|
د.عباس العبودي المتتبع الى الدولة المدنية التي يحكمها القانون يلاحظ أن القانون عقد اجتماعي بين المواطنين حاكما ومحكوما ويكون قانون الدولة فهو المرجع لكل خلاف بين الحاكم وبين المحكوم وبين المواطنين انفسهم. اما ما نلاحظه في عالمنا العربي والاسلامي هو قانون السلطة وليس سلطة القانون والحاكم هو الآمر الناهي –فهو يصنع القانون وهو يلغي القانون ومن يخاصمه سيكون مصيره العدم لان ثقافة الحاكم هي ثقافة التمسك بالسلطة وكل من يخالف الحاكم سيكون مصيره السجن او الاعدام والسعيد من يفلت من قبضتة ليهاجر مشردا من بلد الى بلد. لان السلطة في العالم العربي والاسلامي هي نتاج مخلفات تاريخية واستعمارية التي جعلت الدولة رهينة لصاحب السلطة , فولاية السلطان هي الغالبة على ولاية الامة والامة عليها بسط الولاء والبيعة للسلطان. أن الذي يريد ان يدعم دولة الانسان علية ان يكون انسان دولة ,يغيير كل مسارات حياته لتنسجم مع القانون ليس من اجل تحقيق مصالح نفعية ويجعل مفهوم الدولة والقانون شعارا وجسرا للوصول الى اهدافه , فلو حصل ذلك فانه سيسقط كما سقط من قبله من الذين كانوا يمثلوا دولة السلطة اننا نريد من رجل الدولة ان يتفاعل مع مفهوم دولة الانسان تفاعلا وجدانيا تتحرك مفاهيمها في وجدانه وضميره. وان السلطة التي يكلف بها لاتزينه بل هو يزينها , لانها سلطة زائلة ودنيا سلطته غير معمرة , فان بذر خيرا في عهد مسؤوليته ستكون سنة حسنة واثرا طيبا يمتدحه الناس وموضع اطمئنان الناس ,فمن حق الناس ان يولونه دورة جديدة لهذه الامانة لدولة القانون . أن المحاصصات الطائفية والقومية التي بذرت في 2003 فسحت المجال للقوى العراقية تتصارع فيما بينها ليس لارساء قواعد الدولة الحديثة بل صراع التمسك بالسلطة والعودة بها الى دولة السلطة والى ممارسات الدكتاتورية .ولكن هناك من القوى الوطنية التي قاومت هذه المفاهيم المغلوطة وسعت وتسعى لمنع تسلق هذه القوى والسيطرة على السلطة بعناوين مختلفة هي ليست صادقة فيها بل هي عناوين تستخدمها للعودة الى دولة السلطة . إن القوى الوطنية التي تقاوم دولة السلطة تعلم علم اليقين ان كل هذه المفاهيم المغلوطة لو ترسخت في ذهنية الامة وبنيت على هذه الاسس كيانات سياسية ,سيتحول العراق الى كيان تصارعة القوة التي تتنازع على اخذ السلطة والتحكم في رقاب الناس ولايستقر العراق ابدا. فالقوى الوطنية المخلصة التي رفعت شعار الوطنية وتغليب لغة القانون والحاكمية لدولة القانون تمثل كل طياف الشعب العراقي تنادي بصوت عال نعم لسلطة القانون وليس لقانون السلطة تمثل المعنى الانساني للدولة الذي تفاعلت معه الامة ويكون العراق الجديد دولة عراقية يحكمها القانون ولا يحكمها السلطان بقانونه .فقانون السلطة هي الولاية للسلطان الامة لاولاية لها مادام السلطان هو الحاكم . من اجل ان نثبت قواعد سلطة الدولة ونتخلص كليا من دولة السلطة حتى وان تاطرت بقانون منتخب من الشعب علينا ان نتبع الخطوات التالية: اولا:تربية الناس على مفهوم الدولة واهمية القانون واحترامه في ادارة المجتمع وهذا يجب ان يكون في كل مفاصل المجتمع اعلاميا تربويا سلوكيا تبدا من القمامة في الشارع , والصف في مواقف الباصات والمحلات وغيرها من المواقع الخدمية الى اعلى سلطة في الدولة. ثالثا- أن من واجبات القائمين على سلطة الدولة ان تتعامل مع كل شرائح المجتمع بالتساوي من دون تمييز بالعنوان الديني او الطائفي او القومي , وهذا يحتاج الى وعي صادق حقيقي من قبل المكلف بادارة الدولة ومن خلال المراقبة والنقد والتصحيح السلمي من قبل الامة . لان الدولة هي عقد اجتماعي والكل مكلف بادارة ومراقبة عمل الدولة وعدم الاخلال بعقدها الاجتماعي الذي اتفقت عليه . رابعا-ان المتصدي لادارة الدولة يجب ان يمييز بين مفهوم السلطة ومفهوم الدولة وان يكون واعيا لذلك لان الخلط سيؤدي الى الاخلال بمفهوم الدولة وتجاوز صلاحيات المتصدي على القانون .لان الدولة تمثل حالة من التنظيم والادارة لشؤون المجتمع وتلبية حاجاته وفق القانون الذي اتفقت عليه الامة من خلال حضورها المباشر او من خلال ممثليها في المجلس التشريعي. فإذا تجاوز المسؤول على قوانين الدولة سيتحول الى دكتاتور ان لم تقف الامة التي تعاقدت بقانونها لحماية الدولة وقوانينها –فمن واجب الامة ان تقدم النقد البناء للمتصدي والنصيحة المخلصة وابداء يد التعاون المطلق في تطبيق القانون الذي تعاقدت عليه. وهذه هي الصورة الحقيقية لمراقبة السلطة . فاذا تركت الامة دورها ي النقد والنصيحة والعونة سيتحول المؤتمن على السلطة الى دكتاتور في اطار القانون . والامة هي المسؤولة على هذه النتيجة. خامسا- ان الامة هي ولية نفسها وهي التي تملك السلطة من خلال عقدها في تحقيق الامن من خلال القانون الذي تشرف على تنفيذه سلطة منتخبة من الناس التي تتحمل مسؤولية حماية القانون وتطبيقه على كل الناس بدون تمييز او تقصير في تنفيذه وهذه الامانة الكبرة بحاجة الى انسان دولة امين على الناس والوطن وان يكون له عين تراقبه وتنصحه وتعينه .وهذه هي الدولة الشرعية لانها جائت بعقد اجتماعي وليس سلطة مفروضة من قبل هذه المجموعة او تلك . فاذا تجمعت هذه المجموعة او تلك فستكون دولة السلطة وحينما تكون دولة السلطة سيغيب القانون وتتعطل كل القييم الانسانية وسيكون الحاكم صاحب السلطة المطلقة . وهذا الذي يكرههة الشعب ولاينسجم معه بعد طول عناء ومشقةة وانهر من الدماء والتضحيات الجسام. فالامة مسؤولة الولا واخير على عقدها واحترامه ومراقبته ومتابعته وحمايته من دون تنازل عن حق هنا اوهناك ومن دون ان تتاثر باعلام مضلل يضع السم في العسل وبعد ذلك ولاحين مندم. فعلى الامة ان تمارس كامل ولايتها لادارة الدولة من خلال المراقبة والنقد الايجابي والنصيحة المخلصة وتقديم كل انواع المعونة للسلطات الثلاث حتى تكون دولة قانون يحترم الجميع بانسانيتهم وهذه هي دولة الانسان. فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته والمقصر عن اداء مسؤوليته السلمية فلايلومن الانفسه لو ان تقصيره جا بحاكم ظالم مستبد لايحكم الابسلطته وليس للقانون وجود.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |