل يقيني ذل السؤال أما الطموحات الأخرى التي سبق أن طالبت بها في القرن الماضي فأنا أتخلى  عنها أمام جبروت مزايداتكم وتخلفكم.  

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com