|
الصحيح: العرب يعودون للعراق وليس العراق يعود للعرب!
حميد الشاكر في كثير من التصريحات الرسمية للمسؤلين العراقيين في الدولة الجديدة تتطاير على شفافهم كلمة: عودة العراق الى حضنه العربي بقوّة، كآخر تصريح مثلا سمعناه من النائب الاول لرئيس مجلس النواب العراقي المحترم الشيخ خالد العطية !. وحتى ان الكثير من المسؤولين العرب ايضا نسمعهم كثيرا وهم يطالبون بعودة العراق للحضيرة العربية!. والحقيقة انا عندما كنت اسمع الكثير من المسؤولين العرب يطالبون بمثل هذا المطلب من العراق أدرك ان هناك نوايا ليست حسنة في مجابهة التغيير الذي حصل في العراق بعد سقوط حكم حزب الصداميين في هذا البلد، وإن هناك مخطط أعرابي يهدف لعزل العراق عن محيطه العربي من خلال الترويج لخرافة ان العراق بعد التغيير لم يعد عربيا على الاطلاق، ولهذا وجبت المطالبة من العراق الجديد ان يعود هو للمنظومة السياسية العربية، وليس ان تعود المنظومة العربية له !. طبعا الاذكياء من العراقيين يدركون ماهية هذا المطلب العربي ؟. ولماذا هم يريدون العراق بنفسه ان يعود للحضيرة العربية ؟. وكيف تكون هذه العودة حسب شروط النظام العربي القائم ؟. وماهي حقيقة دعوى عودة العراق للعرب حسب المنظور الرسمي العربي ؟. وهل حقا ان المنظومة السياسية العربية ترغب حقا بعودة العراق ؟. أم ان آخر شيئ يرغب فيه النظام العربي الرسمي القائم اليوم هو عودة عراق مابعد صدام للحضيرة العربية بديمقراطيته وانتخاباته وألسنة العراقيين الحداد ؟. الواقع ان النظام العربي لايرغب بأتخاذ قرار القبول بالعراق الجديد كعضو فاعل في محيطهم العربي، ليس طبعا لان العراق لم يصبح عربيا بعد ازالة حكم الصداميين، ولكن هناك حسابات اخرى معقدة وتشكل خطرا واقعيا على النظام العربي القائم ان عاد العراق بنموذجه الجديد للساحة العربية !. ومن هنا نقول ان العراق لم يبتعد اساسا ومنذ البداية عن العروبة كي يُطالب بالعودة، ولاهو صاحب مشروع ادارة الظهر حتى يُقال : يجب على العراقيين ان يعودوا لموقعهم العربي الذي غادروه بعد الاطاحة بصدام وهروبه ثم تنفيذ حكم الاعدام به !. وانما التعبير الصادق الذي ينبغي الالتفات اليه : هو ان النظام السياسي العربي هو من ادار ظهره للعراق والعراقيين، وهو من ناصب العداء لمسيرته الجديدة،وهو مَن لم يعترف بحقه بالحياة، وهو من تآمر على تطلعاته وحوّل حياته الى جحيم، وهو من موّل الارهابيين ليحرقوا اطفاله بالقنابل، وهو من حاك المؤامرات الدولية لاسقاطه واعادت عقارب الساعة الى الخلف، والنظام العربي الرسمي هو مَن استنفر كل جهده لخنق المولود العراقي الجديد في المهد بعد نجاته من محرقة صدام ولكن لم تفلح المحاولة العربية للنظام العربي الرسمي المحيط بالعراق!. وعلى هذا الاساس قلنا ان الصحيح هو القول على لسان وخاصة المسؤولين العراقيين ان يقولوا : عودة النظام العربي للعراق وليس عودة العراق للنظام العربي !. ولايعتقدن احدٌ من العراقيين ان هذه العودة للنظام العربي الرسمي للعراق جاءت نتيجة حنين عربي للعراق، او بعد اعتراف ان هناك سوء فهم وقع من اشقاء العراق العرب فيما مضى وهم يحاولون اصلاح ذات بينهم مع العراق المظلوم، او ان النظام العربي الرسمي اكتشف فداحة الخطأ الذي ارتكبوه بحق الشعب العراقي عندما اعلنوا الحرب عليه ولذالك هم اليوم يسارعون بالاعتراف به وبشرعيته وبحقه بالحياة !؟. لا لايعتقدن عراقي بهذا التصوّر ابدا في نوايا وعقلية وسلوك النظام العربي القائم تجاه العراق، ولكن النظام العربي بعد ان عمل مابوسعه لاسقاط هذا العراق، وبعد مابذل كل مافي جعبته للتخلص من العراق الحيّ، وبعدما فقد الامل تماما باعادة عقارب الساعة وموت العراق الى الابد، وجد نفسه هذا المسكين المجرم المسمى النظام العربي المحيط بالعراق بانه في ورطة حقيقية !. ورطة عراق تعافى وقام وسار على الدرب، ونهض من الكبوة، وهو لم يزل يستعيد عافيته، بل الانكى من ذالك عراق ارادوا ذبحه باسم العمالة للاستعمار والتواطئ مع المحتل، واذا بالعراق الجديد يقلب الطاولة على رؤوسهم بالكامل، ويتخذ طريقه باستقلالية ويمارس سياسته بوطنية اكثر من نظم التبعية العربية التي لاتستطيع نقل حجر عن حجر الابأمر الاستعمار والدول العظمى وباقي الموبقات !. وفي حال وجود مثل هذا العراق الحرّ الذي ينتخب شعبه حكومته، وتمارس صحافته المهنة بلا خوف، ويراقب مجلس النواب وزرائه، وتستدعي لجان النزاهة الفاسدين، ...... الخ، مثل هذا العراق تتشرف العروبة به، ولايتشرّف هو الانتساب الى نظام عربي فاسد ودكتاتوري ومتخلف واستبدادي وآيل للسقوط !. نعم النظام الرسمي العربي هو الذي عاد للعراق للعربي، وليس العكس، لأن منبع العروبة من العراق بدأت والى العراق سوف تنتهي، ولاريب عندئذ ان من صان الحرف العربي وبنى الحضارة الاسلامية لهذه العروبة والعربية، وأذهل الدنيا بعلماء العربية .... لايمكن ان نتصوره تابعا لاحد من بوادي الاعراب التي حاولت ان تكون عربية بلا عراق، ولكنها لمسافة غير طويلة اكتشفت ان الهوية العربية هي العراق وليس اي مكان آخر هنا او هناك !. وكذالك النظام العربي الرسمي هو الذي عاد للعراق وليس العكس، بسبب ان العراق الجديد لم يكن يضمر اي سوء او دسيسة لعالمه العربي، ولم يخطط ويدبر للانفصال عن عربيته في يوم من الايام، ولاهو بادر لحياكة المؤامرات على محيطه العربي بارسال القنابل او امداد الارهابيين او مساعدة الانتحاريين والقتلة، فكيف بعد ذالك يطالب العراق واهله بالعودة الى الحضيرة العربية، بينما من اعلن عزل العراق واضمرالسوء لشعبه ونال من كرامته ودبّر لمصيبته بالاساس هو النظام اللاعربي على الحقيقة ؟. هل مطالبة العراق بعودته لعالمه العربي هي تغطية على جريمة عزله ومحاولة اغتياله ؟. نقول نعم، ان من يطالب العراق ان يعود اليوم لحضيرته العربية هو بالاساس مَن يحاول ان يغطي على جريمة عزل العراق عربيا والاساءة اليه !. وهل مَن يقول من المسؤولين العراقيين الجدد، او يبشرون ويستبشرون بعودة العراق الى الحضيرة العربية، هم اناس من طيبي القلب والمشاعر والاحاسيس العراقية ؟. نجيب بالصحيح، فالشعب العراقي بمسؤوليه وتجربتهم العراقية الوليدة بعد القهر والظلم هم اناس في بعض الاحيان يُغلبون على مشاعرهم المتسامحة، وفي بعض الاحيان الاخرى يتسامحون مع الاخر ولكن عقولهم صاحية للختيلة، وبين هذا وذاك يجب ان لايغفل العراقيون مطلقا ولايتركون للجاني ان يمرّ باساليبه ليعتقد انه نفذ من المحاسبة أمام محكمة العدل العراقية !. نعم فليعد العرب للعراق، وسوف يجدون صدرا يحمل شعار : ويعفو عن كثير !. ولكنّ ينبغي الحذر من قبل العراقيين من هذه العودة العربية انها عودة تحمل فيروسات امراض خطرة جدا، اولها يبدأ بان هذا النظام العربي الرسمي نظام موبوء ببكتيريا الدكتاتورية السياسية، ووجود عراق صحي وديمقراطي ومتنفس بطلاقة بالقرب من بعير عربي مريض واجرب، ربما يكون خطر فعلي على الصحة العراقية !. كذالك ينبغي على العراق وشعبه ان لايبادر الى فتح ابوابه بسرعة امام العودة العربية للنظام الرسمي القائم اليه، لان هذا النظام مضافا لما ذكرناه، هو نظام يبحث هو اليوم عن الشرعية امام العالم، وليس العراق بعد ان راى العالم انتخاباته هو من يبحث عن شرعيته عند النظام العربي الرسمي !. فليعلم بعد ذالك ساسة العراق الجدد انهم اصحاب الكعب الاعلى في عالم عربي متدني سياسيا ويحاول ويريد شدّ العراق الى تحت المستوى الذي وصل اليه، فعلى العراق ان ينتبه انه لايمكن له الاّ الصعود ديمقراطيا الى الاعلى!.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |