التقييم حين يكون منتجاً

جاسم الحلفي

ali_icp@yahoo.com

تناول عدد كبير من السياسيين والكتاب النتائج التي حصل عليها الحزب الشيوعي العراقي، بمفرده أو مع حلفائه، في انتخابات مجالس المحافظات، التي جرت في 31/1/2009. ورغم تنوع المنطلقات، وتعدد الآراء، وتباين مستويات التحليل كان الحرص على دور الحزب ومستقبله حاضرا في اغلب ما نشر، إلا إذا استثنينا بعض الكتابات التي ينطلق أصحابها من مواقف مسبقة، لا تتغير مهما كان أداء الحزب ومواقفه.

 ان الأفكار التي عبرت بوضوح عن هدفها المتمثل بتقوية مواقع الحزب وتقدمه كي يأخذ دوره المنشود في حركة الديمقراطية والتقدم. ستكون موضع عناية واهتمام من قبل الحزب، يستعين فيها لوضع دراسة تحليلية واسعة لتقييم النتائج.

 فالتقييم هو نهج عند الحزب الشيوعي العراقي، و جزأ لا يتجزأ من اي نشاط ينفذه الحزب، وقد ترسخ كمبدأ تنظيمي ثابت لانتظام ممارسته في الاجتماعات الدورية للجنة المركزية، التي يتم فيها متابعة أداء الهيئات القيادية للحزب وعمل لجان الاختصاص المركزية. لذا سارعت قيادة الحزب بوضع خطة عمل لتقييم أدائنا الانتخابي، قبل إعلان نتائج الانتخابات، وحددت سقفا زمنيا لانجازها.

ان المنهج الجدلي هو أداة الحزب في التحليل، وهذا لا يستقيم طبعا مع النظرة أحادية الجانب وغير موضوعية. فلكي يكون التقييم واقعيا ورصينا، ينبغي ان تدرس النتائج، بعيدا عن تأجيج العواطف، أو إشاعة اليأس والإحباط، وقطع الأمل في أية إمكانية لتجاوز القصور وإصلاح الأخطاء. والتقييم المنتج هو الذي يدرس فيه الموضوع بكل مستوياته، وينظر في مختلف إبعاده، وتحسب كل العوامل التي أثرت إيجابا او سلبا في تلك النتائج. لهذا فان اي تحليل يهمل جانبا من الجوانب الأساسية في معرفة الأسباب والعوامل الفاعلة والمؤثرة، سيكون تحليلا ناقصا وغير نافع. ومن اجل ان يكون التقييم شاملا أيضا لا بد ان يشترك به كل أعضاء الحزب وأصدقائه، مرورا بجميع هيئات الحزب ولجانه، ووفق سياقات العمل الصحيحة. وهذا ما قمنا به مباشرة بعد يوم واحد من انتهاء الانتخابات، وعقدت من اجله اجتماعات موسعة بحثت فيها قضية الانتخابات من جوانب عديدة، ولخصت من خلالها آراء في غاية الأهمية، ليس لكونها تناولت بمسؤولية أداء الحزب، بل لقدرتها على وضع استنتاجات تهدف إلى معالجة النواقص وتحسين النشاط وتطويره، التي ستكون، الى جانب رسائل الرفاق والأصدقاء وما نشر عن الانتخابات، مادة أساسية لوثيقة التقييم، التي ستنشر في وسائل الإعلام، حال انجازها وإقرارها من قبل قيادة الحزب، كما سبق ونشر تقييم أداء الحزب في الانتخابات السابقة، في إحدى افتتاحيات جريدة "طريق الشعب ".

وبطبيعة الحال سوف لن يهمل تقييمنا الظروف الموضوعية وتأثيراتها المباشرة وغير المباشرة على نتائج الانتخابات. وفي نفس الوقت وبالمساحة ذاتها، سيتم التطرق الى الظروف الذاتية، تلك المتعلقة بالخطاب السياسي للحزب، وطرق التعبير عنه، ونشاطنا الإعلامي، ووسائلنا في التحشيد، وأساليبنا التنظيمية، واليه اختيار المرشحين، وأدائنا في الحملة الانتخابية، ودور قيادة الحزب، كهيئة وكأفراد في تنفيذ مهماتهم، فضلا عن إعادة ترتيب أولوياتنا ومراجعة مهامنا ومستوى تنفيذها.

فالحزب يعدُ التقييم جزءاً أساسياً لأي مشروع يقدم عليه، ولا يمكن ان يستكمل انجاز أي نشاط له، ما لم يتم انجاز تقييمه بدقة، فكيف والموضوع انتخابي يتعلق بالأصوات، وبنفوذ الحزب وآفاق تقدمه، ولذلك سيأخذ مكانه المناسب في جهد الحزب الفكري والسياسي والتنظيمي.

ان النشاط الانتخابي هو نشاط سياسي في جوهره، فان لم يحقق هدفه الأساسي في الحصول على مقعد أو عدد المقاعد في مجلس المحافظة المعنية، فهناك أهداف أخرى لا ينبغي عدم نسيانها، منها إيصال رسالة الحزب إلى جمهرة واسعة من الناس. نعم فقدنا او لم نجتذب أصواتاً جديدة، وسنعمل جاهدين لمعرفة أسباب ذلك، وسنبذل كل الجهود لاسترجاعها. ان إصرار محبي الحزب على تلخيص هذه التجربة واستخلاص الاستنتاجات والدروس المطلوبة التي تساعدنا في التحرك الهادف لوضع خطط جديدة للنشاطات القادمة، يشكل قوة كامنة عند الشيوعيين العراقيين، تبشر كما بشرت سابقا ان لا طريق أمامنا سوى الجرأة في طرح نواقصنا والاستعداد لمعالجتها، و مواصلة العمل المنظم والمتفاني من اجل الفوز بثقة شعبنا وتمثيله بشرف ونزاهة.

 

 

 

 

 

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com