|
شروط عودة حزب البعث!
رياض الحسيني: كاتب وناشط سياسي عراقي مستقل ربما من المفيد ان نبدأ حديثنا بأسئلة ملحّة من قبيل "هل من مصلحة وطنية عامة في منع حزب البعث من العمل السياسي داخل العراق"؟ و "من يحدد هذه المصلحة وماهي حدودها"؟ و "هل دخول البعثيين في المعترك السياسي بالعنوان الصريح فيه مصلحة لهم ام سيكون بمثابة كشف هوية"؟ الحقيقة ان منع اي جماعة او حزب من طرح افكاره في اي مجتمع بالعنوان العام يتناقض مع المبادئ الديمقراطية وحقوق الانسان خصوصا لو كانت الافكار التي يدعو اليها هؤلا ءالناس تدعو الى قيم وحيثيات رفيعة لايشوبها اي دعوة الى الكراهية والتمييز او العنف والارهاب! الملاحظ هنا ان حزب البعث العراقي لايخرج عن هذه القاعدة في ادبياته فلمن يقلّب اوراق البعث لايجد فيها تجاوزا او تعديا على الصالح العام بل على العكس فانه ومن خلالها يدعو الى الكثير من الاخلاق والاداب والمحافظة الى الوطن وحقوق المواطن. لكن هل نجح حزب البعث وهل كان صادقا في دعواته هذه؟! الحقيقة الميدانية تقول ان البعث العراقي والبعثيين لم يفشلوا فقط ذلك الفشل الذريع في ادارة الدولة العراقية على مدى اربعة عقود من الزمن، بل تمادوا وتعدّوا على الصالح العام وحقوق المواطن وانسانيته وادميته فضلا عن تعديهم على ثروة الوطن وحقوق الدول المجاورة والامن الاقليمي والاستقرار الدولي. لذلك تبدو دعوات حظر العمل السياسي على حزب البعث العراقي في الدستور العراقي من باب التجربة وليس على اساس النظام الداخلي للحزب ومايدعو اليه من شعارات برّاقة وهي نقطة هامة اذا ماتعمقّنا فيها سنجدها في صالح الشعب العراقي عموما وتخدم دعاة حظر العمل السياسي على حزب البعث بعنوانه الصريح خصوصا. الدولة العراقية الحديثة ومن خلال صناديق الاقتراع وما تمتلكه الحكومة العراقية من رصيد شعبي وتفويض جماهيري من المؤكد انها ستكون صاحبة القرار الاخير في تحديد المصلحة الوطنية العليا. بيد ان هذه الحكومة على ماهي عليه الان من الضعف من المؤكد انها بحاجة ماسة الى قطاعات واسعة من المفكرين والمثقفين وجماعات الضغط ومنظمات المجتمع المدني والعشائر لتستطيع في النهاية ان تترجم هذا التفويض وتفرضه على ارض الواقع خصوصا وان ترك الحكومة منفردة في مواجهة ملفات معقّدة من هذا النوع قد اثبتت التجربة انها مكلفة على الدولة العراقية من جهة وتؤسس لحالة ضعف دائم لها وهو مايصبوا اليه البعض جاهدين مااستطاعوا. كما هو معروف فان حزب البعث العراقي كغيره من الاحزاب العراقية قد تعرّض الى انشقاقات تعود الى حقب تأريخية متفاوتة وله أذرع وقيادات تختلف في الرؤى والطريقة ليصل حد الاحتراب وهو ماكان بين حزب البعث اليمين بقيادة صدام حسين وبين حزب البعث اليساري العراقي المدعوم من الدولة الجارة سوريا. المؤكد ان الغالبية العظمى للشعب العراقي بكل فئاته وتلاوينه لديهم حساسية كبيرة اتجاه عودة حزب البعث الى العمل السياسي داخل العراق بغض النظر عن اتجاهاته وافكاره والعناوين التي يحملها وذلك انما يعود الى التركة الثقيلة من التجاوزات التي ارتكبها هذا الحزب واعضاءه بحق العراقيين خاصة والمجتمع الانساني بشكل عام. لكن في المقابل فان بعض البعثيين لم يكونوا داخل تلك المؤسسة الاجرامية ولم يكونوا يوما راضين عما قام به صدام حسين وجناحه من تجاوزات بحق العراق وجيرانه. ربما من المفيد هنا ان نتذكر دخول سوريا في حرب الخليج الاولى لاخراج صدام من الكويت ليكون بمثابة خير دليل على مدى القطيعة والتضارب في الرؤى والتناحر في الاتجاهات بين اليمين واليسار! لما تقدم ذكره وغيره يبدو من المنطقي ان تشرك الحكومة العراقية كافة الفئات الشعبية والجماهيرية في قرار السماح لعودة حزب البعث الى العمل السياسي بعنوانه الصريح من عدمه. بصريح العبارة ومن خلال التجارب الميدانية فان سياسات القمع وفرض الامر الواقع بالقوة قد اثبتت فشلها وان هذه السياسات هي التي اوصلت العراق الى ماوصل اليه الان! لذلك يبدو من المنطقي ان تثق الحكومة ومن يقف معها بوعي الجماهير وان تترك لهم خيارات الرفض والقبول استنادا الى التجربة خصوصا وقد اثبت العراقيون في اكثر من محفل انهم أذكى من ان تخدعهم الشعارات من غير تطبيق! ونختم حديثنا بسؤال كما بدأناه "ماذا يتذكر العراقيون من حزب البعث"؟!
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |