|
في حوار شامل وصريح اجرته معه شبكة الفيحاء الاخبارية: نزار حيدر يحمل مجلس النواب مسؤولية الخلل في قانون الانتخابات
نزار حيدر *ظاهرة الحبوبي قابلة للتكرار، اذا فشل الفائزون مرة اخرى *يجب ان لا نبقى اسرى الماضي، فنعرقل التقدم *كنا نتمنى ان تقضي نتائج الانتخابات على المحاصصة، ولكن... *على القوى السياسية المشاركة في الحكومة ان تلتزم ببرنامجها *على ايتام النظام البائد ان يعوا ما يجري اليوم في العراق الجديد *العراقيون صوتوا للمنجز من الاعمال، وليس للشعارات *على مجلس النواب ان يعجل في تشريع قانون الاحزاب *ينبغي ان لا يتكئ المرشح على قوائم الضحايا او على نسبه *المرجعية الدينية تحملت مسؤوليتها من خلال الرقابة والترشيد *العراقيون في اميركا، يشتكون من قلة اهتمام الدولة العراقية بهم *لقد اثبت صندوق الاقتراع قدرته على معاقبة المسئ من خلال حجب الثقة عنه، وتكريم المضحي من خلال تجديد الثقة به، بغض النظر عن اسمه وانتمائه وهويته *لقد ناضلت ضد الديكتاتورية قرابة اربعة قرون حتى رايت زوالها، وساظل اناضل ضد الفكر الوهابي التكفيري حتى ارى زواله
توطئة اجرى محرر (شبكة الفيحاء الاخبارية) الزميل اثيل فوزي، حوارا شاملا وصريحا مع نــــــزار حيدر، مدير مركز الاعلام العراقي في واشنطن، عن مرحلة ما بعد الانتخابات المحلية التي جرت مؤخرا في العراق، وواقع النتائج المحسوبة والمعلنة من قبل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، كما جرى الحديث عن واقع المؤسسات الاعلامية العراقية ما بعد عملية التغيير، وحال الجالية العراقية في الولايات المتحدة الاميركية، وقضايا اخرى هامة. ادناه، نص الحوار:
السؤال الاول: هل سيشهد الاتفاق على تشكيل الحكومات المحلية، تاخيرا كما يحصل الان في اختيار رئيس مجلس النواب؟. الجواب: نعم، اعتقد ذلك لسببين: الاول؛ هو عدم حصول اية قائمة من القوائم المتنافسة على الاغلبية المطلوبة لتمكنها من تشكيل هيكلية المؤسسة المحلية بشكل مريح. فباستثناء البصرة والموصل، فان بقية المحافظات فازت فيها عدة قوائم، ما يضطرها للتوافق والتحالف مع بعضها لتتفق على بناء المؤسسات المطلوبة، وهذا ما يدخل الفرقاء في لعبة المحاصصات مرة اخرى. الثاني؛ هو ان الفائزين في المحافظات تربطهم امتدادات سياسية مع الفرقاء في العاصمة بغداد، ولذلك فان من الصعب ان يتخلصوا من الثنائي المشؤوم الذي ظل يحكم العلاقات بين الفرقاء الحاكمين في بغداد، ان في الحكومة او تحت قبة البرلمان او في مجلس الرئاسة، واقصد به ثنائي (التوافق والمحاصصة) سئ الصيت، والذي ظل يعرقل سير العملية السياسية الى الامام بشكل اسرع، وافضل. كنا نتمنى ان تساهم هذه الانتخابات في القضاء على هذا الثنائي، ولكن، ما كل ما يتمنى المرء يدركه، تجري الرياح بما لا تشتهي السفن. ان النتائج لم تسعف احدا في ذلك. السؤال الثاني: كيف تقرا زيارة الشيخ رفسنجاني للعراق؟ ولقائه ببعض اطياف الشعب العراقي دون الاخرين؟ وكما تعلمون فلقد شهدت الساحة العراقية حساسية مفرطة ازاء ايران من قبل بعض الكتل السياسية واطياف الشعب العراقي؟. الجواب: لزيارة الشيخ رفسنجاني الاخيرة الى العراق، اهمية استراتيجية تصب في مصلحة العلاقات العراقية الايرانية، وهي، كما ارى، ستؤسس لعلاقة متينة ومستقرة ومتميزة بين البلدين الجارين ستقفز على مخلفات الماضي، وتنتقل بها الى المستقبل، وذلك، لما يتمتع به الشيخ رفسنجاني من ثقل سياسي كبير في ايران، فهو، كما نعلم، رئيس اعلى مؤسسة دستورية بعد مؤسسة القائد، الا وهي مجلس تشخيص مصلحة النظام. هذا بالرغم من ان الزيارة صاحبها بعض القيل والقال من قبل اكثر من طرف، فالمعترضون على الزيارة على عدة انواع: فقسم منهم يحاول باعتراضه الضغط على بغداد لتفتح كل الملفات العالقة بين البلدين، والتي يتصورون بان الجانب العراقي لم يجرؤ الى الان على فتحها مع الجانب الايراني، لسبب او لاخر. وقسم يحمل الشيخ رفسنجاني مسؤولية استمرار الحرب العراقية الايرانية والتي كان النظام الشمولي البائد قد شنها واشعل اوارها بين البلدين، ولذلك فهو حاول باعتراضه على الزيارة ان يبدي موقف الامتعاض من ذلك. وهناك قسم ثالث يتعامل مع كل شئ اسمه ايران، او قادم من ايران او له علاقة بها، بتشنج طائفي وعنصري يتمثل الامتداد الطبيعي لسياسات النظام البائد، التي ظلت تؤجج النار بين البلدين وبين الشعبين الجارين اللذين تربطهما علاقات تاريخية ودينية وحضارية وطيدة، من خلال الشعارات العنصرية والاعلام الطائفي المضلل (بتشديد وكسر اللام الاولى). شخصيا، فانا قد اتفهم، وربما ابرر، موقف المعترضين ايا كانت دوافعهم وآراءهم، اذ ان من حق اي مواطن عراقي ان يبدي رايا في مثل هذه القضايا التي تخص بلده، ولكنني لا استطيع ان ابرر موقف الطائفيين والعنصريين الذين يتمثلون سياسات النظام البائد، هؤلاء الذين لا زالوا يعيشون عقدة الماضي، بانتظار ان تعود عقارب الساعة الى الوراء. ان على امثال هؤلاء ان يتيقنوا بان عراقا جديدا قيد البناء والتاسيس، ليس فيه للمواقف الطائفية والعنصرية المتشنجة مكان، تلك المواقف التي كانت السبب لشن النظام البائد حروبه العبثية ضد جيرانه، وقبل ذلك ضد الشعب العراقي في الشمال والجنوب. على هذه النماذج، وهي في اغلب الاحيان من ايتام النظام البائد، ان تعي ما يحصل في العراق الجديد لتستوعبه، لتتخلص من ارث الماضي وعقده الطائفية والعنصرية، التي بنيت على مبدا التضليل القائم على قاعدة اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس، واحيانا اكذب ثم اكذب حتى تصدق نفسك. هذا من جانب، ومن جانب آخر، فانا قد اتفهم موقف بعض الفئات الشعبية المعترضة على هذه الزيارة، والتي عبرت عنه بتظاهرة هنا او تجمع او ما اشبه هناك، الا انني لا استطيع ابدا ان اتفهم موقف الرفض الذي ابدته بعض القوى السياسية المشاركة في العملية السياسية، والتي لها علاقات حسنة مع طهران تمثلت بزيارة عدد من رموزها وقادتها الى الجمهورية الاسلامية في اوقات مختلفة مضت ولقائها بالقادة هناك، ومن ابرزهم الشيخ رفسنجاني، فماذا يعني مثل هذا الموقف الذي يتناقض حتى مع توجهاتها السياسية العامة؟. اوليس من المفترض ان تلتزم القوى السياسية المشاركة في العملية السياسية، وخاصة المشاركة في الحكومة، وعلى اعلى المستويات، بالسياسات العامة للدولة العراقية؟ فاذا كان رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء قد استقبلوا ضيف العراق الشيخ رفسنجاني، وابدوا كل هذا الترحيب والحفاوة في الاستقبال، فاليس من اللازم على بقية رموز القوى السياسية المشاركة في الحكومة ان تبدي موقفا مماثلا لتؤكد التزامها بالسياسات العامة التي ترسمها الحكومة العراقية فضلا عن مجلس الرئاسة؟. يؤسفني جدا ان ارى مثل هذه القوى تتعامل مع الزيارة بنفس طائفي بغيض. السؤال الثالث: حول قانون انتخابات مجالس المحافظات، فكما شاهدنا ان اكثر المحافظات، وبسبب هذا القانون، قد تم اهمال الكثير من القوائم بسبب عدم حصولها على القاسم الانتخابي حيث شكلت الكيانات التي اهملت اكثر من نصف الناخبين في كل المحافظات، فهل تعتبر هذه الحالة صحية؟. الجواب: لا شك ان في قانون الانتخابات الحالي ثغرة كبيرة جدا، يجب ان لا تستمر كما هي عليه الان، وان هذه الثغرة هي التي تسببت بكل هذا الخلل في نتائج الانتخابات، فهي التي اضاعت الكثير من الاصوات، وهي التي تسببت بخسارة مرشحين لم يحصلوا على ما يسمى بالقاسم الانتخابي، بفارق صغير جدا، ان لم نقل بفارق تافه، لتمنحها الى مرشحين لم يحصلوا الا على اللمم من الاصوات، بعضهم لم تتجاوز عدد الاصوات التي حصل عليها بضعة مئات. وانا شخصيا احمل مجلس النواب العراقي مسؤولية وجود هذه الثغرة في القانون، لانه هو الذي ناقشه وهو الذي اجرى التعديلات عليه وهو الذي صوت عليه، ولذلك، فمن الناحية الدستورية والقانونية يكون مجلس النواب هو المسؤول حصريا عن ذلك. اما المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، فان دورها ينحصر في تنفيذ القانون وليس في تشريعه، ولذلك، فانا اعتقد بان المفوضية انجزت مهمتها على احسن ما يرام، في اطار القانون (قانون الانتخابات) الذي لم يكن لها دور في تشريعه. لقد نبهت، عندما كنت في زيارة للعراق العام الماضي وكان قانون الانتخابات وقتها معروضا على النواب لمناقشته وتعديله قبل التصويت عليه، الى هذا الخلل، ولقد وافقني الكثير على ذلك، وكان بامكان مجلس النواب ان ينتبه اليه ويصححه قبل تمريره، ولكن، وحسب معلوماتي من خلف الكواليس، فان من يسمون انفسهم باللاعبين الكبار، سعوا بهذه الثغرة الى ان يستحوذوا على نتائج الانتخابات، من خلال الدخول اليها من الشباك اذا كان دخولهم اليها من الباب متعذرا، وهذا ما حصل، فلقد راينا كيف ان من فاز منهم بنسبة (14%) فقط من النسبة العامة، اذا به يحصد (28%) من عدد المقاعد، وان ذلك ما كان ليحصل لولا هذه الثغرة الخطيرة الموجودة في القانون. اتمنى ان يعيد مجلس النواب العراقي قراءة القانون من جديد، لنتجاوز الثغرة القاتلة في الانتخابات القادمة، والا، فلو بقي على حاله الحاضر، لفقد ثقة المواطن به، طبعا، هذا بالرغم من ان الناخب العراقي تمكن من الافلات من الثغرة بنسبة معقولة، فانزل العقاب بقوائم (اساسية) الا ان الذي نتمناه هو ان تعاد صياغة القانون بما ينسجم بشكل افضل مع الاحجام الحقيقية لكل القوى والقوائم، فلا يغبن احد ولا يستاثر احد، فليس من العدل والانصاف ان تمنح قائمة ما من القوائم الكبيرة اصوات قوائم اخرى صغيرة، وكأن الحوت ياكل الاسماك الصغيرة، أهو قانون البحار، ام ماذا؟. لقد كنت قد كتبت، قبل عدة سنين، في موضوع الانتخابات وقلت ان قاعدة (صوت واحد لمواطن واحد) هي القاعدة المثلى للديمقراطية، ولا يمكن تحقيق هذه القاعدة الا من خلال قانون يشرع نظام القائمة المفتوحة والتي تتيح للناخب اما ان يرشح العدد المطلوب لمجلس كل محافظة، اذا كانت المحافظة دائرة انتخابية واحدة، او العدد المطلوب لدائرته الانتخابية في المركز او القضاء او الناحية، اذا كانت كل محافظة مقسمة على عدة دوائر، وبذلك فسياخذ كل مرشح حصته من الاصوات التي يضعها الناخبون في صندوق الانتخابات من دون زيادة او نقصان، وسيفوز بالنتيجة من حصل على اعلى الاصوات حسب التسلسل. السؤال الرابع: كما نعلم فانت من مواليد محافظة كربلاء المقدسة، وعشت فيها ايام شبابك، برايك كيف ينظر المجتمع الكربلائي الى السيد يوسف الحبوبي؟ ولماذا هذه النتيجة التي فاجات الجميع في هذه الانتخابات؟. الجواب: لقد قال الكربلائيون رايهم الايجابي بالسيد يوسف الحبوبي، عندما منحوه ثقتهم في الانتخابات الاخيرة، وهي النتيجة التي فاجأت الكثيرين، كما نعلم، اذ حصل على ما نسبته حوالي (14%) اي ما يعادل (37) الف صوت تقريبا من مجموع اصوات المقترعين. وعندما يتقدم السيد الحبوبي بهذه النتيجة حتى على اعرق الاحزاب في محافظة كربلاء، فهذا يعني امرين مهمين: الاول؛ فشل الاخرين في تحقيق اهداف المدينة المقدسة واهلها المضحين المجاهدين، وهي المدينة التي تعد احد اكثر المناطق تضررا من سياسات النظام الشمولي البائد، خاصة ابان انتفاضة شعبان المجيدة عام 1992، عندما استباحها النظام المقبور لجنده عدة ايام، فقتلوا من قتلوا وتركوا جثث الضحايا من دون مواراة، ودفنوا من دفنوا احياء في المقابر الجماعية ونهبوا البيوت والمحال، وكل شئ. ثانيا؛ ان الكربلائيين صوتوا للواقع وليس للتاريخ، فهم، حالهم حال بقية العراقيين الذين عاقبوا كل من اساء لهم خلال السنوات الخمس التي اعقبت سقوط الصنم، اخذوا بنظر الاعتبار ما انجزه المتصدون للمسؤولية، بغض النظر عن الاسم والرسم والانتماء والتاريخ، فالعبرة بما ينجزه المسؤول وليس في ماضيه وتاريخه، فالناس يتاثرون بواقع الحال وليس بما هو من الماضي، او بما هو كائن. انهم صوتوا للمنجز من الاعمال، وليس للشعارات البراقة. ان ظاهرة الحبوبي، اذا جاز لنا ان نسميها كذلك، قابلة للتكرار اذا فشل الفائزون هذه المرة وفي كل مرة، فالحبوبي ظاهرة وليس شخص، فلقد اثبت صندوق الاقتراع قدرته على معاقبة المسئ من خلال حجب الثقة عنه، وتكريم المضحي من خلال تجديد الثقة به، بغض النظر عن اسمه وانتمائه وهويته. وبهذه المناسبة، اود ان اشير الى حقيقة في غاية الاهمية، وهي، ان من الخطا، بل من الجريمة بمكان، ان يتحول ماضي الانسان الى سيف يشهر بوجهه كلما اردنا ان نصفي حساباتنا معه، وبالنسبة للسيد الحبوبي، فان من غير اللائق الحديث بشانه عن ماض يعرف حقيقته الكربلائيون اكثر وافضل من غيرهم، وهي تهمة بددتها قبول المفوضية ترشيحه للانتخابات الاخيرة، كما انها تهمة بددتها نتيجة الانتخابات، وعمل الرجل مستشارا في مجلس المحافظة كل السنوات الخمس الماضية. ان الطعن بالحبوبي، هو طعن مبطن باهلية الكربلائيين وهويتهم وانتمائهم، وهو مزايدة رخيصة على حرص الكربلائيين وكرههم لحزب البعث المنحل، ولتاريخه الاسود البغيض. بالاضافة الى ذلك، كيف يجرؤ المتحدثون بهذه الطريقة، على توزيع التهم الباطلة، في الوقت التي ترفع احزابهم شعار (المصالحة الوطنية) والتي بداوا يرتبون عليها اثرا فعليا تمثل مؤخرا بالدعوة لعودة (البعثيين) الى العراق للمشاركة في العملية السياسية؟. كيف يجرؤون على مثل هذا، وهم الذين يصطفون كتفا بكتف، ليس مع البعثيين وانما مع الارهابيين تحت قبة البرلمان؟. يجب ان لا نبقى اسرى الماضي، فنعرقل التقدم. اتمنى ان لا تعود وسائل الكذب والخداع والتهديد والتسقيط كادوات فعالة بيد السياسيين، يشهرونها او يلوحون بها كلما نافسهم احد، او انهزموا في موقع. لقد قال القانون كلمته بالحبوبي، ثم قال الناس كلمتهم به، فلا داعي للحديث بهذه الطريقة السيئة ابدا. وهنا، انا لا اريد ان ادافع عن احد، بقدر اصراري على الدفاع عن الديمقراطية والعراق الجديد. السؤال الخامس: وهل ترى ان هناك تهميشا لحق بالسيد يوسف الحبوبي؟ بعد ان نال اصوات اكثرية المجتمع الكربلائي؟. الجواب: من الناحية القانونية فان من يتولى منصب المحافظ ورئيس مجلس المحافظة ونوابهما، يلزمه ان يحصل على نسبة (50+1) من مجموع اصوات اعضاء مجلس المحافظة، ولان السيد الحبوبي نزل بالانتخابات كقائمة منفردة، ولذلك فهو لم يحصل على اكثر من مقعد في المجلس الجديد، كما ان بقية الاصوات ذهبت لغيره من القوائم، والتي بها حصلت على مقاعد اضافية. اذن، فقانونيا، ربما لا يتمكن السيد الحبوبي من ان يشغل مركز المحافظ، ولكننا اذا اردنا ان نتحدث بلغة الواقع، وبلغة النسبية التي افرزتها الانتخابات، وبلغة الاستحقاق الانتخابي، اعتقد ان من المفيد والمهم جدا ان يبادر كل الفرقاء للقبول بالسيد الحبوبي كمحافظ جديد لكربلاء المقدسة، فان ذلك، كما قلت، اقرب الى الواقع، واقرب الى الحقيقة، واقرب الى رغبة الناس، كما انه سيمنح الانتخابات مصداقية اكبر وجدوائية اكثر، اذ سيشعر الناس بان اصواتهم لم تذهب سدى في مهب الريح، وان التنافس كان حقيقيا وواقعيا، كما انه سيعطي انطباعا بان كل الفرقاء على استعداد للقبول بالنتائج مهما كانت بعيدة عن متناول ايديهم، وهذا هو جوهر الديمقراطية التي اتمنى ان يتمسك بها الجميع، فائزين كانوا ام خاسرين، والا فاننا بغير هذه الطريقة سنوجه للانتخابات ضربة قاصمة، وسنهز بها ثقة الناخب، ليس في كربلاء فحسب، وانما في كل العراق. السؤال السادس: كيف تفسر نزول مئات المرشحين للانتخابات في قوائم لم يحصلوا فيها حتى على صوت واحد، فماذا يعني هذا؟ هل هو خلل وعدم فهم لطبيعة الشارع العراقي والناخب العراقي؟ ام هو في عدم صياغة القانون الامثل لمجالس المحافظات في المفوضية؟ ام ان هذا يعتبر دليلا على تبديل بعض صناديق الاقتراع او اهمالها؟. الجواب: برايي، فان ذلك نتيجة طبيعية لحالة بلد خرج للتو من تحت ركام نظام شمولي ديكتاتوري استبدادي، لم يكن فيه صوت الا صوت الزعيم الاوحد، ولم يشهد فيه فائز الا مرشح السلطة، ولم يقرا المواطن او يسمع او يشاهد سوى خبر الزعيم وصوته وصورته. لقد حاول المرشحون ان يعبروا عن ثقتهم بما يتلمسوه من حرية تفسح لهم المجال للتعبير عن انفسهم، بالترشيح للانتخابات، ولذلك بادر كل هذا الكم الهائل من المرشحين للتقدم في هذه الانتخابات، في محاولة منهم للفوز بثقة الناخب، بطريقة او باخرى. ولكن، اذا استمرت هذه الحالة في الانتخابات القادمة، فان ذلك يعني هدر المزيد من المال والطاقات والزمن والجهود التي لا طائل يرتجى من ورائها، بالاضافة الى ان هذه الحالة تشتت فكر الناخب ولا تدعه يركز هدفه، كما انها توزع الاصوات وبالتالي تضعف النتيجة بعض الشئ. اعتقد ان كل ذلك سببه امرين، الاول؛ هو غياب قانون الاحزاب، فكما نعرف فان في العراق الجديد لا يوجد قانون للاحزاب، ينظم عملها ويحدد معالم وحدود هويتها، ولذلك اتمنى على المفوضية العليا المستقلة للانتخابات ان تسرع في انجاز القانون لتقديمه الى مجلس النواب الذي عليه ان يسرع في قراءته والتصويت عليه، ليرى النور حتى قبل الانتخابات البرلمانية القادمة. اما الامر الثاني؛ فهو ضعف هيكلية الاحزاب القائمة، وهي عادة اما (طائفية) واقصد بذلك انها تقوم على اساس الانتماء للطائفة (شيعية كانت ام سنية) (اسلامية كانت ام مسيحية) او على اساس الاثنية، كالاحزاب الكردية والقومية، وان مثل هذه الهويات في الاحزاب تقلل من فرص الانتماء اليها، لان شروطها، في هذه الحالة، قاسية، او بالاحرى ضيقة. اذا بدا العراق يشهد تاسيس وتشكيل احزاب (وطنية) اي قائمة في الانتماء على اساس المواطنة فقط وليس على اي اساس آخر من الانتماء الديني او المذهبي او الاثني، فعندها سيجد المواطن فرصته في الانتماء اليها، حسب الكفاءة والخبرة والاستعداد والتضحية، وبالتالي فان التنافس بين (المرشحين) سيكون داخل الحزب، قبل ان ينتقل الى الساحات العامة، وعندها ستتقلص الاعداد الهائلة للمرشحين في الانتخابات العامة. كما ان تغيير الاحزاب لمعيارها الحالي في الانتماء او في تبؤ مقاعد المسؤولية، والذي يعتمد بالاساس على الولاء للزعيم او للعائلة، ليكون المعيار هو الولاء للوطن وللبرنامج السياسي الذي يتبناه الحزب، الى جانب معايير الصدق والكفاءة والخبرة، ان ذلك سيلعب دورا هاما ومفصليا في هذا الامر. السؤال السابع: كنت من الرواد الذين شاركوا في العمل السياسي المعارض للنظام المقبور، وسجلك حافل بالكفاح ضد الباطل من خلال العمل الاسلامي السياسي، برايك ما الذي ينقص العمل الاسلامي الحالي لكي يكسب اصوات وقلوب الشارع العراقي، لا سيما وان النتائج التي افرزتها الانتخابات تبين ميلا نحو العلمانية الجديدة، لو صح تعبيرنا؟. الجواب: اعتقد بان العمل السياسي الحالي بشكل عام يحتاج الى شيئين ضروريين، ليقفز الى الامام: الاول: هو ان ينتقل من عقلية المعارضة الى عقلية السلطة، خاصة وان جل الزعماء والقادة الذين يتصدرون المشهد السياسي اليوم، هم نتاج عمل حركة المعارضة العراقية، بمعنى آخر انهم ولادات اجنة العمل السري، وكلنا نعرف على وجه الدقة ماذا يعني العمل السري في ظل نظام شمولي استبدادي بوليسي قمعي كنظام الطاغية المقبور والذليل صدام حسين. الثاني: هو ان لا يعول احد على تاريخه، او على سجل ضحاياه، فالناس في العراق لا يهمها كثيرا ماضي الرجل وضحايا المسؤول، بقدر اهتمامها بقدرته على الانجاز الحسن، وحسن تدبيره في التعامل مع موقع المسؤولية، وصدقه في القول والعمل، ونظافة يده، وسعة صدره وعدم تحزبه على حساب المصالح العامة، ولذلك راينا، مثلا، كيف ان قوائم تمتلك من سجل الضحايا ما لا يعدها مداد او قلم، انهزمت في الانتخابات شر هزيمة، كالحزب الشيوعي، من دون ان تحصل حتى على مقعد واحد، او كما حصل مثلا لقائمة شهيد المحراب التي رفعت الدماء الطاهرة كشعار ودثار لها في حملتها الانتخابية، الا انها لم تحصد الا الشئ المتواضع، فضلا عن حزب الدعوة الاسلامية، الذي يطلق عليه البعض اسم (حزب الشهداء) فهو الاخر مني بهزيمة نكراء في عقر داره، او هكذا كان يتصور، كربلاء المقدسة، لان الناس لم يتوقفوا كثيرا امام قوائم الضحايا، وانما اخذوا بنظر الاعتبار انجازاته ونجاحاته، وهي، وللاسف الشديد، قليلة جدا، ان لم تكن معدومة. ان العراق بلد الضحايا، والعراقيين شعب الشهداء، ولذلك لا يمكن لاحد ان يزايد عليهم، على العكس من ذلك، فمن يريد ان يبدي احترامه للضحايا عليه ان ينجز لهم ما وعدهم، من دون ان يتحدث عن ضحاياه، فالشعب كله ضحية. اذن، فلو اراد العمل السياسي الحالي ان يكسب قلوب العراقيين، وثقتهم واحترامهم، فعليه ان يفكر بالحاضر وليس بالماضي، وان يفكر ويخطط بشكل جديد بما يضمن له انجازا حسنا، يلمسه الفقراء والمعدمين وضحايا النظام البائد، اذ لا ينفعهم الماضي ولا تخدمهم الشعارات الفارغة، كما ان التبجح بالنسب والعشيرة وقائمة الضحايا، ان كل ذلك لا ينفعهم كثيرا، بل لا ينفعهم ابدا، وصدق امير المؤمنين الامام علي بن ابي طالب عليه السلام الذي قال {من ابطأ به عمله، لم يسرع به نسبه}. السؤال الثامن: شهدنا في الفترات السابقة وخلال العملية السياسية الجارية في العراق، دورا ملحوظا للمرجعيات الدينية، فاصبحت زيارات المسؤولين لمكاتب المرجعيات جزءا من الحركة السياسية لجذب المواقف واستقراء التوجهات، حتى ان بعض التيارات العلمانية كثفت من زياراتها للمراجع ابان الانتخابات، فهل ستتحول هذه الظاهرة الى عنصر من عناصر الحركة الدعائية لبعض الكتل السياسية؟ وهل ستنجر المرجعيات الدينية الى مثل هذا النوع من الدعاية؟. الجواب: لقد تحملت المرجعية الدينية مسؤولية واجبها الديني والوطني ازاء العراق، من خلال الرقابة والترشيد والنصح، وفي بعض الاحيان بالموقف الحازم عندما تشعر بان الحالة بحاجة اليه، خوفا من الانجرار وراء الخطا او الانحراف او ما الى ذلك. لذلك، ظلت ابواب المرجعية مفتحة امام الجميع، ليسمعوا رايها وتوجهاتها وارشاداتها، من دون تمييز بينهم، فلقد ظلت المرجعية تقف على مسافة واحدة من كل العراقيين، بلا استثناء. السياسيون من جانبهم حاولوا الاسترشاد بمواقف وآراء المرجعية كل حسب قناعاته ومتبنياته وقربه او بعده عن منهجها، خاصة عند المآزق السياسية والامنية التي مرت بالعراق بعيد سقوط الصنم، وعلى وجه الخصوص في الفترة التي كاد فيها الارهابيون ان يجروا العراق وشعبه الى اتون حرب اهلية وطائفية. ولقد شاب هذه العلاقة بين السياسيين والمرجعية الدينية، محاولات البعض منهم توظيف مواقفها من اجل تحقيق مصالح حزبية ضيقة، فيما حاولت المرجعية التنبيه الى خطر مثل هذه المحاولات، حتى جاء موقفها الاخير الذي ادلت به بكل صراحة من كونها لا تتبنى قائمة معينة في الانتخابات المحلية الاخيرة، وانها تقف على مسافة واحدة من جميع الفرقاء، وهو الموقف الذي اسقط من يد الجميع ورقة المرجعية التي وظفوها في المرات السابقة. واعتقد بان المرجعية ستستمر بالعمل بهذا الموقف الحازم والصارم والقاطع في المرات القادمة، وهي اكثر حذرا من ان يوظفها احد لخدمة اغراضه السياسية او الحزبية الضيقة. السؤال التاسع: حضورك الى العراق، لا بد وان التقيت ببعض الشخصيات السياسية والدينية، من كان ابرز الشخصيات السياسية والدينية التي تم لقاؤك بها؟ هل ترى توافقا بين كل الكيانات العراقية؟ ام ان هناك ازمة ثقة بينها؟ هل لك ان تفسر لنا سبب ازمة الثقة بين المكونات العراقية؟. الجواب: خلال زيارتي العام الماضي للعراق والتي استمرت زهاء ثلاثة اشهر، التقيت بالعديد من الشخصيات الدينية والسياسية سواء في العاصمة بغداد او في مدن كربلاء المقدسة والنجف الاشرف. ففي النجف الاشرف زرت المرجعين السيستاني واليعقوبي، كما زرت السيد محمد بحر العلوم، وفي كربلاء المقدسة زرت ممثلية المرجع الشيرازي والتقيت بالمرجع المدرسي، وعدد من المسؤولين السياسيين، اما في بغداد فقد التقيت بالسادة رئيس الوزراء ونائب رئيس الجمهورية وعدد كبير من الوزراء ووكلاء الوزراء والنواب ومن مختلف الاتجاهات السياسية والمكونات الاجتماعية، كما التقيت بالسيد عمار الحكيم بالاضافة الى السيد مستشار الامن القومي. القاسم المشترك الذي وجدته عند الجميع، هو شدة معاناتهم من (المحاصصة) التي شلت حركة الحكومة ومجلس النواب، ما عرقل عملهما واخر عملية سن القوانين التي لا زال بعضها يركل على الرف منذ اكثر من عامين. الى جانب ذلك، فلقد لمست ازمة الثقة بين كل الفرقاء بشكل واضح، واعتقد ان سبب ذلك يعود الى عدم تمكن الجميع لحد الان من التعايش مع الحالة الدستورية، اذ لا زالت العلاقات الحزبية و(الطائفية) هي التي تحكم العلاقة بينهم، فيما كان من المفروض ان تستبدل كل هذه العلاقات، بعلاقة جديدة تقوم على اساس الاحتكام الى الدستور في فض النزاعات وحل المشاكل العالقة. ومن خلال متابعتي الدقيقة لسير العملية السياسية الجديدة في العراق، ارى ان الجميع يتخبط في علاقته مع الاخرين من الفرقاء المشتركين معه في العملية السياسية، فكم مرة ظهر علينا الفرقاء من على الشاشة الصغيرة وهم ياكلون ويتسامرون ويضحكون، ثم يختمون كل ذلك بالظهور في المؤتمرات الصحفية المشتركة للاعلان عن التوصل الى اتفاق يقضي بتشكيل (مجلس) مشترك يرجع اليه الجميع لحل منازعاتهم او يتم فيه الاتفاق على القضايا الاستراتيجية، فمرة تم الاعلان عن تشكيل المجلس السياسي ومرة سمعنا بتشكيل المجلس التنفيذي واخرى ما سمي بمجلس (3+1) والذي اطلق عليه البعض، تندرا، تسمية (3 على 1). هذا ناهيك عن البيانات والعهود والمواثيق التي تم توقيعها بعد كل وجبة طعام دسمة او وجبة افطار شهية، ينظر اليها الفقير والمعدم بعين الغضب، الا ان النتيجة التي حصدتها العملية السياسية من كل ذلك كانت متواضعة جدا ان لم تكن معدومة، اذ في اول اختبار تبخر كل شئ، كما لو ان اول زخة مطر تزيل المسحوق من على وجه المراة ليكشف عن حقيقة جمالها من قبحها. لقد كتبت مرة مقالا دعوت فيه الفرقاء الى منع سريان مبدا التوافق والمحاصصة في كل شئ، وفي كل شاردة وواردة، فليكن في المجلس الرئاسي مثلا او في المجلس السياسي، اما في الحكومة فلا يجوز ان يتم العمل به، لان الحكومة، وكما وصفتها في حينه، كالفريق الرياضي، فان سر نجاحها هو الانسجام، والذي لا يمكن ان يتحقق الا اذا كان رئيس الحكومة قادرا على ان ينسبها الى نفسه، فيقول انها حكومتي اذا ما ساله احد، وهذا يتطلب ان يختار هو دون غيره فريق العمل الذي سيتعاون معه على انجاز مشروع الحكومة، الوزراء، اما ان يكون كل وزير عائد الى حزب، ياخذ منه الموقف وياتمر باوامره، فكيف تنتظر من الحكومة ان تنجز الكثير؟. لذلك، اعتقد ان على كل الفرقاء ان يحتكموا الى الدستور وليس الى المؤسسات التي يتفقون على تشكيلها من دون غطاء دستوري، ليتم التسريع في عمل مؤسسات الدولة بما يضمن الحصول على افضل النتائج وباسرع وقت. السؤال العاشر: كونك اعلامي وكاتب عراقي، هل لك ان تقيم لنا عمل المؤسسات الاعلامية العراقية من جانب فني ومهني في ايصال الحقيقة وممارسة الاعلام الهادف؟. الجواب: لا شك ان الاعلام العراقي يبذل جهودا عظيمة من اجل اثبات وجوده بين هذا الكم الهائل من الاعلام الطائفي والمضلل الحاقد على كل شئ اسمه العراق او يتعلق به. كما ان هذا الاعلام لا زال يقدم اعظم التضحيات من اجل بناء اعلام حر مسؤول، يقف على قدميه بالرغم من ضعف الامكانيات، المادية والمعنوية، ولعل آخر هذه التضحيات تمثلت باستشهاد زميلين وجرح آخر في انفجار (ابو غريب) الارهابي في العاصمة بغداد. وبرايي، فان الاعلام العراقي بحاجة الى دعم كبير من الدولة العراقية، لينهض بنفسه ويطور من خطابه وادواته، ويوسع من حضوره الجغرافي، من اجل ان يتنافس بشكل صحيح مع الاعلام المعادي. ان الاعلام ساحة حرب مفتوحة، وان الاعلاميين العراقيين مكشوفون في هذه الساحة، وللاسف الشديد، ولذلك، لا بد من ان تحمي الدولة العراقية ظهورهم، بالدعم المالي وبسن القوانين والتشريعات التي تحميهم وتحمي عوائلهم. السؤال الحادي عشر: الجالية العراقية في اميركا، هل تعاني من معوقات معيشية او اقتصادية، او من بعض الضغوطات من قبل السلطات الاميركية؟. الجواب: الجالية العراقية في الولايات المتحدة الاميركية جزء من المجتمع الاميركي، ولذلك يصيب بعضها اليوم ما اصاب الكثير من الاميركيين بسبب الوضع الاقتصادي المتدهور. اما على الصعيد القانوني والسياسي، فان العراقيين هنا لم يتعرضوا لاي ضغط، وهم يقضون ايامهم بشكل طبيعي، من هذه الناحية. وبحمد الله تعالى، فلقد استفاد العراقيون من الفرص الكبيرة التي هياتها لهم الحياة في الولايات المتحدة، لكسب العلم وفي مختلف الاختصاصات، حتى برز فيهم العلماء والكفاءات والطاقات وعلى مختلف الاصعدة. كما انهم وظفوا اجواء الحرية لنشر دين الله تعالى، الاسلام، والتعريف به، من خلال تاسيس المراكز الدينية ومعاهد الدراسات والقاء المحاضرات في الجامعات وغير ذلك. كما انهم لعبوا دورا مهما في عملية التغيير واسقاط الصنم في بغداد، من خلال التعريف بمعاناة الشعب العراقي مع النظام البائد، الى جانب التعريف بحقيقة قوى المعارضة الحقيقية التي شوه صورتها ازلام النظام البائد المنتشرون آنئذ في كل مكان. واليوم، فان العراقيين يبذلون جهودا كبيرة من اجل المساهمة في اعادة بناء بلدهم، ان من خلال توظيف كفاءاتهم وتجاربهم في مختلف الحقول والميادين، او من خلال البحث عن فرص التعليم والتمرين وامثالها للعراقيين في داخل العراق. ومن باب الشئ بالشئ يذكر، فان العراقيين هنا يعانون من قوانين الدولة العراقية التي تعرقل عملية حصولهم على الوثائق العراقية الرسمية، وخاصة جواز السفر، وانا اخشى، فيما لو استمرت مثل هذه القوانين سارية المفعول لمدة زمنية اطول، فان الجيل الجديد من العراقيين سينسى شئ اسمه العراق، لانه سوف لا يلمس اي رابط قانوني، على الاقل، يربطه ببلده الام. ان العراقيين، وخاصة النشء الجديد، يشكون من عدم اهتمام الدولة العراقية بهم، فمثلا، نحن نعرف ان الولايات المتحدة الاميركية تعادل، بمساحتها، خمسين دولة في اوربا، مثلا، الا انها لا تزال ليس فيها سوى قنصلية واحدة في العاصمة واشنطن، فعلى العراقي المقيم في ولاية كاليفورنيا، مثلا (اقصى الغرب الاميركي) اذا اراد ان يحصل على وثيقة عراقية ما، فان عليه ان يقطع مسافة تعادل المسافة التي يقطعها المسافر بين واشنطن ولندن، ليحضر الى القنصلية، وقس على ذلك. كما ان الولايات المتحدة تفتقر الى اي مركز ثقافي عراقي، وفي اية ولاية من ولاياتها الخمسين، فهل يعقل ذلك؟ والولايات المتحدة هي اليوم قلب العالم، وانها اللاعب الاكبر في العراق، وان العراق يرتبط بها باتفاقية استراتيجية؟. السؤال الثاني عشر: قرانا عنك في عدد من المواقع السعودية (الوهابية) فوجدنا فيها الكثير من التهجم عليك والاتهامات، فهل لك ان تخبرنا بصحة ما قالته هذه المواقع بحقك؟. الجواب: اكثر من هذا، فلقد نشرت هذه المواقع التكفيرية صورتي كمطلوب للعدالة لانني انشط في مجال القضاء على الفكر التكفيري المدمر، واشبهه بالفكر النازي الهتلري، وادعو الى استصدار قرار من هيئة الامم المتحدة يقضي بتجريم الفكر الوهابي التكفيري، باعتباره فكر تدميري يسعى لاثارة الفتنة والاقتتال بين الناس. وانا اقول (انها تهمة لا انكرها، وشرف لا ادعيه). لقد بدات قصتي مع الارهابيين من الوهابيين والتكفيريين قبل اكثر من عامين عندما فجروا مرقد الامامين الهمامين العسكريين في مدينة سامراء المقدسة بالعراق، وقتها انبريت، وبالتعاون مع عدد من محبي السلام، من عراقيين وغيرهم، ممن يؤمنون بالفكر والحوار ويعتبرون الاعتراف بالاخر قيمة انسانية مهمة لا يجوز التنازل عنها في كل الظروف، شريطة التسلح بسلاح الحوار المستند الى المنطق، بعيدا عن حوار السلاح، وليس كما هو الحال بالنسبة للارهابيين والتكفيريين، انبريت لوضع خطة محكمة للقضاء على الوهابية من سبعة نقاط، وقد نشرت الخطة في كل مكان، بما فيها مواقع الانترنيت، ولما اطلع عليها الارهابيون التكفيريون الوهابيون جن جنونهم، فشنوا ضدي حملة تخويف اولا ومن ثم حملة قذف من العيار الثقيل، ليكتشفوا اخير نقطة ضعفي (العظيمة جدا) الا وهي انني كنت مطلوبا للقضاء في زمن (الرئيس العراقي السابق صدام حسين) على حد تعبيرهم في مواقعهم الالكترونية ومنها الموقع الالكتروني المسمى (شيخ الاسلام ابن تيمية). ولا اخفيكم سرا، فاذا كنت قد ناضلت ضد الديكتاتورية قرابة اربعة عقود كاملة من الزمن، فانني على استعداد اليوم لان اناضل مثلها ضد الفكر التكفيري الوهابي حتى ارى هذا التيار وقد اصبح اثرا بعد عين، وما ذلك على الله ببعيد، فيوم ان بدات بالعمل ضد نظام الطاغية في العراق، عندما كان في اوج قوته وجبروته، لم يكن احد يتصور باننا سنشهد اليوم الذي يسقط فيه هذا الصنم ويرحل الى مزبلة التاريخ وبلا عودة، بل ان البعض من الناس كان يصمنا بالجنون لاننا نتحدى نظاما بوليسيا كنظام الطاغية، واذا بنا اليوم مع كل العراقيين، ننعم برحيله ولقد رايناه معلقا على اعواد المشانق، وصدقت الحكمة التي تقول {للباطل جولة وللحق دولة} افهل لا يحق لنا ان نرى، او اجيالنا القادمة، نهاية الوهابيين التكفيريين؟. ختاما: اتقدم بالشكر الجزيل والثناء الجميل للاخوة العاملين في موقع (شبكة الفيحاء الاخبارية) واخص بالذكر الزميل اثيل فوزي، الذي بعث لي الاسئلة، وانتظر اجوبتي عليها. اسال الله تعالى ان يوفق الجميع لمراضيه وان يسددهم، وياخذ بايدي الجميع الى ما يحب ويرضى. والى المزيد من العمل والتعاون من اجل عراق حر مزدهر آمن، وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |