المصالحة مع الصداميين في العراق كالتطبيع مع الصهاينة للشعب!

 

حميد الشاكر

al_shaker@maktoob.com

أليس غريبا ان تطرح الحكومة العراقية بموؤسساتها المدنية والسياسية مشروع مصالحة وطنية، ثم بعد ذالك يأتي الردّ من كوادر حزب البعث العراقي الهارب والمحظور دستوريا بالرفض لهذه المبادرة العراقية ؟.

ولماذا يرفض الجلاّد مبادرة مصالحة الضحية، مع انه ومن المفروض المنطقي ان تكون المراجعة اولا مبتدأ ممَن أساء للعراق شعبا ووطنا وهو حزب البعث طريد العدالة، ليقدم اعتذاره اولا ثم مشروع مصالحته مع من اساء اليهم ودمّر بلدهم بالكامل وقتّل شبابهم واهان شيوخهم وهتك اعراض نسائهم ؟.

قيل جوابا على مثل هذه الاسألة على لسان نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي ( متعاطف بعثي ) ان المبادرة لم تأخذ شكل المؤسسات الحقيقية ولكن هي مجرد تحرك فردي لاينم عن جدّية في الطرح ؟.

وقيل على لسان صلاح عمر العلي (بعثي سابق) ان ليس هناك نوايا حقيقية للمصالحة مع البعث، وان هناك تبييت اجتثاث للحزب وكوادره ومخطط انتقام منهم لاغير !.

أما جناح البعث بشقيه (الدوري واليونس) من بقايا المنقرضين لحكم الصداميين، فالرفض جاء واضحا، ولكن ليس لان النوايا غير صادقة، ولا لانه ليس هناك عمل مؤسساتي حكومي قائم على هذه المصالحة، وانما هناك شروط مسبقة لهذه الكوادر الساعية في الارض الفساد، تبدأ باسقاط العملية السياسية برمتها والتي قامت بعد اسقاط حكومة العوجة الصدامية، والعودة الى تشكيلات الحكومة العراقية السابقة وعودة كل كوادرها العسكرية والامنية والمخابراتية والحزبية، مضافا لذالك طرد من جاء بالعملية السياسية العراقية الجديدة ومحاكمتهم كعملاء، ومن بعد ذالك تعويض جميع البعثيين الذين تضرروا من اسقاط نظام المشنوق بأمر العدالة الالهية صدام حسين، وتقديم الاعتذار لهم واعادة جميع مميزاتهم العراقية !.

والحقيقة ان الردّ الاخير على مبادرة الحكومة العراقية الوطنية، وما وضعه من شروط على لسان حزب البعث العراقي ( الدوري ويونس ) الهارب يظهر ان هناك اصرار غير طبيعي، لاسيما من كوادر الاجرام والحكم البعثي فيما سبق : انه ليس هناك طريق وسط لالتقاء الشعب العراقي بحكومته المنتخبة مجددا مع كوادر حزب البعث فيما سبق، وهذا ليس لسبب غامض، وانما لمجرد الشروط البعثية التي تبدو انها تعجيزية تماما للحكومة وللشعب وللدستور وللاحزاب العراقية القائمة والحاكمة اليوم، مما يضطرنا لاعادة صياغة السؤال من جديد وبنفس المضمون : لماذا هذا الموقف من كوادر حزب البعث المنحلّ ؟.

وماهي حقيقة رفض البعثيين لمبادرة الحكومة العراقية ؟.

وأليس غريبا نوعا ما ان يتقدم الضحية بمبادرة ثم نفاجأ برفض الجلاّد لها ؟.

نعم من يدرك الية التفكير البعثية، وهو مطلع على كل الاساليب التي استخدمها البعث الصدامي بحكم العراقيين، وما خلفته تلك الحقبة الصدامية البعثية المظلمة من نتوء على قلب وروح ووجه الشعب العراقي، والتي هي بحاجة ربما الى مئة سنة قادمة لتتغير بعض ملامحها التعذيبية البارزة التي تذكر كل عراقي ببشاعة الحكم البعثي في العراق،.... من يدرك ويعي ويفهم ويستوعب ويتأمل ويفكر في هذه الملحمة، سيجد انه ليس غريبا مطلقا ان يرفض البعث اي مبادرة سلام حقيقية تطرحها الحكومة او الشعب العراقي نحوه، لكن ليس لان حزب البعث يريد فعلا ان يحرر الارض ولا ان يعيد العملية السياسية الى مربع الصفر فقط، ولا ان يمارس هوايتة في ابادة البشر ليحاكم الشعب العراقي كله وليس فقط الاحزاب الحاكمة في الدولة العراقية اليوم،... لا ليس هذا كله، وانما لشعور البعثيين انفسهم ان الذي فعلوه بالشعب العراقي من البشاعة والاجرام، مالايمكن لاي شعب في وعلى وجه هذه الكرة الارضية ان يتقبله او ينساه او يعفو عنه بسهولة !.

ولهذا تجد ان قرار البعثيين كان قاطعا وحازما وواصلا الى حد النهاية، ومقررا : انه لاحياة لبعثي في العراق منذ سقوط الصنم العفلقي الصدامي الصغير الى ماشاء الله من ايام قادمة الا بسلطة الحديد والنار التي تضمن للبعثي حياته اولا واستمراره في الحياة ثانيا !.

الواقع ان هذه هي الصورة المستقرّة في داخل اي بعثي كان يحكم العراق في يوم من الايام ثم اصبح اليوم ممتهن ممارسة ارهاب وسرقة ونهب وسطو مسلح واجرام وخطف ومقدم خدمات لدول الجوار ...... وهكذا، فهو وصل الى مرحلة يقين مطلقة ان الطريق قد اغلق ولاعودة لحزب العودة مطلقا الا اذا ابيد الشعب العراقي كلّه وحوكم بتهمة كراهية البعث العربي القومي الاسلامي الالهي المقدس !.

أمّا من الناحية الشعبية العراقية، وبغض النظر عن الحكومة السياسية والمصلحية والنفعية، فالشعب العراقي اتخذ قراره بشأن البعث والبعثيين منذ زمن طويل قبل سقوط حتى حزب البعث في العراق، وهروب طاغيته ومن ثم محاكمته واعدامه : بأن البعث هو الوجه الاخر لعملة الصهيونية العنصرية، وعندما يريد اي طاغية او حاكم فرض التطبيع على اي شعب عربي ومسلم يرفض الالتقاء مع الصهيونية العنصرية، فأن مصير العملية للفشل، وحتى لو (لاسامح الله ) فرض على الشعب العراقي سلام وهمي مع البعث الصدامي والبعثيين القتلة، فأن عملية التطبيع بين الشعب العراقي وحزب البعث ستكون بعيدة بعيدة جدا بعد اي شيئ لايمكن ان يتعايش ويشترك في حيز واحد في هذا الوجود، واذا نحن تعلمنا في المنطق استحالة اجتماع النقيضين في حيز واحد، فهذا جعلنا ندرك استحالة اجتماع نور وظلمة وجود وعدم موت وحياة وعراق وبعث في حيز واحد !.

انها المعادلة التي يحملها كل عراقي تجاه اي بعثي ساهم في تدميره، كما انها المعادلة الفطرية التي يفهمها كل بعثي ايضا وهي التي تدفعه للرفض وعدم التصديق باي مبادرة سلام معه من قبل الحكومة او الشعب العراقي على العموم !.
بقي هل هناك مخرج من أزمة البعث والعراق ؟!.

بالامكان القول لكل بعثي : عيش ايامك الاخيرة متواريا عن الانظام وانتهج النفاق مع الشعب العراقي الى ان يأتي يومك الاخير في هذه الدنيا، ويكون بهذا الشعب العراقي قد قدم التضحية الكبرى بأن رضي ان تكون على قيد الحياة فحسب !.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com