|
التشيّع والمغرب .. الدولة كشرطيٌّ لحماية الدين أو فرضه!
حميد الشاكر ضجةٌ ضخمة وكبيرة هذه التي يقودها الملك المغربي محمد السادس ضد مايسمى مغربيا ب(فوبيا التشيّع ) ولاسيما ان اخذنا بنظر الاعتبار التطورات السياسية التي رافقت هذه الظاهرة، وما رُتّب او رُكّب عليها من تبعات وصلت الى حدِّ الاعلان عن قطع العلاقات السياسية بين جمهورية ايرانية الاسلامية ومملكةالمغرب العربية بسبب ما قيل عنه : انه محاولة لنشر التشّيع في المنطقة العربية والاسلامية بالعموم ومملكة المغرب بالخصوص تقوم به وتقود فواصله دولة ايران الاسلامية !؟. والحقيقة بغض النظر عن مَن يذهب الى : ان هناك استغلال سياسي للقضية المذهبية مغربيا، وان الاكمة ورائها مخطط غربي لعزل ايران عربيا واقليميا بسبب مواقفها الداعمة للمقاومة في فلسطين ولبنان تقوم به بعض دول الاعتدال او المحور الامريكي( مصر، السعودية، الاردن، المغرب ) بالنيابة، او ان ليس هناك اي دوافع سياسية مغربية وراء هذه الخطوة، وانما هناك حماية ودور للدولة المغربية تقوم به طبيعيا لحماية مقومات المجتمع المغربي كما اعلنت الدولة المغربية ذالك عن نفسها : انها بصدد حماية النسيج الديني السُني المالكي للمجتمع المغربي من نشر التشّيع داخله، ومن ثم تغيير ملامح هويته الدينية !. بغض النظر عن هذه او تلك من الرؤى التي تحلل الموقف السياسي المغربي، وبعيدا عن مقولة مَن يشير من هنا وهناك الى : ان التشيّع الاسلامي والطائفي والمذهبي هو ليس غريبا على المغرب العربي كله فضلا عن دولة المغرب الحديثة حتى يُقال ان هناك خطر جديد قادم على الهوية الدينية لشعب المغرب العربي الاسلامي، فللتشيّع تاريخ قديم وحديث ايضا في هذه المنطقة، وكثير من الدول والاسرّ الملكية التي حكمت في افريقيا هي كانت تحكم بأسم التشيّع لاهل البيت عليهم السلام، كالذي بالفعل وقع في قبل وبعد الدولة الفاطمية في مصر والمغرب العربي بالعموم !. وايضا بغض النظر عن ذالك المحور في تناول الموضوع، نريد ان نناقش القضية المغربية الجديدة في (فوبيا التشيّع ) القادمة اصلا للمغرب حسب التصريحات الحكومية من الغرب اللااسلامي بالاساس وأن مواطنين مغاربة يعيشون في الغرب وفي كنف الحرية الغربية قد تشيّعوا وحملوا فيروسات التشيّع معهم لبلدهم الاصلي المغرب، نريد ان نناقش هذ القضية بعد مصطلح (ظاهرة الرعب من التشيّع ) ومصطلح ( الخطر الشيعي ) الذي روجت له الدوائر الصهيونية بالتحديد بقوّة في الاونة الاخيرة على اساس انها ظاهرة ايضا، ولكنها عندما تكون ظاهرة لااسلامية في الاساس وسياسية منغلقة مئة بالمئة بالتمام ولكن بلباسها الديني، لنسأل : هل ماقامت به المملكة المغربية من ضجةٍ مدّوية في الاوساط الاعلامية في قضية (فوبيا التشيّع ) هي ظاهرة بالامكان دراستها على شكل علمي لنخرج بنتيجة كارثية السياسي الضعيف والديني الرجعي عندما يتحالفان ويريدان محاولة السيطرة على المجتمع بسياسة الرعب والصدمة لتجريده من مطالبه السياسية الواقعية بأسم حماية الدولة للدين وحماية الدين للدولة ؟. ثم ماهي مداليل الاصطفاف الفجائي والغريب العجيب بين المملكة السياسية المغربية بقيادة امير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس، وبين الدعم المطلق للسلفية الرجعية التي لطالما ناهضت الدولة والحكومة المغربية وارهبتها في مفاصل كثيرة الا في مفصل ( فوبيا التشيّع ) وجدنا السلفية الدينية توقّع على ولاء مطلق للدولة في محاربة التشيّع القادم من اوربا ؟. وهل يصلح او بالامكان القول انه ينبغي ان يكون للدولة بماهي دولة توجهٌ موّحد ومذهبي وطائفي تقَرّر مغربيا بالمذهب السُني المالكي هو الحاكم على جميع الطوائف والمذاهب الاسلامية الاخرى، ومن هنا انتفضت دولة الملك المغربية لتناصر طائفة على اخرى، وتدعم مذهبا اسلاميا ضد آخر ؟. أم ان الدولة كما عرفناها في الاسلام هي دولة المواطنة اولا، وحامية لحرية الاديان ثانيا وان كانت تسمى بالاسلامية، او انها تؤمن بالاسلام كشريعة وديانه محقة في الايمان ؟. بمعنى آخر : كيف يجوز لامير المؤمنين الملك المغربي، ودولته العربية والاسلامية، ان تميل في الامارة لطائفة مؤمنة على طائفة مؤمنة اخرى سواء كانت مختلفة الديانة كاليهودية او الأسلامية بغض النظر عن كونهما اسلاميتان ولكن الاولى مالكية والثانية شيعية، ليتقرر مشروعية المالكية ولاشرعية الشيعية، ومن ثم لتصطف الدولة بجانب طائفة وتقمع اخرى بسبب او من منظور ان للدولة الحق في التدخل بضمائر افرادها ومواطنيها واختيار او فرض المعتقد والايمان لهم ؟. وهل هذا مقرّ اسلاميا ودينيا في النصوص القرءانية والاخرى السيرية المحمدية، لتقوم به مملكة المغرب العربية الاسلامية بأسم حماية الهوية الدينية الاسلامية للشعب المغربي ؟. أم ان الاسلام اساسا يرفض التدخل مطلقا بضمير الانسان ومن ثم ارغامه على الايمان بمبدا معين وتصور وعقيدة وطائفة محددة اسمها الطائفة السُنية المالكية المغربية ؟. أليس مثل هذه المواقف المغربية السياسية للملك وحكومته التنفيذية في المغرب ضد التشيّع مذهبا وفكرا وعقيدة وسلوكا .......، هو اعلان صريح ومناقض في جوهره لكل الاعراف الانسانية الدينية بمافيها الاسلامية ايضا، والاعراف الدولية في شرعة حقوق الانسان الدينية والفكرية والمدنية، وكذالك هي مواقف مناهضة لروح العصر وما وصلت اليه الانسانية من وعي يدرك بالفطرة : ان ضمير الانسان تحرّر منذ العصور الوسطى من سلطة الدولة والكنيسة، فكيف بعد هذا الطريق الطويل الذي قطعته البشرية، يأتي الزمان بمملكة المغرب ودولتها لتمارس دور الشرطي الحامي والحارس والفارض والمخطط لعقيدة الفرد والجماعة وايمانهم السُني المالكي كما تدعيه هذه السلطة البائسة ؟. ولماذا فقط المذهب الشيعي هو الخطر على هوية المجتمع المغربية السُنية المالكية إن كانت دولة جلالته تحكم بالعدل وتجنح الى سواء السبيل في قضية تفجير سياسة (فوبيا التشيّع ) ؟. وماذا عن التبشير بباقي المذاهب والاديان والاتجاهات العلمانية التحررية من كل دين وملّة ومذهب وتوجه ؟. وهل هي ايضا سوف تُمنع من الوجود على ارض العقل المغربي الاجتماعي كي لاتهدد استقراره الديني النفسي والعقدي الاجتماعي والسياسي؟. أم ان كل افكار العالم والانسانية والانس والجنّ لاتشكل اي خطر من بعيد وقريب على استقرار وتماسك ووحدة وهوية الشعب المغربي الدينية ماعدى الفكر والمذهب والمعتقد الشيعي الاسلامي هو المؤثرّ والمخرّب والأفاك والساحر والشاعر والكاهن ... كونيا في هذه الحالة ؟. و ماعلاقة ايران الاسلامية عضويا بمبدأ وفكر التشيّع لمدرسة اهل البيت ع في الذهن المغربي حتى تقطع علاقاتها بدولة ايران الاسلامية، بدعوى نشر التشيّع وتعتبر ان التشيّع موجود لاغير في جمهورية ايران الاسلامية، وانها هي فقط من تؤمن بهذا المذهب وهي من ترّوج له وتدعمه وتدعوا اليه ؟. الا تعلم مملكة المغرب العلويّة الاصل : ان الشيعة والتشيّع باعتباره فكر وتصور ومعتقد وعلم ومدرسة ايدلوجيةأسلامية هو في العراق العربي اساسا شيّدت قواعده ومنه انبثق عربيا صحيحا ليؤثر هو على ايران وليس العكس لتؤثر ايران فيه، وهكذا هو في لبنان وسوريا وتركيا وتونس والخليج ومصر وايران ..... وباقي دول العالم الاسلامي والعربي وغير الاسلامي العربي، فماهي لعبة نسبة التشيّع لاهل البيت لجمهورية ايران الاسلامية لاغير ؟. الحقيقة انني لو شئتُ ان اترك الحبل على الغارب لاسألتي الحائرة والمستفسرة حول ظاهرة فوبيا المغرب من التشيّع لما توقفت الاّ بعشرت وربما مئات الاسألة التي ينبغي على المملكة والحكومة المغربية ان تجيب عليها لتقنع العالم الانساني والعربي والاسلامي بخطواتها المستفزة ضد الشيعة والتشيّع بالذات ولماذا هذا الاستهداف المباشر لمبادئ الاسلام الشيعي الحقيقية !. فمثلا هل يُعقل عندما يأتي التشيّع الاسلامي من الغرب المغربي ليدخل لقلوب المغاربة عبر المحيط بلا اي ضغط او خوف او طمع او ابتزاز وخصوصا من بلجيكا او النرويج او الدنمارك او غير ذالك، فيبادر الملك وحكومته المغربية بقطع علاقاته مع المشرق الايراني، فهل رأت الانسانية مثل هذه السياسة الحكيمة من قبل !؟. ثم أليس سوف يسأل العالم أنفسهم ولماذا يؤمن الانسان المغربي بالتشيّع عندما يتنفس الحرية في الغرب، بينما يهجر المالكية التي تفرضها مخابرات الدولة المغربية على عقل وضمير هذا الانسان المغربي المسكين بالقوّة ؟. وماذنب التشيّع اذا التفت الانسان المغربي حوله ليبحث عن اسلام يواكب العصر ويناغم الحضارة ويقنع وجدان العقل والروح، ويحمل التسامح والانفتاح فلم يجد امامه غير الاسلام الشيعي فآمن به ؟. أخيرا : هل سنشهد مادامت الحجة المغربية هي الرعب من التشيّع قطع علاقات مملكة المغرب ايضا للعراق باعتبار انه بلد شيعي، وكذا لبنان، والبحرين اكثرية السكان شيعة ...... وهلم جرّا لتكون سِنة المغرب السيئة في العلاقات الدولية والسياسية والدبلماسية والاجتماعية منبنية على البعد الطائفي والمذهبي لهذه الدول ؟. أم اننا سنفاجأ بعد قليل من الوقت ان جلالة الملك محمد السادس المغربي نفسه هو متشيّع بالاساس الا انه مستخدم للتقيّة بعنف خوفا من شرطة السلفية الرجعية المسيطرة على المجتمعات العربية بالارهاب والحديد والنار في التاريخ وحتى هذه اللحظة ؟. الحقيقة انه لايمكن لاي دولة في هذا العالم ان تأخذ دور الشرطي الذي يدعّي حماية المجتمع ورقابته الدينية، بينما هي في الاساس تمارس فرض رؤيتها الدينية الطائفية الضيقة على مواطنيها من منطلقات ما انزل الله سبحانه بها من سلطان، ولو كان للدولة هذه الوظيفة كما ادعّته المملكة المغربية مؤخرا من خلال مناهضتها السياسية للتشيّع الاسلامي، لكان رسول الله محمد ص الذي مثل دولة في رجل هو الاولى بالمسلمين والمؤمنين من انفسهم أحق بذالك، ولم نسمع او نقرأ او نُقل عنه ص انه امر بفرض الدين على بشر، ولاهو من صنف الانبياء الذي يحاولون التحايل على ضمائر الناس ليكسبوا ايمانهم بالحيلة والارهاب من فوبيا مزعومة ويرّوج لها من منطلقات سياسية، ولانذهب بعيدا، فهذا القرءان الكريم الكتاب المقدّس للمسلمين يتحدث عن :(( لااكراه في الدين )) وعن :(( من شاء فليؤمن ومَن شاء فليكفر )) مثلما تحدّث عن قوله سبحانه في دولة النبي الاكرم محمد ص في :(( أفانت تكره الناس على ان يكونوا مؤمنين )) (( وماانت عليهم بوكيل )) ..... وهكذا !. أفبعد هذا كله تأتي لنا مملكة المغرب ببدعة تحاول تسميتها بالسنة الحسنة لحماية العقيدة الدينية، وفرض نموذج سُني مالكي على شعب بكامله بأسم الخوف من خطر التشيّع الاسلامي ؟. ثمّ الا يقول لنا أحد من العالمين ماهذه الاديان والايمانات التي تتقافز من قلوب المغربيين بالخصوص والعرب والمسلمين بالعموم، وليس لها ثبات ابدا منذ دولة ال امية حتى هذه اللحظة الا من خلال الارهاب والتسلط والفرض وتسليط الشرطة الدينية السلفية بعصيهم ودررهم التي تلهب ظهور الناس بلارحمة، لنحافظ عليها في دولة أمير المؤمنين ؟. أليس من المخجل حقا ان نقدم الاسلام والايمان به على هذا الاساس المخزي من الضمير المستعبد في اوطاننا والخاضع اولا لمراقبة السلطان وثانيا للشرطة والمخابرات، وثالثا للمسجد والجامعات .. وكأننا امةٌ بالفعل اعتنقت هذا الاسلام بالسيف، وآمنت بهذه الملّة تحت درّة الجلاّد ؟. ألا تفهم هذه الدول والملكيات والحكومات ان اللعب بنار الفتنة الطائفية في الاسلام لاتحرق في الحقيقة الا اصحابها والنافخين بكيرها ؟. أذن : الى متى ينسب لهذا الدين وهذا الاسلام ماليس منه وهو براء مما يحيكون باسمه، ويستعبدون البشر بسلطته، ويناهضون الانسانية بالمخاطرة بسمعته ؟. نعم: الايمان في الاسلام حريّة تُحمى، ومعتقد يبنى، وضمير فرد بين الانسان وربه، ونظام جماعة ترغب بالعيش في نمط معين من اساليب الحياة، ولايتدخل لفرضه الا شيطان ولايدّعي حمايته الا مغفل، ولايجرأ على اللعب فيه الاجاهل سيعلّمه الزمان انه صاحب الصفقة الخاسرة، ولنا في التشيّع الاسلامي أسوة حسنة، حيث ولد بلا سلطة ولاسلطان ولادولة ولاصولجان، ومع ذالك هاهو ينمو ويكبر بين قلوب الناس ومحض اختيارهم، كتجربة للايمان لم يرى الوجود مثلها في انتصار الفرد لاختياره في هذه الحياة !.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |