كي لا ابكي زوال شعبي

 عبدالله القاسمي/ تونس

arabicbloggersunion@googlegroups.com

كيف ابكي زوال شعبي ؟ كلمة من خطبة الهندي الاحمر ساليث هو يسلم ما تبقى من أرضه للبيض . علينا أيضا نحن العرب أن نعد من الآن كلمة التأبين المناسبة لاندثارنا اذا ما انهزمت المقاومة لا قدر الله  ،علينا أن نعد الكلمات المناسبة  التي سنبكي بها زوالنا إذا استمرت الأوضاع على ما هي عليه .

إن قرار ما يسمى بمحكمة الجنايات الدولية القاضي بإيقاف الرئيس السوداني يحمل أكثر من دلالة ومن معنى ذلك أن القادة العرب أنفسهم لم يعد لهم من مأمن في دويلاتهم فهم أيضا تحت طائلة اليد الأمريكية يعاقب الفرد منهم  إذا شق  عصا الطاعة في يد أمريكا وينتهي به الأمر أما شهيدا كصدام حسين أو مطاردا من عدالة أمريكا  كالبشير .

 إن أمريكا وحلفائها يحاكمون البشير من اجل انتهاك حقوق الإنسان في دارفور وارتكاب جرائم ضد الإنسانية . قد نصفق لهذا القرار إذا كانت نواياه  سليمة من اجل الحفاظ على إنسانية الإنسان في أي مكان من العالم ولكننا نستغرب أن هذا القرار يصدر بلاهاي بإيعاز أمريكي ذلك أن أمريكا التي وقفت ولاتزال تقف وراء اكبر دكتاتوريات العالم وكل المرتزقة والقتلة وسماسرة الدم هي التي تحاكم رئيسا من اجل التهمة القتل . في حين تغض الطرف  عن المجرمين الصهاينة وما ارتكبوه من  مجازر في الأرضي العربية  الفلسطينية وخاصة في غزة. لماذا لا تحاكم بوش عن قتله ملايين القتلى في العراق . ربما هؤلاء الشهداء هم ليسوا من الإنسانية من المنظور الأمريكي .

لذلك فإننا ندرك جيدا إن هذا القرار الأمريكي الذي يرتدي جبة دولية هدفه السيطرة على الثروات والموارد الكثيرة للسودان  وذلك بتقسيمه وتكوين كيانات صغيرة موالية لها و ليس رفقا بأهالي دارفور

كما يكشف هذا القرار إن النظام العربي تآكل ولم يعد قادرا على حماية نفسه فما بالك بحماية شعبه وقد تجلى ذلك بوضوح أيام الحرب على غزة إذ لم يقدر ذاك النظام حتى على عقد قمة تقول صراحة لا لقتل اطفال ونساء وشيوخ فلسطين .

إن ما وصلنا إليه اليوم هو نتيجة حتمية لما حدث في حرب الخليج الأولى يوم اصطف أولائك الزعماء وراء الأمريكان والحجة مناصرة الكويت ولم يصغوا إلى نبض الشارع . لم نكن نكره الكويت أو نريد له الاستعمار وإنما كنا نرفض أن نحكّم أمريكا في قضايانا ونرفض أن نمكنها من موطئ قدم بيننا . فلو أن العرب سعوا آنذاك لحل قضاياهم داخليا وضغطوا على النظام العراقي بوسائلهم لأمكن تحرير الكويت وحافظ العرب عن هيبتهم لكن أنظمتنا اصطفت وراء الأمريكان  وأرسلنا الجيوش لمساندهم فكانت النتيجة أن دمر العراق وقتل الملايين من شعبه وحوكمت سوريا من اجل مواقفها كما حوصرت ليبيا والآن السودان دون أن ننسى ما أصاب فلسطين ولبنان  . والقادم أسوأ فقضية الصحراء الغربية في المغرب وقع تدويلها وربما تتدخل أمريكا لنصرة الشعب الصحراوي فتدمر المغرب وقد تسعى إلى تفجير الوضع في الجزائر للتدخل ... وحتى الخليج لن يسلم من المخطط الأمريكي ...

إن مآل إليه الوضع العربي الراهن من ضعف و هوان يتحمل مسؤوليته النظام الرسمي العربي الذي لم يدرك انه قد سقط يوم اسقط النظام الشرعي في العراق ولم يدرك إن الخلافات الشخصية بين القادة العرب هي التي قادتنا للهاوية .

كما أنني احمل المعارضة العربية التي اتخذت من الدول الغربية  ملجأ لها جزءا من المسؤولية بما أنها لم تترك الفرصة تمر من دون أن تدفع الغرب للنيل من أوطانهم ومن كرامة مواطنيهم  فصورت أوطننا وكأننا نعيش خارج التاريخ لا كرامة ولا شرف لنا فترى الواحد منهم يطل في احد الفضائيات وهو يتبجح بكلمات الديمقراطية  ويكيل النعوت  لمن في الداخل . فيظن الآخر أننا جماعة تحيا خارج التاريخ وانه يتحمّل مسؤولية إعادة الإنسانية لنا وقد شاهدت هذا الكلام  لدى ممثل حركة المعارضة في دارفور في فرنسا دون أن ننسى العائدين على ظهور الدبابات لوطنهم الذي كاد أن يصبح خرابا .

وليس معنى هذا انه لا يوجد بيننا معارضة وطنية تعمل بحق على خلاص الإنسان والأرض وتضحي بكل غال ونفيس يدفعها في ذلك الحس الوطني

إن المشروع الأمريكي في منطقتنا لن يقف عند هذا الحد بل انه متواصل إلى أن تقوم ما يسمى بإسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات ثم استعمار بقية المناطق العربية وربما جمع العرب في محتشدات كما الهنود الحمر .  وقد ساعدها الإعلام العربي الذي يصور المقاومة بأنها إرهاب والوطنية خيانة .. وقد استغلت أمريكا الانشقاق العربي أحسن استغلال من وجهة نظرها فحيدت جميع الأقطار العربية القوية ممنية لها بالمساعدات .وزرعت الفتنة بين القادة فأصبح الواقع العربي هشا وإلا بما نفسر أن مواقف قادتنا من قرار إيقاف فرد منهم يقف عند حدود إصدار برقيات الأسف والإدانة التي تذاع في وسائل الإعلام ...

إن المشروع الأمريكي مهّد له ضعف الأنظمة العربية ولكن نحمد الله أن المقاومة العربية الباسلة هي عطلت هذا المشروع ذلك إن صمود المقامة العربية في غزة وفي لبنان والعراق وتصديها  للهمجية الصهيونية والأمريكية حال دون تحقيق تلك الأهداف إذ استطاعت أن توقف العدو الصهيوني وان تكيل الضربات الموجعة للأمريكان  ولكن لنكن موضوعيين إلى متى ستصمد هذه المقاومة المحاصرة من الداخل والخارج .. إلى متى ستصمد والنظام العربي الرسمي يدعو إلى الاستسلام .. إلى متى ستصمد والخناق يضيق حولها ... لذلك فاني أرى أن لا سبيل لبقاء المقاومة إلا بإيمان الجماهير العربية بها وحمايتها ومحاولة فك الحصار حولها و الصراع من اجلها لذلك فان بقاء المقاومة  لا يقاس  بمدى صمود المقاومين في ساحة الوغى فقط وإنما بمدى قدرة الجماهير العربية على حمايتها وذلك بالوقوف أمام كل القرارات التي تدعو لتصفيتها .. لأنه في هزيمتها لا قدر الله نهاية للعرب، نهاية لحلم الحرية .. نهاية للكرامة ..... ويومها بالضبط سيفكر كل عربي في إعداد رسالة تأبنية يبكي فيها زواله وزوال شعبه وأمته  ....

 

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com