|
لهجة القبائل العربية في المدن المصرية جهاد علاونة حين دخل الإسلام إلى مصر، كان قادة المسلمين قد سكنوا المواقع الخصبة من السهول المصرية، وكان هؤلاء القادة من العرب الأقحاف، من قريش ومن طيء ومن القبائل اليمنية ومن مُضر ومن خثعم ومن تميم وغيرهما الكثير الكثير ...إلخ . فهؤلاء الأقوام كانت أراضيهم غير خصبة وعبارة عن صحراء قاحلة وحين دخلوا مصر ورأوا ما رأوا من نعيم البلاد وسحر المكان قرروا أن يسكنوا في المواقع المصرية الخصبة مثل : بني سويف ..والدقهلية ..وبعض مدن الصعيد ..وسكنوا أيضاً بَحري في المدن البحرية وسكنوا قِبلي في المدن القبلية . وما زالت اللهجة المصرية العامية شاهد عيان على توغل القبائل العربية في المدن المصرية وما زالت بعض المدن لهجتها شبيهة بتلك اللهجات العربية المتعددة . فهذه اللهجات ليست مصرية أي أنها ليست فرعونية ولا قبطية، وإنما هي لهجات العرب الأقحاف الذين إستعمروا مصر وفتحوها عسكرياً وثقافياً، وقد تأثرت تلك الأقوام بتلك اللهجات ونطقوا بها واليوم يستطيع المصري أن يكتشف عرقه المغشوش غير المصري الكح، فالمصريون الذين يدعون أنهم أقحاف لربما أنهم ليسوا أقحاف والشاهد على ذلك لهجاتهم العامية والتي سأورد منها عدة أمثلة . مسؤل .: مسعول. إجعر: إجأر. إسعل: إسأل. عنت: أنت. وهذه اللهجة ساريةالمفعول في الصحارى المصرية، وبدو الأردن المحاذين للعقبة سيناء من بدو الحويطات ومعان والكرك الأقحاف. إمبارح: إمبارح. أمهواء: الهواء. إمعلم: المعلم. وتعود هذه اللهجة أصلاً للقبائل (حُمير) وهذه اللهجة ما زالت عندنا وأنا كاتب هذه السطور أتحدثُ بها في شمال الأردن ووسطه، ما عدى بدو الجنوب الذين نادرأ ما يتكلمونها. وكذلك تبدل الكاف شيناً في اليمن، فيقولون شذب بدل قولهم كذب : وكذلك أهل شرويدة والزنكلون في محافظة الشرقية يقولون : شذب: كذب. شلب: كلب . شيف؟: كيف؟ وهذه أيضاً مستخدمة في بلاد الشام وخصوصاً في سهول حوران والتي ينتمي إليها كاتب هذه السطور حيث يتحدث أهلي قاطبة هذه اللهجة مع زيادة أخرى وهي أن الشين إنقلبت مع مرور الزمن إلى حرف ج ويلفظ بالجيم المرخمة يعني كما يضعون تحت الجيم ثلاث نقاط وليس نقطة واحدة . النات: الناس. التلج: الثلج. التعلب: الثعلب. ومن المعروف أن السين والثاء متقاربتان وتجري عليهما عوامل الإبدال, وهذه لهجة يتحدثها معظم سكان مصر وهي بالأصل ليست قرشية بل يمنية كُح. ومن المعروف علمياً أن المغلوب يقلد النتصر أو يحاول تقليده حتى بالأخطاء والعثرات، ولمّا كانت القبائل العرية منتصرة، أخذت القبائل المصرية بتقليدهم، وكلٌ حسب المنطقة التي سكنوا بها، حتى طغت بنهاية الأمر اللهجات العربية المتعددة على القبطية والفرعونية . وكذلك أهل الدقهلية وديروط يقولون : بكانك: مكانك. التمن: اتبن . وكذلك تأثر بهذه اللهجة أهل الغربية . ومن المعروف أن قبيلة طيء هي القبيلة التي تبدل التاء هاء نخو قولهم : البناه: البنات, وقرى شربين وبقاس وكفر الشيخ يقولون يابه: يابنت. وقبيلة طيء يقلبون الألف المقصورة إلى ألف ممدودة بسبب إشباعهم للفتح الظاهر على آخر كل كلمة مثل: رضى: رِضا. وهذا النوع من الإعلال اللغوي شائع الإستعمال في الدقهلية . وبعض المهتمين في اللغة العامية والنحو يخطؤون في قولهم من أن قريشاً يقولون : فأساً و رأساً، بالهمزة وهذا إعتقاد خاطىء لأن قريش أصلاً لا يهمزون في اللغة إطلاقاً، ولكن من المحتمل أنهم تأثروا بعد ذلك بالقبائل العربية التي أرادوا أن يأسلموها فإنتسب الناس لدينهم وأخذوا هم من لغة الأقوام الأخرى، وهذه أصلاً من لهجة تميم، وقد عاب يوماً العرب ُ على آخر الشعراء العرب الذين يستشهد بشعرهم وهو قريشي فقيل له : إن قريشاً لا تهمز، فقال تالله لآتين بقصيدة كلها همزة فقال : إن سليمى والله يكلأها قد ضنت بأمر ما كان يرزأها . وقد سقتُ الشاهد هنا للتدليل على صحة كلامي . أهل دمياط والمنصورة أو بعض أهل المنصورة حسب ستطلاعاتي من خلال المصريين الذين يقيمون في الأردن، نعم أغلب هؤلاء يضيفون حرف الشين لضمير المخاطب فيقولون : ما شافكش. ما سافرتش؟ ما طلعتش . وهذه اللغة أو اللهجة أتحدث بها أنا كاتب هذه السطور فيقولون عندنا في شمال الأردن : ما رحتش : ما طلعتش : ما جبتش. ما شفتش: ما عرفتش. وأغلبها بعد ما النفي . وهذه من لهجة مضر وربيعة . طبعاً أمي زنساء الحارة وكذلك المصريات لم يتخرجن في الأزهر أو في أعتى الجامعا ولم يتعلمن لغة الإعلال حتى لديهن هذه القدرة على التحدث بلغعة مضر وربيعة، ولكن هذا شاهد على عمق الإستعمار البدوي أو قوة التداخل الثقافي، فنحن هنا لسنا بحاجة إلى أحافير إنثربولوجية، ولكننا بحاجة للأحافير اللغوية التي إن دلت على شيء فإنما تدل على أسماء القبائل العربية التي سكنت المحافظات المصرية والشامية والتي تظهر من خلا لغة ولهجة كل واحدة منها . وكذلك في مسألة إبدال أداة التعريف بحرف الميم فأنا كاتب هذه السطور أتحدث بها مثل : إمبارح . وإن قبيلة الأزد يقفون بالسكون التام على أواخر الكلمات وهو شائع في كافة اللهجات العامية في مصر والأردن وسوريا والخليج العربي . ونحن في شمال الأردن نقول مثلأ: طلعت عالسيارة، وطلعت عالشجرة، وهنا حذف حرف اللام من على، وهي في الأصل لهجة بلحرث
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |