|
الشباب .. التغيير سمة الحياة .. (5)
هلال آل فخرالدين اعصار الحضارة الاسلامية وبالغ اهتمامها بالعلوم واخرج الغرب من ظلام التخلف المساحة والقياسات ويدور الفصل لعاشر لكتاب الدكتور هيل حول منجزات المسلمين في مجال المساحة وهو يعتمد هنا في المقام الاول على مصدرينهما:كتاب (إنباط المياه الخفية) للمهندس محمد بن الحسن الكرخي الذي عاش في ظل الدولة البويهية يبين فيه كيفية استخراج المياه الجوفية وهو في الهندسة الهيدروليكية إلا انه يتضمن قسما خاصا بالتسوية المساحية والكتاب الاخر لمؤلف مجهول عنوانه (الحاوي للاعمال السلطانية والرسوم الديوانية) وفيه ايضا فصول تعالج آلات تسوية الارض واستخدامها وكذلك المساحة الكمية التعدين وقد تتبع المؤلف هيل في الفصل الحادي عشر جهود المسلمين في التنقيب عن مناجم الذهب والفضة والرصاص والزنك والنحاس وخامات الحديد والزئبق والملح والشب والقصدير والاحجار الكريمة في سائر البلدان الاسلامية وقد شرح التقنية لاستخراج المعادن سواء ما كان منها على سطح الارض أو في باطنها ووصف الجغرافي الادريسي مناجم الزئبق في شمال قرطبة فذكر انها كانت بعمق 250 باعا(_1500 قدم) في باطن الارض وفيما كتبه بنو موسى بن شاكر وصف الالات التي ابتكروها لرفع الخامات كما أن هناك أوصاف لطرق تهوية المناجم وكذللك لالات تعين على تنفيس الغواصين وصيادي الؤلؤ من اعماق البحر وقد تحدث البيروني طويلا في كتابه(الجماهير) عن طرق تعدين الحديد والفولاذ كما تضمن معلومات بالغة القيمة في ميدان الجيولوجيا انتقال المعرفة الاسلامية الى أوربا ويعرض في الفصل الثاني عشر عن مسالك الثقافة العلمية العربية الى اوربا وكانت المرحلة الاولى من ترجمات قام بها بعض رهبان (دير ريبول) في إمارة قطلونية على مقربة من برشلونة لترجمة بعض المخطوطات العربية التي استجلبوها من جيرانهم مسلمي الاندلس وفي هذا الدير درس الراهب الفرنسي (جربرت دي أورياك) الذي تولى البابوية بعد ذلك باسم البابا (سلفستر الثاني وتاتي بعد ذلك المرحلة الثانية في القرن الثاني عشر وتتمثل في مدرسة مترجمى طليطلة وكانت برعاية كبير اساقفة المدينة (ريموندو) وعلى هذه المدرسة قامت بترجمة عدد هائل من المؤلفات الاسلامية في مختلف العلوم وكان يتوافد عدد كبير من طلاب المعرفة من مختلف البلاد الاوربية وتاتى المرحلة الثالثة خلال القرن الثالث عشر وكان راعي الترجمة فيها ملك قشتالة الفونسو العاشر الملقب بالحكيم وفي هذه المدرسة التي كان مقرها في مدينتي إشبيلية ومرسية ترجم تراث اسلامي وفير من كتب علوم الرياضيات والفلك والفيزياء والكيمياء واصبحت اسماء مؤلفين مسلمين مثل الفارابي وابن سينا وابن رشد والبتاني وغيرهم مألوفة في الاوساط الاوربية وقد شارك في هذا الجهد بيئة أوربية اخرى كان للمسلمين فيها وجود استمر قرون عدة صقلية وقد استمرت جهود الترجمة بعد ذلك حتى القرن السادس عشر وكانت الترجمات تخضع لمراجعات وتصحيحات مستمرة كما ان اختراع الطباعة منذ القرن الخامس عشر أعان على نشر تلك الترجمات فضلا عن نشر كثير من نصوص الكتب الاسلامية حتى انه طبع في روما سنة 1600 م كتاب (القانون) في الطب للشيخ الرئيس ابن سيناء بعد الكتاب المقدس لاهميته العلمية البالغة وكان مصدرا معتمدا يدرس في جامعات اوربا حتى القرن الثامن عشر كما ان كتاب الدكتور هل لم يكن جامعا مانعا لكل ما انتجته الحضارة العلمية وما تفتقت عن الذهنية العقلية لعلماء المسلمين في كافة العلوم والفنون فقد اثر المعلم الثاني الفيلسوف الفارابي في الفكرين العربي والغربي سواء في الفلسفة ام في الموسيقى فقد اثر الفارابي على علماء الاندلس امثال الفيلسوف ابن باجة الذي عاش في زمن المرابطين وللفارابي أيضا تأثير على اوربا في الموسيقى فقد اقتبس (كنديسالفوس)من الفرابي فصولا عن الموسيقى في كتابه تقسيم الفلسفة وتأثر (جيروم دي مورفيه) في القرن الثالث عشر بكتابهع في الموسيقى وكتب في احد فصوله عن تقسيم الفارابي للموسيقى وكتب (ريموند لول) القرن الرابع عشر بالموسقى متأثرا به كما استعارة تعريف الفرابي للموسيقى (يوحنا أكيديوس) وكان احد مصادر هذا الفن واعتمد كذلك الفيلسوف (روجر بيكون) أعظم العلماء الاوربيين على الفرابي ويظهر ذلك في الكتاب الثالث (opus tritium) الخاص بالموسيقى من كتابه (الكتاب الاكبر (opus majus) وكان هناك الفيلسوف العالم الفلكي الكبير نصير الدين الطوسي الذي اسس اول مرصد فلكي في مراغة واوصي شبابنا العزيز بقراءة كتاب(كشكول ) العلامة الموسوعي فريد دهره ووحيد عصر الشيخ البهائي المملوء بالافكار العلمية العميقة الواسعة الذي استطاع من قياس محيط الكرة الارضية ومساحتها وتبيان حجمها وارقامه مقاربة جدا لما توصل اليها العلم الحديث وفيه ابتكاره لطرق في حل المعادلات الجبرية ذات المجاهيل الثلاثة وفيه من الحكم والمعارف والاداب والطرف مايمتع النفس ويغذي العقل وهذا العبقري استطاع ان يكتشف سرعة الصوت قبل الغرب بزمان وصمم قبة المسجد الجامع في اصفهان بارتداد صوت المتكلكم تحتها واستطاع تسخير الذرة او اخترع الطاقة الذرية قبل الغرب واستعملها في حمام اصفهان الذي ظل يعمل لاكثر من 200 سنة من دون وقود وعندما جائت بعثة فرنسية في عام 1912 لاكتشاف سبب عدم نضوب الوقود للحمام مما تسبب في ابطال عمل الحمام ولم يستطيعوا ارجاعه الى سابقة ..وهناك المبتكر الاول للطيارن (عباس بن فرناس) الذي كانت محاولته الاولى للتحليق في الجو بصنع اجنحة من ريش وقش تعتبر محاولة رائدة للتحدي والاصرار للعقل الاسلامي لاختراق الفضاء وغزوه قبل اكثر من الف سنة ..الى ماهنالك من جهابذة العلم واساطين المعرفة الذين ملؤ الدنيا وشغلوا الناس بما ابدعوه من الفكر والعطاء العقلي .. نقد بناء وتقيم منصف وشعور حي يؤرخ عالم امريكي (مايكل هاملتون مورجان)لحضارة المسلمين في كتاب ترجم الى العربية باسم(تاريخ ضائع) التراث الخالد لعلماء الاسلام ومفكرية وفنانيه فهو يقول في ظل هذا المناخ من الحروب والصراعات من الصعب تحقيق أي شيء للعالم وليس السلام فقط لان المحافظين الجد يعتقدون ان السلام سيحدث بالحروب والمعارك وهذا تناقض لا أستطيع فهمه ولقد كتبت هذا الكتاب لدفع الناس إلى التفكير والذهاب الى المكتبات للبحث اكثر عن الثقافات الاخرى ولكي يغيروا وجهات نظرهم الاحادية والشعب الامريكي نفسه الان يشعر بالتعب من كثرة الحروب التي يشنها ساسته في العالم ولكون العلم والفكر لاينموا الافي اجواء الامن والسلام والاحترام يقول مورجان :(بد لا من التركيز علىالواقع المظلم الربض على جنبات المكان قررت أن أجعلها تتحدث عن التاريخ المذهل لهذا العالم الاسلامي الذي أكتشفته من خلال قراءات وأبحاث فقد كان تاريخا يزخر بالاختراع والابداع والافكار العظيمة ويفرز قيم التسامح والتعايش تاريخا عاش فيه المسيحيون واليهود والهندوس والبوذيون معا يعملون ويزدهرون إن الحضارة الاسلامية ألقت ببذور (عصرالنهضة الاوربية) وأسهمت في ظهور الكثير من جوانب الحضارة الغربية والعالمية المعاصرة لن هذا التاريخ اصبح مع بداية القرن 21 نسيا منسيا وتم تجاهله وأسىء فهمه بل وأعيدت كتابته) وخلافا للمؤلفات التاريخية التي تميل الى التركيز على المفكرين والمخترعين فيما يسمى (بالعصر الذهبي) للمسلمين للفترة من عام 632 إلى 1258 ميلادية انتهاء بسقوط بغداد فان هذا الكتاب يركز على العديد من المحطات والعصور الذهبية للفكر الاسلامي بما في ذلم اسيا الوسطى وتركيا العثمانية والهند المغولية حتى القرن 18 عشر ويعترف الباحث مورجان بانه لم يكن بمقدوركتابه ان يلم بالتفاصيل الهائلة والفوارق المعقدة لحضارة امتد عمرها لاكثر 1400 سنة ويم يكن بمقدور (تاريخ ضائع) ان يعين كل اسم عظيم وكل حدث تاريخي برز في تطور هذه الامة سبب نكوص الحضارة الاسلامية غزوات البرابرة والتخلف الاسلامي والعالم مورجان يشخص بذهنية الباحث المتتبع والمحقق المنقب ان اللحظة الراهنة التي يعيشها العالم الاسلامي تعود الى اسباب كثيرة منها أن الاثر الذي خلقته الامواج المتتالية من الغزوات الاسيوية بقيادة جحافل الهمجية والتطرف البربري (السلاجقة والمغول والعثمانيين ) على قلب الاراضي الاسلامية هو الدمار التدريجي لمراكز الابتكار الاسلامي في الوقت الذي كانت فيه اوربا بمنأى عن ذلك ومنكبة على العلم ومتكالبة على اخذه ما سمح لهم باستكمال تطورهم ويعترف مؤكدا ان الامبريالية الاوربية وجهة الضربة القاضية للعالم الاسلامي وأدى الاستعمار بكثير من دول هذا العالم الى الكساد الاقتصادي استغرق قرونا حتى تم التخلص منه وبما ان كلا من العلوم والتطور يعتمدان على مساندة قيام الدولة وتمويلها فقد انحدر مستوى العلوم الاسلامية عندما توجب على دولها تحويل مواردها الى الدفاع العسكري بعد القرن 16 ومن ثم أصبح بزوغ شمس أوربا وغروب شمس العالم الاسلامي وجهين لعملة واحدة واخير يقول الباحث الامريكي مورجان انه ينبغي ان ينى جسرا لعبور هذه الهوة المخيفة التي تفصل مابين المسلمين وغيرهم وذلك من خلال إعادة إحياء ذكرى العظمة التي ألقى بذورها العالم الاسلامي والمعاني العميقة التي خلفها..
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |