رحماء بينهم

 

الشيخ محمد حسن الحبيب

areda.mosque@msn.com

حديث الجمعة، مسجد الإمام الرضا (ع) 15/ 3/ 1430هـ

قَالَ تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (28)مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (29)} سورة الفتح.

حيث كنت وتكون فإنك تسمع أو ترى مظاهر العنف والتشدد أو على الأقل مظاهر الحقد والكراهية والبغضاء، ليس بين الغرباء والأبعدين الذين لا تربطهم علاقة دين أو دم أو عرق فحسب، بل بينهم أيضا، والغريب في الأمر صدور هذه الممارسات من جهات تُعد أو تَعد نفسها من الطليعة التي تقود هذه الأمة في البعد العلمي والديني أو السياسي والاجتماعي، والحال أن المأمول منها مغاير لما هي عليه.

ومما يفاقم الأمر أن ذلك لا يقتصر على الأمور الدينية والسياسية بل هو "ومع الأسف الشديد" أخذ في التوسع والانتشار فشمل الكثير من الحياة الاجتماعية وفي طليعتها الحياة الأسرية والوظيفية.

وهذا ما يفرض علينا العودة إلى الدين وقيمه وأحكامه باعتباره الجامع الحقيقي الذي ألف بين أفراد هذه الأمة المختلفة في النسب والبيئة والجغرافيا والمشارب الفكرية والمذهبية، فالعودة إليه والاحتكام بأحكامه وسننه هو المخرج من حالة الأزمات التي تتوالد من خلال بث الحقد والكراهية والبغضاء بين أبناء المسلمين، وهو المنجي من فتن التكفير والقتل والاعتداء، أعاذنا الله وجميع المسلمين منها، وحفظ بلادنا وبلاد المسلمين من شرورها وآفاتها.

 قَالَ تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (28) } سورة الفتح.

الدين الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه موجود، والدليل إلى الدين (الهدى) موجود أيضا، وما على الإنسان المسلم إلا أن يتبع الهدى للوصول إلى دين الحق، والقرآن الحكيم زاخر بالآيات التي تتحدث عن الهدى باعتبارها نورًا ربانيًا يوصل المبصر بها إلى الدين الحق، وضدها الضلال الذي يصدر عن اتباع الهوى والمصالح والشيطان الرجيم.

 

الخطوط العامة في العلاقات

الآية (29) من سورة الفتح والتي تشرفنا بتلاوتها تتحدث عن صفات المؤمنين وتبدأ أولا عن العلاقة بين الرسول وأتباعه المؤمنين برسالته، وبعبارة أخرى "العلاقة بين القيادة والقاعدة". وثانيا: تتحدث عن علاقة المسلمين بأعدائهم. وثالثا: تتحدث عن علاقة أبناء الإسلام مع بعضهم البعض.

 

العلاقة بين القيادة والقاعدة

تتسم العلاقة بين القاعدة والقيادة بالاحترام والمحبة والتقدير، وينعكس ذلك على الواقع من خلال الطاعة والامتثال لما يأمر به القائد، وهذا ما يعبر عنه بالولاء للقيادة، وهذا الولاء قد يتصاعد إلى حد التضحية والفداء للقائد كما فعل الكثير  على مر التاريخ.

والقرآن الكريم وجه الولاء إلى الدين أولا وبالذات وليس إلى الأشخاص، فالولاء إلى الأشخاص أيا كانوا إنما هو بلحاظ الدين وارتباطهم به، فالنبي محمد (ص) يجب على كل مسلم أن يطيعه ويمتثل أمره ليس باعتباره سيدا قرشيا، وإنما باعتباره رسولا من رب العالمين.

قَالَ تَعَالَى: { مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ }.

وحينها يكون الامتثال لأمره هو امتثال لله سبحانه، وطاعته هي طاعة لله، وهكذا بالنسبة إلى من يأتي بعده المعبر عنهم في القرآن (أولي الأمر) وهم أهل بيت العصمة أو (تجاوزا) من يمارسون دور القيادة في الأمة.

  قَالَ تَعَالَى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً (59)} سورة النساء.

والعلاقة هذه حين تنطلق من الدين فإن خطوات كل منهما (القيادة والقاعدة) تكون منضبطة بإيقاع الدين فلا تباعد ولا تنافر في السلوك والمواقف على المستوى المحلي أو المستوى العام.

 

علاقة المسلمين بأعدائهم

قَالَ تَعَالَى: { أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ}.

لكي نفهم هذا الوصف للمؤمنين ينبغي أن نعرف أولا: أن الإسلام دين سلام، وقد حث أتباعه على التسلح بالعلم والمعرفة، وأدبهم بالأخلاق الرفيعة، وكل ما من شأنه الاعتراف بإنسانية الإنسان وحقه في التفكير والجهر بما يفكر، وأمرهم بالدعوة إليه بالحكمة والموعظة الحسنة، ومنها الجدال بالتي هي أحسن.

وثانيا: أنه دين يحصن حدوده من الأعداء ولذا أمر أتباعه بالاستعداد العسكري وتنظيم الصفوف، وأوجب عليهم الثبات وحرم عليهم الفرار حين الزحف.

 فوصفهم بالشدة يعني الثبات على القيم في الحالين، فحينما ينازل الأعداء في سوح المعركة يكون شديدا، وحينما ينازل أهل الفكر والثقافات الباطلة يكون شديدا أيضا، وحينما يفاوض الأعداء يكون شديدا، فالشدة هنا ليست بمجابهة الفكر بالمدفع، وأهل الرأي بالتفجير، وإنما مقارعة الحجة بالحجة والرأي بالرأي والدليل بالدليل والبرهان بالبرهان، وأن لا تأخذه في الله لومة لائم.

 

علاقة أبناء الإسلام مع بعضهم البعض

لكي نعي أهمية الرحمة ينبغي أن نتذكر:

1. أن ربنا هو رب الرحمة؛ ففي العديد من الآيات وصف الله نفسه بالرحمة، {كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ }، وسمى نفسه بالاسم المشتق منها بما يشمل عموم الكائنات وهي ما تسمى بالرحمة العامة {الرَّحْمنِ} وبما يختص ببعضهم دون سواهم، وهي ما تسمى بالرحمة الخاصة {الرَّحِيمِ} {الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (3)} ، وعليه فإنه ليس من شيء في هذا الكون إلا وهو منتفع من رحمة الله سبحانه.

قَالَ تَعَالَى: {أَشَاء وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ (156)}  سورة الأعراف.

وواضح أن الاستعمال القرآني للفظة "كل شيء" باعتبارها الأوسع مفهوما.

2. وأن نبينا هو مصداق رحمة ربه، وقد قال عنه سبحانه: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ (107)} سورة الأنبياء. وكان كما وُصف الحليم الكاظم للغيظ، الصابر على الأذى، العفو الودود، الرؤوف الرحيم، منبع فياض للعطف والحب والحنان، قلبه طاهر من كل حقد وبغض وضغينة، ويده لا تمتد إلا للعدل والمعونة والعطاء، أفعاله جسدت الرحمة بكل معانيها، وأقواله ترجمت مواردها بأدق تفاصيلها.

قَالَ تَعَالَى: {لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ (128)} سورة التوبة.

3. كتاب الله الذي بين أيدينا هو تجل للرحمة الإلهية، وهكذا كل الكتب التي أنزلها الله على رسله هي الأخرى من تجليات رحمة الخالق عز وجل في زمانها ومكانها بحسب إرادة منزلها.

قَالَ تَعَالَى:{وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُّصَدِّقٌ لِّسَانًا عَرَبِيًّا لِّيُنذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ (12)} سورة الأحقاف.

 

معنى الرحمة وحقيقتها

قال أهل اللغة إن الرَّحْمَةَ في بني آدم هي: رِقَّةُ القلب وعطفه. فتفيض من القلب السوي الخالي من الأمراض والعقد، فالقلب الأبيض الطاهر يتدفق العطف والحنان والرأفة من جوانبه وعلى من حوله، بينما خلافه لا يصدر منه إلا السوء والفتن والغيبة والنميمة والكذب والبهتان .... وهكذا.

والسر في ذلك هو أن صفات البشر تعود إلى جذر واحد متعمق في أنفسهم سواء أكانت هذه الصفات حسنة أم سيئة، ولك أن تلاحظ بدقة في الكذاب أو الخائن أو غيرهما فإنك ستجد أنه يحمل جملة من الصفات السيئة إلى جانب تلك الصفة المتلبس بها، والعكس صحيح أيضا فالصادق الوفي يحمل جملة من الصفات الحسنة إلى جانب تلك التي ظهر بها.

وهذه الصفة أي الرحمة هي ينبوع لصفات الخير في البشر، فمن اتصف بها واعتمر قلبه بفيوضاتها فإن أثرها سينعكس على سلوكه ومسيرته في الحياة ومنها في علاقاته مع المنتمين معه في المبدأ والدين.

قَالَ تَعَالَى:{رُحَمَاء بَيْنَهُمْ} سورة الفتح.

 

مواضع الرحمة

الآية الكريمة ومن خلال إبراز صفة التراحم بين أتباع النبي محمد (ص) تأمر الخلف بالعمل على إخضاع العلاقات بينهم إلى صفة التراحم، بل يمكن أن يقال عن هذه الصفة بأنها ضابطة يمكن من خلالها تقويم الخلل الحاصل في العلاقات بين المسلمين، وبغض النظر عن أشخاص الخلل ومكانتهم، فقد يكون الخلل بين الزوجين، أو بين أفراد العائلة، أو بين الحاكم والمحكوم، أو بين العالم والمتلقي، أو.... الخ، ومصدر الخلل قد يكون من تعد أحدهما على الآخر أو من ثالث عليهما أو على أحدهما.

المهم هو: أن عملية المراجعة والتقويم لهذه العلاقات ينبغي أن تخضع لحضور أو ضمور هذه الصفة لدى الطرفين أو الأطراف، ومع ضمورها لدى أي منهما فالواجب هو معالجة ضمورها لكي تعود العلاقة منسجمة مع نداء الفطرة ومستجيبة لأمر الله تعالى.

وهنا أكتفي بالإشارة إلى بعض مواضعها تاركا للقارئ الكريم البحث في باقي المواضع.

 

أولا: العلاقات الأسرية

قَالَ تَعَالَى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21)} سورة الروم.

العلاقة الزوجية هي الخطوة الأولى في تكوين الأسرة، وهذه تنشأ في البدء استجابة إلى حاجة مادية ونفسية لدى الطرفين ثم تتعمق لتصل إلى حالة معنوية تتجاوز الحاجات المادية والمصالح المشتركة، إنها المودة والرحمة.

ومع تزايد أفراد الأسرة بولد أو أولاد فإن العلاقة التي ينبغي أن تسود بين الأولاد والآباء والعكس هي الرحمة. وفي القرآن الكريم جاء ذكر الرحمة من الأولاد إلى الآباء دون العكس وذلك لأن الرحمة الأبوية مزروعة في قلب كل أب وأم فاكتفى بالعموم، بينما العكس فالتوصية على وجه الخصوص مهمة وذلك لحاجة الآباء إلى أولادهم وخصوصا في مرحلة التقدم في العمر.

قَالَ تَعَالَى: { وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24)} سورة الإسراء.

 

ثانيا: العلاقات الاجتماعية

التكافل والتعاون وصون الحرمات والصدق والوفاء، وما إليها من صفات الخير المتصلة بينبوع الرحمة في القلب السليم، حينما تسود العلاقات الاجتماعية فإن أبناء المجتمع يعيشون في أمن وسلام واطمئنان، وحينها لا مكان للغيبة والكذب والنميمة والتجسس والتحسس وما إلى ذلك من صفات السوء.

قال الإمام الصادق (ع): { تَوَاصَلُوا وَتَبَارُّوا وَتَرَاحَمُوا وَكُونُوا إِخْوَةً بَرَرَةً كَمَا أَمَرَكُمُ اللَّه‏}. (1)

وقال (ع) أيضا: { إِنِّي لأَرْحَمُ ثَلاثَةً وَحَقٌّ لَهُمْ أَنْ يُرْحَمُوا عَزِيزٌ أَصَابَتْهُ مَذَلَّةٌ بَعْدَ الْعِزِّ وَغَنِيٌّ أَصَابَتْهُ حَاجَةٌ بَعْدَ الْغِنَى وَعَالِمٌ يَسْتَخِفُّ بِهِ أَهْلُهُ وَالْجَهَلَةُ}. (2)

وروي عن نوف البكالي قوله: أتيت أمير المؤمنين (ع) وهو في رحبة مسجد الكوفة فقلت: ( السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ. فَقَالَ: وَعَلَيْكَ السَّلامُ يَا نَوْفُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ. فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عِظْنِي. فَقَالَ يَا نَوْفُ: أَحْسِنْ يُحْسَنْ إِلَيْكَ. فَقُلْتُ: زِدْنِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. فَقَالَ يَا نَوْفُ: ارْحَمْ تُرْحَمْ. فَقُلْتُ زِدْنِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ: قَالَ يَا نَوْفُ: قُلْ خَيْراً تُذْكَرْ بِخَيْرٍ. فَقُلْتُ: زِدْنِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَ: اجْتَنِبِ الْغِيبَةَ فَإِنَّهَا إِدَامُ كِلابِ النَّارِ). (3)

 

ثالثا: العلاقات السياسية

العلاقة بين الحاكم والمحكوم ينبغي أن تتكأ على قاعدة الرحمة فمن خلالها تعمر البلاد ويسعد العباد ومن دونها تكثر الفتن ويضطرب الأمن وتفسد البلاد ويضيع العباد، ومع أن الرحمة ينبغي أن تكون من الطرفين إلا أنها من جانب الحاكم آكد وأهم كيف لا وهو من يمتلك القدرة والقوة التي إن عقلت بالرحمة أصبحت في خانة الإعداد والصد للأعداء، وإلا أصبحت أداة للبطش والجور والظلم والعياذ بالله.

ونظرا لأهميتها فقد خاطب الله نبيه بها وهو الرؤوف الرحيم بأمته.

قَالَ تَعَالَى: { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159)} سورة آل عمران.

فمن ينبوع الرحمة يتدفق اللين والعفو والسماح، والمشاورة في الأمر التي تعني فيما تعني رفض الاستبداد والاستئثار.

هكذا يتعامل أتباع محمد مع بعضهم البعض، بالرحمة.. نعم إنها الرحمة لا العنف والقسوة، بل ويتواصون بها أيضا، فكل واحد منهم يوصي الآخر بالرحمة ويحببها إلى قلبه.

قَالَ تَعَالَى: { ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (17)}  سورة البلد.

وختاما أقول: إن أمة محمد متى ما التزمت بالرحمة في سلوكها فإنها ستبرز بين الأمم أمة متراصة مهابة يخشاها الأعداء ويفخر بها هذا الجيل والأجيال القادمة.

قَالَ تَعَالَى: {ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (29)}سورة الفتح.

 ........................................................

 (1) العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج‏71، ص 399.

(2) العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج‏2، ص 41.

(3) العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج‏74، ص 385.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com