هذه الدنيا .. دفتر الأخطاء

 

عز الدين سعيد أحمد

alsamey80@gmail.com

يقول مثل صيني :

أن ما هو أكثر قيمه من الذهب بالنسبة إلى أي شخص منا, هو أن ينظر حوله ويصحح أخطاءه ... فذلك أغلى من الذهب (وطبعا مع الازمة المالية العالمية وانخفاض سعر الذهب ) تصبح هذه الحكمة اكثر قيمة !

ولا أنكر أني دوما مغرما بالحكمة الصينية وانتظر التنين الصيني ليعيد لهذا الكوكب توازنه ويؤكد أن الحكمة باقية في الشرق

واذكر أني كنت في جنيف قبل أكثر من عامين وأحضر احد  جلسات الأمم المتحدة التي تمتد حتى المساء .

وفي المقهى داخل المبنى كانت فتاة صينية رائعة بجانبي وأثارني اهتمامها بالدفتر الصغير بين يديها والقراءة الدقيقة وبدأ فضولي واضحا لأني قادم من (( أمه عربيه تعتبر الفضول)) سمه إنسانيه ضرورية

 ( وبالمناسبة نحن الشعب الوحيد في العالم الذي يقتله الفضول ) فأنت إذا جلست في مقهى لا تخرج بدون أن يكمل  الجالس معك في الطاولة تحقيق لا ينتهي ، ويعرف أصلك وفصلك أما إذا ركبت دباب- أبو مشوارين طبعاَ- فلابد أن تنزل وقد عرفت قصص وحياة نصف الركاب وشكواهم من  الحكومة وقلة المعاش  وقهر الزوجات وحتى استعباد المؤجرين 

واليمني تعرفه من الأسئلة التي يوجهها لكل غريب ومنذ اللقاء الأول ولو كان لقاءا عابراَ .. فأنت بمجرد أن تلقي عليه السلام تحاصرك قائمة الأسئلة الفضولية المتتالية .. من أين الأخ ؟! من بيت من ؟! أين تشتغل ؟ كم معاشك؟! متزوج ؟! معاك جهال ؟!

ولا يتركك بحالك أبدا بل يطاردك بالأسئلة ... حتى تعترف أو تهرب أو تترك عادة البدء بالسلام والكلام !!

وتؤمن من أعماقك أن ألحكمه القائلة بأن الصمت من ذهب لم تكن عبطاَ وإنها جاءت من حكيم صيني تم حصاره في مقهى داخل سوق القات أو في دباب الخط الدائري حتماَ !!

ولن انسي ما حييت يوماَ وأنا في صنعاء أتسلى بقراءة خطاب من صديق وأنا راكب دباب وعندما هممت بقلب الصفحة رأيت رأساَ تتدلى من فوق كتفي وتنهرني .. أن أتريث .. لأنه لم يكمل القراءة معي !!

وكان الراكب في الخلف (يمط) رقبته ليتابع ما أقراه بكل جراءة... ويردد...

لحظه يا خبير باقي سطر!!

ولن أستمر في الحديث " عن الفضوليين " حتى لا افقد أعصابي أكثر من ذلك

  وأعود إلى الصينية الجميلة وحكمة الشرق الجميل ... فقد ردت على نظرات الفضول التي رمقتها بها قائلة بأنها تعمل قائمة مراجعه (تشيك ليست) أي قائمة تحقق عن أي خطاء ارتكبته في يومها من اجل تصحيحه فوراَ !!

وأردفت هذه حكمه صينيه قديمه , فلا بد أن يراجع المرء نفسه ويصلح أخطاءه يومياَ

وأعجبتني "ألحكمه الصينية والحكيمة الصينية أيضا "!

ولكن لم أعمل في حياتي أي قائمه "مراجعه" أبداَ لأننا باختصار في أوطان تحاصرنا الخطايا وليست الأخطاء. فقط.

فأنت ترى من يصل به الأمر من الافتراء إلى درجة إزهاق الأرواح.. ثم يجد من يبرر له بكل جراءه ويقول :

سهل يا رجال بين الناس ثور ومقيل !!؟

أما إذا أردنا أن نطبق ألحكمه الصينية بجديه فأننا لا نحتاج إلى مجرد ورقة ولكن نحتاج دفتر يومي ""أبو مائتين" وليس مجرد قائمه.. حتى نرصد أخطاءنا أليوميه !؟

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com