|
سلسلة: "وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ"
نذير علي القرشي الحلقة الثالثة/تنزيه الشريعة والسير خلاف الطريقة حلقات كشفية لواقع المسلمين في العراق وفلسطين وأحرار العالم, ومحاولة لتحفيز الهمم واتخاذ المواقف ضد الاستكبار والصهيونية العالمية, مستندين في ذلك على الكتاب الحكيم الذي فيه تبيان لكل شيء. بسم الله الرحمن الرحيم {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلَـئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }آل عمران77
على مر العصور وفي جميع مراحل التأريخ البشري يرى المتتبع والباحث في الحقب التاريخية المختلفة التي مرت على بني آدم في هذه المعمورة وجود المصلحين بين طبقات الشعب المسحوقة من قبل الطبقات الحاكمة, وهذا الأمر لا يحتاج إلى دقة في التأمل فبمجرد البحث في هذا الموضوع سيكتشف هذه الظاهرة من أراد ذلك. وقد تطرق القرآن الكريم إلى هذه الحقيقة في أكثر من مناسبة ومن خلال أحداث مختلفة حصلت مع الأنبياء والرسل الدعاة حيث اشتركوا جميعا بصفات معينة في بداية دعواتهم وذلك بكونهم غير معروفين, ومحاولة السلطات الحاكمة أن تتجاهلهم ما دام أمرهم غير منتشر, ولا يشكلون خطراً على سلطاتهم؛ لذا فالباري عز وجل يصف لنا استحقار الطبقة الحاكمة لمنقذ البشرية في الحقبة النوحية ومحاولاتهم المتكررة في الاستخفاف والحط من شأنه وبمن تبعه, علماً أن استصغارهم لنوح (عليه السلام) بالقول فقط من دون اللجوء إلى ضرب ولا سجن ولا محكمة كما يفعل حكام المنطقة الخضراء اليوم مع منتظر الزيدي! وإنما قالوا له: {فَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قِوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَراً مِّثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ }هود الآية 27 هذا من جهة استصغار وتسفيه ظاهرته عليه السلام. ومن جهة أخرى نرى أصحاب الملأ عادة ما يتجاهلون عن عمد أو غيره فلا يعيرون أهمية للدعاة والمصلحين, إلا نفر قليل ممن وصلت له الدعوة مباشرة أو بالواسطة فأقتبس ومضة من ومضات النبوة والرشاد أو الصلاح فتراه يعتقد به ويتبنى ويدافع عنه ويجن لمجرد حصوله على بصيص شعاع من أشعة أنوار النبوة فيركب الأهوال الجسام وهي صغيرة في عينيه ويمتطي الصعاب الوعرة وهو يتلذذ بها, كما حصل مع سحرة فرعون حين {قَالُوا لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا }طه الآية 72 وكذلك نرى حمزة عم النبي (صلى الله عليه وآله) وبلال وعمار وياسر وسمية وأبا ذر رضوان الله عليهم يتلذذون بالصعاب التي يواجهونها من قريش وتعذيبهم إياهم بعدما أزاحوا الغطاء عن أعينهم فأستبصروا الحقيقة النورانية الناصعة لتعاليم الشريعة المحمدية فهان عليهم كل تلك الصعاب التي لاقوها من أجل ذلك, لذا كانت تعمد الطبقات الحاكمة سواء من تجار الدين أو تجار السياسة أو أرباب المال إلى تشويه وتحجيم وتجاهل دعوات المصلحين, كما في قصة إبراهيم عليه السلام حيث يصف لنا كيفية تجاهل رؤساء المجتمع لدعوة إبراهيم عليه السلام وتعبيرهم عنه بالسماع ومعروف عندنا أن السماع غير الاستماع حيث ينقل لنا عنهم: {قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ}الأنبياء الآية 60 وبعد هذا يسوق لنا الذكر الحكيم قاعدة عامة في طريقة تحرك الأنبياء والمصلحون ويقابلها في ذات الوقت الخطط والأساليب المضللة التي تستخدمها الطبقات الحاكمة ضد المصلحين, وكيفية تحكمهم بآراء المجتمع وتوليد عقل جمعي يصب في خدمة هذه الطبقة من الحكام المشوهين والمحرفين لفكرة ودعوة النبي والمصلح في المجتمع حيث يذكر الباري عز وجل القاعدة بالطريقة التالية والتي أخذ بتأويلها صاحب تفسير الميزان كما ذكرنا أعلاه حين يقول عز من قال: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ اللّهُ جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّواْ أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُواْ إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ }إبراهيم الآية 9. عند التدقيق في ساحة العمل الإسلامي وجدت من الواجب أن أتكلم عن ظاهرة خطيرة في نخب المجتمع العراقي والعربي قد غفل عنها أبناء هذه الأمة حيث نراهم ينساقون وراء الإعلام طواعية لا كرها, ويسيرون من قبل دوائر الاستكبار الشيطانية من دون علم ولا انتباه للأمر, حيث عزوفهم عن العلماء المجاهدين المخلصين وتوجههم نحو الأدعياء والمشبوهين والمذبذبين بين الصعود والهبوط, بالإضافة إلى عملاء السر والعلن؟! فبعد احتلال الوطن الحبيب سارع المحتل بإبراز واجهات للدين والسياسية في المجتمع العراقي والعربي بطوائفه كلها, فمنهم من أتخذ موقف العداء الظاهر للمحتل, ومنهم من أتخذ التعاون والإعلان والتنظير لفكرة ومشروع المحتل, وآخر أتخذ موقف القداسة وعدم التدخل بالأمور السياسية, وأخر تظاهر بالعداء للمحتل وأبطن التعاون والتنسيق معه, وكل من هؤلاء وهؤلاء قد سلط عليهم إعلام المحتل بكل توجهاته وآلاته المعروفة وأخرجهم للشارع العراقي والعربي على أنهم الممثلون لحركة الشارع, وبالفعل كان هؤلاء يحركون الشارع ولا يزالون بما يوفر لهم المحتل عن طريق قنواته المختلفة من وسائل يدعمهم فيها كي يمرروا قناعتهم التي تصب في خانة المحتل على المدى البعيد, مضافا لهذا وجود القابل عند المجتمع لتقبل الأفكار السهلة والتي لا تحتاج لعناء التمحيص والتفكير من تلك الأفكار التي يتبناها الفقهاء المجاهدون والتي تبين وتكشف حقيقة الخطط الشيطانية للمحتل التي يسوقها للناس عبر قنواته الكثيرة وغير المعروفة من قبل غالبية الشعب. ففي العراق كانت البداية في تمزيق التيار الصدري إلى عدة كتل أو (كتل العُدَلاءُ! ) ـ اليعقوبي والصرخي والطائي , بالإضافة إلى حصة الابن من التركة وهؤلاء جميعهم أدعوا الاجتهاد في زمن الاحتلال وزمن ضياع العلم والورع والتقوى والرقيب, إلا مقتدى أبن السيد فهو لم يدعي هذا الشيء وإنما أعتزل مريديه بعدما عمل ما عمل بهم ليذهب ويتفرغ لطلب العلم بعد أن أدى الوظيفة الملقاة عليه في تشتيت وتضييع التيار المقاوم بالطرق التي ذكرناها في حلقاتنا الموسومة بـ (( التيار الصدري بين القيادة العاطفية والقيادة الربانية))(1) سواء علم بذلك أم لم يعلم؟! وفي الطرف الآخر كان هناك مصادرة للهيئة من قبل مؤسسيها الفعليين وأصحابها الشرعيين, وإبراز هؤلاء الذين تواطئوا مع المحتل بالسر وتجاهروا بالعداء؛ وكذلك محاولة المحتل عن طريق عملائه القيام بإنشاء البيت الشيعي لتكريس الطائفية والانقسام, وبالمقابل في الطرف الآخر إنشاء ديوان الوقف السني والذي وغرضه ذات الوظيفة من البيت الشيعي, فهنا مرجعية شيعية تؤطر بأربعة (ملمحين من طرف خفي إلى ارتباط هؤلاء بفكرة خلفاء الإمام المهدي (عج) في زمن الغيبة الصغرى حسب روايات الإمامية لإعطائهم صفة الهالة والقدسية) وتسويقهم للمجتمع على أنهم القادة الحصريون للمجتمع الشيعي, وكذلك تسويق الهيئة وديوان الوقف السني والحزب الإسلامي على أنهم المرجعية السنية الحصرية في العراق, وبنفس الطريقة تعامل مع الأحزاب السياسية الأخرى فألتقط من كل حزب عريق الفئات الانتهازية والنفعية الوصولية وأبرزها على أنهم الممثلون الشرعيون لذلك الحزب أو ذلك التيار أو الكتلة, فمثلا في الحزب الشيوعي العراقي يبرز لنا شخصيات هزيلة وغير معروفة بتاريخها النزيه, أوممن تخلى عن مبادئه الكبرى وأستسلم للمنصب والدولار, وبالوقت ذاته يحاول المحتل كم أفواه المناضلين الأحرار الثوريين من أبطال الحزب الشيوعي الأحرار المنتشرين في داخل الوطن وخارجه وبذلك يحجم دور هؤلاء الغيارى على مصلحة الوطن وأبنائه, وهكذا يفعل مع بقية الأحزاب والتيارات الحرة والوطنية. فالمحتل يتعامل مع كل مفردة من مفردات المجتمع على انفراد فيشجع هنا ويقوض هناك ويبرز هذا الطرف ويتجاهل ذاك الآخر فأينما تميل مصالحه وتتوحد رؤاه ومواقفه مع الطرف الآخر نراه يظهره للعلن ويجعل منه حصرياً مرجعا وأساساً شرعياً وعادلاً للمجتمع الذي يتعامل معه, ففي فلسطين أعطوا لعباس الشرعية الوطنية في قيادة الدولة الفلسطينية بعدما صادروا نتائج الانتخابات وهكذا فعلوا أثناء حرب غزة, وكذلك في حرب لبنان كان العدو يركز على السنيورة وكأنه الممثل الشرعي للمقاومة ومصلحة الشعب اللبناني, والعراق لم يكن بعيدا عن هذه الأفاعيل والخطط, حيث أنهم أبرزوا الشخصيات الحكومية المتعاقبة على البلد في ظل الاحتلال وكأنها الممثل الشرعي الوحيد, وهم عادة ما يضيفون لها نكهة الغطاء الديني الذي يزينها ويجعل منها ذات صبغة دنيوية وأخروية, فكان جميع من تولى منصبا قياديا في دولة حكومة الاحتلال نراه يذهب إلى المرجعية كي تبارك له هذا المنصب ويتعاون معها ويستمد منها القوة والمنعة تجاه الآخرين وهم يعملون كما عمل أسلافهم من قبل حيث لم يتبركوا فقط بالمرجعية وإنما كان تبركهم بحمار المرجعية أكثر من المرجعية ذاتها ففي" وفاة حمار" المرجع أبو الحسن الأصفهاني خرجت الجموع الغفيرة في النجف الأشرف معزية وتنوح وتبكي لفقدانها عزيزهم حمار المرجع منشدة باللهجة العامية {وداعت الله يا مطي والينه *** هاي هي لو بعد تلفينه{, وهؤلاء القوم يفعلون ذلك بعدما كرس المحتل هذه الفكرة (الوقوف بين يدي المراجع وأخذ المشورة منهم ومباركتهم لهم في أعمالهم) في العقل الجمعي العراقي وبين أوساط النخب العاملة في سياسة البلد. وهذه الفكرة جيدة ورائعة ولها أصل قرآني ولكن في حالة أن تكون هذه المرجعية ناطقة عاملة ربانية مخلصة للتعاليم الإلهية رافضة لظلم المحتل وللخضوع والسكوت عن جرائم محترفي القتل الجماعي في إنحاء البسيطة, لان الله أراد في مجمل تعاليمه الحرية و السلام والعدل بين أوساط البشر, فكيف بهذه المرجعية أذا كانت تشجع المجرمين وتؤيدهم بصورة مباشرة أو غير مباشرة؟! وبذلك نراهم قد تحولوا إلى شركاء في الأجرام والقتل فهم كما قال علي عليه السّلام في خطبة له يصف بها من يتصدّى للحكم بين الأمّة و ليس لذلك بأهل: { إنّ أبغض الخلائق إلى اللّه رجلان: رجل وكله اللّه إلى نفسه، فهو جائر عن قصد السّبيل، مشغوف بكلام بدعة و دعاء ضلالة، فهو فتنة لمن أفتتن به، ضالّ عن هدى من كان قبله، مضلّ لمن اقتدى به في حياته و بعد مماته، حمّال خطايا غيره، رهن بخطيئته. و رجل قمش جهلا، موضع في جهّال الأمّة، عاد في أغباش الفتنة، عم بما عقد الهدنة قد سمّاه أشباه الناس عالما و ليس به، بكّر فاستكثر من جمع ما قلّ منه خير ممّا كثر، حتّى إذا إرتوى من آجن، و اكتنز من غير طائل، جلس بين النّاس قاضيا، ضامنا لتخليص ما إلتبس على غيره، فإن نزلت بهإ إحدى المبهمات هيّأ لها حشوا رثّا من رأيه ثمّ قطع به، فهو من لبس الشّبهات في مثل نسج العنكبوت، لا يدري أصاب أم أخطأ، و إن أخطأ ترجّا أن يكون قد أصاب، جاهل خبّاط جهالات، عاش ركّاب، عشوات لم يعضّ على العلم بضرس قاطع، يذري الرّوايات إذراء الرّيح الهشيم، لا مليء و اللّه بإصدار ما ورد عليه، و لا هو بأهل لما فوّض إليه، لا يحسب العلم في شي ء ممّا أنكره، و لا يرى أنّ من ورآء ما بلغ مذهبا لغيره، و أن أظلم عليه أمر إكتتم به لما يعلم من جهل نفسه، تصرخ من جور قضائه الدّماء، و تعجّ منه المواريث، إلى اللّه أشكو من معشر يعيشون جهّالا، و يموتون ضلاّلا، ليس فيهم سلعة أنفق بيعا و لا أغلى ثمنا من الكتاب إذا حرّف عن مواضعه، و لا عندهم أنكر من المعروف و لا أعرف من المنكر} *. وفي عصر ضياع العلم والورع والتقى, وتسخير الأموال والأجهزة الإعلامية من قبل المحتل لهذه النماذج من العلماء سواء المجتهدين ـ إن وجدوا حقاً ـ أو مدعين الاجتهاد؛ شاع الجهل, وانتشرت الخرافة الدينية, وكثرت الدعوات الباطلة باسم الدين, وتقمصوا لباس الأنبياء والأوصياء المحببة للنفوس الطاهرة, وأضمروا الكذب والخداع والعمالة للأجنبي, فهم ذئاب يتزينون بأصواف النعاج, يخدعون الجهال بمنطقهم, ويغرون من ذوي غير الاختصاص بمظهرهم . ترى أيها الأحبة ما تقولون بشخص يتصدى للمرجعية ويتحدى جميع العلماء بمناظرتهم ويرسل لهم الوفود والمراسيل ويعلن لهم عن طريق هؤلاء أعلميته والمطالبة بمناظرة من يقوى على مناظرته, وليته يكتفي بذلك وحسب وإنما ذهب بها بعيداً ليعلن لأتباعه ومريديه من المغرر بهم أنه ولي أمر المسلمين ولا أعرف أي مسلمين يقصد ؟! أهم كل طوائف المسلمين أم يقصد طائفة بعينها, وأن قصد طائفة بعينها فماذا يكون لمن يدعي الولاية في غير بلده, وهل هو يؤمن بولاية الأقاليم مثلاً كما كان معمولاً بها في زمن الخلافة الإسلامية, وإذا كان كذلك فلماذا يكون ضد القانون الذي يرفعه البعض والذين يطالبون بتقسيم العراق إلى عدة أقاليم, هذا من جهة الولاية, أما من جهة المناظرة والتحدي للعلماء فمتى كانت حوزة النجف تعترف بالأساطين من علماء العرب حتى تريدها أن تعترف بك, ومتى كانت هذه الحوزة تعترف بأستاذك السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه ـ إن كنت درست عنده حقاً ـ حتى تريدها أن تعترف بك لماذا لا تتقي الله وتكتفي بمن خدعتهم, فهل طاب لك أكل الحرام من أموال الجياع والفقراء وقد نصبت نفسك لهم بمنصب الفتوى, لماذا لا تقتدي بأستاذك حقاً الشهيد الشيخ صفاء اللامي (رضوان الله عليه) وتترك خداع الناس وتتقي الله بهم, ألم يقل لك الشهيد صفاء (رحمة الله عليه) واعظاً لك لماذا تصديت لهذا الأمر الخطير, وكيف تتحدى جميع العلماء؟! فماذا كان جوابك ؟ ألم تقل له أنك تحديت وطلبت المناظرة ممن تصدى للمرجعية فقط, وأنت أستاذي ولم تتصدى لها ولا أجرأ قول ذلك...؟! وحسبنا رضينا بكل ذلك يا صرخي وسلمنا للأمر وقلنا عسى أن تكون أنت أفضل من غيرك وذلك لطبيعة تعليمك الأكاديمي بالإضافة إلى عروبتك التي لاشك فيها ولنفترض أنك رئيس حزب ديني وأنت على رأسه وننسى موضوع ولي أمر المسلمين والمرجعية والأعلمية والدعوات الأخرى التي ما أنزل الله بها من سلطان. فأنت وحسب ما عرف عنك فأنك تحمل أفكار ضد المحتل وضد المرجعية الساكتة وكذلك التفافك مع الأحزاب المناهضة للاحتلال وهذا أمر جيد وستجد جزاؤك عند الله عليه ولكن في الآونة الأخيرة والتي جعلتنا نكتب هذه الأمور بعد أن سكتنا طيلة فترة ـ تصديك للمرجعية! ـ لكونك ترفع شعارات ضد المحتل وبغض النظر عن مصداقيتكم بهذا الأمر حيث أننا لم نرى طيلة فترة الاحتلال تبنيكم لعملية واحدة ضد المحتل فان كنت تخاف من الاعتقال فأنت وكما معلن في موقعكم الرسمي على شبكة النت بأنك مختفي ومطارد من قبل قوات الاحتلال فلماذا تخاف إذا وقد أعلنت رفضهم والحرب عليهم أم أن هذه أحدى الخدع التي تسقطب بها الأخرين من قصيري النظر, وكذلك كيف ترفض المحتل والحوزة الساكتة كما تعبرون عنها وتشترك بحزبك حزب الولاء بالانتخابات حول الدستور ومن بعدها بمجالس المحافظات, الم تكن كل هذه من مقررات المحتل وبتأييد الحوزة الساكتة, فماذا كسب أتباعك من الدستور؟ غير زيادة الفقر والضياع والتهميش المتزايد, وماذا نال العراق من هذا الدستور الأحمر؟ غير الفرقة بين أبناء الوطن الواحد وتكريس الاختلاف بين أبناء المنطقة الواحدة؟ وماذا نتج عن هذا الدستور؟ غير برلمان يأتمر بأمر المحتل ومرجعيته الساكتة , واتفاقية مذلة ومهينة للعراق وأجياله القادمة. فأنت وأتباعك ومنذ احتلال بلدنا تشتمون المرجعية الساكتة وكراساتكم وبياناتكم تدل على ذلك وتملأ أسواق كربلاء والتي كلها طعن بالمرجعية الساكتة وانتقاد لاذع لها بحق وبدون حق لا يهم ذلك في موضوعنا الآن, ولكن نراكم اليوم ترفعون شعار تأييد لهذه المرجعية الساكتة أو المنصبة حسب تعبيرنا فماذا أستجد كي ترفعوا شعارات التأييد لهم, أم أنكم ناقشتموهم وأثبتوا لكم صحة أعلميتهم وبطلان دعواتكم بالأعلمية, ولهذا الأمر جعلتهم أستاذيك وأنت محمود الحسني الصرخي ولي أمر المسلمين! فكيف تكون ولي أمر المسلمين وهناك من هو أفضل وأعلم منك كما تقول أنت بأنهم أستاذيك ـ السيستاني والأفغاني ـ كما جاء في استفتاء نشر على موقعك الرسمي تحت عنوان: "المراجع العظام السيد السيستاني والفياض والحسني (ادام الله ظلهم الشريف) يحرمون الرشا وشراء الذمم ... ويحرمون الحلف والالتزام به ... ويحرمون انتخاب هؤلاء .... " حيث يقول بسمه تعالى: بعد أن تصدى أصحاب السماحة أساتذتي المراجع العظام وأخص سماحة السيد السيستاني ((دام ظله)) وسماحة الشيخ الأستاذ الفياض ((دام ظله)).... ومخالفة صريحة لأراء المراجع العظام الممثلين للنيابة المقدسة عن المعصوم ((عليه السلام))....."(2) والمتتبع لهذا الأمر ومدى خطورته على ساحة المقاومة العراقية وكيف يتم الأعداد لنصب الشراك للمغفلين من أبناء شعبنا المغلوب على أمره سواء من السياسيين المخدوعين بالمتزينين بزي رجال الدين, أو بتلك الأحزاب والهيئات التي ترفع لواء المقاومة, أو كل مقاوم للاحتلال ويسعى للخلاص منه نسجل له بعض الملاحظات بهذا الصدد, وهي:ــ أولاً: يدعي محمود الصرخي ان هذين المرجعين أساتذته فمتى تتلمذت عندهم وأنت منذ الاحتلال وحتى لحظة كتابة هذه الأسطر مطارد من قبل المحتل كما تصرح لإتباعك ومختفي عن الأنظار كاختفاء سيد مقتدى عن أتباعه. ثانياً:أساتذتك شركاء للمحتل بتصريحك تحت عنوان : من... والى مراجع الدين"{ أن المرجعية العليا في العراق تمثل رأي الأغلبية الشيعية وأنها غير معترضة على وجود قوات الاحتلال في العراق}(3) والجميع يعرف أن المرجعية العليا متمثلة بـ (المراجع الأربعة) واثنان منهم أساتذتك كما تقول بعد خمس سنوات من صدور بيانكم هذا المنشور في صفحتكم الرئيسية على موقعكم الرسمي, فإذا كنت تنتقد أساتذتك في تلك الأيام بهذا الشكل وأنت محق في كلامك ونقدك لهم, فلماذا تغيرت المواقف الآن, وهل من سبب منطقي أنت تعرفه لكونك أعلم من في الأرض كما يشيع مقلديك! ونحن لا نعرفه, أم هناك أمر أخرمن وراء الكواليس ؟ ثالثاً:أنت نصبت نفسك ولياً لأمر المسلمين بعد احتلال العراق, وهذا الأمر تطلب منك الدخول في المجال السياسي ومقارعة المحتل ولو بالشعارات ـ لا بأس بذلك ـ ولكنك في نفس الوقت وقعت في خلاف كبير مع أستاذك ـ فياض ـ المرجع النزيه من سرقات معظم بحوثه الأصولية من السيد الشهيد محمد باقر الصدر(رضوان الله عليه)؟! حيث أنه يوصي طلبته بعدم التدخل في السياسة حسب الكلمة التي ألقاها بتاريخ 22/2/2008، على طلبة الحوزة العلمية في النجف الأشرف والمنشورة على موقعه الرسمي, وأنت تعصي أستاذك في هذا الشأن, فهل أنت غافل عن هذا الموضوع , أم تسرعت بالإعلان عن كونه أستاذك أدام الله ظلكم ياولي المسلمين؟! رابعاّ: الجميع يلاحظ أن أساتذتك الجدد في واد وأنت في واد آخر والمعروف أن التلميذ يتأثر بأستاذه سلباً وإيجابا, فهم مع المحتل وأعوانه, وأنت كما تقول ضد المحتل وأتباعه, وهم يتنعمون بدفء ونعم وخير وحماية المحتل وأنصاره, وأنت تدعي بأنك مطارد من قبل المحتل, فماذا حصل لتفكيرك بالله عليك وأنت المهندس المدني العاقل حتى تضع نفسك بهذه المطبات والخزعبلات التي ليس من وراءها غير نار جهنم وبئس المصير, وكيف ترتضي بمن تصفهم في احد بياناتك بأنهم ممن" افتوا بمهادنة المحتلين وبرروا أعمالهم القبيحة بالقول أو الإمضاء, وهذا الأمر سهّل على المحتل والمجرم الكافر وجرّأهُ أن يجرم أكثر وأكثر." (4) وهم شركاء في القتل وتشريد وتهجير الناس, من أن تنتخبهم أساتذة لك مؤخراً, فلو عرضت هذا الأمر على أطفال العراق ليتقبلوا هذا الأمر ما قبلوه ولضحكوا عليك, فماذا جرى يا ترى, أم أن دورك جاء الآن حسب المصالح الدولية والمتغيرات على الساحة العراقية حسب خطة اوباما الجديدة للعراق. خامساً: يرفع أنصارك صور ولافتات بالأمس القريب معرفين الجمهور بأنك وارث علم الصدرين, فإذا أنت قد ورثت بقدرة قادر علم الصدرين, فماذا أبقيت للمساكين أمثال اليعقوبي والطائي ومقتدى الصدر وبقية الطلبة (دامت ظلالهم جميعا) ؟!, فمن ورث علم هذين الشهيدين (رضوان الله عليهما)كيف يرتضي لنفسه أن يكون تحت مظلة أعدائهم من المراجع الذين هم على خلاف معهم؟ فهل هذا تصرف وريث رشيد, أم أن هناك مصلحة كبرى تعود بالنفع للوريث أكبر من هذا المورث, قدمت له من خلال المهتمين بالشأن العراقي من قبل الدول الإقليمية والعالمية؟. سادساً: لقد أيدت في الفترة السابقة جميع من هو ضد المحتل وحاولت مد جسور الاتصال معهم من خلال وكلائك (المشايخ العلماء على الطريقة الشيرازية!)** ولم تفلح بضم أي من هؤلاء المتصدين للعمل كجبهة موحدة ضد المحتل ربما يعود السبب لطبيعة الأفكار التسطيحية التي تحاولون نشرها بين أوساط المجتمع العراقي, أو البعض يعرف حقيقة اللعبة التي خدعتم بها أبناء التيار الصدري أنت واليعقوبي والطائي فتجنبكم ونأى جانباً مادمتم ترفعون شعاراً بعدم شرعية المحتل, ولكنكم فاجأتمونا بترشيحكم اثنين من (المراجع الأربعة) الساكتة كما يعبر عنها أحد الذين ورثت العلم منهم، ليكونا أستاذين لك وبذلك تكون أنت أول من أسس مدرسة التوافق بين النطق والسكوت في آن واحد, ولذا فاني أقترح عليكم أنت وأستاذاك أن تسموا اختراعكم الجديد هذا بمدرسة(نطق السكوت)لتكونوا رواداً لهذا الفن الجديد في التعامل مع المحتلين . سابعاً: حينما رفعتم لواء التصدي للمرجعية بعد احتلال العراق وقدمتم أنفسكم للشارع على شكل مقاومين للمحتل وقد اخترعتم قصصاً من التحديات لذلك ـ وعلى سبيل التصديق بكل ما ادعيتموه ـ وسرتم على هذا المنهاج مفتخرين بذلك ولكم كل الحق أن تفتخروا بمجرد رفضكم للمحتل, ولكن كيف يتم التفاخر بشيء من جهة والتفاخر بضده من جهة أخرى, فمرة تعلنون أنكم ضد المحتل وتفتخرون بذلك وتقدمون أنفسكم أنت ووكلاؤك للناس على هذا الأساس, وبنفس الوقت تفتخر بأنك تلميذ لأستاذين ـ السيستاني وإسحاق الفياض ـ مرتبطان بالمحتل ومشاركين للمحتل بجرائمهم حسب قولك في أحد بياناتك(5), فإذا كنت حقاً رافضا للمحتل فلماذا لا تذهب إلى المراجع الذين هم حقاً ضد المحتل ولهم جمهورهم الواسع بالإضافة إلى أنهم لم ينخدعوا بكل ألاعيب المحتل وما أفرزته العملية التي نتجت عنه, كما أنخدع أغلب ممن تتصدى للعمل ضد المحتل من واجهات دينية كالشيخ المؤيد, والشيخ فاضل المالكي وغيرهم من السياسيين والأحزاب الرافضة للمحتل في مطب انتخابات مجالس المحافظات الأخيرة التي جرت تحت ظل الاحتلال, علماً أن أستاذك الحقيقي الشهيد المغدور الشيخ صفاء اللامي(رحمه الله), قد حاول الاتفاق مع السيد أحمد الحسني البغدادي بعدما جرب وأختبر الجميع فلم يقتنع بالعمل معهم, بينما أتفق مع السيد البغدادي على الخطوط العريضة للعمل سويتاً ولكن يد الغدر طالته قبل أن يكتمل مشروعهما الذي بدءاه في دمشق قبل سنتين, وهو من القلائل في الساحة العراقية أن لم نقل الوحيد من المراجع ممن تصدى للمحتل قولا وفعلا وبطريقة تتناسب مع حجم الهجمة المتوجهة على المنطقة برمتها, وقد درسنا أرائه وأفكاره بالتفصيل فلم نجد فيها انحرافا عن خط التوحيد وعن النهج القرآني, لذا أتفق الشهيد للعمل معه دون الآخرين من الواجهات الدينية المتصدية, وأنت واليعقوبي والطائي ومقتدى تعرفون المكانة العلمية والجهادية للشيخ الشهيد صفاء اللامي(رحمه الله) وكذلك تعرفون قربه ومنزلته من السيد الشهيد محمد صادق الصدر(رحمه الله), فلماذا ينضوي الشيخ للعمل مع السيد البغدادي لولا تيقنه من سلامة الخط الذي يمثله وصدقيته وكذلك أخلاص البغدادي للعراق وأهله ومساندته للتيار الصدري المقاوم, وقابليته على توحيد الأطياف والأحزاب العراقية الرافضة للاحتلال في بوتقة واحدة لو أخلصت هذه الجماعات العمل للعراق وليس للحزب أو الطيف, فأن كان لكم بقايا دين أو أحساس بالمسؤولية تجاه العراق وأهله فتأملوا في هذا الأمر وارجعوا إلى ضمائركم وكفانا خداعاً لأنفسنا ولمن حولنا ولنتواضع قليلاً ونرجع إلى كلام الله ونتفكر به لنرى أي جرم أرتكبناه بحق أنفسنا وبحق هذا الشعب المؤمن الفطري والمنيع على كل الطغاة والجبابرة , {وَلْيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُواْ وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ قَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَوِ ادْفَعُواْ قَالُواْ لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَّتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ }آل عمران167 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ * نهج البلاغة، خطب الإمام علي (ع)، تحقيق و شرح / الشيخ محمد عبده، ج : 1/ص51، ط : 1الناشر : دار الذخائر - قم - ايران ** توجد في منطقة السيدة زينب في سوريا على الشارع الرئيسي قبل مقام السيدة للقادم من العاصمة حسينية الزينبية تابعة للشيرازيين يقوم المقيمون على هذه المؤسسة في مواسم الزيارة بوضع الكراسي في الواجهة المطلة على الشارع الرئيسي ويجلس عليها المشايخ من الأفغان الكبار بالسن, فالقادم للزيارة من البلدان المختلفة عندما يرى هذا العدد الكبير من المشايخ تأخذه الرهبة ويوحي المنظر إليه أنه إذا كان هذا العدد من المشايخ فقط للاستقبال فما بال الموجودين في الداخل وما بال أساتذة هؤلاء الشيوخ , وهكذا تتوارد الأفكار تباعاً للزائر ولكن عندما سال احدهم عن مسائل بسيطة متعارف عليها بين الشباب المتدين المثقف في العراق لم يجد جواباً وذهب يسأل الأخريين ممن حوله ولم يتوصلوا للجواب أيضاً واستنجدوا بمن في الداخل فجاء الجواب, وترى بعضهم نائم وهو جالس على كرسيه, هذا كان في التسعينات ولا أدري هل لازالت هذه الظاهرة باقية أم لا ؟ (1)البحث بحلقاته الأربعة عشر منشور على موقع الكادر تحت عنوان: التيار الصدري بين القيادة العاطفية والقيادة الربانية (2) وثيقة استفتاء تحت عنوان (المراجع العظام السيد السيستاني والفياض والحسني يحرمون الرشا وشراء الذمم...)على موقع الحسنيwww.alhasane.com (3)بيـــان (13) تحت عنوان : من... والى مراجع الدين على موقع الحسنيwww.alhasane.com (4) بـيـان ( 6) تحت عنوان -عــراقنـا أرض الأنـبـيـاء وشـعــب الأوصيـاءـ فقرة رقم خمسة { النواصب من الشيعة الذين هادنوا الدكتاتورية وبعدها الاحتلال...} على موقع الحسنيwww.alhasane.com (5) المصدر السابق
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |